مصطفي كامل
عدد المساهمات : 5015 نقــاط المشاركة : 8721 تاريخ التسجيل : 17/08/2010
| موضوع: الفرقة الزوجية في الشريعة الإسلامية الثلاثاء سبتمبر 14, 2010 8:42 pm | |
| الفرقة الزوجية في الشريعة الإسلامية
التّعريف :الفُرقة - بضمّ الفاء - اسم من المفارقة ، ومعناها في اللّغة : المباينة ، وأصلها من الفرق بمعنى الفصل ، يقال : فرق بين الشّيئين فرقاً وفرقاناً : فصل بينهما ، وافترق القوم فرقةً : ضدّ اجتمعوا .والفِرقة - بالكسر - جماعة منفردة من النّاس .وفي الاصطلاح : يذكر الفقهاء هذه الكلمة ويريدون بها انحلال رابطة الزّواج ، والفصل والمباينة بين الزّوجين ، سواء أكانت بطلاق أم بغيره .الألفاظ ذات الصّلة :أ - الطّلاق :الطّلاق لغةً : الحلّ ورفع القيد ، يقال : طلقت المرأة وأطلقت : سرّحت .وفي الاصطلاح : هو رفع قيد النّكاح في الحال أو في المآل بألفاظ مخصوصة أو ما يقوم مقامها .والعلاقة بين الطّلاق والفرقة هي أنّ الطّلاق من أنواع الفرقة ، والفرقة أعمّ من الطّلاق لأنّها قد تكون فسخاًب - الخلع :الخلع - بالفتح - مصدر ، وبالضّمّ اسم ، ومعناه في اللّغة : النّزع والإزالة .وفي الاصطلاح : الخُلع بالضّمّ : فرقة بعوض مقصود لجهة الزّوج بلفظ طلاق أو خلع . والعلاقة بين الخلع وبين الفرقة هي أنّ الخلع نوع من أنواع الفرقة ، والفرقة أعمّ من الخلع .ج - الفسخ :الفسخ لغةً : النّقض والإزالة .وفي الاصطلاح حلّ رابطة العقد ، وبه تنهدم آثار العقد وأحكامه الّتي نشأت عنه .والعلاقة بين الفرقة والفسخ العموم والخصوص من وجه ، فيجتمعان في فسخ عقد النّكاح ، والفرقة أعمّ من الفسخ في بعض صورها كما في الفرقة بالطّلاق ، وهو أعمّ من الفرقة في بعض الصّور ، كالفسخ في عقود البيع والإجارة ونحوهما .ما يتعلّق بالفرقة من أحكام :أوّلاً : أسباب الفرقة :أ - الفرقة بسبب الشّقاق بين الزّوجين :الشّقاق هو النّزاع بين الزّوجين ، فإذا وقع وتعذّر الإصلاح بينها يبعث حكم من أهل كلّ واحد منهما للعمل في الإصلاح بينهما بحكمة ورويّة ، مطابقاً لقوله تعالى : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا } . فإن نجحا في الإصلاح ، وإلاّ جاز لهما التّفريق بين الزّوجين إمّا بشرط التّوكيل والتّفويض لهما على ذلك كما ذهب إليه الحنفيّة والحنابلة في قول ، أو دون حاجة إلى التّوكيل والتّفويض بل بموجب التّحكيم ، كما قال به المالكيّة والحنابلة في قول آخر ، وعلى تفصيل عند الشّافعيّة . ب - الفرقة بسبب العيب :ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز التّفريق بسبب العيب في الرّجل أو المرأة على سواء ، وخصّ الحنفيّة جواز الفرقة بينهما بعيوب في الزّوج ، وهي : الجبّ والعنّة والخصاء فقط عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، وزاد عليها محمّد : الجنون .واختلف الجمهور في أنواع العيوب الّتي تجوز بسببها الفرقة بين الزّوجين بين موسّع ومضيّق .ج - الفرقة بسبب الغيبة :اختلف الفقهاء في حكم الفرقة بين الزّوجين بسبب الغيبة بناءً على اختلافهم في حكم استدامة الوطء ، هل حقّ للزّوجة كالزّوج ، أو لا ؟فذهب الحنفيّة والشّافعيّة وهو قول القاضي من الحنابلة إلى أنّ حقّ المرأة في الوطء قضاء ينتهي بالوطء مرّةً واحدةً ، فإذا غاب الزّوج عنها بعد ذلك وترك لها ما تنفقه على نفسها لم يكن لها حقّ طلب الفرقة .وذهب المالكيّة إلى أنّ هذا الحقّ ثابت للزّوجة مطلقاً ، وعلى ذلك فلها طلب التّفريق منه بسبب الغيبة ، سواء أكان سفره لعذر أم لغير عذر .وذهب الحنابلة - فيما عدا القاضي - إلى أنّ استدامة الوطء حقّ للزّوجة ما لم يكن في الزّوج عذر مانع ، كالمرض ونحوه ، فإذا غاب الزّوج عن زوجته بغير عذر كان لها طلب التّفريق .د - الفرقة بسبب الإعسار :الإعسار إمّا أن يكون بالصّداق ، أو يكون بالنّفقة .أمّا الإعسار بالصّداق فاختلف الفقهاء في حكمه كالتّالي :ذهب الحنفيّة إلى عدم جواز الفرقة بالإعسار بالمهر أو غيره ، لكنّهم قالوا : للزّوجة قبل الدّخول منع تسليم نفسها للزّوج حتّى تستوفي معجّل صداقها .وأجاز المالكيّة الفرقة بين الزّوجين بسبب إعسار الزّوج عن معجّل الصّداق إذا ثبت عسره ، ولا يرجى زواله .أمّا الشّافعيّة والحنابلة فلهم في المسألة تفصيل تختلف أحكامه حسب اختلاف الأحوال .أمّا الإعسار بنفقة الزّوجة فإذا ثبت بشروطه وطلبت الزّوجة التّفريق بينهما بسبب ذلك يفرّق بينهما عند جمهور الفقهاء ، خلافاً للحنفيّة الّذين قالوا بالاستدانة عليه ، ويؤمر بالأداء من تجب عليه نفقتها لولا الزّوج .هـ - الفرقة بسبب الإيلاء :إذا حصل الإيلاء من الزّوج كأن حلف باللّه تعالى أن لا يقرب زوجته أربعة أشهر أو أكثر ، أو علّق على قربانها أمراً فيه مشقّة على نفسه كأن يقول : إن قربتك فللّه عليّ صيام شهر ، أو نحو ذلك ، وتحقّقت شروط الإيلاء ، وأصرّ الزّوج على عدم قربان زوجته ، كان ذلك داعياً إلى الفرقة بينه وبين زوجته ، لأنّ في هذا الامتناع إضراراً بالزّوجة ، فكان لها الحقّ في مطالبته بالعودة إلى معاشرتها ، وإلاّ فللزّوجة أن ترفع الأمر إلى القاضي فيأمر الزّوج بالرّجوع عن موجب يمينه ، فإن أبى أمره بتطليقها ، فإن لم يطلّق طلّقها عليه القاضي ، وهذا عند الجمهور .وقال الحنفيّة : إنّ الطّلاق يقع بمجرّد مضيّ أربعة أشهر إذا لم يقربها ، ولا يتوقّف على الرّفع إلى القضاءو - الفرقة بسبب الرّدّة :ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ الرّدّة سبب للفرقة بين الزّوجين فوراً ، واختلفوا في كيفيّة الفرقة ، فقال الحنفيّة : إذا ارتدّ أحد الزّوجين المسلمين بانت منه امرأته مسلمةً كانت أو كتابيّةً ، دخل بها أو لم يدخل ، ويكون ذلك فسخاً عاجلاً لا يتوقّف على قضاء . واستثنى المالكيّة حالة ما إذا قصدت المرأة بردّتها فسخ النّكاح ، فلا تفسخ الرّدّة في هذه الحالة النّكاح ، معاملةً لها بنقيض قصدها .وعند الشّافعيّة لا تقع الفرقة بينهما فوراً حتّى تمضي عدّة الزّوجة قبل أن يتوب ويرجع إلى الإسلام ، فإذا انقضت العدّة وقعت الفرقة ، وإن عاد إلى الإسلام قبل انقضاء العدّة فهي امرأته .وذهب الحنابلة إلى أنّ الرّدّة إن كانت قبل الدّخول يفرّق بين الزّوجين فوراً ، وإن كانت بعد الدّخول ففي رواية تنجز الفرقة ، وفي رواية أخرى تتوقّف على انقضاء العدّة .ز - الفرقة بسبب اختلاف الدّار :ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ مجرّد اختلاف الدّار لا يعتبر سبباً للفرقة بين الزّوجين ما لم يحصل بينهما اختلاف في الدّين .وقال الحنفيّة : إنّ اختلاف داري الزّوجين حقيقةً وحكماً موجب للفرقة بينهما ، فلو دخل حربيّ دار الإسلام وعقد الذّمّة وترك زوجته في دار الحرب انفسخ نكاحهما ، وكذا العكسح - الفرقة بسبب اللّعان :ذهب الفقهاء إلى أنّه إذا قذف الرّجل زوجته قذفاً موجباً للحدّ ، أو نفى حملها وولدها منه ، فإنّه يلاعن بينهما ، لقوله تعالى : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إََِلا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ } .وإذا حصلت الملاعنة بين الزّوجين يفرّق بينهما لقوله صلى الله عليه وسلم : « المتلاعنان إذا افترقا لا يجتمعان » .ولا تحتاج هذه الفرقة إلى حكم القاضي عند المالكيّة وهو رواية عند الحنابلة ، لأنّ سبب الفرقة قد وجد فتقع .وذهب الحنفيّة - وهو ظاهر مذهب الحنابلة - إلى أنّه لا تتمّ الفرقة بين المتلاعنين إلاّ بحكم القاضي لما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : « فرّق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بين المتلاعنين وقال : حسابكما على اللّه » ، لكن يحرم الاستمتاع بينهما بعد التّلاعن ولو قبل الفرقة .وقال الشّافعيّة : يتعلّق بلعان الزّوج فرقة مؤبّدة ، وإن لم تلاعن الزّوجة أو كان كاذباً .ط - الفرقة بسبب الظّهار :إذا ظاهر الرّجل من امرأته بأن قال لها : أنت كظهر أمّي : وتوافرت شروط الظّهار ، تحرم المعاشرة الزّوجيّة قبل التّكفير عن الظّهار ، وهذه الحرمة تشمل حرمة الوطء اتّفاقاً ، وحرمة دواعي الوطء عند جمهور الفقهاء .وذهب الشّافعيّة في الأظهر وبعض المالكيّة وأحمد في رواية إلى إباحة دواعي الوطء .فإن امتنع الزّوج عن التّكفير كان للزّوجة أن ترفع الأمر إلى القاضي ليجبره على التّكفير أو الطّلاق .ثانياً : آثار الفرقة :الفرقة طلاق أو فسخ أو انفساخ ، حسب اختلاف الأسباب والأحوال ، وتختلف أحكام الطّلاق عن أحكام الفسخ والانفساخ كما يختلف الحكم على الفرقة بأنّها طلاق أو فسخ حسب اختلاف أسباب الفرقة ، وإجمال ذلك في الآتي :الفرقة بسبب الشّقاق بين الزّوجين حكم الحكمين طلاق بائن عند الجمهور ، ولا يرى الحنفيّة الفرقة في هذه الحالة إلاّ بالتّوكيل .والفرقة بالعيب طلاق بائن عند الحنفيّة والمالكيّة ، وفسخ عند الشّافعيّة والحنابلة .والفرقة بسبب غيبة الزّوج طلاق عند المالكيّة ، وفسخ عند الحنابلة في رواية ، وهي تحتاج إلى حكم القاضي ، ولا يرى الحنفيّة والشّافعيّة والقاضي من الحنابلة الفرقة بسبب الغيبة أصلاً .والفرقة بسبب الإعسار بالمهر فسخ عند الشّافعيّة ، طلاق عند المالكيّة .والفرقة بسبب الخلع طلاق بائن اتّفاقاً إذا وقع بلفظ الطّلاق أو نوى به الطّلاق ، وإلاّ فهي طلاق عند الجمهور ، وفسخ عند الحنابلة في المشهور .والفرقة بسبب الرّدّة فسخ عند الجمهور ، وطلقة بائنة عند المالكيّة في المشهور .والفرقة بسبب اللّعان طلاق عند الحنفيّة ، وفرقة مؤبّدة عند الشّافعيّة ، وفسخ عند المالكيّة والحنابلة .ثالثاً : ما يترتّب على الفرقة باعتبارها طلاقاً أو فسخاً :أ - من حيث عدد الطّلقات :من المقرّر عند الفقهاء أنّ الزّوج له على زوجته ثلاث طلقات ، لا تحلّ له بعدها حتّى تنكح زوجاً غيره ، لقوله تعالى : { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } ، وقولـه سبحانه وتعالى : { فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ } .وعلى ذلك ، فإذا اعتبرت الفرقة طلاقاً رجعيّاً أو بائناً ينقص بذلك عدد الطّلقات المستحقّة للزّوج على زوجته ، بخلاف ما إذا اعتبرت الفرقة فسخاً ، حيث يبقى العدد المستحقّ بعد الفرقة كما كان قبلها .ب - من حيث العدّة :لا يختلف الطّلاق عن الفسخ في أصل وجوب العدّة عند الفقهاء ، لكن يختلف حكم المعتدّة من الطّلاق عن المعتدّة من الفسخ في الجملة ، وذلك لأنّ المعتدّة من الطّلاق الرّجعيّ أو البائن بينونةً صغرى تعتبر صالحةً لوقوع الطّلاق الآخر ، بخلاف المعتدّة من الفسخ ، فلا يقع عليها الطّلاق إلاّ في حالات خاصّة ، كالفسخ بسبب ردّة أحد الزّوجين ، أو إباء الزّوجة غير الكتابيّة عن الإسلام .ج - من حيث ثبوت النّفقة أثناء العدّة :اتّفق الفقهاء على وجوب النّفقة للمعتدّة من طلاق رجعيّ ، كما اتّفقوا على وجوبها للمعتدّة من طلاق بائن إذا كانت حاملاً ، وفي غير الحامل عندهم خلاف .واختلفوا في المعتدّة من الفسخ ، فقال الحنفيّة : إذا كان الفسخ من قبل الزّوج ، أو كان من قبل الزّوجة في غير معصية ، فلها النّفقة ، وإن كان من قبل الزّوجة بسبب المعصية كالرّدّة ، فلها السّكنى فقط دون النّفقة ، وذهب الحنابلة إلى عدم وجوب النّفقة للمعتدّة عن الفسخ إذا لم تكن حاملاً .د - من حيث وجوب الإحداد :اتّفق الفقهاء على عدم الإحداد على المطلّقة طلاقاً رجعيّاً وزوجها غير متوفّىً .وأمّا المعتدّة من طلاق بائن بينونةً صغرى أو كبرى فقد اختلف فيه الفقهاء على اتّجاهين : الأوّل : أنّ عليها الإحداد ، والثّاني : أنّه لا إحداد عليها .وأمّا المفسوخ زواجها ، فذهب الجمهور إلى أنّه لا إحداد عليها . | |
|