دائرة المعارف القانونية | Encyclopedia Of Law
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:21 pm

جامعة الأزهر
كلية الشريعة والقانون
قسم السياسة الشرعية

التحكيم في العقود الإدارية
في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي

الباحث
خالد بن عبدالله بن عبدالرحمن الخضير

الإشراف
الأستاذ الدكتور فؤاد بن محمد النادي الأستاذ الدكتور عبدالعليم محمدين
أستاذ القانون العام ومستشار الجامعة أستاذ الفقه



العام الدراسي


بسم الله الرحمن الرحيم

الإهداء

إلى والدي .......يرحمه الله الذي كان سيفرح بهذه الرسالة.
إلى والدتي........التي شدت من أزري وشجعتني.
إلى زوجتي........التي وقفت بجانبي وساعدتني.
اهدي لهم ثمرة جهدي المتواضع







شكر وثناء وتقدير
الحمد لله حمدا كثيراً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه ملئ السموات وملئ الأرض وملئ ما بينهما وملئ ما شاء الله بعد،لك الحمد يارب حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا ولك الحمد حال الرضا أحمدك يارب أن وفقتني لنعمة الإسلام وعلى نعمك التي لا تعد ولا تحصى ثم الحمد لك على أن أنعمت عليّ بان علمتني بعد جهل وفقتني يارب إلى اختيار هذا الموضوع وساعدتني في إعداده من بدايته وحتى نهايته فلك الحمد والشكر يارب و أسالك أن تكون هذه النعم رضا و أعوذ بوجهك العظيم أن تكون استدراجاً.
يقول المصطفى :(من أسدى إليكم معروفا فكافئوه،فأن لم تجدوا ما تكافئوه به،فقولوا له جزاك الله خيرا).
من هذا المنطلق ومن منطلق من لم يشكر الناس لم يشكر الله اشكر جميع من وقف بجانبي في إعداد هذه الرسالة سواء كان بدعائه أو بتقديم معلومة أو فكرة أو كتاب فجزاهم الله كل خير وبارك فيهم كما أتقدم بالشكر والعرفان إلى أستاذي العلامة الفقيه الوالد
الأستاذ الدكتور فؤاد محمد النادي
على وقوفه بجانبي في إعداد هذه الرسالة والذي استفدت منه أيما استفادة لم تقتصر على موضوع البحث بل شملت كافة العلوم المتعلقة بالقانون والشريعة الإسلامية والذي لم يبخل عني بمعلومة ولا كتاب ولا مشورة فكان لي بإشرافه شرف أبوته العلمية أمد الله في عمره فقيها ومربيا وعالما من أعلام الشريعة
لإسلامية والقانون وبارك فيه وبه ونفع به الإسلام والمسلمين،فله مني اسمى آيات الشكر التقدير على رعايته وتواضعه الجم وأدبه الرفيع وخلقه العظيم وعطائه الفياض وكرمه البالغ فجزاه الله خير الجزاء ومتعه بالصحة والعافية واشكر موصل إلى


الأستاذ الدكتور عبدالعليم محمدين
والذي تفضل مشكورا بالموافقة على الإشراف على هذه الرسالة فكان لمساعدته ليَّ الأثر البالغ فجزاه الله كل خير.
فجزء الله الجميع كل خير وبارك فيهم....

المقدمة

الحمد لله نحمده،ونستعينه،ونستهديه،ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين e ( )فاللهم صلي وسلم عليه وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد
فقد حظيت نظرية العقد الإداري بالدراسات والبحوث العديدة لأهميتها والتي تأتي من الخصائص التي تميز العقد الإداري عن العقود الأخرى.
ففي العقد الإداري تظهر سلطة جهة الإدارة وهيمنتها في العقد،وعلو إرادتها على إرادة الطرف المتعاقد معها.
ويعود السبب في ذلك إلى أن هدفها الأصيل عند إبرامها العقد هو الصالح العام.
لذلك وضع القضاء الإداري،سواء الفرنسي أو المصري،قواعد قانونية قائمة بذاتها تحكم العقود الإدارية المختلفة عن القواعد التي تحكم العقود الخاصة،وتتفق مع طبيعة قواعد ومبادئ القانون الإداري،الذي يهدف إلى سير المرفق العام بانتظـام


واطراد وتحقيق التوازن بين مصلحة الجماعة ومصلحة الأفراد،مع الأخذ بعين الاعتبار تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
فالعقود الإدارية تتجلى فيها امتيازات السلطة العامة،والتي لا نظير لها في علاقات الأفراد فيما بينهم نظرا لمقتضيات سير المرافق العامة.
لذلك كانت العقود الإدارية تختلف اختلافًا جوهريًّا عن عقود القانون الخاص التي تبرمها الإدارة ذلك لأن هذا النوع الأخير من العقود تحكمه من الناحية الموضوعية قواعد القانون الخاص،ويسري عليه -كقاعدة عامة- ما يسري على العقود التي يبرمها الأفراد فيما بينهم( ).
لهذه الاعتبارات وغيرها فإن الدول الآخذة بازدواج القضاء خصصت قضاءً إداريًّا مختصًّا في نظر المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية بصفة خاصة والمنازعات الإدارية الأخرى بصفة عامة، تابعا للسلطة القضائية في الدولة، فهو وسيلة من الوسائل التي تفض فيها منازعات العقود الإدارية.
ولا يعتبر القضاء الإداري الوسيلة الوحيدة للفصل في منازعات العقود الإدارية، فهناك وسائل أخرى للفصل في منازعاته،كون منازعاته يسري عليها ما يسري على المنازعات الأخرى من حيث الفصل فيها وإنهائها،حيث إن المنازعات بصفة عامة يتم نظرها والفصل فيها بثلاث طرق:
الطريق الأول:طريق رسمي؛ وهو إنهاء المنازعة عن طريق القضاء باعتباره سلطة تابعة للدولة.
الطريق الثاني:الصلح الذي يتوصل إليه الخصوم، بتنازلهم عن بعض مطالبهم.

الطريق الثالث:التحكيم الذي يتم فيه نظر المنازعة والفصل فيها،بتولية المتنازعين حكمًا يرتضيانه ليحكم بينهما.
ويعتبر هذا الطريق وهو التحكيم قضاء غير رسمي يقف بجانب القضاء،كما أنه يعد تنظيماً قضائياً تشرف عليه الدول من ضمن تنظيماتها القضائية.
والتحكيم من أقدم الوسائل لحل المنازعات منذ قديم الزمن؛فقد نشأ قبل الدولة، فهو قديم قدم المجتمعات حيث كان سائداً في المجتمعات القبلية باعتباره الأداة الفردية للتسوية الودية للمنازعات عن طريق الغير، وكان عُرفا في المجتمعات الفرعونية واليونانية والرومانية( ).
وكذلك كان التحكيم معروفاً لدى العرب في الجاهلية قبل الإسلام،فكان الأفراد يلجئون في فض منازعاتهم إلى من اشتهر عنهم التحكيم ،كعبدالمطلب جد رسولe وتميم بن صيفي و الأقرع بن حابس ويعمر الشداخ وهند بنت الحسن و صخر بنت لقمان وغيرهم( ).
وكان الناس قبل الإسلام يحتكمون إلى رسول الله e ،فقد روى الربيع بن خيثم أنه قال:"كان يُتَحاكم إلى رسول e في الجاهلية قبل الإسلام"( ).
أما التحكيم في الإسلام،فقد وردت النصوص الشرعية التي تدل على مشروعيته،فنص القرآن الكريم على مشروعية التحكيم؛فقال تعالى:{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:22 pm

يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } ( )،وقال تعالى:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً } ( ).
فالآيتان دلتا على أن التحكيم أمر مشروع إليه، سواء كان هذا التحكيم في منازعات وخصومات ذات طبيعة عامة أو كانت هذه الخصومة والمنازعة ذات طبيعة خاصة كما في المنازعات التي تنشأ بين الزوجين.
وكذلك دلت السنة النبوية على مشروعية التحكيم،فقد حكَّم رسول الله e سعد بن معاذ رضي الله عنه في بني قريظة ( ).


وقد عمل الصحابة رضوان الله عليهم بالتحكيم وجعلوه وسيلة لفض المنازعات الناشئة بينهم.
فإن عمر تحاكم هو وأبيا إلى زيد بن ثابت رضوان الله عليهم( )،وكذلك حكَّم جبير بن مطعم بين عثمان وطلحة رضوان الله عليهم( )،كما حدث التحكيم بين علي بن أبي طالب ومعاوية رضي الله عنهما في معركة صفين( ).
ومما يدل على أهمية التحكيم لدى الصحابة،رضوان الله عليهم ،أنهم أجمعوا عـلى

جواز التحكيم ومشروعيته،وعملوا به واشتهر ذلك ولم ينكره أحد منهم( ) .
أما في الوقت المعاصر فإن التحكيم يلعب دوراً هامًا في الفصل في المنازعات، فقد أخذت القوانين المعاصرة بمبدأ التحكيم-بجانب القضاء الرسمي- لفض المنازعات بعيدا عن القضاء وإجراءاته الطويلة،وانتظار جلساته التي تأخذ وقتا طويلا نوعا ما بسبب وجود كم هائل من القضايا سواء كان نطاق التحكيم في منازعة تجارية أو عمالية أو أسرية وغيرها.
إلا انه ونظرا لاتساع التعاملات الاقتصادية وحاجة الدول إلى جذب رءوس الأموال الأجنبية وتشجيع الاستثمار،ومع زيادة العقود التي تبرمها جهة الإدارة لتسيير مرافقها،فإن التحكيم قد امتد فشمل كذلك المنازعات التي تنشأ من العقود الإدارية فأصدرت الدول القوانين المنظمة للتحكيم في العقود الإدارية.
ففي المملكة العربية السعودية عَرف النظام السعودي التحكيم -كغيره من الأنظمة المعاصرة-،واتخذه وسيلة من وسائل فض المنازعات انطلاقًا من مشروعيته في الإسلام.


فالتحكيم يحتل مكانة خاصة في النظام السعودي في كافة المنازعات، والتي منها منازعات العقود الإدارية، والتي يختص بنظر المنازعات الناشئة عنها ديوان المظالم.
إلا أن أهمية التحكيم في منازعات العقود الإدارية تبرز لوجود العديد من التعاقدات في الوقت الراهن التي تبرمها جهة الإدارة في المملكة مع العديد من المتعاقدين الوطنيين أو الأجانب لسير المرافق العامة،خاصة عقود الامتياز مع الشركات الأجنبية،والتي تؤدي دوراً فاعلاً في الاقتصاد السعودي.
كل ذلك يبرز ضرورة وأهمية تتبع التطورات المختلفة في النظام السعودي في هذا الخصوص، خاصة أن الدراسات في هذه المسائل لا زالت دراسات أولية لم تعط للموضوع أهميته.
وفي مصر فإن مجلس الدولة المصري الذي أرسى القواعد والنظريات المنظمة للعقود الإدارية قد مر في هذا الشأن بتطورات مختلفة خلال عقود ستة منذ إنشائه بالقانون رقم 112 لسنة 1946م حتى صدور القانون رقم 27 لسنة 1972م،كما أن القانون رقم 27 لسنة 1994م قد قلب الموازين فيما يتعلق باختصاص مجلس الدولة المصري بالنسبة للتحكيم في العقود الإدارية،وهذه دراسة جديرة بالتتبع والبحث والتأصيل.
ولأهمية هذا الموضوع فإنه يقتضي منَّي ضرورة التعرف على موقف الفقه الإسلامي من التحكيم في منازعات العقود الإدارية حيث إن هذا الموضوع من الموضوعات الحديثة التي لم يتطرق لها الفقهاء القدامى.
فلأهمية هذا الموضوع رأيت أن يكون ذلك موضوع الرسالة العالمية (الدكتوراه)، وبعد أن استخرت الله عز وجل، قررت الكتابة والبحث في:
(التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي).

أهمية الموضوع :
تبرز أهمية هذا الموضوع-إضافة إلى ما سبق- فيما يلي:
أولا:أنَّ موضوع البحث يعتبر من الموضوعات المستحدثة، والتي بدأت تظهر أهميته على صعيد سن القوانين،أو على المستوى الفقهي القانوني،أو على مستوى القضاء الإداري.
فعلى مستوى القوانين أخذت الدول بإصدار القوانين التي تُعنى بالتحكيم في العقود الإدارية.
كما أن الفقه القانوني، خاصة فقه القانون الإداري أخذ يبلور نظرية للتحكيم في العقود الإدارية.
وكذلك الحال في أحكام القضاء الإداري والتي صارت تراعي أهمية التحكيم في العقود الإدارية، ولأهمية ذلك فقد راعى ديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية ذلك فشكَّل( )لجنة علمية دائمة لشؤون التحكيم، برئاسة معالي نائب رئيس الديوان تختص بشؤون التحكيم.
ثانيا:أن هذه الدارسة سوف تبين ثلاثة مواقف من التحكيم في العقود الإدارية.
الموقف الأول:موقف القوانين الحديثة من التحكيم في العقود الإدارية، خاصة المصري والفرنسي باعتبارهما رائدين في القانون والقضاء الإداري.
الموقف الثاني:موقف الفقه الإسلامي من التحكيم في العقود الإدارية ومحاولة تأصيله منه، خاصة وأن الدراسات لتأصيل التحكيم في العقود الإدارية من الفقه الإسلامي تعتبر قليلة.


الموقف الثالث:موقف النظام السعودي من التحكيم في العقود الإدارية نظراً لما لاحظته من ندرة وقلة في الدراسات والبحوث المتعلقة به.
ثالثاً:تبرز أهمية هذا الموضوع من واقع التعاقدات في الوقت الراهن بين جهة الإدارة والشركات الأجنبية الذي زادت فيه عن السابق،والذي يتيح؛أي التحكيم،سهولة تعاقد الطرف الأجنبي مع الدولة والذي يرغب في الغالب الأعم أن يُلْجَأُ إلى التحكيم في حالة نشوء منازعة بينهما.
لذا كان من الضروري دراسة هذا الموضوع ومعرفة حكم لجوء الإدارة إلى التحكيم في العقود الإدارية.
رابعا:من الأمور التي تبين أهمية هذا الموضوع أن التحكيم في هذا العصر قد تطور تطوراً كبيراً فلم يعد حاله كالسابق في نظر المنازعة من قبل شخص أو أكثر بل ظهر العديد من الشخصيات المعنوية على شكل هيئات وغرف تحكيمية لها كياناتها المستقلة ونظامها الخاص مهمتها فقط الفصل في النزاعات،وقد يُنَصُّ في العقود المبرمة بين الأطراف على أنها المختصة في الفصل في المنازعات التي تنشأ بينهم،وقد يُضّمن هذا النص في العقد الإداري،فيكون شرطا في العقد.
الصعوبات التي واجهتني في هذا البحث:
لقد واجهتني بعض الصعوبات التي، ذللها الله عز وجل بفضله ومنته، والتي منها ندرة الدراسات والكتب التي تتناول العقود الإدارية في الفقه الإسلامي،فضلاً عن عدم وجود صورة واضحة عن العقود الإدارية والتحكيم في المنازعات الناشئة عنه
في كتب التراث الإسلامي فالمسائل الفقهية التي تناولها الفقهاء حول العقد الإداري، وحول التحكيم في منازعاته جاءت بشكل عام،فقد جاءت دراستهم وبحثهم حول التحكيم في النزاع بين الزوجين،إضافة إلى أن الكتابات والدراسات


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:22 pm

الحديثة في الفقه الإسلامي لم تتطرق إلى التحكيم في العقود الإدارية بشيء من التفصيل.
كما أن الفقه القانوني قد تناول الموضوع بقدر قليل؛ حيث إن دراسة الفقهاء له لم تأت بصورة خاصة للتحكيم في العقود الإدارية، بل كان تناولهم عَرَضاً عند حديثهم عن العقود الإدارية،أو قد تجده في أبحاث ومؤلفات ليست فيها تفاصيل كثيرة،أو في كتابات مفصلة إلا أنها تعتبر قليلة.
وكذلك الحال في النظام السعودي؛فإن غالبية الدراسات والبحوث حول التحكيم تكون دراسات عامة أو حول التحكيم في المنازعات التجارية،ولم أر أي بحث تفصيلي حول التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي،إضافة إلى أن الكتابات والدراسات في العقود الإدارية في النظام السعودي تعتبر قليلة مقارنة بالبحوث والدراسات حول العقود الإدارية في مصر.
ومن الصعوبات كذلك قلة الأحكام الصادرة من ديوان المظالم حول التحكيم في منازعات العقود الإدارية، فإني بعد تتبع وسؤال لم أجد إلا عدة أحكام في دعوى واحدة.
منهج البحث:
لقد قسمت دراسة هذا الموضوع إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول:الجانب القانوني
قمت، بحمد الله،أولا بدارسة موقف القانون بصفة مستقلة؛وذلك حتى تتكون لديَّ ولدى القارئ الكريم صورة من القانون عن المسألة التي سوف أقوم ببحثها،حيث إن الدراسات القانونية بيّنت بصورة واضحة نظرية العقد الإداري والتحكيم في المنازعات الناشئة عنه.

وسوف تكون الدراسة القانونية معتمدة على القوانين المطبقة، والفقه القانوني، والأحكام القضائية، وبصفة خاصة ما توصل إليه كلٌ من الفقه الفرنسي والمصري، مع بيان بعض مواقف القوانين الحديثة.
القسم الثاني:جانب الفقه الإسلامي
بعد أن تتكون الصورة القانونية للمسألة المراد بحثها، ولأن الحكم على الشيء فرع من تصوره، قمت بحمد الله، بتأصيلها من الفقه الإسلامي، حتى ظهر لديّ الحكم في المسألة.
فقمت ببحث المسألة أولا في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية، وعمل الخلفاء الراشدين، وفي المذاهب الفقهية الأربعة المعتمدة، الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي،وآراء المحققين من العلماء والباحثين المعاصرين في الفقه الإسلامي.
القسم الثالث:الجانب التطبيقي من النظام السعودي
في هذا الجانب قمت،بحمد الله تعالى،ببيان موقف النظام السعودي من العقود الإدارية والتحكيم في المنازعات الناشئة عنه،وكيفية تطبيقه لهما،مع توضيح موقف القضاء الإداري السعودي،المتمثل في ديوان المظالم سواء في العقود الإدارية أو التحكيم في المنازعات الناشئة عنه.
وفي نهاية البحث وضعت خاتمة بينت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها في موضوع البحث، وبينت المراجع التي رجعت إليها، وأخيرًا وضعت فهرسا تفصيليًّا لموضوعات البحث.
وقد حاولت قدر المستطاع أن تكون صياغة البحث سهلة وسلسة، لإيصال الفكرة إلى القارئ الكريم بأوضح وسيلة.
وقد اقتصرت في البحث فيما يتعلق بالموضوع دون الاسترسال في الموضوعات المرتبطة به.

فلن أتناول المسائل التي تتفق مع أي نوع من أنواع التحكيم الأخرى،سواء كان تجاريًا أو غير تجاري؛كإجراءات نظر دعوى التحكيم والنواحي الشكلية فيها والشروط الواجب توافرها في المحكم وخلافه.
حيث إن هذه المسائل سبق طرحها في عدة بحوث ومؤلفات، لذا رأيت عدم الحاجة إلى تكرارها في هذا البحث.
وأود التنبيه إلى أني سوف استعمل في البحث مصطلح (المنظم) أو(المقنن)بدلا من (المشرع)، احتراما وتقديسا لهذا المصطلح حيث إنه خاص بالله عز وجل، فإن القرآن الكريم،والسنة النبوية،إذا وردت فيهما كلمة(شرع) ومشتقاتها فإنهما يسندانها إلى الله عز وجل،قال الله تعالى:{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا
فِيهِ }( )وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال:"إن الله شرع لنبيكم سنن الهدى"( ).
لذا سوف اقتصر على المصطلحين الذي بينتهما،ومما يؤيد رأيي في الأخذ بهذين المصطلحين أن مفتى عام المملكة العربية السعودية السابق سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز يرحمه الله قد نبه إلى أن إطلاق لفظ المشرع على من قام بوضع النظام غير



لائق، وبناء على تنبيهه أصدر مجلس الوزراء السعودي قراره رقم 328في 1/3/1396هـ بعدم استعمال كلمة المشرع في الأنظمة ونحوها( ).
خطة البحث
لإيضاح هذا الموضوع، قسمت البحث فيه، إلى فصل تمهيدي وبابين، وبيانهم كالآتي:
تمهيد:
وفيه فصلان:
الفصل الأول:عن مفهوم العقد الإداري في القانون ومشروعيته في الفقه الإسلامي ومفهومه في النظام السعودي.
الفصل الثاني:عن تعريف التحكيم ومشروعيته والنظم التي تشابهه في الفقه الإسلامي والقانون والنظام السعودي.
الباب الأول:عن التحكيم في العقود الإدارية في القانون
وفيه الفصول التالية:
فصل تمهيدي:عن مفهوم المنازعات الإدارية في القانون.
الفصل الأول:التحكيم في العقود الإدارية في القانون.
الفصل الثاني:التحكيم في العقود الإدارية الدولية في القانون.
الباب الثاني:التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظام السعودي
وفيه فصلان:
الفصل الأول:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من الفقه الإسلامي.

الفصل الثاني:التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي.
ثم خاتمة البحث وثبت المراجع وفهرس الموضوعات.
وبعد فهذا البحث ما هو إلا اجتهاد مقل، ومقصر بسب ذنوبه؛ فإن كان فيه من إصابة فذلك فضل من الله الكريم، وإن كان فيه من خطأ أو زلل، فمن نفسي ومن الشيطان.
أسال الله عز وجل أن يغفر لنا خطايانا وزللنا وتقصيرنا، وأن يرحمنا برحمته، وأن
ينفع بهذه الرسالة الإسلام والمسلمين،وأن تكون من العلم النافع الذي يُنْتفَعُ به{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ( ){رَبَّنَا لاَ تؤاخذنآ إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأنا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَاْرْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلنَا فاْنصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } ( ){سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ( ).
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين....


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:23 pm

تمهيد

لما كان العقد الإداري محل التحكيم في هذا البحث رأيت من الواجب دراسة العقد الإداري في الفصل الأول.
ثم أبين بعد ذلك في الفصل الثاني مفهوم التحكيم بشكل عام، وذلك حتى يكون مدخلا لفهم موضوع البحث الأصلي.
وقد يلاحظ القارئ الكريم أن هناك طولا ما في التمهيد إلا أنيَّ رأيت أنه من الضرورة بحت مفهوم العقد الإداري ومفهوم التحكيم توطئة لموضوع البحث الأساسي، لوجود موضوعات في البحث مرتبطة بالفصلين.

تمهيد
الفصل الأول:مفهوم العقد الإداري في القانون ومشروعيته في الفقه الإسلامي ومفهومه في النظام السعودي.
الفصل الثاني:تعريف التحكيم ومشروعيته والنظم التي تشابهه في الفقه الإسلامي والقانون والنظام السعودي.

الفصل الأول
مفهوم العقد الإداري
في القانون ومشروعيته في الفقه الإسلامي ومفهومه في النظام السعودي

في هذا الفصل سوف أبين، أن شاء الله،مفهوم العقد الإداري ،وذلك من ناحية تعريفه في اللغة،ومن حيث تعريفه في الفقه الإسلامي بصفة عامة، ثم أبحث،إن شاء الله،مفهوم العقد الإداري في القانون.
ثم أقوم،إن شاء الله،بذكر مشروعية العقد الإداري من الفقه الإسلامي،بعد ذلك يكون الحديث عن مفهوم العقد الإداري في النظام السعودي.















الفصل الأول
مفهوم العقد الإداري
في القانون ومشروعيته في الفقه الإسلامي ومفهومه في النظام السعودي
تمهيد:في تعريف العقد في اللغة، وبيان مفهومه في الفقه الإسلامي.
المبحث الأول:مفهوم العقد الإداري في القانون.
المبحث الثاني:مشروعية العقد الإداري في الفقه الإسلامي.
المبحث الثالث:مفهوم العقد الإداري في النظام السعودي.












تمهيد
في تعريف العقد في اللغة وبيان مفهومه في الفقه الإسلامي

سوف أتحدث إن شاء الله -تمهيدا لمفهوم العقد الإداري- عن تعريف العقد من الناحية اللغوية،ثم أتكلم عن مفهوم العقد في الفقه الإسلامي بصفة عامة بمعناه العام والخاص.
أولاً:تعريف العقد في اللغة
ذكر علماء اللغة( ) أن لفظ العقد يرد على عدة معانٍ منها الشد والربط والعهد والضمان والجمع والعزم والتأكيد والإحكام والتوثيق.
قال ابن فارس( ):"العين والقاف والدال تدل على شد وشدة وثوق وإليه ترجع فروع الباب كلها".



وقال الراغب في مفرادات القرآن:"العقد الجمع بين أطراف الشيء ويستعمل في الأجسام الصلبة كعقد الحبل وعقد البناء،ثم يستعار ذلك في المعاني نحو:عقد البيع
والعهد وغيرهما فيقال:عاقدته وعقدته وتعاقدنا". ( )
وقال القرطبي ( ) :"العقود الربوط وأحدها عقد يقال:عقدت العهد والحبل وعقدت العسل فهو يستعمل في المعاني والأجسام".
وقال ابن العربي:"أصل العقد الربط والوثيقة .............وتقول العرب:عقدنا أمر كذا وكذا أي ربطناه بالقول كربط الحبل بالحبل.
قال الشاعر:
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا"( ).
فمادة (عقد) في اللغة العربية تعني ما يأتي:
الأول:أن الفرد يلزم نفسه بشيء معين أو أن يلتزم عدة أطراف تجاه بعضهم على شيء معين.
الثاني:أنها ترد على الأشياء المحسوسة كشد الحبل والأشياء غير المحسوسة(المعنوية) كعقد النكاح وعقد البيع.
الثالث:أنها ترد على أمور مستقبلية.
وما يعنينا في بحثنا أن من معاني العقد في اللغة العربية:
أن يلتزم طرفان أو أكثر،تجاه بعضهم البعض على أمر غير محسوس في المستقبل.

ثانياً:تعريف العقد في الفقه الإسلامي
تعريف العقد في الفقه الإسلامي يرد على معنيين؛المعنى الأول معنى عام والثاني معنى خاص.
وسبب ذكر الفقه الإسلامي لهذين المعنيين يرجع إلى نظرة علماء الفقه الإسلامي للمعنى اللغوي للعقد؛فمن نظر إلى معنى العقد في اللغة على أنه العهد وإحكام الشيء وتقويته أخذ بالمعنى العام؛لأن العقد لا يخلو من عهد وتقوية،ومن نظر إلى معنى العقد في اللغة بأنه الربط أطلق العقد على المعنى الخاص؛لأن الربط يستلزم شيئين فأطلقوا العقد على الربط،والإيجاب،والقبول،وإن كان ربطا حكميا شرعيا لا حسيا( ).
فينصرف معنى العقد لدى علماء الفقه الإسلامي بمعناه العام إلى كل ما عزم المرء على فعله سواء كان ذلك:
أولا:بالإرادة المنفردة كالوقف،والإبراء،والطلاق،واليمين،والنذر.
قال الشافعي( )في بيان المراد في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ْأَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}( )وقوله سبحانه: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ



تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }( ):"عام على كل عقد ويشبه والله أعلم أن يكون الله تبارك وتعالى أراد أن يوفوا بكل عقد كان بيمين أو غير يمين وكل نذر عقد".
الثاني:ما عزم المرء على فعله وكان محتاجا إلى إرادة أخرى في إنشائه كالبيع و الإيجار والتوكيل والرهن.
واستعمال العقد بهذا المعنى العام نجده ظاهراً في كتب علماء الفقه الإسلامي من المالكية والشافعية والحنابلة دون علماء المذهب الحنفي( ).
وهذا المعنى هو المراد عند إطلاق الفقه الإسلامي للفظ العقد فهم يعنون به صيغة
الإيجاب والقبول الصادرة من المتعاقدين،وهذا هو المعنى الشائع في كتبهم( ) "حتى يكاد ينفرد بالاصطلاح،وهو المتبادر عند الإطلاق ولا ينصرف إلى المعنى العام إلا

بتنبيه يدل عليه،ويتضح ذلك من تتبع كتب الفقهاء عند الكلام على العقود"( )لأن"المناط في وجود العقد على وجه الإجمال هو التحقق من وجود إرادتي العاقدين وتوافقهما على أنشاء التزام بينهما بما يدل على ذلك من عبارة أو كتابة أو إشارة أو فعل" ( ).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:24 pm

المبحث الأول
مفهوم العقد الإداري في القانون
المطلب الأول:تعريف العقد الإداري في القانون.
المطلب الثاني:أركان العقد الإداري.

المطلب الأول
تعريف العقد الإداري في القانون

من المستقر عليه فقهاً وقضاًء أن العقد يجب أن يكون بين طرفين،وملزما لهما بالإيجاب والقبول الصادر عنهما،وأن يكون محله جائزاً قانونا.
هذا الأمر ينطبق على كافة العقود بشكل عام،والتي منها العقود الإدارية؛لان خصائص العقود،أيا كان نوعها،تتفق على ثوابتَ مشتركة بينها من وجود عاقدين ومحل معقود عليه،وإلزام بالمعقود.
ما ذكرته يتفق مع ما قاله الدكتور سليمان الطماوي( )حيث يقول:"العقد – وَفْقًا للتعريف الغالب-توافق إرادتين على أحداث أثر قانوني، سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله،أو تعديله،أو إنهاءه،وهذا التعريف يصدق بالنسبة إلى العقود الإدارية،كما هو الشأن بالنسبة للعقود المدنية".
إلا أن للعقود الإدارية خصائصَها التي تميزها عن العقود الأخرى؛ لذا فإن فقهاء القانون ورجال القضاء قاموا بصياغة تعريف للعقد الإداري ليتميز به عن العقود الأخرى.
لذلك سوف أقوم،إن شاء الله،في هذا المطلب بتعريف العقد الإداري لدى فقهاء القانون وفي القضاء،ثم أقوم بدراسة تحليلية لهذه التعاريف.
وذلك على التقسيم التالي:
الفرع الأول:تعريف العقد الإداري في القانون والقضاء.
الفرع الثاني:دراسة تحليلية لتعاريف العقد الإداري.

الفرع الأول
تعريف العقد الإداري لدى فقهاء القانون وفي القضاء

سوف أقوم في هذا الفرع،إن شاء الله،بتعريف العقد الإداري لدى فقهاء القانون وفي القضاء.
أولاً: تعريف العقد الإداري لدى فقهاء القانون.
ورد تعريف العقد الإداري في القانون في عدة تعاريف،أود أن أُلقي الضوء على بعضها.
فقد عَرَّفَ بعض فقهاء القانون العقد الإداري أنه العقد:"الذي يبرمه شخص معنوي عام بقصد تنظيم مرفق عام،أو تسييره مستخدماً وسائل القانون العام"( ).
ومنهم من عَرَّفَه بشيء من التفصيل،معتمدا في ذلك على المستقر عليه في قضاء مجلس الدولة الفرنسي،فعَرَّفَه أنه ذلك:"العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام بقصد تسيير مرفق عام،أو تنظيمية،وتظهر فيه نية الإدارة في الأخذ بأحكام القانون العام،وآية ذلك أن يتضمن العقد شروطاً استثنائية وغير مألوفة في القانون الخاص أو أن يخول المتعاقد مع الإدارة الاشتراك مباشرة في تسيير المرفق العام" ( ).


وهناك من عَرَّفَ العقد الإداري مُظهراً في تعريفه دور الشخص العام عند إبرامه للعقد، فَعَرَّفَهُ بأنه:"العقد الذي تبرمه جهة الإدارة بوصفها سلطة عامة بقصد تسيير مرفق عام وأخذه بأسلوب القانون العام فيما تضمنه من شروط غير مألوفة في القانون الخاص" ( ).
كما عَرَّفَ العقد الإداري بتفاصيل فيها بيان لطبيعة القانون الذي يحكم العلاقة بين الشخص العام والطرف الآخر في العقد،فعُرَّفَ بأنه:"كل اتفاق بين طرفين،أحدهما شخص من أشخاص القانون العام بهدف إدارة،أو تنظيم،أو استغلال مرفق عام من مرافق الدولة بحيث يظهر في العقد نية تطبيق أحكام القانون العام باحتوائه على شروط غير مألوفة في نطاق العقود الخاصة،ويتحقق ذلك بتمتع الإدارة بامتيازات وسلطات لا يتمتع بها الأفراد في نطاق العقود المدنية،أو بمنح المتعاقد مع الإدارة سلطات استثنائية،في مواجهة الغير، لا يتمتع بها في حالة ما لو تعاقد مع غيره من الأفراد "( ).
وعُرَّفَ أيضا بالتركيز على بيان صفة من يقوم عن الشخص العام في العقد، فعُرَّفَ بأنه:" عقد يرتبط به شخص من أشخاص القانون العام ،سواء أكان موظفا مسئولا أو مديراً عاماً،ويخضع لنظام قانوني خاص،تسوده مقتضيات المرفق العام بموجب الشروط والقوانين الممنوحة لمثل هذه الحالات الارتباطية"( ).

كما تم تعريف العقد الإداري بأنه:"العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام بقصد تسيير أو تنظيم مرفق عام،مع إظهار النية في تطبيق أحكام القانون الإداري" ( ).

ثانيا:تعريف العقد الإداري في القضاء
أوردت عدة أحكام قضائية تعريفاً للعقد الإداري،منها الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بمصر،فذكرت أن العقد الإداري هو:"العقد الذي يبرمه شخـص معنوي من أشخاص القانون العام،بقصد إدارة مرفق عام،أو بمناسبة تسييره،وأن تظهر نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام،وذلك بتضمين العقد شرطاً أو شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص"( ).
كما تبنت المحكمة الدستورية العليا في مصر الاتجاه ذاته،حيث قضت بأنه: "يتعين لاعتبار العقد إداريًّا أن يكون أحد طرفيه شخصًّا معنويًّا عامًّا يتعاقد بوصفه سلطة عامة،وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره،أو تنظيمه وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية وهو انتهاج أسلوب القانون العام،فيما تضمنته من شروط استثنائية بالنسبة إلى روابط القانون الخاص" ( ).
وقد عَرَّفَته المحكمة الإدارية العليا في سوريا بأنه:"العقد ،الذي يهدف إلى تسيير مرفق عام ويرتدي طابعا مميزا لغلبة الصالح العام على مصلحة الأفراد الخاصـة،


وتنصرف النية إلى الأخذ بأسلوب القانون العام فيما ينطوي عليه من شروط استثنائية خارجة عن نصوص القانون العادي" ( ).


الفرع الثاني
دراسة تحليلية لتعاريف القانون للعقد الإداري

بعد أن بينت تعريف العقد الإداري،لدى فقهاء القانون وفي القضاء، سوف أقوم إن شاء الله،بدراسة هذه التعاريف.
عند دراسة التعاريف السابقة نلاحظ الملاحظات الآتية:
الأولى:أنها بعمومها أوضحت فكرة العقد الإداري، والتي تقوم على أركان هي أن يكون مُبرم العقد شخصًا عامًّا، ويتعلق العقد بمرفق عام، وأن يكون بوسائل القانون العام.
إلا أنها يؤخذ عليها،مع إلمامها بالقدر الكافي لمكونات العقد الإداري،الطول في عبارتها نوعاً ما،ومن المعلوم أن التعريف متى ما كانت ألفاظه قصيرة فإنه يكون أحسن وأفضل من التعريف ذي العبارات الطويلة بشرط ألاَّ يؤثر ذلك على مضمون التعريف فيخل به بحيث يكون التعريف جامعًا مانعًا.
الثانية:وردت هذه التعاريف في عدة صيغ وعبارات؛إلا وإن اختلفت عبارتها، تُعَرَّفَ العقد الإداري بـ:"أنه العقد الذي يكون طرفه شخصًا عامًا،ويتصل بمرفق عام،باستخدام وسائل القانون العام".

الثالثة:هذه التعاريف( )اهتمت وركزت في تعريفها للعقد على الإدارة فقط مع عدم ذكر الطرف الآخر المتعاقد معها ماعدا تعريفًا واحدا( ).
الرابعة:لم تتطرق التعاريف إلى محل العقد ومدى شرعيته بموافقة للقانون أو عدمها،فمن الممكن أن يتم إبرام عقد من الجهة الإدارية بالمخالفة لأحكام القانون.
وأرى أن السبب في عدم إيراد ذلك أن مشروعية المحل من الأمور المفترضة لدى فقهاء القانون الإداري،وقد يكون هناك سبب آخر،وهو أن فقهاء القانون في الغالب الأعم عند تعريفهم للعقد الإداري إنما يُعَرَّفَونه بما يميزه عن العقد المدني، فما كان واردًا في العقد المدني فإنهم يكتفون به و لا يكررونه عند تعريف العقد الإداري.
وفي رأيي أنه من الأفضل أن يتم تعريف العقد الإداري باستقلالية تامة عن تعريف العقد المدني وألاَّ يكون هناك ربط بينهما في التعريف؛لأن ليس كل من يقرأ أو يبحث في كتب القانون يكون متخصصاً،فربما يبحث فيها من ليس من أهل الاختصاص؛لذا من الأفضل أن يشتمل تعريف العقد الإداري كل مقومات العقد بوجه عام.





المطلب الثاني
أركان العقد الإداري

تمهيد:
بعد أن ألقيت الضوء على تعريف العقد الإداري سأستعرض في هذا المبحث،إن شاء الله،ما يعبر عنه بالعناصر المميزة للعقد الإداري أو المعيار المميز للعقد الإداري عن العقود الأخرى.
ويقصد بالمعيار في الاصطلاح القانوني ما يدل على تحديد المصطلح القانوني أو الفكرة القانونية تحديدا دقيقا،والتمييز بينه وبين المصطلحات التي تشتبه به،أوبينه وبين المصطلحات التي تختلف في لفظها وتتشابه معانيها،فإذا تشابهت وحملت دلالات مختلفة،كنا في حاجة لمعيار يميز أحداها عن الأخرى،مثل كلمة العقد،فالعقد الإداري يحتاج إلى دراسة تفرق بينه وبين عقود القانون الخاص ( ).
وأرى أن هذا الكلام مع جمال عبارته، إلا أن مصطلح (معيار) ليس هو الأفضل في أن يوضع عند بحث هذه العناصر الثلاثة، واقصد بها الشخص العام والمرفق عام، ووسائل القانون العام.
فليس غاية بحثها التمييز بين العقد المدني والعقد الإداري فقط، وإنما غايتها أيضا تحديد طبيعة العقد الإداري وفهمه والمعيار يوضع في حالة التمييز بين أنواع من جنس وأحد، كالتمييز بين العقد الإداري الوطني والعقد الإداري الدولي مثـلا،


والتمييز بين العقد الإداري الإنشائي والعقد الإداري المتعلق بأعمال الصيانة وهكذا.
كما أن الباحث أو الدارس لهذه العناصر عند استخدام عبارة (معيار) فإنه يبحثها وفي ذهنه أنه يريد التمييز بين العقد الإداري وعما يغايره، مع أن غايته من ذلك أيضا معرفة العقد الإداري وفهمه بشكل عام.
لذا فأن الأحرى أن يعبر عنها بالأركان التي تميز العقد الإداري؛لأن العقد الإداري يتفق مع غيره من العقود بأركان عامة،ولكنه يختلف عنها بما سأذكره في هذا المطلب،كما أن هذه الأركان تدخل في صميم العقد الإداري ويتوقف عليها أو على واحد منها وجود العقد الإداري،وبالتالي فكل واحد منها يعتبر ركنًا من أركان العقد الإداري.
ولأن الركن وهو ما يعبر عنه في علم المنطق بأنه ما يتوقف عليه وجود الشيء، فركن الشيء ما يقوم به الشيء ويتم به ( ).
فهذه العناصر الثلاثة لا يمكن أن يوجد العقد الإداري عند تخلفها أو تخلف بعضها -عند الغالب في القانون-كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
لذا فسوف أسير في البحث،إن شاء الله،على تعبير أركان العقد الإداري بدلاً عن معايير العقد الإداري.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:25 pm

وسيكون الحديث في هذا المطلب،إن شاء الله، على ضوء التقسيم التالي:
الفرع الأول: أن يكون أحد أطراف العقد شخصًا معنويًّا عامًّا.
الفرع الثاني:أن يكون محل العقد مرفقًا عامًّا.
الفرع الثالث:أن يتضمن العقد شروطا استثنائية وغير مألوفة.

الفرع الأول
أن يكون أحد أطراف العقد شخصًا معنويًّا عامًّا

في هذا الفرع سيكون البحث،إن شاء الله،عن الركن الأول من الأركان التي تميز العقد الإداري عن غيره من العقود الأخرى،وهو أن يكون طرفه شخصًا معنويًّا عامًّا.
فقهاء القانون عند تعريفهم للعقد الإداري ينصون على وجوب أن يكون أحد طرفيه شخصاً معنويًّا عامًّا باعتباره العنصر الأساسي والشرط المفترض في العقد الإداري،فهناك شبه إجماع في الفقه والقضاء على ضرورة وجود شخص عام في العقد( ).
حيث إن هذا الركن لا خلاف عليه فقهًا وقضاءً،في وجوب وجوده في العقد،ولا يمكن أن يكون محل جدل إذ تدل عليه تسمية العقد( ).
فإن العقد الذي لا يكون أحد أطرافه شخصًا من أشخاص القانون العام،لا يمكن
أن يعتبر عقدًا إداريًّا بحال من الأحوال ( ).


وبخصوص هذا الركن تقول المحكمة الإدارية العليا في مصر في أحد أحكامها: "....حتى يعتبر عقدا إداريًّا يشترط أن يكون أحد طرفي التعاقد من أشخاص القانون العام" ( ).
والسبب في ذلك أن قواعد القانون العام لم توضع إلا لتحكم نشاط الإدارة وليس الأفراد أو الهيئات الخاصة،فضلاً على أنها تعمل بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق و امتيازات لا يتمتع بمثلها الأفراد( ).
وفي هذا الصدد تقول المحكمة الإدارية العليا في مصر في حكمها الصادر بتاريخ 18/1/ 1994م".... العنصر الأول في تمييز العقود الإدارية هو كون الإدارة طرفا فيها، أمر طبيعي؛ لأن العقود الإدارية هي طائفة من عقود الإدارة، وبالتالي فإن العقد الذي لا يكون أحد أطرافه شخصًا من أشخاص القانون العام فأنه لا يمكن اعتباره عقدًا إداريًّا..." ( )،وتقول أيضاً:"...إذا فقد العقد شرطــاً من
الشروط التي يتحقق بتوافرها مناط العقد الإداري،صار العقد من عقود القانون الخاص،وذلك كأن تفقد الإدارة صفتها كشخص معنوي....." ( ).
ويطلق على هذا العنصر(المعيار العضوي)،لأنه يستند في تمييز العقد الإداري على صفة أطراف العقد أو (المعيار الثابت)( ) ؛لان هذا الشرط ثابت لا يتغير فــي

العقود الإدارية( ).


الفرع الثاني
أن يكون محل العقد مرفقًا عامًّا

الركن الثاني من الأركان المميزة للعقد الإداري عن العقود الأخرى أن يكون محل العقد (مرفقًا عامًّا) سوا من حيث تنظيمه،أو إدارته،أو تنفيذه،أو تسييره.
وقد ظهر اصطلاح المرفق العام لأول مرة في كتابات (برودون) الذي استعمل
هذا المصطلح بمثابة معيار للتفرقة بين المال العام والمال الخاص المملوك للدولة( ).
وهناك اصطلاح آخر لهذا الركن وهو (تعلق موضوع العقد بمهمة إدارية)( ).


وتبرز أهمية هذا الركن عندما لاحظ الفقه على الركن الأول (أن تكون الإدارة طرفًا في العقد) أنه غير كاف لإضفاء الصفة الإدارية على العقود التي تبرمها وإخضاعها لإحكام القانون العام؛لأنه لا يعطي الإدارة الحق في اختيار أسلوب التعامل مع الأفراد،واختيار النظام القانوني الذي يحكم تصرفاتها القانونية،فهي تستطيع أن تلجأ إلى أسلوب القانون العام أو أسلوب القانون الخاص بحسب الأحوال،فليس هناك ما يمنع الإدارة القائمة على مرفق إداري من إبرام عقد من عقود القانون الخاص ( )،لذا ظهر هذا الركن؛وهو أن يتعلق العقد الإداري بمرفق عام.
فضلا عن ذلك فإن أهمية هذا الركن تظهر في أن الهدف الأساسي من وجود العقد الإداري يكمن بصفة محدده بتلبية المصالح العامة للأفراد،ولا يكون ذلك إلا بتسيير المرافق العامة( ).
وكما أن العقود الإدارية،لما كانت تقوم على أحكام استثنائية تتمثل في حقها في أن تكون لها اليد العليا في العقد،فلها حق الفسخ بإرادة منفردة والتنفيذ على
حساب المتعاقد في حالة تقصيره،لذا كان من الواجب أن يكون لهذا الاستثناء ما

يبرره بأن تكون تلك العقود ذات صلة وثيقة بأحد المرافق العامة( ).
كما أن لهذا الركن أهمية أخرى تبرز أيضا في تحديد القضاء المختص بنظر منازعات العقود الناشئة عنه في الدول التي تأخذ بنظام ازدواج القضاء.
فالمرافق العامة لها دور مهم في تحديد القضاء المختص، فالإدارة إذا أبرمَت عقدا محله مرفق عام فإن هذا العقد يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات الناشئة عنه، بخلاف العقود التي تبرمها الإدارة وليس لها علاقة بالمرفق العام؛ فإنها تخضع للقضاء العادي( ).
ويجمع الفقه والقضاء على شرط اتصال العقد بنشاط مرفق عام( )؛لان المرفق العام هو المعيار المستقر عليه لأمرين( ):
أولا:فهو معيار للقانون الإداري بصفة عامة ويحدد نطاقه.
ثانيا:لتحديد اختصاص القضاء الإداري.

فإذا انقطعت صلة العقد بالمرفق العام،فإن هذا العقد يعتبر عقدًا خاصًّا ولا يعتبر عقداً إداريًّا،ومن أمثلته العقود التي تبرمها الأشخاص العامة لإدارة الأموال الداخلة في دومينها الخاص( ).
وفي خصوص ذلك تقول المحكمة الإدارية العليا في مصر في حكم لها:"ومن حيث إن العقد الإداري على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة،هو العقد الذي تكون الإدارة طرفا فيه،ويتصل بنشاط مرفق عام من حيث تنظيمه وتسييره وبغية خدمة
أغراضه وتحقيق احتياجاته مراعاة للمصلحة العامة وتأخذ الإدارة فيه بأسلوب القانون العام" ( ).
ويعتبر هذا الركن أحد عنصري الضابط المادي أو الموضوعي في العقد الإداري( ).

الفرع الثالث
أن يتضمن العقد شروطا استثنائية وغير مألوفة

الإدارة عند إبرامها لعقودها،فإن هناك أمرين في الغالب يكونان متوافرين في عقدها،هما أن تكون طرفه، ومتصلا بالمرفق العام.
إلا أن هناك ما يفرق بين عقود الإدارة الخاصة والعقود الإدارية بالإضافة إلى الركنين الآخرين، ألا وهو أن يتضمن العقد شروطا استثنائية وغير مألوفة في العقد المدني.
ولأهمية هذا الركن فإن هذه الشروط الاستثنائية وغير المألوفة التي تتضمنها العقود كافية لتمييز العقود الإدارية عن غيرها من العقود( ).
إلا أن غالبية الفقه يرى أن معيار الشروط غير المألوفة يحتل مرتبة تالية في الأهمية
للمرفق العام( ).
في هذا الفرع سيكون البحث،إن شاء الله،عن الركن الثالث من الأركان التي تميز العقد الإداري عن غيره من العقود الأخرى،وهو أن يتضمن العقد شروطا استثنائية وغير مألوفة.
فهذا الركن له أهميته التي تبرز كونه بديلا عن ركن المرفق العام،فهو يحل محله ويضفي على العقد السمة الإدارية( ).

فهو يرجح الصفة الإدارية للعقد عندما يصعب تحديده في حالة الاعتماد على ركن المرفق العام( ).
وله دور فاعل في تحديد الصفة الإدارية لبعض العقود،كعقود المرافق العامة الاقتصادية وشركات الاقتصاد المختلط( ).
إلا إن رجال القضاء وفقهاء القانون لم يعطوا تعريفا محددا لمصطلح (الشروط الاستثنائية)،ويعود ذلك إلى أن وضع نظرية للشروط الاستثنائية من الصعوبة بمكان لاختلاف طبيعة الشروط الاستثنائية التي اعتبرها القضاء الإداري( ).
كما أن من حاول التعريف لم يعط تعريفا دقيقا لهذه الشروط يمكن من خلاله استخلاص تعريف واضح لها( ).
يتضح ذلك من خلال قراءة بعض أحكام القضاء الفرنسي والمصري وما ذكره فقهاء القانون حول مفهوم الشروط الاستثنائية.
فالقضاء الفرنسي عَرَّفَ الشروط الاستثنائية وغير المألوفة في القانون الخاص بأنها:" تلك الشروط التي تمنح المتعاقدين حقوقا أو تضع على عاتقهم التـزامات

غريبة بطبيعتها عن تلك التي يمكن أن يقبلها من يتعاقد في نطاق القوانين المدنية أو التجاري"( ).
كما عَرَّفَتها محكمة التنازع الفرنسي" بأنها تلك الشروط المختلفة بطبيعتها عن تلك التي يمكن أن يتضمنها عقد مشابه في القانون الخاص"( ).
أما القضاء المصري فقد ذكرت المحكمة الإدارية العليا أمثلة للشروط الاستثنائية بقولها:"وقد تضمن هذا العقد بعض مظاهر السلطة العامة،حيث تضمن البند خامسا على حق الإدارة في فسخ العقد واستعادة الفرن ولو بالقوة الجبرية دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار،كما تضمن البند الحادي عشر على تعهد المطعون ضده بتسليم الفرن وكافة محتوياته بالحالة التي تسلمها،وبما يكون قد ادخل من تحسينات ومرافق وافق عليها الطرف الأول عقب انتهاء مدة الإيجار أو استردادها–لأي سبب من الأسباب-،ومن ثم فإن التكييف القانوني لهذا انه عقد إداري باستغلال الفرن المملوك لأحدى الجهات الإدارية"( ).
أما فقهاء القانون فقد ذهب (شابي)،إلى إن الشروط الاستثنائية هي التي تكون باطلة في القانون الخاص ولا يمكن للأفراد أن يضمنوها عقودهم( ).



أما (فالين)،فيرى أنها الشروط التي لا توجد عادة في عقود الأفراد،إما لأنها باطلة لمخالفتها لنظام العام أو لأنها أدرجت في العقد من قبل السلطة العامة لاعتبارات الصالح العام والتي غريبة عن الأشخاص الخاصة عند إبرام العقد( ).
أما(فيدل)،فيرى أن الشروط الاستثنائية في العقد الإداري هي الشروط الاستثنائية في عقود القانون الخاص،وأن الشروط غير المألوفة هي التي يكون موضوعها منح المتعاقدين حقوقا أو تحملهم بالتزامات غريبة بطبيعتها عن تلك التي يحق للمتعاقدين الاتفاق عليها بحرية في ظل القوانين المدنية والتجارية( )،أما(لامارك)،فيرى أنها تلك الشروط المستحيلة في عقود الأفراد( ).
أما عن فقهاء القانون الإداري في مصر،فإن الأستاذ الدكتور سليمان الطماوي( )يرى أن هناك أفكاراً أساسية وقرائن يمكن الاستدلال منها على الشروط الاستثنائية،مثل الشروط التي تتضمن امتيازات للإدارة لا يمكن أن يتمتع بها المتعاقد الآخر،وكذلك الشروط التي تخول المتعاقد مع الإدارة سلطات استثنائية في مواجهة الغير،أو الإحالة إلى دفاتر شروط معينة،والتي تتضمن شروطا استثنائية في مواجهة الغير،أو اشتراك المتعاقد مع الإدارة مباشرة في تسيير المرفق العام،أو شرط جعل الاختصاص بنظر النزاع للقضاء الإداري إذا كانت طبيعة العقد غير

واضحة،وهذا الشرط يعتبر العامل الحاسم في إبراز صفة العقد الإدارية،ويذهب الدكتور توفيق شحاتة( ) إلى مفهوم الشروط الاستثنائية كما رآها (شابو) أما الدكتور ثروت بدوي( ) فيذهب إلى مفهوم الشروط الاستثنائية كما رآها (فالين).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:27 pm

المبحث الثاني
مشروعية العقد الإداري في الفقه الإسلامي

تمهيد:
مشروعية العقد الإداري في الفقه الإسلامي تتوقف على الإجابة على تساؤل هام عما إذا كان الأصل في العقود الإباحة أم على الحظر؟،فمن خلاله هذا يتبين موقف الفقه من مشروعية العقد من عدمه،كما يتبين بناء عليه أيضا مشروعية العقد الإداري في الفقه الإسلامي.
ولقد عبر علماء الفقه الإسلامي عن مسألة الأصل في العقود في الفقه الإسلامي، بعدة عبارات،فتارة يعبرون عنها (الأصل في المعاملات) ( ) (وتارة الأصل في العقود) ( ) وتارة (الأصل في العقود والشروط فيه) ( ) .
وقد ذكروا أن الأصل في العقود في الفقه الإسلامي الجواز والصحة والإباحة وعلى ذلك فالأفراد والأشخاص المعنوية لهم الحرية الكاملة في إنشاء ما يشاءون من العقود مادامت لا تخالف أحكام الفقه الإسلامي.


يقول أبو زهرة( ):"يقصد بحرية التعاقد إطلاق الحرية للناس في أن يعقدوا من العقود ما يرون ....غير مقيدين إلا بقيد وأحد وهو ألا تشتمل على ما قد نهى عنها الشارع وحرمها كأن يشتمل العقد على ربا ونحوه مما حرمه الشرع الإسلامي".
وقال ابن تيمية يرحمه الله تعالى:"الأصل في عقود المسلمين الصحة" ( )، وقال:"إن تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان : عبادات يصلح بها دينهم وعادات يحتاجون إليها في دنياهم،فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع،وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه والأصل فيه عدم الحظر فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى.....والعادات الأصل فيها العفو فلا يحظر منها إلا ما حرمه و إلا دخلنا في معنى قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ }( )ولهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله وحرموا ما لم يحرمه في سورة الأنعام... وهذه قاعدة عظيمة نافعة وإذا كان كذلك فنقول: البيع والهبة والإجارة وغيرها هي من العادات التي يحتاج الناس إليها في معاشهم كالأكل والشرب واللباس فإن الشريعة

قد جاءت في هذه العادات بالآداب الحسنة فحرمت منها ما فيه فساد وأوجبت ما لا بد منه وكرهت ما لا ينبغي واستحبت ما فيه مصلحة راجحة في أنواع هذه العادات ومقاديرها وصفاتها وإذا كان كذلك : فالناس يتبايعون ويستأجرون كيف شاءوا ما لم تحرم الشريعة،كما يأكلون ويشربون كيف شاءوا ما لم تحرم الشريعة،وإن كان بعض ذلك قد يستحب أو يكون مكروها،وما لم تحد الشريعة في ذلك حدا فيبقون فيه على الإطلاق الأصلي"( )انتهى كلامه يرحمه الله .
فالعقود في الفقه الإسلامي؛أي عقود بغض النظر عن محلها،الأصل فيها الإباحة، وللإفراد إن يتعاقدوا بما شاءوا من عقود بشرط إن لا تشتمل على ما نهى عنه الشارع الحكيم.
فمتى أراد الأفراد أن يتعاقدوا فلهم ذلك،وليس لهم بحث هل هذا العقد محرم أو غير محرم ؟ إلا إذا اشتمل على شيء جاء تحريمه في كتاب الله وسنة نبيهe.
وفي هذا المبحث سوف،أقوم إن شاء الله،بالحديث عن مدى مشروعية العقد الإداري من حيث جوازه الشرعي من عدمه.
وسيكون بحث مدى مشروعية العقد الإداري من الفقه الإسلامي في هذا المبحث من القرآن الكريم،ومن سنة رسول اللهe،ومن العقل إن شاء الله ثم أبين الرأي في التفرقة بين العقد الإداري وعقد الإدارة الخاصة في الفقه الإسلامي.

المبحث الثاني
مشروعية العقد الإداري في الفقه الإسلامي
المطلب الأول:مشروعية العقد الإداري من القرآن الكريم.
المطلب الثاني:مشروعية العقد الإداري من السنة.
المطلب الثالث:مشروعية العقد الإداري من العقل.
المطلب الرابع:الرأي في التفرقة بين العقد الإداري وعقد الإدارة الخاصة في الفقه الإسلامي.

المطلب الأول
مشروعية العقد الإداري من القرآن الكريم

وردت عدة آيات من كتاب الله عز وجل تدل على مشروعية إبرام العقد الإداري.
منها ما جاء في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}( )وقوله تعالى:{وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً }( ).
وجه الاستدلال:
جاء الأمر بالآيتين بالوفاء بالعقود والعهود، والأمر إذا أطلق يدل على الوجوب، فتكون الآيتان دلتا على وجوب الوفاء بالعقود والعهود، كما أن لفظ العقود والعهود جاءا بصيغة العموم دون تخصيص.
وبالتالي فيكون ما أمرنا بالوفاء به من الأمور المباحة، وإذا كانت مباحة فهي صحيحة،ولو كان الأصل فيها الحظر لم يجز أن نؤمر بها مطلقا.
وعلى هذا فإن جميع أنواع العقود،والتي منها العقود الإدارية من الأمور المباحة إلا ما خص بدليل( ).

قال البغوي عند تفسيره قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}( ):"أي العهود قال الزجاج :هي أوكد العهود يقال عاقدت فلانا وعقدت عليه،أي ألزمته ذلك باستيثاق...وقيل –أي العقود-هي العقود التي يتعاقدها الناس بينهم"( ).
وقال عند تفسير قوله تعالى:{وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً }( ):"وقال السدي كان مطلوبا وقيل العهد يسأل عن صاحب العهد"( ).
قال ابن كثير:" قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}( )،قال ابن عباس ومجاهد وغير وأحد يعني بالعقود العهود و حكى ابن جرير الإجماع على ذلك...،وقال محمد بن كعب فهذا يدل على لزوم العقد وثبوته"( )
وقال القرطبي عند تفسير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}( ):" وقال الزجاج:المعنى أوفوا بعقد الله عليكم بعضكم على بعض وهـذا كـله راجع إلى


القول بالعموم وهو الصحيح في الباب قالe:(المؤمنون عند شروطهم)( )وقال كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وأن كان مائة شرط)( ) فبيَّنَ أن الشرط أو العقد الذي يجب الوفاء به ماوافق كتاب الله أي دين الله فإن ظهر ما يخالف رد"( ).
فالقرطبي يرحمه الله يضع قاعدة في صحة أي عقد هي موافقته لشرع الله،وهذا يدل على فقه دقيق حيث يدخل فيه هذه القاعد جميع أنواع العقود المعروفة في الفقه الإسلامي في ذلك الوقت أو ما يستجد من عقود لم تكن معروفة،وهذا يدل على مشروعية العقود الإدارية إلا إذا تضمنت شروطا مخالفة للشرع.
وقال محمد رشيد رضا كلاما أكثر تفصيلا مما قاله القرطبي،فقال عند تفسيره قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}( ):"...وقد تجدد لأهل هذا العصر أنواع من المعاملات،تبعها أنواع من العقود يذكرونها في كتب القوانين المستحدثة؛منها ما يجيزه فقهاء المذاهب الإسلامية المدونة، ومنها ما لا يجيزونه، لمخالفته شروطهم التي يشترطونها، كاشتراط بعضهم الإيجاب، والقبول قولا...وقد يصبغونه بصبغة الدين، فيجعلون التزام المتعاقدين لمباح، وإيفائهما به محرما،معصية لله تعالى لعدم صحة العقد.

ويشترطون في بعض العقود شروطا، منها ما يستند على حديث صحيح، أو غير صحيح، ومنها مالا يستند إلا على اجتهاد مشترطه، ورأيه، ويجيزون بعض الشروط التي يتعاقد عليها الناس، ويمنعون بعضها، حتى بالرأي...وأساس العقود الثابت في الإسلام هو هذه الجملة البليغة، المختصرة، المفيدة (أوفوا بالعقود)وهي
تفيد أنّه يجب على كل مؤمن أن يفي بما عقده، وارتبط به، وليس لأحد أن يقيد ما أطلقه الشارع، إلا ببيّنة عنه...فكل قول أو فعل يعدّه الناس عقدا، فهو عقد
يجب أن يوفوا به، كما أمر الله تعالى ما لم يتضمن تحريم حلال، أو تحليل حرام، ممّا ثبت في الشرع كالعقد بالإكراه...أو فعل الفاحشة...أو أكل شيء من أموال الناس بالباطل كالربا...الخ ومن الأصول التي بنوا عليها معظم تشديداتهم في ذلك، ذهاب بعضهم إلى أنَّ الأصل في العقود والشروط الحظر، فلا يصح منها إلاّ ما دلّ الشرع على صحته،وأنّ كل شرط يخالف مقتضى العقد باطل، وعدوا من هذا ما يمكن أن يقال: إنّه ليس منه، وإطلاق الوفاء بالعقود يدلّ على أن الأصل فيها الإباحة، كذلك الشروط، ولاسيما العقود، والشروط في أمور الدنيا، والحظر لا يثبت إلا بدليل"( ).
فالأمر الوارد في قوله تعالى أوفوا) يدل على الوجوب؛لأنه جاء مجردا من أي قرينه تصرفه عن الوجوب كما هو مقرر في علم أصول الفقه( )،فالله عز وجل يأمر طرفي العقد بالوفاء بالتزاماتهم المترتبة عليه،سواء أكان المتعاقد فردا عاديا أو


شخصًا عامًّا من أشخاص القانون الخاص أو العام،أم كان حاكما أو مسئولا أو موظفا يعمل لحساب الدولة أو غيرها من أشخاص القانون العام ويتعاقد باسمها.
وفي قوله تعالى: (العقود) لفظ عام ليس هناك مخصص له فيشمل جميع أنواع العقود والتي منها العقود الإدارية( ).
فالعقود الإدارية داخلة في هذه الآية،بل إن ولي الأمر يتعاقد كممثل للدولة أو للإدارة هو أولى بالامتثال للأمر من الطرف الآخر ليكون قدوة في تنفيذ أوامر الله جل شأنه ( ).

المطلب الثاني
مشروعية العقد الإداري من السنة

ما يدل على مشروعية العقد الإداري من السنة النبوية ما ورد في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال e: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) ( ).
فلفظ ( عاهد) الوارد في الحديث عام يشمل جميع أنواع العهود التي يتعاهد أو يتعاقد عليها المسلم، وأي عهد عهده المسلم فإن الحديث نهى عن الغدر فيه، وإذا كان الأمر منهيًّا عنه فإنه ما نهي عنه يلزم الوفاء به، وما لزم الوفاء به فإن أصله يكون مباحا مما يدل على أن جميع أنواع العهود أو العقود،والتي منها العقود الإدارية الأصل فيها الإباحة( ).
وفي قوله e:( الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا بين المسلمين أحل حراما أو حرم حلالا والمسلمون على شروطهم) ( ).
فالحديث أبان لنا إلزامية التمسك بالشروط التي يتعاقد عليها المسلمون،ولم ييبن لنا رسول الله e طبيعة هذه الشروط؛فدلت على أن أي شرط يشترطه الطرفان

فهو صحيح،ولما كان العقد هو مجموعة من العقود كان أي عقد يعقده الطرفان
فهو صحيح بناء على أن الأصل في العقود الصحة( ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وإذا كان جنس الوفاء ورعاية العهد مأمور به علم أن الأصل صحة العقود والشروط؛إذ لا معنى للتصحيح إلا ما ترتب به مقصوده، ومقصود العقد هو الوفاء به، فإذا كان الشارع قد أمر بمقصود العهود دل على أن الأصل فيها الصحة والإباحة"( ).
وبناء على ما سبق،فإن الشروط الواردة في العقد الإداري والتي ينبني عليها العقد الإداري،الأصل أنها شروط صحيحة ومشروعة،وبالتالي فالعقد الإداري يعتبر مشروعا.

المطلب الثالث
مشروعية العقد الإداري من العقل

يمكن الاستدلال بمشروعية العقد الإداري من العقل بالأمور التالية:
أولا:إن القول بعدم مشروعية العقد الإداري،إبطال لكثير من تعاملات الجهات الإدارية والتي يحتاجها الناس،وتضييق دون دليل وهذا يخالف القواعد العامة في الشريعة الإسلامية التي جاءت بالتيسير وليس التضييق.
ثانيا:تعتبر العقود الإدارية في هذا العصر من الأمور الحياتية التي يحتاجها الناس بشكل يومي سواء على مستوى الأفراد أو الشخصيات العامة،فمصالح الناس مرتبطة بهذه العقود الإدارية ارتباطا وثيقا،والقول بعدم شرعيتها يفضي إلى مفسدة،و الإسلام أمر بجلب المصالح ودرء المفاسد.
ثالثا:إن في منع إبرام العقد الإداري لعدم مشروعيتة،تحريم لشيء لم يحرمه الله عز وجل،والله تعالى عز وجل يقول { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ }( ) ،فالآية عامة في الأعيان والأفعال فإذا لم تكن حراما لم تكن فاسدة،لان الفساد إنما ينشأ من التحريم وإذا لم تكن فاسدة كانت صحيحة،وليس في الشرع ما يدل على تحريم جنس من العقود أو الشروط إلا ما ثبت تحريمه بعينه( )،فتبقى العقود الإدارية على الأصل وهو الإباحة،وبالتالي فهي مشروعة.


قال ابن القيم( ):"الخطأ الرابع اعتقادهم أن عقود المسلمين وشروطهم معاملاتهم كلها على البطلان حتى يقوم دليل على الصحة فإذا لم يقم عندهم دليل على صحة شرط أو عقد أو معاملة استصحبوا بطلانه فأفسدوا بذلك كثيرا من معاملات الناس وعقودهم وشروطهم بلا برهان من الله بناء على هذا الأصل وجمهور المسلمين على خلافه،وأن الأصل في العقود والشروط والصحة إلا ما أبطله الشارع أو نهى عنه وهذا القول هو الصحيح".
وابن القيم يرحمه الله يرد على من قال بأن الأصل في العقود والشروط فيها ونحو ذلك الحظر؛إلا ما ورد الشرع بإجازته فهم"لم يصححوا لا عقدا ولا شرطا إلا ما ثبت جوازه بنص أو إجماع وإذا لم يثبت جوازه أبطلوه" ( )وهؤلاء هم أصحاب المذهب الظاهري( ) فرأيهم يستلزم القول بعدم مشروعية إبرام العقود الإدارية.

المطلب الرابع
الرأي في التفرقة بين العقد الإداري وعقد الإدارة الخاصة
في الفقه الإسلامي

بعد أن استعرضت مشروعية العقد الإداري في الفقه الإسلامي،سأذكر إن شاء الله،في هذا المطلب الرأي في التفرقة بين العقد الإداري وعقد الإدارة الخاصة في الفقه الإسلامي والذي تأخذ به القوانين المعاصرة.
إن غرض النظم المعاصرة من التفرقة بين العقد الإداري وعقد الإدارة أمران هما:
أولاً:تحديد القضاء المختص بنظر المنازعات الناشئة عن العقد وذلك في الدول الآخذة بنظام ازدواج القضاء،ففي هذه الدول يختص القضاء الإداري بالفصل في منازعات العقود الإدارية أما عقد الإدارة فيختص بنظر المنازعات الناشئة عنه القضاء العام.
ثانياً:تحديد القانون الواجب التطبيق على هذا العقد فالعقد الإداري تطبق عليه قواعد القانون الإداري أما عقد الإدارة فتطبق عليه قواعد القانون الخاص.
وهذان الغرضان هما الغاية في التفرقة بين العقد الإداري وعقود الإدارة الخاصة، فعند انعدام أحدهما فإنه لا تكون هناك حاجة للتفرقة.
وسيكون الحديث في هذا المطلب عن الاختصاص القضائي، وعن القواعد المطبقة على دعوى العقد الإداري،حتى يتضح الرأي في التفرقة بين العقد الإداري وعقد الإدارة الخاصة في الفقه الإسلامي.

أولا:من حيث الاختصاص القضائي
ولي الأمر( ) في الفقه الإسلامي له صلاحية واسعة في تنظيم مرفق القضاء للمصلحة العامة من باب السياسة العامة والنظر في الأصلح لعموم الناس.
هذا الأمر ليس ثابتا في كل الأزمنة بل يختلف من عصر إلى عصر فما كان صالحا في وقت لا يصلح لوقت آخر.
فالفقه الإسلامي أعطى لولي الأمر الصلاحية الكاملة في إدارة الحكم وله سلطته التقديرية في ذلك لأن"سلطة ولي الأمر في الإسلام واسعة وتقديرية في كثير من الحالات"( )بشرط أن تقيد هذه السلطة بالمصلحة العامة.
وبالتالي فإن لولي الأمر إذا رأى أن من مصلحة الناس أن يكون هناك جهتان قضائيتان قضاء عامًّا وقضاء إداري يعهد إليه نظر المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية ويعهد إلى القضاء العام نظر المنازعات الناشئة عن عقود الإدارة الخاصة، فهذا أمر لا تثريب فيه وجائز في الفقه الإسلامي.
ثانيا:من حيث القواعد المطبقة على الدعوى
القضاء في الفقه الإسلامي يطبق أحكام الشريعة الإسلامية على سائر المنازعات الناشئة عن الخصومات فأي حكم صدر بالمخالفة لهذه القاعدة صار باطلا.
فأحكام الفقه الإسلامي فرقت بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة وراعت وغلبت جانب المصلحة العامة على جانب المصلحة الخاصة،استناداً إلى القاعـدة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:30 pm

الفقهية المصلحة العامة مقدمة" على المصلحة الخاصة"( )،لان المصلحة العامة هي الهدف الوحيد الذي تقوم به الإدارة وتسعى إلى تحقيقه.
فالقاعدة الفقهية نصت على أن :"تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة"( ).
ويترتب على ذلك أن الإمام أو الجهة الإدارية إذا لم يكن الهدف من تصرفهما المصلحة العامة فإن التصرف يرد لعدم وجود مصلحة.
وهذه المصلحة"تمثل.. الحدود التي يجب أن تقف عندها السلطة في ممارسة سلطاتها واختصاصاتها فيما لا نص فيه بحيث إن أي تجاوز عن تلك القيود والحدود انحرافا في استخدامها يجب أصلاحه وتقويمه فورا"( ).
أما إذا كانت تصرفات الإمام أو الجهة الإدارية متوافقة مع المصلحة العامة فإنها
لازمة يجب التقيد بها والعمل بموجبها( )،لأن المصلحة العامة كما نصت عليها القاعدة الفقهية :"مقدمة على المصلحة الخاصة" ( ).
وبناء على هذا فإن القاضي يراعي ذلك عند نظره للمنازعة فإذا صار العقد إداريًّا طبق عليه القواعد التي يرى إن فيه تغليبا للمصلحة العامة، فإذا وجد نص التزم به،أما إذا لم يجد نصا اجتهد بما يحقق المصلحة العامة.

أما إذا كان العقد عقدا من عقود الإدارة الخاصة، فإنه يطبق عليها القواعد التي تطبق على منازعات عقود الأفراد والأشخاص الخاصين.
وهنا تبرز أهمية أن يفرق القاضي عند نظرة لمنازعة عقدية طرفها الجهة الإدارية بين العقد الإداري وعقد الإدارة الخاصة.
"فنفاذ عمل الراعي على الرعية ولزومه عليهم شاءوا أم أبو متعلق ومتوقف على وجود الثمرة والمنفعة في ضمن تصرفاته؛دينية كانت أو دنيوية،فإن تضمن منفعة ما وجب عليهم تنفيذه وإلا رد لان الراعي ناظر،وتصرفه حينئذ متردد بين الضرر والعبث،وكلاهما ليس من النظر في شيء"( ).
"فقد ثبت بالأدلة القاطعة أن الشريعة الإسلامية وضعت لتحقيق مصالح العباد ولهذا فإن جميع الأعمال تكون صحيحة أو باطلة على حسب تضمنها المصلحة العامة للمسلمين من عدمه"( ).
قال القرافي في هذا الخصوص:"اعلم أن كل من ولي الخلافة فما دونها إلى الوصية لا يحل له أن يتصرف إلا بجلب مصلحة أو درء مفسدة لقولة تعالىSad {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }( ) ولقولة e:(من ولي أمر المسلمين شيئا فلم يحط من وراءهم بالنصيحة إلا أكبه الله في جهنم على وجهه) ( ) فيكون الأئمة والولاة

معزولين عن المفسدة الراجحة بضده ....ومقتضى هذه أن يكون الجميع معزولين عن المفسدة الراجحة والمصلحة الراجحة والمساوية وما لا مفسدة فيه ولا مصلحة ..." ( )،وقال في موضع آخر:"...وإنما يجب عليه-أي ولي الأمر-بذل الجهد فيما أصلح للمسلمين،فإذا فكر واستوعب فكرة وجوه المصالح ووجد بعد ذلك مصلحة هي أرجح للمسلمين وجب عليه فعلها وتحتمت،ويأثم بتركها"( )فالسلطة التقديرية لولي الأمر في اختيار أمر من الأمور يدخل في باب "الاجتهاد الاستصلاحي"( ) التي هي وضع الأحكام الشرعية للوقائع الحادثة مما ليس في ليس الكتاب والسنة بالرأي المبني على قاعدة الاستصلاح( ).
ويجب أن لا يفهم الحديث أن المقصود بتغليب المصلحة العامة مراعاة الإدارة على المتعاقد معها مطلقا بل أن القاضي ينظر إلى العقد مجردا عن الإدارة ودون أي ميول للإدارة فينظر في مدى تحقيق الإدارة للمصلحة العامة،وفي حديث استعارة النبي الأسلحة من صفوان بن أمية-السابق بيانه- دليل كاف على منع التعسف في استعمال الإدارة لحقها .
فالقاضي له منع الإدارة من التعسف إذا رأى انه تعسفت في استغلال سلطتها، فضلا على أن له مراقبة تصرفات الإدارة فبل إبرام العقد وأثنائه وبعده،من حيث كونها -أي الإدارة- مستندة في تصرفاتها على المصلحة العامة.

"وإذا لم يكن فقهاء المسلمون قد وضعوا نظرية عامة للانحراف في استعمال السلطة كما هو الحال في الفقه الوضعي المعاصر إلا أن ما قرره فقهاء الشريعة وعلماء الأصول من قواعد كلية،ومن كونها تستهدف العدل والحق وتقوم على مصالح العباد فإن ذلك يترتب عليه أن أي عمل من الأعمال لا يكون الهدف منه تحقيق المصلحة العامة لجماعة المسلمين فإن هذا العمل يعتبر انحرافا في استعمال السلطة فأحكام الإسلام جميعا تقوم على ضرورة تحقيق مقاصد الشريعة الأمر الذي يوجب على كافة السلطات العامة في الدولة الإسلامية السعي إلى تحقيق هذه الغاية"( ).
وبناء على ما سبق من أن الفقه الإسلامي لا يرى مانعا من تحديد قضاء مختص بنظر المنازعات الناشئة عن العقد الإداري،كما انه لا يرى مانعا من أن القاضي المسلم عند نظره لمنازعة عقدية الإدارة طرفا فيها مارست فيه سلطتها وغلبت المصلحة العامة على مصلحة المتعاقد معها فأنه يراعي تطبيق قواعد وأحكام فقهية على المنازعة تختلف عن تلك القواعد
والأحكام الفقهية التي يطبقها على العقد الذي لم تمارس فيه الإدارة هذه السلطة والمصلحة ونزلت منزل الأفراد في تعاقدها.
وبالتالي فإن تحديد قضاء مختص بمنازعات العقود الإدارية تحكم منازعاته بأحكام وقواعد خاصة يُغلَّب فيها جانب المصلحة العامة وتختلف عن القواعد والأحكام التي تحكم منازعات عقود الإدارة الخاصة، أمر جائز ومشروع في الفقه الإسلامي.

المبحث الثالث
مفهوم العقد الإداري في النظام السعودي

بعد أن استعرضت مفهوم العقد الإداري في القانون ومشروعيته من الفقه الإسلامي في هذا المبحث،سوف أتكلم إن شاء الله،عن مفهوم العقد الإداري في النظام السعودي وذلك بتعريف العقد الإداري في النظام السعودي،وفي بيان الدعاوى المنازعات العقدية التي يختص بنظرها ديوان المظالم وطبيعة نظر ديوان المظالم في دعاوى العقود التي طرفها الإدارة.

المبحث الثالث
مفهوم العقد الإداري في النظام السعودي

المطلب الأول:تعريف العقد الإداري في النظام السعودي.
المطلب الثاني:دعاوى المنازعات العقدية التي يختص بنظرها ديوان المظالم.
المطلب الثالث:طبيعة نظر ديوان المظالم في دعاوى العقود التي طرفها الإدارة.

المطلب الأول
تعريف العقد الإداري في النظام السعودي

لم يرد في الأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية تعريف محدد للعقد الإداري كما في بعض الأنظمة الأخرى،كما أن اصطلاح (العقود الإدارية) أو (العقد الإداري) لم يرد في أي من أنظمة المملكة العربية السعودية.
إلا أن نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 78في 19/9/1428هـ باعتباره هيئة القضاء الإداري بالمملكة العربية السعودية كما نصت على ذلك المادة الأولى بأنه:"ديوان المظالم هيئة قضاء إداري مستقلة، ترتبط مباشرة بالملك" عُهد إليه النظر والفصل في المنازعات العقدية فقد نصت المادة الثالثة عشرة على أنه:" تختص المحاكم الإدارية بالفصل فيما يلي:
د- الدعاوى المتعلقة بالعقود التي تكون جهة طرفاً فيها".
وقد عَرَّفَ ديوان المظالم في أحد أحكامه العقد الإداري بقوله:"العقد العام اتفاق تبرمه أحدى الجهات الإدارية،مع أحد الأفراد تتحدّد فيه حقوق، والتزامات كل من الطرفين وَفْقًا لأحكام النظام"( ).
وقال في حكم آخر إنه:"توافق أو ارتباط إرادتين أو أكثر بقصد تحقيق آثار نظامية قد تكون إنشاء التزامات أو نقلها أو إنهاءَها"( ).


أما عن تعريف العقد الإداري بصورة محددة فقد عَرَّفَ ديوان المظالم العقد الإداري بأنه:"الذي تكون الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة طرفا فيه بوصفها سلطة عامة وان يتعلق النزاع بمال مملوك للدولة" ( ).
فديوان المظالم حينما يُعرَّف العقد الذي يختص بنظر المنازعات الناشئة عنه يعَرَّفَه على أساس أن الإدارة طرف فيه بناء على أن المراد بالعقد الوارد في المادة(13/ج) "... هو العقد مطلقا، سواء كان عقدًا إداريًّا بالمعنى القانوني أم عقداً خاصاً، بما في ذلك عقود العمل"( ).
فديوان المظالم يختص بنظر كافة العقود التي تكون الإدارة طرفا فيها سواء كانت عقودا إدارية أم عقود إدارة خاصة.

المطلب الثاني
دعاوى المنازعات العقدية التي يختص بنظرها ديوان المظالم

في هذا المطلب سوف أبين،إن شاء الله،طبيعة المنازعات العقدية التي يختص بنظرها ديوان المظالم والمنازعات التي ليست من اختصاصه.
من خلال ما سبق ذكره من تعريف العقد الإداري في النظام السعودي فأن ديوان المظالم يختص بنظر كافة العقود التي طرفها جهة إدارية.
وفي ذلك يقول:"ولما كانت ولاية ديوان المظالم –الدائرة المعنية-والتي تعرض عليها الدعوى بموجبها توجب الفصل في الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن المتعلقة بالعقود التي تكون الحكومة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة طرفا فيها،كما هو نص المادة(8/1/د)من نظام ديوان المظالم( )، فإنه والحال ما ذكر لا محل لما انتهت إليه الدائرة من قرارها من التوجه على نحو ما أشير إليه آنفا وكان لزاما عليها أن تفصل في الدعوى بما ينتهي إليه اجتهادها طبقا للقواعد والمبادئ القضائية التي سار عليها قضاء الديوان" ( ).
فديوان المظالم يختص بجميع المنازعات العقدية التي طرفها جهة الإدارة فاختصاصه يشمل كافة منازعات العقود الإدارية ومنازعات عقود الإدارة الخاصة.

فهو يختص بنظر عقود الإيجار مع أن المستقر عليه في القانون الإداري أن الجهة الإدارية إذا استأجرت عقارا فإن هذا العقد يعتبر عقدا خاصا ما لم يتضمن شروطا استثنائية وهذا نادر عملا( ).
إلا إن ديوان المظالم يعتبر مختصا بنظر عقود الإيجار التي تبرمها الجهة الإدارية،فقد قضى في حكم صادر منه :"بعدم أحقية الجهة الإدارية (الرئاسة العامة لتعليم البنات) في تخفيض الإيجار المنصوص عليه في عقد الإيجار، المبرم بينها و بين المدعي لاستئجار داره الكائنة بمدينة بريدة، لتكون مقرا للمدرسة الابتدائية الرابعة والعشرون ببريدة بالقصيم، لعدم تقديمها ما يفيد موافقة المدعي على التخفيض الذي تطالب بإجرائه، فإنها بذلك تلتزم في مواجهته بالقيمة الإيجارية التي نص عليها العقد ويتعين الحكم له بذلك"( ).
وقد حدد ديوان المظالم مقصود العقد الذي يختص بنظر المنازعات الناشئة عنه فقال:"العقد الإداري الذي يختص الديوان بنظر المنازعة المتعلقة به هو العقد الذي تكون الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة طرفا فيه بوصفها سلطة عامة وأن يتعلق النزاع بمال مملوك للدولة" ( ).
إلا أن الاختصاص الولائي لديوان المظالم بنظر كافة العقود التي تكون الإدارة طرفا فيها ليس على أطلاقه.

فالمتتبع لأحكامه يجد جملة من الأحكام الني تخرج بعض العقود التي تكون الإدارة طرفا فيها عن اختصاصه ويمكن من خلال تتبع أحكام الديوان إن نرجعها إلى طائفتين
الأولى:عقود العمل
هذه الطائفة نصت المادة(5) من نظام العمل والعمال الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/51وتاريخ 23/8/1426هـ نصت على أن أحكام النظام تسري على أن:"1-.......
2-عمال الحكومة والمؤسسات العامة...".
فهذه المادة"وردت بعبارة صريحة على شمول وسريان أحكام نظام العمل والعمال على جميع عقود عمال الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة وتكون قد خصصت العموم الوارد في المادة (1/8/د) من نظام الديوان( )،حيث قصرت عموم المادة على عقود العمل التي تبرمها الحكومة أو احد الجهات العامة،وهذا التخصيص لهذا العموم مبني على القاعدة الأصولية في انه إذا ورد لفظ عام ولفظ خاص قُدِّمَ الخاص مطلقا،سواء كان اللفظ الخاص مقترنًا بالعام أو مقدمًا أو متأخرًا عنه...."( ).
والديوان يؤسس عدم اختصاصه بدعاوى عقود عمال الحكومة والمؤسسات العامة على اعتبار أن لولي الأمر في الفقه الإسلامي الصلاحية الكاملة بتوزيع الاختصاصات القضائية لكونه صاحب الولاية العامة.


فيقول:"ولما كان ولي الأمر صاحب الولاية العامة بإنابة غيره بتوزيع الاختصاص في نظر المنازعات بين الجهات المختصة للفصل فيها عن طريق الأنظمة؛لأن ذلك جميعه إلى الإمام وله الاستنابة في الكل وفي البعض،فتكون له الاستنابة في البعض، فإن من ملك في الكل ملك في البعض..."وفي حالة إذا ما عهد ولي الأمر الاختصاص لجهة معينة فليس لغيرها من الجهات نظر هذه الدعاوى،فولايتها لاتنعقد إلا بما وليت عليه وإن نظرت دعوى ليست مختصة بنظرها فإن حكمها يعتبر غير صحيح.
قال الماوردي"وإن كانت ولايته –أي القاضي- خاصة فهي منعقدة على خصوصها ومقصورة النظر على ما تضمنته،كمن قلد القضاء في الديون دون المناكح،أو مقدرة بنصاب فيصح هذا التقليد ولا يصح للمولى أن يتعداه"وحيث إن النظام نص على خروج دعاوى منازعات عقود العمل المبرمة مع الجهات الإدارية عن اختصاص ديوان المظالم ولائيا،فإن هذه الدعوى تخرج عن عداد القضايا التي يختص الديوان بنظرها" ( ).
وعدم اختصاص الديوان بدعاوى عقود عمال الحكومة والمؤسسات العامة يعتبر من الأمور المستقرة في قضاء الديوان.
فقد جاء في حكم صادر من الديوان :"..أن المدعي يطالب بتصفية حقوقه حينما كان معينا على بند الأجور،وأن الإدارة المدعى عليها تدفع بأنه لم يتقدم بطلب لتصفية تلك الحقوق مما جعله يدخل تحت منطوق المادة 13 من نظام العمل والعمال .....وحيث يتعين البحث عن مدى اختصاص ديوان المظالم كجهة قضاء إداري بنظر هذه المنازعة وأن الثابت إنها منازعة عمالية ...مما تخلص معه

الدائرة إلى عدم اختصاص الديوان بنظر الدعوى،ومن ثم عدم التعرض للبحث في موضوعها" ( ).
الطائفة الثانية:الشركات التي تملكها الحكومة
هذه الطائفة تشمل الشركات المملوكة بالكامل للدولة أو التي تساهم فيها الحكومة بنسبة معينة.
من هذه الشركات شركة (أرامكو) فهي شركة تملكها الحكومة كاملة،فالمادة الأولى من نظام شركة (أرامكو) الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/8وتاريخ 4/4/1409هـ نصت على:"تؤسس بموجب هذا النظام شركة عربية سعودية تملكها الحكومة السعودية وتكون لها شخصية معنوية وذمة مالية وتتمتع بالأهلية الكاملة لتحقيق أغرضها".
وقد استقر قضاء ديوان المظالم على اعتبار العقود التي تبرمها شركة أرامكو ليست من اختصاص الديوان.
وفي هذا الصدد تقول هيئة التدقيق في قضية أقيمت ضد شركة أرامكو بخصوص عقد نقل:"وحيث إن البين من استقراء العقد موضوع الدعوى،وهو عقد نقل إنما هو من العقود الخاصة،وأن الشركة المدعى عليها ليست كما سلف القول من الأشخاص المعنوية العامة،فمن ثم فإن العقد موضوع الدعوى قد تخلف في شأنه لكي يعتبر عقدا إداريًّا شرط أن يكون أحد طرفيه من الأشخاص المعنوية العامة وَفْقًا لما نصت عليه المادة(8/1/د)من نظام الديوان ..." ( ).

كما ورد في حكم آخر:"إن شركة (أرامكو)هي شركة ذات شخصية اعتبارية خاصة وأن ديوان المظالم يختص بنظر الدعاوى المقامة ضد الحكومة والمؤسسات العامة طبقا لنص المادة(8/1/د)من نظام الديوان، ومن ثم فإن الدعوى الماثلة ليست مقامة ضد أي جهة حكومية أو مؤسسة عامة،وبالتالي تخرج عن اختصاص الديوان" ( ).
وأرى أن ما استقر عليه قضاء الديوان بخصوص عدم اختصاصه بنظر المنازعات العقدية الناشئة عن العقود التي تبرمها شركة تملكها الدولة محل نظر وذلك:
أولا:إن كون هذه الشركة شخصية خاصة،إلا أنها خاضعة للدولة في جميع أمورها باعتبارها من ملكيتها الخاصة شأنها شان الدومين الخاص للجهات الإدارية،فإبرام عقد من قبل جهة إدارية بخصوص الدومين الخاص يعتبر عقدا من
عقود الإدارة في القوانين المعاصرة يختص بنظره القضاء الخاص،أما في النظام السعودي فإن ديوان المظالم لما كان يشمل اختصاصه كلا العقدين فإن العقود الخاصة بشركة أرامكو تكون من اختصاص ديوان المظالم على أنها عقد إدارة.
ثانيا:إن شركة أرامكو من الشركات الهامة،والتي تدير مرفقا اقتصاديا عاما من مرافق الدولة ويمثل هذا المرفق المورد الأول من مواردها فانعقاد الاختصاص للقضاء الإداري من الأهمية بمكان،لتطبيقه قواعد تلائم الدعاوى المتعلقة بعقودها.
ثالثا:إن نظر القضاء العام في المملكة العربية السعودية للدعاوى المتعلقة بالمنازعات العقدية للشركة أرامكو يحتاج إلى أذن خاص من المقام السامي.


فقد نص الأمر السامي رقم 1202/م وتاريخ 7/6/1410هـ إلاَّ تنظر المحاكم في الدعاوى التي تقام على شركة أرامكو السعودية إلا بعد استئذان المقام السامي لكونها مملوكة للحكومة،فلو كان الاختصاص للمحاكم ابتدأ لما اُشْتُرِطَ هذا الشرط فضلا عن الخصوصية التي لشركة أرامكو.
لذا أرى أن منازعات عقود شركة أرامكو داخلة ضمن اختصاص ديوان المظالم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:32 pm


المطلب الثالث
طبيعة نظر ديوان المظالم في دعاوى العقود التي طرفها الإدارة

في هذا المطلب سوف نتعَرَّفَ على الطبيعة التي يسلكها ديوان المظالم عند النظر والفصل في المنازعات العقدية.
بحمد الله القضاء في المملكة العربية السعودية يأخذ بأحكام الشرع المطهر في الفصل في المنازعات التي تعرض عليه استنادا إلى أحكام الشرع وأحكام النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90وتاريخ 27/8/1412هـ الذي نص على أن المملكة العربية السعودية تقوم على أساس من الكتاب والسنة فقال في المادة الأولى:" المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة دينها الإسلام ودستورها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم"،ونص أيضا على أن لا سلطان على القضاء إلا سلطان الشريعة الإسلامية فنص في المادة السادسة والأربعين على أن :"القضاء سلطة مستقلة ،ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية"،كما اوجب على القضاء إلا يحكم إلا بما نص عليه كتاب الله وسنة نبيه وما يصدره ولي الأمر من أنظمة فنص في المادة الثامنة والأربعين على:"تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وَفْقًا لما دل عليه الكتاب والسنة وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة"،وكذلك اوجب نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/78 وتاريخ 19/9/1428هـ على القضاة ذلك،فنص على أن:"القضاة مستقلون ،لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية".


وديوان المظالم يسير في أحكامه على نهج من كتاب الله وسنة نبيه ووَفْقًا للأنظمة الصادرة من الملك،ولا يحيد عنها،فيطبق هذه الأحكام على المنازعات التي تعرض عليه،وهو في ذلك لا يختلف عن القضاء العام في النظام السعودي.
إلا انه عند نظره للمنازعات العقود الإدارية يراعى المصلحة العامة ويقدمها على المصلحة الخاصة ويفصل بها باعتباره قاضيا إداريًّا وليس قاضيا عاما.
وفي هذا الصدد يقول ديوان المظالم:"إن ديوان المظالم حين يتصدى للفصل في المنازعات التي تثور بين جهات الإدارة المختلفة والأفراد ومنها منازعات العقود الإدارية كما هو الحال في الخصومة المعروضة أنما يفصل بها ليس باعتباره قاضيا عاديا وإنما باعتباره قاضيا إداريًّا مهمته الفصل فيما ينشأ من منازعات إدارية بين الإدارة والأفراد"( ).
فمراعاة المصلحة العامة هي معيار اختلاف نظر ديوان المظالم في المنازعات التي تعرض عليه عن نظر القضاء العام.
فديوان المظالم عند نظرة للمنازعات العقدية يراعي اعتبارات المصلحة العامة من حيث إعمالها واعتبارها مقدمة على المصلحة الخاصة وعلى ضوء ذلك يطبق القواعد المناسبة على المنازعة المعروضة أمامه.
فجاء في حكم صادر عنه:"...أن العقود الإدارية تتميز عن العقود المدنية بطابع خاص مناطه احتياجات المرفق العام الذي يستهدف العقد تسييره وتغليب المصلحة العامة على مصلحة الأفراد..." ( )،وفي حكم آخر يقول:".. إن جهة الإدارة تتمتع


في العقد الإداري بسلطات لا مثيل لها في العقود التي تعقد بين الأفراد،وذلك استنادا إلى مقتضيات المصلحة العامة،وحسن سير المرافق العامة التي تتصل بها العقود الإدارية"( ).
وجاء في حكم آخر:"...ولقد كان من شأن هذا الإخلال الإضرار بالمصلحة العامة لما ترتب عليه تعطيل المستشفى-وهو يقوم على مرفق عام من مرافق الدولة الحيوية والمهمة والمتصلة بعلاج المرضى –عن تأدية خدماته بالكفاءة المطلوبة لجمهور المرضى والمتطلعين للعلاج وبالتالي الإخلال بحسن سير هذا المرفق بانتظام واطراد طوال مدة التأخير.." ( ).
ففي حكم صادر من الديوان بخصوص ما ثار من نزاع بين مدعية ومصفاة بترومين بنقل عمالها من سكنهم إلى مقر عملهم وبالعكس حيث ذكر:"...ومن حيث الثابت من عقد العملية أن العقد إداري؛أحد أطرافه المؤسسة العامة للبترول والمعادن؛لأنه مشار بالعقد أن المصفاة أحدى مشاريع المؤسسة العامة للبترول" فهذا العقد حقيقته أنه عقد خاص لعدم اشتماله على شرط استثنائية،إلا إن الديوان اعمل مبادئ القضاء الإداري فيه فقال:"نظرا لكون مصفاة بترومين من المنشآت الهامة التي تسمح بتقصير المقاول أكثر من(24) ساعة نظرا لحساسية أعمال تكرير البترول وأن نقل منسوبي المصفاة يعد من أهم الأعمال في تسيـير

هذا المشروع فلابد من سرعة تدارك الوضع وإسناد العملية إلى غيره في حالة ثبوت تقصيره" ( ).
إلا إن تقديم المصلحة العامة التي يقدمها الديوان على المصلحة الخاصة لا تعني إغفال وإهمال المصلحة الخاصة أو الإضرار بها،فهو يسعى في أحكامه إلى التوفيق بين المصلحتين فقال:"... إن النظام منح جهة الإدارة سلطة تغيير وتعديل مواصفات المشروع تحقيقا للصالح العام ولما فيه صالح المشروع والمنفعة العامة بما لا ضرر فيه على الطرف الثاني" ( ).
وجاء في حكم آخر:"..ومن هنا فإن الديوان أراد بهذا القضاء أن يوفق بين اعتبارات المصلحة ومتطلبات حسن الإدارة من ضرورة ضمان سير المرفق العام الذي تقوم عليه الوزارة المدعى عليها بانتظام واطراد دون توقف لسد الحاجات العامة التي يؤديها وبين رعاية المصلحة الخاصة للمدعي" ( ).
وديوان المظالم يراعي عند نظره للمنازعات العقدية تطبيق المبادئ والقواعد المقررة في القانون والقضاء الإداري.
فيقول في أحد أحكامه:"...حرصا على حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد وهي القاعدة الأصولية والمبدأ الأساسي الذي منه تستمد كل قواعــد النظـم

الإدارية،ومنها نظام المناقصات والمزايدات ونظام تأمين مشتريات الحكومة وكل نظريات الفقه والقضاء الإداري" ( ).
ويقول أيضا في حكم آخر:"..وذلك لأن طبيعة العقود الإدارية وأهدافها و قيامها على فكرة استمرار المرافق العامة، تفترض مقدما حدوث تغيير في ظروف العقد و ملابساته.." ( )
فالديوان يقرر مبدأ من المبادئ المستقرة في القانون والقضاء الإداري وهو سير المرافق العامة بانتظام وطراد.
كما ذكر حكما آخر من أحكام العقود الإدارية في القانون الإداري وهو ركن استخدام الإدارة سلطتها في تعديل العقد.
فيقول في أحد أحكامه مقررا ذلك إن:"العقد يعد عقدا إداريًّا إذا استهدفت الإدارة به تسيير مرفق التعليم،وأنها لذلك تتمتع بسلطة تعديل العقد بإدارتها المنفردة.."( ).
ويقول أيضا أن:"حق الإدارة في تعديل العقد على أساس أن المختص بإصدار القواعد المنظمة لناحية من نواحي النشاط الإداري يختص في الوقت ذاته بتعديل تلك القواعد بغير نص يخوله هذا الحق"( )
كما أنه يأخذ بإعمال فكرة الشروط غير المألوفة في العقود الإدارية. فيقول:"...ومن حيث إن هذه بصفة عامة هي أحكام غرامة التأخير في العقـود

الإدارية مؤسسة على قاعدة أصلية في النظام الإداري هي ضرورة استمرار المرافق العامة بانتظام واطراد مما اقتضى إيجاد وسائل تخالف وسائل الأفراد في عقودهم،
منها غرامة التأخير والتنفيذ على الحساب بهدف حث المتعاقد مع الإدارة على تنفيذ التزامه في موعده" ( ).
ديوان المظالم وهو يؤسس أحكامه على هدى من الشرع المطهر وينطلق من أرضية شرعية يبني عليها أحكامه منها،فإنه لا يستنكف من الأخذ والاستفادة من مبادئ القضاء الإداري في الدول الأخرى إعمالا لحديث النبيe:(الكلمة الحكمة ضالة المؤمن،فحيث وجدها فهو أحق بها)( ).
فيقول في أحد أحكامه:"لا محاجة أيضا في أن من أسباب الاجتهاد الاستهداء بالحلول والمبادئ المقررة في أنظمة القضاء الإداري في البلاد الأخرى،التي أخذت بهذا النظام وأولها نظام القضاء الفرنسي ثم أخذ نظام القضاء الإداري المصري ومن قبله بلجيكا ونقلته أيضا اليونان وتركيا ولبنان ....لا غرابة والحال كذلك –عند غياب النص النظامي- من الاستهداء بالحلول المتبعة في أنظمة القضاء الإداري الأخرى...فلا محيص،والحال كذلك،من الاجتهاد ...ومنه الاستهداء بالحلول المتبعة في نظام قضاء إداري آخر" ( ).


الفصل الثاني
تعريف التحكيم ومشروعيته والنظم التي تشابهه
في الفقه الإسلامي والقانون والنظام السعودي

الفصل الثاني
تعريف التحكيم ومشروعيته والنظم التي تشابهه
في الفقه الإسلامي والقانون والنظام السعودي

بعد أن ذكرت مفهوم العقد الإداري،أود إن أوضح في هذا الفصل مفهوم التحكيم بشكل عام،وذلك حتى يكون مدخلا لفهم موضوع البحث الأصلي حتى يكون توطئة أخرى لفهم موضوع البحث.
وسوف يكون البحث،إن شاء الله في هذا الفصل في تعريف التحكيم في اللغة والاصطلاح،وبيان مشروعية التحكيم في الفقه الإسلامي، وعن أوجه التشابه والاختلاف بين التحكيم وغيره من النظم المشابهة له،وبيان أنواعه.

الفصل الثاني
تعريف التحكيم ومشروعيته والنظم التي تشابهه
في الفقه الإسلامي والقانون والنظام السعودي

المبحث الأول: تعريف التحكيم في اللغة والاصطلاح.
المبحث الثاني:مشروعية التحكيم في الفقه الإسلامي.
المبحث الثالث:أوجه التشابه والاختلاف بين التحكيم والنظم المشابهة له.
المبحث الرابع:أنواع التحكيم في العقود الإدارية.

المبحث الأول
تعريف التحكيم في اللغة والاصطلاح

سوف أتحدث في هذا المبحث عن تعريف التحكيم من الناحية اللغوية، وعن تعريف التحكيم من الناحية الاصطلاحية في الفقه الإسلامي،وفي القانون،وفي النظام السعودي.

المبحث الأول
تعريف التحكيم في اللغة والاصطلاح

المطلب الأول: تعريف التحكيم في اللغة.
المطلب الثاني: تعريف التحكيم في الاصطلاح.

المطلب الأول
تعريف التحكيم في اللغة

التحكيم في اللغة مصدر حكّم،فالحاء والكاف والميم أصل وأحد ،وهو المنع؛يقال حكم فلان في كذا إذا جعل أمره إليه( ).
ومن معاني التحكيم التفويض في الحكم، فهو مأخوذ من حكم ،وأحكم،فاستحكم، أي صار محكما في ماله"تحكيما"،إذا جعل إليه الحكم فيه، فاحتكم علي ذلك( ).
قال ابن منظور:"حكموه بينهم أي:أمروه أن يحكم بينهم، ويقال حكمنا فلان فيما بيننا أي اجزنا حكمه بيننا" ( ).
فالتحكيم في اللغة هو التفويض؛أي جعل الأمر إلى الغير ليحكم ويفصل فيه.
المطلب الثاني
تعريف التحكيم في الاصطلاح

بعد أن ذكرت المعنى اللغوي للتحكيم سوف أبين في هذا المطلب المعنى الاصطلاحي له في الفقه الإسلامي وفي القانون وفي النظام السعودي،و من ثمَّ فسوف يحتوي هذا المطلب الفروع الآتية:
الفرع الأول: تعريف التحكيم في الفقه الإسلامي.
الفرع الثاني: تعريف التحكيم في القانون.
الفرع الثالث:تعريف التحكيم في النظام السعودي.

الفرع الأول
تعريف التحكيم في الفقه الإسلامي
في هذا الفرع سأتحدث عن تعريف التحكيم في الفقه الإسلامي، ثم أقوم بدراسة هذا التعريف.
أولا:تعريف التحكيم في الفقه الإسلامي
عَرَّفَ فقهاء المذاهب الأربعة التحكيم بصياغات مختلفة تؤدي جميعها لمعنى واحد،والمتأمل في تعاريفهم يجدها موافقة للمعنى اللغوي للتحكيم.
فعَرَّفَ علماء الحنفية التحكيم بأنه:تولية الخصمين حاكماً يحكم بينهما( ).
كما عَرَّفَه علماء المالكية بأنه:تولية الخصمين حكماً يرتضيانه ليحكم بينهما( ).
أما علماء الشافعية فقد عَرَّفَوا التحكيم بأنه:تولية خصمين حكماً صالحاً للقضاء ليحكم بينهما( ).
وعَرَّفَ علماء الحنابلة التحكيم بأنه:تولية شخصين حكماً صالحاً للقضاء يرتضيانه للحُكم بينهما( ).
ومن التعاريف المعاصرة تعريف مجلة الأحكام العدلية في المادة (1790) بنصها الآتي:"التحكيم هو عبارة عن اتخاذ الخصمين حاكما برضاهما لفصل خصومتهما
ودعواهما؛ولذلك يقال حكم بفتحتين،ومحكم بضم الميم وفتح الحاء وتشديد الكاف المفتوحة" ( ).
وجاء في مجلة الأحكام الشرعية في المادة (2091) أن التحكيم :"أن يحكم الخصمان رجلا يرتضيانه ليحكم بينهما،فينفذ حكمه في كل ما ينفذ فيه حكم القاضي" ( ).
ومن تعاريف التحكيم لدى بعض الفقهاء المعاصرين أنه :"عقد بين طرفين متنازعين،يجعلان فيه برضاهما شخصاً آخر حكماً بينهما،لفصل خصومتهما" ( )،
ومنهم من عَرَّفَه بقوله: "أن يحكم المتخاصمان شخصا آخر لفض النزاع القائم بينهما على هدى حكم الشرع" ( ).
ثانيا:دراسة تحليله لتعريف التحكيم في الفقه الإسلامي
عند دراسة التعاريف السابقة للتحكيم نلاحظ الآتي:-
أولا:أن التحكيم يتم بإرادة من الطرفين المتنازعين؛ فليس لغيرهما أن يفرض عليهما اللجوء إلى التحكيم.
ثانيا:التحكيم عبارة عن اتفاق بين المتخاصمين؛ أي أنه عقد يسري عليه ما يسري على العقود.
ثالثا:أن من يتولى الفصل في المنازعة طرف أجنبي عن المتنازعين هو المحكم وله ولاية خاصة على المتنازعين، وأن حكمه له ذات القوة التي لحكم القاضي ما لم يخالف الشرع المطهر.
رابعا:أن التحكيم حسم نزاع بين طرفين بغير طريق القضاء.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:33 pm

الفرع الثاني
تعريف التحكيم في القانون
في هذا الفرع سيكون الحديث عن تعريف التحكيم في القانون وذلك لدى فقهاء القانون وفي بعض النصوص القانونية المعاصرة.


أولا:تعريف التحكيم عند فقهاء القانون
عَرَّفَ فقهاء القانون التحكيم بعدة تعاريف اختلفت عباراتها وتوحد معناها بأنه: اتفاق وطريقة وأسلوب لفض المنازعات التي نشأت أو ستنشأ بين أطراف في نزاع معين عن طريق أفراد عاديين يتم اختيارهم بإرادة أطراف المنازعة للفصل فيها بدلا من فصلها عن طريق القضاء المختص( ).
ثانيا:تعريف التحكيم في بعض النصوص القانونية
أما في النصوص القانونية فالمادة العاشرة من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994م المنشور في الجريدة الرسمية العدد 16 في 21/4/1994م نصت على أن التحكيم :"1-...اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية.
2-ويجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقاً على قيام النزاع سواء قام مستقلا بذاته أو ورد في عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التي تنشأ بين الطرفـــين


....كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية...".
وقد عَرَّفَ القانون الفرنسي التحكيم في قانون المرافعات في المادة(1442) بأنه: "اتفاق يتعهد بمقتضاه الأطراف في عقد معين من العقود بإخضاع المنازعات التي يمكن أن تنشأ بينهم في المستقبل للتحكيم" وجاء في المادة(1447) على أنه "اتفاق الأطراف على إخضاع منازعة نشأت بينهم بالفعل لتحكيم شخص أو أكثر" .
أما القانون الهولندي فقد نص في المادة 1020 من قانون التحكيم على أنه : "اتفاق الأطراف على إحالة المنازعات التي تنشأ أو قد تنشأ مستقبلاً نتيجة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية إلى التحكيم".

ثالثا:تعريف التحكيم من بعض أحكام القضاء
أما عن تعريف القضاء للتحكيم،فقد عَرَّفَت محكمة النقض المصرية التحكيم بأنه:"طريق استثنائي لفض الخصومات،قوامه الخروج عن طريق التقاضي العادية
وما تكفله من ضمانات ومن ثم فهو مقصور حتما على ما تنصرف إرادة المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم" ( ).
كما عَرَّفَ القضاء الفرنسي التحكيم بأنه:"اللجوء إلى أطراف محكمين ليسوا قضاة،لفض نزاع ما بعيداً عن سلطة القضاء بحيث لا يلجأ إلا فيما يراه المحكمون


لازماً لذلك" ( ).
مما سبق من تعاريف للتحكيم فان التحكيم هو اتفاق بين متنازعين على فض النزاع الذي بينهما عن طريق غير القضاء من قبل محكم أو هيئة تحكيم يختاره الطرفان،فهذا التعريف لا يختلف عن مفهوم التحكيم في الفقه الإسلامي.


الفرع الثالث
تعريف التحكيم في النظام السعودي

لم يُعَرَّفَ النظام السعودي التحكيم كما ورد في بعض القوانين المعاصرة ،وإنما عَرَّفَ اتفاق التحكيم، حيث نصت المادة الأولى من نظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/46 في 12/7/1403هـ والمنشور في جريدة أم القرى في العدد 2969في 22/8/1403هـ على أنه:"يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين قائم، كما يجوز الاتفاق مسبقا على التحكيم في أي نزاع يقوم نتيجة لتنفيذ عقد معين".
والظاهر أن النظام السعودي لم يُعَرَّفَ التحكيم ،لأنه أخذ بالرأي القائل إن وضع التعاريف من مهمة الشُرَّاح وليس النظام، والسبب كما جاء في تنقيح القانون المدني المصري (122) "حتى يتجنب التعريفات بقدر الإمكان فيما لا ضرورة لتعريفه"؛أو لأنها مسألة علمية مكانها الفقه القانوني الذي يتولى تأصيـل عمـل


المنظم وصياغة النظريات الفقهية،كما أن التعريفات مهما بذل في صياغتها من دقة وعناية لا تستعصي من النقد ( ).















المبحث الثاني
مشروعية التحكيم في الفقه الإسلامي

في هذا المبحث سوف أذكر،إن شاء الله،أقوال العلماء وخلافهم في مشروعية التحكيم في الفقه الإسلامي،ثم بعد ذلك أقوم بالترجيح بين أقوالهم.

أولا:أقوال العلماء في مشروعية التحكيم في الفقه الإسلامي
اختلف الفقهاء في مشروعية التحكيم على ثلاثة أقوال.
القول الأول:التحكيم مشروع بالجملة،وجائز بغض النظر عن وجود قاضٍ في البلد أو لا.وهذا القول قال به الحنفية( ) والمالكية( )

وقال به أيضا الشافعية( ) والحنابلة( ).
واستدلوا على ذلك بالكتاب ،والسنة ،والإجماع،ومن المعقول.
الدليل الأول: من القرآن الكريم
الآية الأولى:قول الله عز وجل:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً }( ).
وجه الاستدلال:
تدل الآية على جواز ومشروعية التحكيم بين الزوجين في حال الشقاق والمنازعة،وهذه حالة قد تستلزم أن ينظر فيها القضاء ليفصل فيها،باعتبار أن

الفصل في المنازعات والخصومات يكون عن طريق القضاء،فللزوجين إن أرادا أن ينظر في نزاعهما غير القضاء وذلك عن طريق التحكيم فإن ذلك جائز ومشروع بنص الآية صراحة،مما يعطي المتنازعين في الخصومات الأخرى فرصة اللجوء إلى التحكيم( ).
وقد استدل بهذه الآية على مشروعية التحكيم في غير شقاق الزوجين الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عند رده على الخوارج في إنكارهم للتحكيم
في صفين حيث قال رضي الله عنهبعد تلاوته للآية:"فجعل الله حكم الرجال سنة مأمونة"( ).


الآية الثانية:قوله تعالى:{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }( ).
وجه الاستدلال:
هذا أمر من الله عز وجل لمن يحكم بين الناس أن يحكم بالعدل وهذا الحكم يشمل الولاية العامة والقضاء، ومن الحكم بين الناس التحكيم بين المتخاصمين من قبل شخص في قضية خاصة( ).
الدليل الثاني: من السنة النبوية
روى شريح بن هانئ عن أبيه هانئ انه لما وفد إلى رسول الله e سمعهم يكنونه بابي الحكم فدعاه رسول الله e فقال له :"إن الله هو الحكم فلم تكنى أبا الحكم؟"فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا
الفريقين،فقال رسول الله e :"ما أحسن هذا ، .." ( )الحديث.
وجه الاستدلال:
أن الصحابي الجليل، رضي الله عنه، عُرفَ واشتهر بين قومه بالتحكيم في الدعاوى و المنازعات والخصومات الناشئة بينهم،وكانوا يقبلون بإحكامه التي يصدرها، والرسول e بعد علمه ومعرفته لحاله أقره وأيده على التحكيم الذي يقوم به، وهذا الإقرار الصريح منه e يدل على أن التحكيم في الدعاوى والمنازعات والخصومات الناشئة بين الأطراف أمر جائز ومشروع وحسن.

الدليل الثالث:الإجماع
حكى بعض أهل العلم( )أن الإجماع منعقد على مشروعية التحكيم.
قال السرخسي في المبسوط:"والصحابة مجمعون على جواز التحكيم"( )،وقال الرملي:"وقع-أي التحكيم – لجمع من الصحابة ولم يُنْكَرْ فكان إجماعا"( )،وقال النووي:"فيه( )جواز التحكيم في أمور المسلمين وفي مهماتهم العظام ،وقـــد
اجمع العلماء عليه" ( )،وقال في العناية على الهداية :"الصحابة مجمعون على جواز التحكيم" ( ).

الدليل الرابع:من المعقول
استدل أصحاب هذا القول بالأدلة العقلية على مشروعية التحكيم وهي:
أولاً:التحكيم فيه توسعة للناس في فصل المنازعات بواسطة محكميهم" لبساطة


إجراءاته ..... وقصر وقته ورغبة في الابتعاد عن الخصومة واللدّد فيها" ( )بعيداً عن الإجراءات القضائية وحضور مجالس القضاء،كما أن فيه توسعة وتخفيفًا على القضاة حيث ينظر في الخصومة محكمون متفرغون لنظرها،بخلاف القضاة فإنهم ينظرون عدد من القضايا( ).
ثانيا:إذا كان الخصمان اللذان يختاران التحكيم لهما ولاية على أنفسهما،فبالتالي يجوز لهما تعيين من يحكم بينهما في منازعتهما أو ما ينشأ بينهما من منازعة؛لأن التحكيم ولاية تستفاد من آحاد الناس( ).
ثالثا:إذا كان الخصمان يجوز لهما أن يستفتيا في قضيتهما فقيها يعملان بفتواه فكذلك تحكيهما لغيرهما في منازعتهما جائز( ).

القول الثاني للفقهاء حول مشروعية التحكيم:
أنَّ التحكيم جائز ومشروع، بشرط عدم وجود قاضٍ في البلد،وهذا قول للشافعية.

وعللوا قولهم:
بأنه إذا لم يكن قاضٍ في البلد فلحال ضرورة قطع النزاعات فإنه يُلْجَأُ إلى التحكيم ، أما إذا وجد قاضي فإن التحكيم لا يجوز لعدم وجود ضرورة( ).

القول الثالث:التحكيم غير جائز مطلقا.
وهذا قول للشافعية( )،وقال به ابن حزم ( ).
وعللوا قولهم:
بأن وجود محكم أو محكمين لفض الخصومات إفتيات على الإمام ونوابه( )، وقد أفتى بعض الحنفية بمنع التحكيم لكيلا يتجاسر العوام على تحكيم أمثالهم بغير مـا
شرع الله من الأحكام،وفي ذلك مفسدة عظيمة( )،ومن المالكية من لم يجزه ابتداء( ).



ثانيا: الترجيح بين أقوال العلماء في مشروعية التحكيم في الفقه الإسلامي
الراجح والله أعلم من الأقوال السابقة القول الأول؛وذلك للاعتبارات الآتية:
أولاً:استناده على النصوص الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع على جوازه ومشروعيته.
ثانيا:أن القول الثاني يتعارض مع حديث أبى شريح حيث إن النبيe أقره على التحكيم مع وجوده e ومع وجود قضاة أيضًا،ولو كان التحكيم لا يجوز إلا إذا
لم يوجد قاضٍ لما أقره على التحكيم ولبينه e.
ثالثا:أن القول بعدم جواز التحكيم فضلا عن معارضته النصوص الشرعية تضييق لحال الناس،ويتعارض مع سماحة الإسلام ويسره.













المبحث الثالث
أوجه التشابه والاختلاف بين التحكيم والنظم المشابهة له

بعد أن عرَّفَت التحكيم في اللغة وفي الفقه الإسلامي والقانون والنظام السعودي،سيكون الحديث في هذا المبحث،إن شاء الله،عن أوجه التشابه والاختلاف التي تكون بين التحكيم وما يشابهه من النظم،والتي تدور معه في فلك إنهاء الخصومات والمنازعات.
وهذه الوسائل كثيرة منها القضاء وهو أشهرها وأقربها إلى التحكيم،وكذلك الصلح والتوفيق من حيث وجود طرف أجنبي عن طرفين.
وسيكون البحث عن أوجه التشابه والاختلاف التي تكون بين التحكيم والقضاء و الصلح والتوفيق.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:35 pm

المطلب الأول
أوجه التشابه والاختلاف
بين التحكيم في العقود الإدارية والقضاء الإداري

في هذا المطلب سوف أبين،إن شاء الله،بعض أوجه التشابه والاختلاف بين التحكيم في العقود الإدارية والقضاء الإداري.
أولا:أوجه التشابه بين التحكيم في العقود الإدارية والقضاء الإداري
هناك عدة نقاط تشابه بين التحكيم في العقود الإدارية والقضاء الإداري هي:
أولاً:أن كلا من التحكيم في العقود الإدارية والقضاء الإداري، فصل في نزاع معروض عليهما.
ثانيا:يملك من ينظر في النزاع في كل من التحكيم والقضاء الصلاحية اللازمة لحسم المنازعة( ).
ثالثا:يقوم التحكيم في العقود الإدارية والقضاء الإداري، بتحقيق فاعلية القواعد الشرعية والقانونية التي تحكم العلاقة محل المنازعة( ).

ثانيا:أوجه الاختلاف التحكيم في العقود الإدارية والقضاء الإداري
هناك أوجه اختلاف بين التحكيم في العقود الإدارية والقضاء الإداري هي:
أولاً:ولاية التحكيم ولاية خاصة،أما القضاء فهو ولاية عامة؛ فالتحكيم اقل رتبة من القضاء( ).
ثانياً:عند اللجوء للتحكيم لابد من تراضي الأطراف،أما في القضاء فلا يشترط التراضي( )،فالمحكم مقام من الأطراف،والقاضي مقام من السلطان( ).
ثالثاً:التحكيم لا يمتد نظره في القضايا التي تمس النظام العام،بخلاف القضاء الذي تمتد ولايته لتشمل منازعات الحق العام والخاص( ).
رابعاً:لا يتقيد التحكيم باختصاص مكاني بنظر المنازعات، أما القاضي فمقيد بالنظر بالمنازعات التي يختص بها مكانيًّا قال ابن عابدين:"وأنه لا يتقيد ببلد التحكيم بل له الحكم في البلاد كلها"( ).
خامساً:ولاية التحكيم قاصرة في نظر المنازعة المعروضة عليها باتفاق الأطراف وليس لها النظر في غيرها إلا باتفاق جديد؛لأن ولايته تنتهي بإصدار حكمه قال


في رد المحتار:"ينعزل الحَكم بقيامه من المجلس"( ).
بخلاف ولاية القضاء فإنه ينظر في كل ما يعرض عليه؛لأنه مولى من قبل السلطان( ).
سادساً:تؤدي الطبيعة الشخصية في التحكيم في العقود الإدارية دوراً هامًّا،حيث إن المحكم مختار من قبل الأطراف،وبالتالي فلا يجوز للمحكم أن يستخلف غيره ليتولى التحكيم نيابة عنه إلا بموافقة الطرفين،بخلاف القاضي فشخصيته ليس لها أهمية في نظر المنازعة وبالتالي يجوز له أن يستخلف غيره( )
سابعاً: يجوز تعدد المحكمين بحسب إرادة الأطراف في التحكيم حيث يمكن التحاكم إلى اثنين،ولا ينفذ حكم أحدهما بمفرده،بل لابد أن يجتمعا( )،أما في القضاء الإداري فإن مبدأ تعدد القضاة لا علاقة للأطراف به بل هو خاضع للنظام القضائي في الدولة.
ثامناً:يعتبر القضاء الإداري مؤسسة من مؤسسات الدولة وتمثلها السلطة القضائية فيه فهو منسوب إليها وبالتالي فهو مرفق من مرافق الدولة وأحدى سلطاتها.



بخلاف التحكيم في العقود الإدارية ،فإن هيئات التحكيم سواء كانوا أفرادا أو مراكز أو غرف تحكيمية فإنها لا علاقة لها بالدولة فليست من مؤسساتها ولا هيئاتها العامة وبالتالي،فالمؤسسة والغرف التحكيمية تعتبر هيئات معنوية خاصة.

المطلب الثاني
أوجه التشابه والاختلاف
بين التحكيم في العقود الإدارية والصلح في العقود الإدارية

بعد أن ذكرت أوجه التشابه والاختلاف بين التحكيم العقود الإدارية والقضاء الإداري باعتبار القضاء وسيلة من الوسائل التي تنهي النزاع.
سوف أبين في هذا المطلب،إن شاء الله،أوجه التشابه والاختلاف بين التحكيم وبين وسيلة أخرى من الوسائل التي تنهي المنازعات بغير طريق القضاء وهي الصلح.
وحيث إن الصلح عرفته القوانين المعاصرة كوسيلة من الوسائل التي تنهى بها المنازعات الإدارية؛ والتي منها منازعات العقود الإدارية.
سوف يكون البحث في هذا المطلب عن أوجه التشابه والاختلاف بين التحكيم في منازعات العقود الإدارية والصلح في منازعات العقود الإدارية،لكونه يتعلق بموضوع البحث.
وقبل ذكر أوجه التشابه والاختلاف بينهما سوف أستعرض،إن شاء الله، تعريف الصلح،ثم أبين أوجه التشابه بينه وبين التحكيم.
أولاً:تعريف الصلح
يُعَرَّفَ الصلح،بأنه عقد رضائي،أو إجراء غير رسمي يتم بين أطراف الخصومة أنفسهم ومن يمثلونهم ويستدعون بواسطة طرف ثالث ويقومون بمقتضاه لحسـم


خلافاتهم عن طريق نزول كل منهم على وجه التقابل عن بعض ما يطالب به وللأطراف الحرية بقبول الصلح أو رفضه( ).
فالصلح ما هو إلا وسيلة لحل النزاع بين أطراف المنازعة،سواء كان قائمًا أو في حالة نشوئه بعيدا عن إجراءات القضاء في الدولة،وهو يلتقي مع القضاء والتحكيم في النتيجة والمحصلة النهائية وهي حسم النزاع،وهو يقوم على ثلاثة مقومات:
1- وجود نزاع قائم أو محتمل.
2- وجود النية عند الطرفين لحسم النزاع.
3- تنازل كل من الطرفين المتصالحين عن ادعائه.
"فالصلح عقد رضائي لا شكلي،ويختلف الصلح عن الترك،فنزول أحد الطرفين عن كل ما يدعيه ولم ينزل الآخر عن شيء مما يدعيه لا يعتبر صلحا،وان عد تركا.....ولا يشترط في الصلح أن تكون التضحية من الجانبين متعادلة أو متساوية في الأهمية" ( ).

وهذا المفهوم للصلح يشمل كافة المنازعات التي تنشأ بين الخصوم،وهو كذلك يشمل المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية.
أما عن مدى الأخذ بالصلح في العقود الإدارية في القوانين المعاصرة،فإن القانون المدني الفرنسي نص صراحة في المادة 2045على جواز الصلح في منازعات القانون العام،وأكد القضاء الفرنسي على إمكان الأشخاص المعنوية العامة إلى اللجوء إلى هذا الإجراء ( ).
كما تضمن التقرير المقدم من مجلس الدولة الفرنسي عام 1993م الإشارة إلى الصلح بحسبانه وسيلة من الوسائل النافعة في مجال تسوية المنازعات( ).
"وعندما يتم التصالح لتسوية نزاع تعاقدي فإن التنازلات التبادلية تمثل غالباً في أن أحد المتعاقدين،يتنازل عن رفع الدعوى القضائية مقابل قبول الطرف الأخر-
وهو الإدارة عادة- بإصلاح ضرر أو جبر خسارة لحقت بالأول"( ).
وقد أكدت المحكمة الإدارية العليا في مصر أنه"إذا كان الحق ذاته محلا للنزاع وخشيت الجهة الإدارية أن تخسر النزاع فلا تثريب عليها إذا لجأت إلى الصلح"( ).


ثانياً: أوجه التشابه بين التحكيم في العقود الإدارية والصلح في العقود الإدارية
يمكن أن القول:إن أوجه التشابه بين التحكيم في العقود الإدارية والصلح في العقود الإدارية تتلخص في الآتي:
أولاً:أنهما وسيلتان لتسوية منازعات العقود الإدارية بدلاً من القضاء.
ثانياً:أنهما صادران برغبة من الجهة الإدارية مع المتعاقد معها بإرادته الحرة على فض نزاع العقد الإداري بعيداً عن القضاء.
ثالثاً:الهدف من الاتفاق بين الجهة الإدارية مع المتعاقد معها هو حل نزاع قائم أو محتمل.
رابعاً:إذا تم الاشتراط بين الجهة الإدارية والمتعاقد معها على حل منازعات العقد الإداري فإنه يجب عليهما احترام هذا الشرط وعدم عرض المنازعة على القضاء؛لما يتمتعان به من حجية الشيء المحكوم فيه،"فما فصل فيه التحكيم أو اتفق عليه صلحاً يصلح لإثارة الدفع بحجية الشيء المحكوم به عند إثارة نفس النـزاع أمام القضاء"( ).
خامساً:أن كلاً منهما يتفقان على المسائل التي لا يجوز لهما إنهاء النـزاع بشأنها فقد نصت المادة 11 من قانون التحكيم المصري على أنه:"...لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح".
سادساً:أن كلاً منهما يوجد فيه طرفًا ثالثًا أو طرفًا آخر يقوم بعملية التحكيم أو بعملية الصلح يسمى في التحكيم المحكم ويسمى في الصلح المصلح أو المصالح( ).


ثالثاً:أوجه الاختلاف بين التحكيم في العقود الإدارية والصلح في العقود الإدارية
هناك عدة اختلافات بين التحكيم في العقود الإدارية والصلح في العقود الإدارية أذكر بعضًا منها وهي:
أولاً:يعتبر القرار الصادر من التحكيم في العقود الإدارية قراراً ملزمًا لطرفيه،يتمتع بحجية في مواجهتهما،فهو بمثابة قضاء ،أما الصلح في العقود الإدارية فإن النتيجة النهائية له إنما هو اتفاق بين الإطراف وليس ملزمًا لهما إلا برضاهما وقبولهما له كونه يقوم على التنازل من جانب أطراف الخصومة،فالأطراف هي التي تفصل في أمره( ).
ثانياً:أن طبيعة المحكم الذي يتولى التحكيم في العقود الإدارية تختلف عن طبيعة الطرف الذي يتولى الصلح في العقود الإدارية؛فالمحكم يصدر قراره بمنأى عن الجهة الإدارية و المتعاقد معها،فيطبق القواعد القانونية على النزاع المعروض أمامه،أما المصلح فإن دوره يقتصر على تقريب وجهات النظر بين الجهة الإدارية والمتعاقد معها( ).

ثالثاً:التحكيم في العقود الإدارية لا يحدث فيه تنازل متبادل من الإدارة والمتعاقد معها للفصل في النزاع،فالنتيجة تحسم لأي من الطرفين،أما في الصلح في العقود الإدارية فإنه يقتضي بطبيعته التنازل المتبادل من الأطراف عن جزء من الحق.( )
رابعاً:في التحكيم في العقود الإدارية؛ حكم المحكمين يقبل الطعن بطرق الطعن المختلفة المقررة قانونا،أما في الصلح في العقود الإدارية فإن قرار الصلح غير قابل للطعن( )،إلا إذا اعترى الصلح سبب من أسباب بطلان الصلح.
خامساً:قرار التحكيم في العقود الإدارية ينهي النـزاع بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من القضاء،أما في الصلح في العقود الإدارية فإنه يجب أن يصدر حكم من القضاء يقر الصلح لكي يمكن تنفيذه ( ).


المطلب الثالث
أوجه التشابه والاختلاف
بين التحكيم في العقود الإدارية والتوفيق في العقود الإدارية

بعد أن ذكرت أوجه التشابه والاختلاف بين التحكيم والصلح باعتباره وسيلة من الوسائل التي تنهي النزاع.
سوف أبين في هذا المطلب،إن شاء الله،وسيلة أخرى من الوسائل التي تنهي المنازعات بغير طريقي القضاء والصلح،وهي وسيلة التوفيق.
والذي عَرفته القوانين المعاصرة وسيلة من الوسائل التي تنهى فيها المنازعات الإدارية والتي منها منازعات العقود الإدارية.
وقبل ذكر أوجه التشابه والاختلاف بين التحكيم في منازعات العقود الإدارية والتوفيق في منازعات العقود الإدارية،سوف أستعرض،إن شاء الله،تعريف التوفيق في منازعات العقود الإدارية.
أولاً:تعريف التوفيق
بالرجوع إلى كتب القانون نجد أنها قد عَرَّفَت التوفيق في منازعات العقود الإدارية،بأنه طريق ودي لفض المنازعة الناشئة،إما عن طريق الإدارة والمتعاقد،وإما بواسطة مـوفق، ويسـمى وسيطاً أو وسطـاءَ،أو عن طـريق لجنة موفقين من

الأشخاص أو المنظمات؛وذلك بالتشاور والاجتماع بينهم للوصول إلى حل مُنْهٍ للخصومة غير ملزم،ويحرر في محضر رسمي موقع منهم ومن الموفق بينهم ( ).
ويعتبر التوفيق مرحلة سابقه على اللجوء إلى التحكيم،فلا يجوز للأطراف في أثناء السير في طريق التوفيق اللجوء إلى التحكيم ( ).
وقد عُرف نظام التوفيق كوسيلة لتسوية منازعات العقود الإدارية في فرنسا( )،ففي 1981م صدر قرار من وزارة الأشغال العامة بإنشاء اللجنة الوطنية الاستشارية لتسوية المنازعات وديا c.c.r.a ،وهي لجنة ذات طابع وزاري ولا تنظر المنازعات إلا بعد نهاية الأعمال،أما أثناء التنفيذ فإن الوزير فقط يختص بالتسوية أو الممثل القانوني للمنشاة( ).
أما في مصر فقد صدر قانون رقم 7/2000م بتنظيم عملية التوفيق كوسيلة لحل المنازعات الإدارية والتي منها منازعات العقود الإدارية،فنصت المادة الأولى:"على أن يُنْشَأَ في كل وزارة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة،لجنة

أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات والعاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة".
ولعل الحكمة التي أرادها المقنن في القوانين المعاصرة من التوفيق لحل منازعات العقود الإدارية،هي تقليل عدد المنازعات أمام القضاء،والتخفيف عن كاهله،والسرعة في فض المنازعات التي تكون الإدارة طرفاً فيها،والذي يؤدي البطء في عدم الفصل فيها إلى زوال واضمحلال المصالح التي من أجلها رفعت الدعاوى( ).
ثانياً:أوجه التشابه بين التحكيم في العقود الإدارية،والتوفيق في العقود الإدارية
توجد عدة أوجه للتشابه بين التحكيم في العقود الإدارية والتوفيق في العقود الإدارية هي:
أولاً:أنهما وسيلتان لتسوية منازعات العقود الإدارية بدلاً من القضاء( ).
ثانياً:الهدف من الاتفاق بين الجهة الإدارية مع المتعاقد معها على التحكيم أو الصلح هو لحل نزاع قائم أو محتمل.
ثالثاً:إذا تم الاشتراط بين الجهة الإدارية والمتعاقد معها على حل منازعات العقد الإداري بالتحكيم أو التوفيق ،فإنه يجب عليهما احترام هذا الشرط وعدم عرض المنازعة على القضاء( ).



رابعاً:أن كلاًّ من الوسيلتين يوجد طرفاً ثالثاً أو طرفاً آخر يقوم بعملية التحكيم أو بعملية التوفيق،ويسمى في التحكيم المحكم،ويسمى في التوفيق الموفق أو الوسيط( ).
ثالثا:أوجه الاختلاف بين التحكيم في العقود الإدارية والتوفيق في العقود الإدارية
هناك عدة اختلافات توجد بين التحكيم في العقود الإدارية والتوفيق في العقود الإدارية،نذكر بعض هذه الاختلافات وهي:
أولاً:يعتبر قرار التحكيم في العقود الإدارية قراراً ملزماً لجهة الإدارة والمتعاقد معها دون استلزام موافقة أطراف المنازعة على حكم المحكمين،أما قرار التوفيق في العقود الإدارية فلا يعدو أن يكون توصية لا تكتسب طابع الإلزام،إلا إذا وافقت
عليه الجهة الإدارية والمتعاقد معها خلال الأجل المحدد قانوناً،فإذا لم يوافق عليه أحد الطرفين أو كلاهما فلا قيمة لها ولا إلزام فيها( ).
ثانياً:أن طبيعة المحكم الذي يتولى التحكيم في العقود الإدارية تختلف عن طبيعة الطرف الذي التوفيق في العقود الإدارية،فالمحكم يصدر قراره بمنأى عن الجهة الإدارية والمتعاقد معها فيطبق القواعد القانونية على النزاع المعروض أمامه،أمـا

المصلح فإن دوره يقتصر على تقريب وجهات النظر بين الجهة الإدارية والمتعاقد معها( ).
ثالثاً:التحكيم في العقود الإدارية يتم فيه الفصل في النزاع لصالح أحد الطرفين أما في التوفيق فيتم الفصل في النـزاع في المنازعة العَقْدية عن طريق تخلي كل طرف عن جزء من مطالبه؛أي عن طريق تنازلات متبادلة،فإذا أصر كل طرف على موقفه وتمسك بكل مطالبه دون تنازل فلن يكون هناك توفيق.( )
رابعاً:في التحكيم في العقود الإدارية يقبل حكم المحكمين الطعن بطرق الطعن المختلفة المقررة قانوناً،أما في التوفيق في العقود الإدارية فإنه غير ملزم للإطراف فهو مجرد توصية أو اقتراح( ).
خامساً:قرار التحكيم في العقود الإدارية ينهي النـزاع بعد أن يصدر مشمولا بأمر الصيغة التنفيذية ويكون قابلا للتنفيذ مباشرة،أما في التوفيق في العقود الإدارية فإنه غير قابل للتنفيذ في حد ذاته،وإنما يفتقر إلى صدور حكم من القضاء يقره ويأمر بتنفيذه( ).
سادساً: التحكيم في العقود الإدارية ينهي النزاع بقرار تحكيمي أو بحكم تحكيمي أما في التوفيق فإن النزاع ينتهي باتفاق بين الطرفين؛أي عن طريق عقد بينهما( ).


المبحث الرابع
أنواع التحكيم في العقود الإدارية

في هذا المبحث سوف أقوم، إن شاء الله،ببيان أنواع التحكيم من حيث كيفية الطريقة التي يتم اللجوء إليها لفض النزاع.
فقد يكون اللجوء إلى التحكيم إجباريًّا أو اختياريًّا،أو يكون التحكيم عن طريق مؤسسة تحكيمية يتقيد الطرفان بإجراءاتها أو عن طريقهم أو يكون التحكيم عن طريق تطبيق قانون معين يحدده الأطراف أو هيئة التحكيم أو دون تقيد بقانون.
وسوف يكون بيان أنواع التحكيم؛كل نوع في مطلب مستقل،وسيكون بحث هذا المطلب بإنزال هذه الأنواع على التحكيم في العقود الإدارية.

المبحث الرابع
أنواع التحكيم في العقود الإدارية

المطلب الأول:التحكيم الاختياري في العقود الإدارية،والتحكيم الإجباري في العقود الإدارية.
المطلب الثاني:التحكيم الخاص أو الحر في العقود الإدارية،والتحكيم المؤسسي في العقود الإدارية.
المطلب الثالث:التحكيم المقيد في العقود الإدارية،والتحكيم بالصلح في العقود الإدارية.



المطلب الأول
التحكيم الاختياري والتحكيم الإجباري

هذا النوع من أنواع التحكيم يحكمه طبيعة تدخل المقنن في اللجوء إلى التحكيم من ناحية كونه اختياريًّا أو إجباريًّا فهو ينقسم إلى قسمين:

أولا:التحكيم الاختياري في العقود الإدارية
وهذا هو الأصل في التحكيم أن يكون اختياريًّا في كل أنواع المنازعات،والتي منها منازعات العقود الإدارية.
فتتفق الجهة الإدارية مع المتعاقد معها على التحكيم في العقد الإداري،فيكون لكل منهما الخيار بين الالتجاء إلى القضاء أو الاتفاق على طرح النزاع على التحكيم ويكون الالتجاء إلى أحد الطريقين مسقطا للآخر( ).
فإذا لم تكن الجهة الإدارية والمتعاقد معها غير مفروض عليهما بنص أو وفق نظام معين في حالة خلافاتهما اللجوء إلى التحكيم؛كان التحكيم اختياريًّا( ).




وهذا القسم"..من التحكيم يرتكز على أساسين؛هما إرادة الخصوم من ناحية، وإقرار المشرع لهذه الإرادة من ناحية أخرى" ( ).
ثانيا:التحكيم الإجباري في العقود الإدارية
في هذا القسم يُخضع القانون- لاعتبارات معينه- الجهة الإدارية والمتعاقد معها إلى اللجوء للتحكيم للفصل النهائي في المنازعات الناشئة عن العقد الإداري.
وبناء على هذا القانون الملزم بالتحكيم،لا يجوز لطرفي العقد الإداري اللجوء إلى القضاء للفصل في المنازعة الناشئة عنه( ).
وقد ينص القانون على عدم جواز الالتجاء إلى المحاكم إلا بعد طرح النزاع على هيئة التحكيم( ).
ومثال التحكيم الإجباري في العقود الإدارية ما كان عليه التحكيم في منازعات القطاع العام في مصر وعقود وزارة الدفاع الوطني في سوريا( ).


وأرى أن إلزام الأطراف بالتحكيم الإجباري يخالف مبدأً من المبادئ المستقرة في الدساتير،إلا وهو مبدأ كفالة حق التقاضي أمام القضاء في الدولة والذي هو صاحب الولاية والاختصاص بالفصل في جميع المنازعات بين الأفراد والجماعات،فهذا المبدأ يعتبر من الحقوق الطبيعة الأساسية المكفولة للجميع.
ولا يجوز حرمان أحد منه أو مصادرته لأي سبب( )،وفي إلزام المتعاقد مع الجهة الإدارية بالتحكيم مصادرة لحق التقاضي أمام القضاء في الدولة-حتى وإن كان القضاء يراقب التحكيم- فالتحكيم ليس قضاء تابعًا للدولة،مما أرى معه أن يلغى هذا النوع من التحكيم تحقيقا لمبدأ كفالة حق التقاضي.
وقد وقف القضاء الإيطالي والمصري من النصوص التي توجب الالتجاء إلى التحكيم الإجباري،فقضى بعدم دستوريتها؛لان له طابعاً تحكيميَّاً وليس طابعًا قضائي( ).
ثالثا:موقف النظام السعودي من التحكيم الاختياري والتحكيم الإجباري في العقود الإدارية.
أما عن موقف النظام السعودي من التحكيم الاختياري والتحكيم الإجباري في العقود الإدارية.
فقد نصت المادة الأولى من نظام التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/46وتاريخ 12/7/1403هـ على أنه:"يجوز الاتفاق على التحكيم في نـزاع

معين قائم كما يجوز الاتفاق مسبقا على التحكيم في أي نزاع يقوم نتيجة لتنفيذ عقد معين".
فبناء على ذلك تكون القاعدة العامة في النظام السعودي أن التحكيم اختياريٌّ وليس إجباريًّا.
فالأصل في النظام السعودي أنه لا يوجد نزاع يشترط التحكيم للفصل فيه فالقضاء بجهتيه العام،وديوان المظالم،هو التي تتولى الفصل في المنازعات.
أما في العقود الإدارية فإن النظام السعودي أعطى للجهة الإدارية والمتعاقد معها الحرية في اللجوء إلى التحكيم،ولكن بشرط موافقة رئيس مجلس الوزراء كما ورد في المادة الثالثة التي نصت على أنه:"لا يجوز للجهات الحكومية اللجوء للتحكيم لفض منازعاتها مع الآخرين إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء...." ( ).
أما ما يتعلق بالتحكيم الإجباري في العقود الإدارية في النظام السعودي، فإن نظام التحكيم السعودي والأنظمة الأخرى ذات العلاقة بالتحكيم لم يرد فيها أي نص يفيد أن يكون التحكيم إجباريًّا،كما هو معمول في بعض القوانين المعاصرة.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:36 pm

المطلب الثاني
التحكيم الخاص أو الحر والتحكيم المؤسسي في العقود الإدارية

هذا النوع من التحكيم في العقود الإدارية يرتكز على أساس طبيعة القائم على إجراءات التحكيم وهو ينقسم إلى قسمين:
أولاً:التحكيم الخاص أو الحر في العقود الإدارية
التحكيم الخاص أو الحر في العقود الإدارية معناه:أن تقوم الجهة الإدارية مع المتعاقد معها بتحديد إجراءات التحكيم من مُهَل ومواعيد.
كما تقوم الجهة الإدارية مع المتعاقد معها بتعيين المحكمين وعزلهم وردهم،وتحديد جميع الإجراءات اللازم إتباعها للفصل في الدعوى التحكيمية في ظل قانون التحكيم( ).
وقد نص قانون التحكيم المصري لسنة 1994م في المادة 15والمادة17 والمادة25على التحكيم الخاص أو الحر حيث ذكرت المادة 15على:"تشكل هيئة التحكيم باتفاق الطرفين ..." ونصت المادة17 على أن: "لطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم..."ونصت المادة25 على أن:"لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم....".
ثانياً:التحكيم المؤسسي في العقود الإدارية
في هذا القسم تخضع الدعوى التحكيمية بين الجهة الإدارية والمتعاقد معها لنظام جهة خاصة حيث تقوم بالفصل في النزاع مؤسسة أو هيئة أو منظمة أو جمعيـة


تنشأ للقيام بالتحكيم،وبموجب نظامها تتحدد فيها الإجراءات والمهل وتعيين المحكمين وردهم وعزلهم وغيرها من إجراءات( ).
وهذه الجهات قد تنشأ داخل دولة الجهة الإدارية،أو على مستوى دولي كجهات مستقلة الشخصية والتنظيم،أو كجهات قائمة على أساس اتفاقيات دولية للقيام بعمليات التحكيم في المنازعات التي تعرض عليها( ).
وأرى أن التحكيم الخاص والتحكيم المؤسسي في المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية يجب على المقنن أن يتدخل في تحديد الحالات التي يجب نظرها من قبل التحكيم المؤسسي،سواء كان على أساس قيمة العقد،أو طبيعته أو غيرها حيث إنه من الأهمية بمكان أن تحال المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية الضخمة إلى التحكيم المؤسسي فإحالة النزاع التحكيمي في مثل هذه العقود إلى هيئة تحكيم مؤسسية معينة تعقد فيها جلسات التحكيم وتكون الإجراءات معلومة مسبقاً للطرفين،وغيرها من الأمور التي تؤدي فيها سرعة الفصل في المنازعة فيها ترغيب للتعاقد مع جهة الإدارة من قبل الشركات العالمية،والتي قد يكون فيه نفع لاقتصاد الدولة وهذا بخلاف العقود اليسيرة التي ليس هناك حاجة لإحالتها إلى التحكيم المؤسسي،والتي يكفي أحالتها إلى التحكيم الحر.

ثالثاً: التحكيم الخاص أو الحر والتحكيم المؤسسي في العقود الإدارية في النظام السعودي
باستقراء نظام التحكيم السعودي نجد أنه يأخذ بنظام التحكيم الخاص أو الحر في دعاوى العقود الإدارية.
فالمواد الأولى والخامسة والعاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة من نظام التحكيم السعودي جعلت للجهة الإدارية والمتعاقد معها-باعتبارهما طرفي الدعوى التحكيمية-تحديد المهل والمواعيد والمحكمين ولها عزلهما وردهما،وكذلك لها تحديد جميع الإجراءات اللازم إتباعها للفصل في الدعوى الناشئة عن العقد الإداري بشرط أن تكون هذه الإجراءات متوافقة مع نظام التحكيم السعودي.
وتحت إشراف ومتابعة ديوان المظالم باعتباره الجهة القضائية المختصة في الفصل في دعاوى العقود الإدارية في النظام السعودي.
أما بالنسبة للتحكيم المؤسسي في دعاوى العقود الإدارية فإن النظام السعودي لم يرد فيه نص واضح وصريح على أن تكون دعاوى التحكيم المتعلقة بالعقود الإدارية في إطار مركز أو مؤسسة أو هيئة تحكيمية معينة.
إلا إن هذا ليس معناه عدم جواز التحكيم المؤسسي في منازعات في العقود الإدارية،فعند دراسة المادة العاشرة من نظام التحكيم السعودي نجد أنها تدل على جواز التحكيم المؤسسي،فقد نصت المادة العاشرة على أنه:"إذا لم يعين الخصوم المحكمين،أو امتنع أحد الطرفين عن تعيين المحكم أو المحكمين الذين ينفرد باختيارهم، أو امتنع وأحد أو أكثر من المحكمين عن العمل أو اعتزاله أو قام به مانع مباشرة التحكيم أو عزل عنه ولم يكن بين الخصوم شرط خاص عينت الجهة المختصة أصلا بنظر النزاع من يلزم من المحكمين...." فالمادة ذكرت أنه إذا كان

هناك شرط بين الجهة الإدارية والمتعاقد معها فيجب إعماله إلا إذا خالف النظام العام.

فإذا اشترطت الجهة الإدارية والمتعاقد معها أن يكون التحكيم أمام مؤسسة تحكيمية كان من الواجب على الطرفين تنفيذ هذا الشرط "فالمؤمنون عند شروطهم" ( ).
وحيث إنه لم يرد حظر من النظام السعودي على التحكيم المؤسسي في دعاوى العقود الإدارية،وبالتالي فلجوء الجهة الإدارية والمتعاقد معها في الدعاوى المتعلقة بالعقود الإدارية إلى مؤسسة تحكيمية جائز نظاما وغير ممنوع استصحابا للأصل في عدم الحظر.

المطلب الثالث
التحكيم المقيد والتحكيم بالصلح في العقود الإدارية

هذا النوع أعطى القانون الجهة الإدارية والمتعاقد معها الحق في تحديد طبيعة نوع التحكيم التي تلتزم بها هيئة التحكيم عند نظرها للمنازعات.
فهيئة التحكيم عند فصلها لنزاع في عقد إداري فإنها تلتزم بالطريق الذي اتفق الأطراف عليه.

أولاً:التحكيم المقيد في العقود الإدارية
هذا القسم يسمى التحكيم بالقانون،ويسمى أيضا التحكيم بالقضاء( ) أو التحكيم العادي( )،وأرى أنه من الأنسب أن يسمى التحكيم المقيد حيث إن هيئة التحكيم تكون مقيده بقانون معين.
ويعتبر التحكيمُ المقيدُ الأصلَ في التحكيم مالم يعبر الأطراف صراحة عن عدولهما إلى غيره( ).
فهيئة التحكيم تلتزم بقانون معين ليس لها الخروج عنه وتطبيق قواعد العدالة،وإلا كان حكمها عرضة للطعن أمام القضاء فهيئة التحكيم من هذه الناحية تتعامل مع

القضية وكأنها محكمة رسمية( ).
والقانون الذي تتقيد به هيئة التحكيم إما أن يكون القانون الذي تخضع له المنازعة،وإما قانوناً معيناً تراه هيئة التحكيم للفصل في المنازعة( ).
ثانياً:التحكيم بالصلح في العقود الإدارية
التحكيم بالصلح معناه أن هيئة التحكيم لا تتقيد بأحكام القانون وإنما تفصل بالمنازعة على أساس ما تتحقق به العدالة،حتى لو كان الحكم الذي يصل إليه المحكمين ما هو مخالف لحكم القانون فيما لو عرض الأمر على القضاء( ).
والتحكيم بالصلح في منازعات العقود الإدارية يجب النص عليه في وثيقة التحكيم صراحة انطلاقاً من مبدأ الحذر والحيطة في تفسير ما اتجهت إليه إرادة الجهة الإدارية والمتعاقد معها حتى لا يكون هناك توسع في تفسير نوع التحكيم الذي يتم اللجوء إليه( ).

ففي التحكيم بالصلح لا يتقيد المحُكمون بأحكام العقد المبرم بين الجهة الإدارية والمتعاقد معها لأن في التحكيم بالصلح تسعى هيئة التحكيم للتصالح بين الطرفين،فحقيقته صلح،ومقتضى الصلح-كما سبق ذكره-تنازلٌ من الطرفين للوصول إلى حل للنزاع يرضى عنه الأطراف.
وبناء على ذلك فليس للجهة الإدارية أو المتعاقد معها الطعنُ على حكم هيئة التحكيم بالصلح لمخالفته لقانون معين،لأن هيئة التحكيم في الأصل ليست مقيدة بقانون في حكمها إلا في حالة مخالفة حكمها لقاعدة قانونية ثابتة أو مخالفة للنظام العام( ).
وقد أخذت القوانين المعاصرة بالتحكيم بالصلح،فالمادة 39/4من القانون المصري نصت على أنه:"يجوز لهيئة التحكيم إذا اتفق طرفا التحكيم صراحة على تفويضهما بالصلح أن تفصل في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة والإنصاف دون التقيد بأحكام القانون".
إلا أن إعطاء الحرية للمُحكمين أو لهيئة التحكيم للفصل في المنازعة دون التقيد بقانون معين ليس معناه الانفلات عن تطبيق القواعد والمبادئ الأساسية في التقاضي،وأهمها احترام حقوق الدفاع ( )بل يجب عليها التقيد بها باعتبار التحكيم قضاءً يلزمه أن يتقيد بالمبادئ العامة للقضاء.
كما أن التحكيم بالصلح ليس معناه حرمان هيئة التحكيم من صلاحية الحكم وَفْق القانون إذا وجدت ذلك عادلا ومنصفا( ).

ويعتبر الحكم الصادر بناء على التحكيم بالصلح في العقود الإدارية من صنع هيئة التحكيم،وليس كما في الصلح في العقود الإدارية فإنه يكون من صنع الجهة الإدارية والمتعاقد معها وتثبته هيئة التحكيم،ويعتبر الحكم الصادر بناء على التحكيم بالصلح في العقود الإدارية ملزما للجهة الإدارية والمتعاقد معها وصالحاً للتنفيذ الجبري عن طريق القضاء بخلاف التوفيق الذي لا يتضمن حلاً ملزما للنزاع في العقود الإدارية، وإنما يتضمن اقتراحاتٍ وحلولاً قد لا تصادف قبولاً من الجهة الإدارية والمتعاقد معها( ).
ثالثاً:التحكيم المقيد والتحكيم بالصلح في العقود الإدارية في النظام السعودي
يأخذ نظام التحكيم السعودي بالتحكيم المقيد باعتباره الأصل في التحكيم كما هو حال في القوانين المعاصرة،فالنظام السعودي يقيد هيئة التحكيم بأحكام الشريعة الإسلامية والنظام.
فقد نصت المادة التاسعة والثلاثون من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي الموافق عليها بخطاب رئيس مجلس الوزراء رقم 7/2021/م وتاريخ 8/9/1405هـ على ذلك صراحة فذكرت أنه:"يصدر المحكمون قراراتهم غير مقيدين بالإجراءات النظامية، عدا ما نُصَّ عليه في نظام التحكيم ولائحته التنفيذية،وتكون قراراتهم بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية".
كما أن النظام السعودي أقر التحكيم بالصلح ولم يفرق بين التحكيم المقيد إلا من حيث وجوب صدوره بإجماع المحكمين.
فنصت المادة السادسة عشرة من نظام التحكيم على أن:"يصدر حكم المحكمين بأغلبية الآراء،وإذا كانوا مفوضين بالصلح وجب صدور الحكم بالإجماع".

الباب الأول
التحكيم في العقود الإدارية في القانون

الباب الأول
التحكيم في العقود الإدارية في القانون

بعد أن بينت في التمهيد مفهوم العقد الإداري، وتعريف التحكيم ومشروعيته والنظم التي تشابهه في الفقه الإسلامي والقانون.
سوف أقوم،إن شاء الله ،في هذا الباب ببيان التحكيم في العقود الإدارية في القانون،باعتباره وسيلة من وسائل فض منازعات العقود الإدارية،والذي هو موضوع هذا البحث.
وسوف ابحث فقط ما يتعلق بمسألة حكم التحكيم في العقود الإدارية فقط دون الدخول في التفاصيل الإجرائية عند اللجوء إلى التحكيم كما بينت سابقاً.
ولكن قبل أن أدخل في موضوع هذا الباب أود أن أبين طبيعة المنازعات الإدارية في القانون لكون منازعة العقود الإدارية التي يجري بحث التحكيم فيها جزءًا من المنازعات الإدارية.
ثم أقوم بتعريف التحكيم في العقود الإدارية في القانون وبيان حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.

الباب الأول
التحكيم في العقود الإدارية في القانون

فصل تمهيدي:مفهوم المنازعات الإدارية في القانون.
الفصل الأول:التحكيم في العقود الإدارية في القانون.
الفصل الثاني:التحكيم في العقود الإدارية الدولية في القانون.

فصل تمهيدي
مفهوم المنازعات الإدارية في القانون

في هذا الفصل سوف أتكلم،إن شاء الله،عن مفهوم المنازعات الإدارية في القانون.
وذلك من خلال تعريف المنازعة الإدارية ومعاييرها وصور المنازعات الإدارية ومن خلال الجهة المختصة،وعن تعريف التحكيم في المنازعات الإدارية في القانون الإداري،كل في مبحث مستقل.
فصل تمهيدي
مفهوم المنازعات الإدارية في القانون

المبحث الأول:تعريف المنازعة الإدارية ومعاييرها.
المبحث الثاني:صور المنازعات الإدارية.
المبحث الثالث:الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية.
المبحث الرابع:تعريف التحكيم في المنازعات الإدارية.


المبحث الأول
تعريف المنازعة الإدارية ومعاييرها

يعود السبب في وضع فقهاء القانون والقضاء معياراً للمنازعة الإدارية للتمييز بين روابط القانون العام والقانون الخاص،والذي كان سبباً في نشأة القضاء الإداري المختص بنظر المنازعات المتعلقة بالقانون العام( ).
وفي هذا المبحث سوف أقوم،إن شاء الله،بتعريف المنازعة الإدارية،ومعيار المنازعة الإدارية.

أولاً:تعريف المنازعة الإدارية
الدعوى بشكل عام في الفقه القانوني الحديث سواء كانت مدنية أو جنائية أو إدارية وسيلة قانونية يتوجه بها الشخص إلى القضاء للحصول على تقرير حق أو حمايته( ).
وعلى هذا فالدعوى الإدارية وإن كان لها خصائصها إلا أنها لا تتعارض مع مفهوم الدعوى كفكرة قانونية ذات مدلول محدد( ).

إلا أنها تختلف عن المنازعات والدعاوى الأخرى بأنها وسيلة قانونية التي كفلها القانون للأشخاص،لحماية حقوقهم في مواجهة الإدارة عن طريق القضاء الإداري( ).
ثانيا:معيار المنازعة الإدارية في القانون
أما عن معايير المنازعة الإدارية فإن هناك عدة معايير وهي:
المعيار الأول:أن تكون جهة الإدارة طرفًا في النزاع
هذا المعيار يجعل المنازعة إدارية إذا كانت الجهة الإدارية طرفًا في المنازعة،وانتقد هذا المعيار أن هناك منازعات تكون الإدارة طرفا فيها،ولا تعتبر منازعة إدارية؛إذ أنها تتعلق بنشاط غير إداري ( ).
المعيار الثاني:معيار المرفق العام ( )
إن المنازعة تكون إدارية إذا كانت متعلقة بنشاط المرفق العام،وهو المشروع الذي تنشئه الدولة وتقوم بتنظيمه وتسييره بهدف تقديم النفع وتحقيق المصلحة العامة.
وقد اُنْتُقِدَ هذا المعيار بأن فكرة المرفق العام لم تعد تكفي معيارا لتحديد المنازعة الإدارية،إذ إن وجود المرفق العام لم يعد الشرط الوحيد أو الضروري لتطبيق القانون الإداري.

المعيار الثالث:معيار السلطة العامة ( )
المنازعة تكون إدارية على حسب هذا المعيار،إذا كانت بسبب عمل من أعمال الإدارة مارست فيها سلطة الأمر والنهي على الأفراد،أما إذا كانت الوسيلة التي لجأت إليها الإدارة شبيهة بتصرفات الأفراد العاديين فقد اُخْتَصَّ بالنزاع القضاء العام.
وقد اُنْتُقِدَ هذا المعيار لأنه يؤدي إلى خروج كثير من أعمال الإدارة المختلطة التي تكون من طبيعة الإعمال العادية وتتضمن بعض عناصر السلطة العامة الآمرة كالعقود الإدارية،كما أنه يؤدي إلى تضييق اختصاص القضاء الإداري.
المعيار الرابع:المعيار المختلط( )
هذا المعيار يجمع بين معيار السلطة العامة ومعيار المرفق العام،ومقتضاه أن المنازعة تعتبر إدارية إذا كانت تتعلق بنشاط المرفق العام واستخدمت الإدارة في تسييره وانجازه امتيازات السلطة العامة.
بهذا المعيار أخذ الفقه القانوني الحديث ( )كما أخذ به القضاء المصري حيث جاء في حكم محكمة القضاء الإداري :"من حيث إن الرأي المستقر عليه في قضاء مجلس الدولة ومحكمة التنازع في فرنسا من مدة طويلة وحتى الآن،وهو ما يتعين

الأخذ به في مصر،والمتمثل في أن المنازعة تكون إدارية إذا توافر فيها عنصران الأول اتصال المنازعة بسلطة إدارية،أي تكون السلطة الإدارية أحد الخصوم في الدعوى،والثاني هو اتصال المنازعة بنشاط مرفقي تباشره السلطة العامة الإدارية بوسائل القانون العام؛أي أن يكون موضوع المطالبة بأثر من الآثار المترتبة على علاقات القانون العام" ( ).
ولعل هذا المعيار هو الراجح من بين المعايير السابقة؛ذلك أنه بالنظر والتمعن فيه نجد أنه مشابهه ومماثل للأركان الواجب توافرها في العقد الإداري والمميزة له عن غيره من العقود من حيث إن يكون طرف التعاقد جهة الإدارة أو شخصية معنوية عامة،باستخدام وسائل القانون العام،وأن يكون متعلقا بمرفق عام.

المبحث الثاني
صور المنازعات الإدارية

يُرجع القانون الإداري صور المنازعات الإدارية إلى ثلاث مجموعات؛هي منازعات الإلغاء،ومنازعات القضاء الكامل،والمنازعات التأديبية التي تقام من الإدارة ضد موظفيها.
المجموعة الأولى :منازعات الإلغاء
يقصد بمنازعة الإلغاء أو دعوى الإلغاء تلك المنازعة أو الدعوى التي يرفعها أحد الأفراد أو الأشخاص المعنويين إلى القضاء الإداري بطلب إعدام قرار إداري مخالف للقانون( ).
وطبيعة هذه المنازعات التي تندرج تحت هذه المجموعة تكون سلطات القضاء أمامها ناقصة بحيث يقتصر نظر القاضي عليها في مدى مشروعية القرار من عدمه ،فإذا تبين له مجانبة القرار للقانون حكم بإلغائه،ولكن دون أن يمتد حكمه إلى أكثر من ذلك،فليس له أن يعدل القرار محل المنازعة الإدارية،أو يستبدل غيره به( )،فحقيقة دعوى الإلغاء مخاصمة القرار الإداري المعيب الصادر من جهة الإدارة بقصد التوصل إلى إلغائه بأثر رجعي قبل الكافة كليا أو جزئيا ( ).


وهذا النوع من المنازعات الإدارية،نص عليها القانون المصري في قانون مجلس الدولة رقم 47لسنة 1972م بشأن تنظيم مجلس الدولة في المادة العاشرة التي نصت على:"تختص محاكم مجلس الدولة بالفصل في المسائل الآتية:
.............................................
.............................................
ثالثاً: الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات.
رابعاً: الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميين بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي.
خامساً: الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية.
سادساً: الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وَفْقًا للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة".
المجموعة الثانية:منازعات القضاء الكامل
ويقصد بها المنازعات التي يرفعها أحد الأفراد أو الأشخاص المعنونين إلى القضاء الإداري لحماية حقوقه أو حقوقهم قِبَلَ من يعتدي أو يهدد باعتداء على تلك الحقوق( ).
وفي هذا النوع يمارس القضاء الإداري كامل سلطاته أمام المنازعة فدوره لا يقتصر كما هو الشأن في حال قضاء الإلغاء على إلغاء القرار المعيـب،ولـكنه


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:38 pm

يصحح المركز القانوني للطاعن كما يبين الحل الصحيح للمنازعة( ).
وتشمل هذه المجموعة مايلي( ):
1- دعاوى العقود الإدارية
2- التعويض عن أعمال الإدارة الضارة.
3- المنازعات الضريبية.
4- المنازعات الانتخابية.
5- منازعات التسوية التي يقصد بها جبر الضرر الذي لحق بالموظف إزاء خطأ الإدارة في تقدير استحقاقه.
وهذا النوع من المنازعات نص عليه قانون مجلس الدولة المصري رقم 47لسنة 1972م في المادة العاشرة التي نصت على :"تختص محاكم مجلس الدولة بالفصل في المسائل الآتية:
أولاً: الطعون الخاصة بانتخابات الهيئات المحلية.
ثانياً: المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم.
.............................
عاشراً: طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها في البنود السابقة، سواء رفعت بصفة أصلية أو تبعية.
حادي عشر: المنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريد أو بأي عقد إداري آخر".

المجموعة الثالثة: قضاء المنازعات التأديبية:
يقصد بقضاء المنازعات التأديبية سلطة القضاء الإداري في توقيع الجزاء على الموظف الذي يرتكب مخالفة تأديبية خرج بمقتضاها عن قواعد المرفق العام الذي يعمل فيه أثناء تأديته لأعماله المكلف بالقيام بها،والتي تؤثر على حسن تأديتها( ).
وهذه المجموعة تعتبر من منازعات القضاء الإداري،نظرا لأن النظام التأديبي جزء لا يتجزأ من أحكام الوظيفة العامة التي هي من أهم موضوعات القضاء الإداري، والذي يقوم بالتمييز بين روابط القانون العام والقانون الخاص،والسبب في نشأة هذا القضاء هو تخصصه بنظر المنازعات( ).
وهذا النوع من المنازعات نص عليها قانون مجلس الدولة المصري رقم 47لسنة 1972م في المادة العاشرة التي نصت على :"تختص محاكم مجلس الدولة بالفصل في المسائل الآتية:ثاني عشر: الدعاوى التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون".
وعند التمعن في المجموعات الثلاث السابقة،نجد أن موقف جهة الإدارة في الدعوى يختلف من حيث كونها مدعية أو مدعَّى عليها من مجموعة إلى أخرى .
ففي مجموعة منازعات الإلغاء فإن جهة الإدارة دائما مدعًّى عليها ولا تكون مدعية لكون الهدف من إقامة الدعوى إلغاء قرار إداري، وهذا لا يكون إلا إذا صدر قرار إداري من الجهة الإدارية وطُلِبَ إلغاؤه.
أما المجموعة الثانية فإن الجهة الإدارية في الغالب أنها مدعَّى عليها إلا أنه قد تكون مدعية إذا كانت متعاقدة مع جهة إدارية أو إذا أصابها أضرار من جهة إدارية.

أما المجموعة الثالثة فإن جهة الإدارة دائما مدعية؛لأنها تطالب بإيقاع جزاء على مخالفة موظفيها من القضاء الإداري.

المبحث الثالث
الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية في القانون

إن الغرض من تحديد المنازعة الإدارية في النظم المعاصرة هو تحديد القانون الواجب التطبيق على المنازعة وتحديد القضاء المختص الذي ينظر فيها.
وهذا لا يكون إلا في حالة ازدواج النظام القضائي في الدولة الواحدة،أما في حالة الدول التي تأخذ بنظام قضائي واحد فإن تحديد طبيعة المنازعة الإدارية لا يثير كبير أهمية حيث إن جميع المنازعات تنظرها جهة قضائية واحدة وتطبق عليها قانوناً واحداً.
مفهوم نظام القضاء الواحد والمزدوج( ):
أولاً:نظام القضاء المزدوج
تسمى الدول التي تأخذ بإفراد المنازعات الإدارية بقضاء خاص دول(القضاء المزدوج) بحيث إن المحاكم التي تنظر المنازعات الإدارية تكون مستقلة عن المحاكم العامة.
وهذا النظام يقوم على اعتبار اختلاف طبيعة النشاط الإداري عن طبيعة النشاط الخاص، فضًلا على اختلاف المصالح في كلتا الحالتين،الأمر الذي يتطلب –مراعاة للمصلحة العامة التي تمثلها الإدارة – إنشاء قضاء متخصص ومستقل للفصل في المنازعات الإدارية وَفْقًا لقواعد القانون الإداري التي أصبحت مستقلة ومتميزة عن قواعد القانون الخاص.

ثانياً:نظام القضاء الموحد
من الدول من لا تأخذ بالقضاء الإداري وتُخْضِعُ جميع المنازعات لجهة قضائية واحدة.
يقوم هذا النظام على قصر الفصل في المنازعات على جهة قضائية واحدة،هي القضاء العام،سواء كانت المنازعات بين الأفراد،أو بين الأفراد والإدارة، على أن يطبق القضاء أيضًا نظامًا موحدًا على كافة المنازعات التي ينظرها،بما في ذلك المنازعات الإدارية "والدول التي احتفظت بفكرة القضاء الموحد أساسا فإنها قد اضطرت إلى إنشاء أنواع عديدة من اللجان والمحاكم الإدارية التي تختص بالفصل بنوع بعينه من المنازعات الإدارية" ( ).

المبحث الرابع
تعريف التحكيم في المنازعات الإدارية في القانون

في هذا المبحث سوف،أُعَرَّف إن شاء الله،التحكيم في المنازعات الإدارية بشكل عام.
عُرَّفَ التحكيم في المنازعات الإدارية لدى فقهاء القانون بعدة تعاريف.
فقد عَرَّفَه الفقه القانوني الفرنسي بأنه:نظام استثنائي للتقاضي بموجبه يجوز للدولة وسائر أشخاص القانون العام الأخرى إخراج بعض المنازعات الإدارية الناشئة عن علاقة قانونية عقدية أو غير عقدية وطنية أو أجنبية من ولاية قضاء مجلس الدولة لكي تحل بطريق التحكيم بناء على نص قانوني يجيز ذلك،وخروجا من مبدأ الحظر العام الوارد على أهلية الدولة وسائر أشخاص القانون الأخرى في اللجوء إلى التحكيم ( ).
أما الفقه المصري فقد عَرَّفَ التحكيم في المنازعات الإدارية بأنه:وسيلة قانونية تلجأ إليها الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة،وبمقتضاها يُستغنى بها عن القضاء الإداري لتسوية كل أو بعض المنازعات الحالية أو المستقبلة الناشئة عن علاقات ذات طابع إداري عقدية أو غير عقدية فيما بينها أو بين أحداها أو أحد
أشخاص القانون الخاص الوطنية أو الأجنبية، سواء كـان اللجـوء اختيـاريًّا

أو إجباريًّا، وَفْقًا لقواعد القانون الآمرة( ).
أما النصوص القانونية فإنها لم تتعرض لتعريف محدد للتحكيم في المنازعات الإدارية.
فالقانون المصري مثلا لم يورد أي تعريف للتحكيم في المنازعات الإدارية كما فعل في التحكيم التجاري والتحكيم الدولي في المادة 1و2من الباب الأول من القانون رقم 27 لسنة 1994م بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية.
وكذلك القانون الفرنسي فإنه لم يضع تعريفًا للتحكيم في المنازعات الإدارية كما فعل في التحكيم الدولي في المادة 1492من الباب الخامس من قانون المرافعات المدنية الصادر بالمرسوم رقم 81-500 في 1981م.
بدراسة ما ذكره فقهاء القانون حول تعريف التحكيم في المنازعات الإدارية نستخلص مايلي:
أولاً:طبيعة التحكيم في المنازعات الإدارية تتعلق بمنازعات الإدارة أو الأشخاص المعنوية العامة، فيما بينها أو مع غيرها.
ثانياً:التحكيم يشمل أعمال الإدارة سوا العقدية أو غير عقدية،وسواء كانت هذه المنازعة في المجال الداخلي ،أو الدولي.
ثالثاً:التحكيم في المنازعات الإدارية يُخرج النظر في موضوع المنازعة من اختصاص القضاء بشكل عام والقضاء الإداري بشكل خاص،سواء كان هـذا
التحكيم أثناء نظر المنازعة الناشئة أو قبلها وسواء كان هذا التحكيم اختياريًّا أو إجباريًّا.

رابعاً:التحكيم في المنازعات الإدارية عن اللجوء إليه قد يكون اختياريًّا أو إجباريًّا.
خامساً:أن إرادة الإطراف عند اللجوء إلى التحكيم في المنازعات الإدارية ليست مطلقة بل لابد أن يكون هناك نص القانون على جواز اللجوء للتحكيم. سادساً:أن الأصل في النظر والفصل في المنازعات الإدارية،للقضاء الإداري واللجوء إلى التحكيم استثناء من هذا الأصل.

الفصل الأول
حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية في القانون

في هذا الفصل سيكون البحث،إن شاء الله،عن حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية في القانون.
فقد صار خلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية في القانون إلى رأيين؛رأي يرى أن اللجوء إلى التحكيم أمر محظور،والرأي الآخر يرى أنه أمر جائز لا محظور فيه.
وأود قبل أن أدخل في دراسة الخلاف،أن أحدد أسباب هذا الخلاف،وأعرض المسائل التي تخرج عن هذا الخلاف.
وسيكون الحديث عن أسباب الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،وعن المسائل التي تخرج عن الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،ثم بعد ذلك أعرض الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم وسأعقد مقارنة بين الاتجاهين ثم أرجح بينهما،إن شاء الله،ثم أبين الرأي الذي توصلت إليه في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية والتعريف المختار له.

الفصل الأول
التحكيم في العقود الإدارية في القانون

المبحث الأول:أسباب الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية والمسائل التي تخرج عنه.
المبحث الثاني:عدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
المبحث الثالث:جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
المبحث الرابع: المقارنة بين الاتجاهات الفقهية المختلفة حول اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
المبحث الخامس:الرأي في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية وتعريف التحكيم في العقود الإدارية في القانون.

المبحث الأول
أسباب الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية والمسائل التي تخرج عنه

في هذا المبحث سيكون الحديث،إن شاء الله،عن الأسباب الداعية إلى وجود الخلاف والجدل في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،وذلك في المطلب الأول،ثم أتحدث عن المسائل التي تخرج عن هذا الخلاف في المطلب الثاني.

المبحث الأول
أسباب الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية والمسائل التي تخرج عنه

المطلب الأول:أسباب الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
المطلب الثاني:المسائل التي تخرج عن الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.

المطلب الأول
أسباب الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية

إن اللجوء إلى التحكيم لفض المنازعات كافة،عدا منازعات العقود الإدارية،أمر لا جدال فيه،فلم يثر خلاف حول إمكانية اللجوء إلى التحكيم التجاري أو التحكيم العمالي أو التحكيم الأسري.
إلا أن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،قد ثار الجدل حوله في مدى إمكانية اللجوء إليه.
وتعود أسباب ذلك إلى الأمور التالية:
أولاً: طبيعة العقود الإدارية
تميز العقود الإدارية بطبيعة خاصة ومغايرة لكافة العقود الأخرى،كالعقود التجارية،أو العقود العمالية وغيرهما،والقضاء الإداري عندما ينظر في منازعات العقود الإدارية ينظرها بشيء من التمايز والتغاير الذي يتلاءم مع طبيعة العقد الإداري والذي لا يطبقه التحكيم في الغالب لدى نظره منازعات العقود والتي منها العقود الإدارية.
ثانياً:ارتباط العقود الإدارية بسيادة الدولة
من العقود الإدارية ما يرتبط بسيادة الدولة بصورة مباشرة ويتعلق بثروات طبيعية للدولة،كما في عقود الالتزام،والتي كثيراً ما تمتد إلى سنين طويلة،فمنازعاتها يجب أن تكون خاضعة للقضاء،لأن في خضوعها للتحكيم قد يكون فيه نوع من خرق لسيادة الدولة.

ثالثاً:تقييد حرية الإرادة في العقود الإدارية
إن التحكيم يؤسس على أساس حرية الأطراف في اللجوء إليه تطبيقاً لمبدأ سلطان الإرادة إلا أن هذا الأمر لا يوجد عند اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،لأن التعبير عن إرادة الإدارة عند إبرامه تحكمه قواعد أخرى يحددها القانون،وما استقر عليه الأمر من ضرورة استخدام الإدارة وسائل القانون العام،أو تضمين العقد شروطا غير مألوفة في القانون الخاص؛عند إبرامه،حيث إن الموظف المختص بإبرام العقد الإداري لا يتصرف في مال مملوك له،ومن ثم فإن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية ليس بالأمر السهل كما هو الحال بالنسبة للعقود الأخرى( ).
رابعاً:تطبيق قانون أجنبي وأمام هيئة أجنبية على العقد الإداري
هناك سبب آخر يضاف إلى الأسباب الأخرى هو أن التحكيم في العقود الإدارية،ربما يكون أمام هيئة تحكيم أجنبية،وقد يؤدي ذلك إلى تطبيق قانون أجنبي على المنازعة بخلاف القضاء الإداري الوطني الذي ينظر في دعوى العقد الإداري؛حيث يطبق القانون الوطني على المنازعة.
خامساً:مدى إطلاق وتقييد حرية الجهة الإدارية في اللجوء إلى التحكيم
كما أن من أسباب الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،يرجع إلى مدى تقييد أو أطلاق سلطة الإدارة عند لجوئها إلى التحكيم في العقود الإدارية فإذا لم يوجد نص قانوني يجيز أو يمنع التحكيم فإن سلطة الإدارة تكون دائرة بين الحظر إذا كانت مقيدة ودائرة السماح إذا كانت مطلقة.

لهذه الأسباب اختلفت الآراء حول مدى اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية إلى اتجاهين،الاتجاه الأول يرى عدم جواز التحكيم في العقود الإدارية،والاتجاه الثاني يرى جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:38 pm

المطلب الثاني
المسائل التي تخرج عن الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية

حتى يمكن تحديد نقاط الخلاف الحاصل في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية سوف أحدد في هذا المطلب،إن شاء الله، المسائل التي تخرج عن هذا الخلاف،وهي المسائل التالية ( ):
أولاً:الوسائل الأخرى لفض منازعات العقود الإدارية مثل التسوية والصلح والوساطة والتفاوض.
ثانياً:التحكيم في عقود الإدارة الخاصة،سواء كانت ذات طبيعة مدنية أو تجارية.
ثالثاً: لا يشمل الخلاف أيضا في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية
التحكيم الإجباري،وإنما يقتصر على التحكيم الاختياري( ).
فعندما يرد نص يفرض على الإدارة اللجوء إلى التحكيم،فيتعين على الإدارة في هذه الحالة اللجوء إلى التحكيم وإلا كان تصرفها مخالفا للقانون وغير مشروع ويمكن مهاجمته بالطعون المحددة في القانون.
إذن فإن الخلاف في مدى جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية ينحسر في التحكيم الاختياري فقط.

لكون الأصل في التحكيم أن يكون اختيارياً في كل أنواع المنازعات،والتي منها منازعات العقود الإدارية إذا ما رخص المنظم ذلك.
فإذا كان هناك نص آذن بالتحكيم في العقد الإداري فإن للجهة الإدارية والمتعاقد معها الخيار بين الالتجاء إلى القضاء أو الاتفاق على طرح النزاع أمام التحكيم ويكون الالتجاء إلى أحد الطريقين مسقطاً للآخر( ).
رابعاً:من المسائل التي تخرج عن بحث مدى جواز التحكيم في العقود الإدارية،في حالة وجود نص قانوني يبين حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،سواء
كان هذا الحكم بالجواز أو الحظر،حيث إن النص القانوني يرفع الخلاف في هذه المسألة ويحسم الموضوع سواء كان بالجواز أو المنع.
كما أنه عند النص على حكم معين في القانون فإن الواجب على السلطة القضائية عند تطبيقها على منازعة ما أن تتقيد بالنص القانوني،وكذلك الحال على الجهة الإدارية عند تنفيذها له،خاصة إذا لم يكن هناك مجال للاجتهاد فلا اجتهاد مع النص،فإذا نص القانون على حظر أو جواز التحكيم في العقود الإدارية فإن الفقه والقضاء ليس له مجال في البحث عن مدى جوازه أو عدمه.
لذا أرى أن مجال بحث هذه المسألة يكون أمام فروض ثلاثة:
الأول:في حالة عدم وجود نص قانوني يبين حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
الثاني:في حالة إعداد مشاريع التحكيم المرتبطة بالتحكيم في العقود الإدارية.
الثالث:عند إعداد الدراسات والبحوث حول قوانين التحكيم المتعلقة بالتحكيم في العقود الإدارية

المبحث الثاني
عدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية

بعد أن ذكرت أن هناك خلافاً في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية بالمنع والجواز،وبعد حصر أسباب هذا الخلاف،والمسائل التي تخرج عنه.
سيكون الحديث في هذا المبحث،إن شاء الله،مقتصراً على الرأي الذي يرى أنه لا يجوز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
وذلك ببيان موقف المنظم من عدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،وموقف القضاء،وموقف الفقه،ثم أبين الحجج والأسانيد التي استند إليها أصحاب هذا الرأي.














المبحث الثاني
عدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية
المطلب الأول: موقف المنظم من عدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
المطلب الثاني:موقف القضاء من عدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
المطلب الثالث:موقف الفقه من عدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
المطلب الرابع:الحجج والأسانيد على عدم جواز الالتجاء للتحكيم في العقود الإدارية.










المطلب الأول
موقف المنظم من عدم جواز الالتجاء للتحكيم في العقود الإدارية

إن الأصل في التحكيم في العقود الإدارية في القانون الفرنسي الحظر( ) إلا إذا نص القانون على إجازته.
فَوَفْقًا لنص المادة 2060 من تقنين المرافعات المدنية الفرنسي المعدلة بقانون رقم 626 في 5 يوليو 1972م والمعدل بالقانون الصادر في 9/7/1975م فإن التحكيم في المنازعات المتعلقة بالوحدات والمؤسسات العامة،والتي منها عقودها الإدارية هو الحظر.
وهذا الأصل بالحظر يسري ويشمل كافة المنازعات التي تكون الأشخاص العامة طرفا فيها حتى ولو تعلق الأمر بعقد من عقود الإدارة( ).
إلا إن هذا المنع ليس على إطلاقه بل له استثناءات( )في بعض العقود الإدارية،ومنها عقود بعض المؤسسات الصناعية والتجارية كما في قانون 9لعام 1975م،وكذلك العقود الإدارية المبرمة مع شركات أجنبية.


فقد نصت المادة 19 لعام 1986م على أنه:"يجوز للدولة والوحدات المحلية والمؤسسات العامة في العقود التي تبرمها مع شركات أجنبية لإنجاز عمليات تتصل
بالمصلحة العامة إن تضمن عقودها شروط تحكيم لتسوية المنازعات المتصلة بتطبيق وتفسير هذه العقود".
وكذلك العقود المتعلقة بالنقل الداخلي من قبل الشركة الوطنية لسكك الحديد، والذي ينص في مادته الخامسة والعشرين على أن المؤسسة العامة:"تملك أهلية المصالحة وإبرام اتفاقيات تحكيم..."وكذلك قانون 1990م الخاص بتنظيم مصلحة البريد.
أما في مصر( )فقبل صدور قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994م وتعديله بالقانون رقم 9 لسنة 1997م المنشور بالجريدة الرسمية العدد 20 في 15/5/1997م،والذي حسم مسألة لجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم في العقود الإدارية،فإن النصوص القانونية المتعلقة بالقانون الإداري لم تتعرض لموضوع التحكيم في العقود الإدارية منعاً أو حظراً.
كما أن نصوص القانون المدني لم تبين حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية باعتباره الشريعة العامة لفروع القانون الأخرى.
ففي قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968م الذي نظم موضوع التحكيم، وكذلك في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994م، والذي ألغى المواد من 501 وحتى 513 الخاصة بالتحكيم في قانون المرافعات المدنية والتجارية،لم


توضح موقف القانون المصري في موضوع التحكيم في العقود الإدارية.فالقانون المصري قد خلا قبل قانون 1997م من أي نصوص صريحة في مجال المنازعات الإدارية( ).
لذا صار الاختلاف في أحكام القضاء المصري العام والقضاء الإداري في مسألة اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
أما في لبنان( ) فإن الأصل هو حظر اللجوء إلى التحكيم في لعقود الإدارية،إلا إن هناك استثناءات من هذا الحظر،كما هو الشأن في القانون الفرنسي،فالقانون اللبناني يجيز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية التي تبرمها المؤسسات العامة الصناعية والتجارية.
أما القانون التونسي والجزائري( )فقد حظرا اللجوء للتحكيم في العقود الإدارية.
وكذلك الحال في المغرب حيث نص الفصل 306 من قانون المسطرة الصادر بتاريخ 18/9/1994م على:" غير أنه لا يمكن الاتفاق عليه.........
في المسائل التي تمس النظام العام،وخاصة النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام".
أما في بلجيكا،فقد منع القانون البلجيكي لجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم في



العقود الإدارية،فالمادة 1676من القانون القضائي البلجيكي الصادر 1972م نصت على:"منع الدولة وسائر الأشخاص المعنوية العموميين اللجوء إلى التحكيم ما لم يكن يوجد نص قانوني خاص يسمح بذلك أو معاهدة دولية تجيز ذلك".
وقد أخذ برأي عدم صحة اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية بعض دول أمريكا اللاتينية و أوروبا الشرقية كالأرجنتين ويوغوسلافيا وبلغاريا( ).
















المطلب الثاني
موقف القضاء عدم جواز الالتجاء للتحكيم في العقود الإدارية

لقد استقر القضاء الفرنسي على اعتبار شرط التحكيم في العقود الداخلية باطلا بطلانا مطلقا لتعلقه بالنظام العام ويمتد البطلان كذلك إلى مشارطة التحكيم( ).
وقد فرقت أحكام القضاء الفرنسي بين التحكيم في العقود الإدارية الداخلية و العقود الدولية فحظرت اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الداخلية( ).
أما القضاء الإداري الفرنسي فإنه اعتنق الرأي القائل بحظر اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
ويعتبر القضاء الإداري الفرنسي رائد الاتجاه المعارض في اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،وهذا الحظر مقرر من قبل مجلس الدولة منذ وقت طويل( ).
وقد بين حكم صادر من مجلس الدولة الفرنسي سبب الحظر حيث ذكر أن الوزراء لا يستطيعون اللجوء إلى التحكيم لحل المسائل المتنازع عليها،لأن هذا العمل محظور عليهم بمقتضى نصوص المادتين 1004و83 من قانون الإجراءات



المدنية،كما ذكر مجلس الدولة سببا آخر وهو نقص أهلية الجهة الإدارية إلى إبرام اتفاق التحكيم( ).
كما حكم مجلس الدولة الفرنسي ببطلان شرط التحكيم في عقد أشغال عامة أُبْرِمَ بين شركة خاصة صاحبة امتياز في مجال الطرق السريعة ومجموعة مشروعات( ).
أما في مصر فقد عرض على القضاء المصري مسألة التحكيم في العقود الإدارية لدى محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 486لسنة 38 ق( )-قبل صدور قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994م وتعديله بالقانون رقم 9 لسنة1997م الذي حسم مسألة لجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم في العقود الإدارية-فقررت المحكمة في حكمها الصادر بتاريخ 18/5/1986م جواز لجوء الجهات الإدارية للتحكيم لفض منازعاتها المتعلقة بالعقود الإدارية.
وكانت دعوى أقيمت بخصوص عقد مبرم بين وزارة الإسكان والتعمير والشركة المصرية للمساهمة للتعمير والإنشاءات السياحية بشأن عقد امتياز هَضْبة المقطم ونص العقد في البند الخامس منه على:"إن أي خلاف بين الطرفين على تفسير العقد أو تنفيذ العقد .....يفصل فيه عن طريق التحكيم..."،وعندما طلبت الشركة إحالة النزاع إلى التحكيم امتنعت وزارة الإسكان.

وقد أقامت الشركة دعوى أمام محكمة القضاء الإداري تطلب وقف القرار السلبي بالامتناع عن إحالة النزاع إلى التحكيم فأجابت محكمة القضاء الإداري طلب الشركة بتاريخ 18/5/1986م،إلا أن إدارة قضايا الدولة طعنت في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التي قررت في حكمها الصادر في جلسة 20/2/1990م عدم جواز التجاء الجهات الإدارية في العقود الإدارية إلى التحكيم،وسبَّبت المنع أن الاتفاق على التحكيم لا يجوز أن يسلب اختصاص محاكم مجلس الدولة المقرر بالمادة العاشرة من القانون رقم 47لسنة 1972م،وان اتفاق التحكيم يجب ألاَّ يهدم خصائص العقد الإداري ولا يزيل اختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعات المتعلقة بذلك العقد( ).
وعندما عرض أيضا موضوع التحكيم في العقود الإدارية في قضية أخرى أمام محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 5439لسنة 43ق( )بخصوص نفق أحمد حمدي،التزمت محكمة القضاء الإداري بالمبدأ الصادر من المحكمة الإدارية العليا،وقضت بعدم جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية تأسيسا على أنه يسلب اختصاص محاكم مجلس الدولة المقررة بالمادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972م.
وقد أفتت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة المصري في 18/12/1996م بعدم جواز التحكيم في العقود الإدارية بناء على أنه يشترط لجواز صحة اتفاق التحكيم أن يكون عاقده أهلا للتصرف بعوض في الحقوق التي

يشملها اتفاق التحكيم وألا يكون التحكيم في مسائل متعلقة بالحالة الشخصية ولا بالنظام العام.
ولأن الولاية سواء كانت خاصة أو عامة فالأصل فيها هو المنع وعدم النفاذ إلا بعمل تشريعي.
وان لجوء أية جهة عامة للقضاء ذي الولاية العامة في نزاع يتعلق بعقد إداري هو الاستعمال الطبيعي لحق التقاضي وأن لجوءها إلى التحكيم يفيد الاستعاضة عن القضاء بهيئة ذات ولاية خاصة وهو تحكيم لجمعية خاصة في شأن من صميم العمل العام الذي تقوم عليه الدولة وما يتفرع عنها من أشخاص القانون العام،وهو تحكيم من جهة خاصة في شأن يتعلق بتسيير المرافق العامة وتنظيمها وإدارتها،وكل ذلك لا تملكه هيئة عامة إلا بإجازة صريحة وتخويل صريح يرد من عمل تشريعي.
كما أن طبيعة العقد الإداري جعلت المشرع لا يعهد للقضاء المدني نظر منازعات العقود الإدارية،وبالتالي فإنها تكون من باب أولى أن تكون في منأى عن طبيعة التحكيم وهيئاته،ويكون شرط التحكيم متنافيا مع إدارية العقد،وانتهت الجمعية إلى عدم جواز التحكيم في العقود الإدارية( ).
وفي لبنان قضى مجلس شورى الدولة اللبناني بعدم صحة التحكيم في قضايا الإدارات العامة؛لأن التحكيم يفترض بحد ذاته تنازلا مسبقا من الإدارة عن بعض حقوقها،أو التسليم مقدما للخصم بحقوق قد لا يكون لها نصيب من الصحة،وهذا يحظره القانون على الدوائر العامة.


ويتفق قاضي القضايا الإدارية في لبنان مع الآراء التي تصدرها هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل اللبنانية على عدم صحة اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية( ).
وفي تونس فإن القضاء انتهى كذلك إلى حظر التحكيم في العقود الإدارية( ).












المطلب الثالث
موقف الفقه من عدم جواز الالتجاء إلى التحكيم في العقود الإدارية

يرى معظم فقهاء القانون الفرنسي عدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية وأنه من الأمور المحظورة إلا إذا ورد نص قانوني صريح بالجواز( ).
يقول لافيير:"أنه من المسلم به أن الدولة لا تخضع قضاياها لمحكمين،سواء بسبب النتائج المشكوك فيها للتحكيم،أو بسبب اعتبارات النظام العام،التي تقضي بأن الدولة لا يمكن أن تكون موضوعا للقضاء إلا بواسطة جهات القضاء المنشأة بالقانون"ويقول:"كيف يتصور قبول الدولة محكمين في قضاياها في حين أنه لا يسمح لها بقبول قضاة مدنيين للنظر في قضاياها" ( ).
ويقول روميو أحد مفوضي مجلس الدولة الفرنسي في أحد تقاريره:"إن الوزراء لا يستطيعون أن يضعوا في أيدي المحكمين الحل لمسألة متنازع عليها؛لأنهم لا يستطيعون أن يتهربوا من جهات القضاء القائمة" ( ).




أما في مصر فلعدم وجود نص صريح يمنع أو يجيز التحكيم في العقود الإدارية، وذلك قبـل صدور القانون رقم 9لسنة 1997م،فقد ذهب جـانب من فقهاء
القانون في مصر إلى عدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية( ).










المطلب الرابع
الحجج والأسانيد على عدم جواز الالتجاء للتحكيم في العقود الإدارية

سوف يكون الحديث في هذا المطلب،إن شاء الله،عن الأسانيد والأسباب،والحجج التي استند عليها أصحاب الرأي القائل بعدم جواز الالتجاء للتحكيم في العقود الإدارية.
فقد استند أصحاب هذا الرأي إلى الأسانيد الآتية:
أولاً:معارضته لسيادة الدولة
إن في اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية معارضة لسيادة الدولة؛لأن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية يؤدي إلى سلب ولاية قضاء الدولة،والذي هو مظهر من مظاهر السيادة فيها.
فالتحكيم يقوم به أفراد عاديون أو هيئات خاصة،وفي بعض الحالات قد يتضمن استبعاد القانون الوطني إلى قانون أجنبي وسيادة الدولة تأبى أن تَمْثُل أمام قضاء
خاص أو أن يحكم عليها وَفْقَ قانون أجنبي( ).

ثانياً:الاعتداء على الاختصاص الولائي للقضاء الإداري
في الدول الآخذة بازدواج القضاء فإن صاحب الاختصاص الأصيل بنظر مـنازعات العـقود الإدارية القضاء الإداري.وفي اللجوء إلى التحكيم في العقود

الإدارية سلب لاختصاص القضاء الإداري، كما أن فيه إخلالا بتوزيع الاختصاصات القضائية على جهات القضاء المختلفة( ).
فقواعد الاختصاص الولائي للقضاء تعتبر قواعد آمرة من النظام العام،لا يجوز للجهات الإدارية والمتعاقد معها تعديلها،ويجب عليهما التقييد بها،وفي اللجوء إلى
التحكيم في العقود الإدارية تعديل لقواعد الاختصاص الولائي للقضاء الإداري وقلب للنظام القانوني للاختصاص ( ).
ثالثاً:الإهمال في الدفاع عن مصالح الدولة
إن التحكيم في العقود الإدارية يجعل الهيئات العامة تظهر عدم رضاها عن قضاء الدولة أو تهمل في الدفاع عن المصالح العامة المكلفة برعايتها،والتي يحميها القضاء( ).




رابعاً:عدم وجود الأهلية المعتبرة لإبرام التحكيم
إن الجهات الإدارية تتمتع بأهلية مقيدة بالقانون ومحدده بقواعد نظمها القانون لا تستطيع أن تخرج عنها،وفي حالة عدم وجود قانون يجيز التحكيم في العقود الإدارية فإن القانون يكون قد غَلَّ سلطة الإدارة وحجب عن الجهة الإدارية حق
اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية وَفْقًا لما هو مستقر عليه في قواعد الاختصاص.
وبالتالي فإنه يجب على الجهات الإدارية أن تتقيد بحدود أهليتها التي خصها بها القانون( ).
خامساً:عدم وجود ضمانات
من الضروري أن يكون هناك ضمانات قضائية للحيلولة دون تعريض المصلحة العامة التي تهدف الإدارة إلى تحقيقها والحفاظ عليها من الخطر،فكان من المنطقي حظر التحكيم في هذا المجال لانعدام الضمانات القضائية فيه( ).
سادساً:تعارض التحكيم مع النظام العام الإداري
إن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية يتعارض مع فكرة النظام العام الإداري،
والذي هو تغليب المصلحة العليا على المصالح الفردية ( ).

للاعتبارات التالية( ):
أولاً:أن السلطة هي الأمينة على تحقيق المنفعة العامة،وهذه ترتبط بالنظام العام، وبالتالي فإن اللجوء لمحكم خارجي بعيدا عن القضاء المتخصص في فض منازعات الإدارة يعني إهدارًا لهذه المنفعة،وهو ما يمثل خروجا على مقتضيات النظام العام.
ثانياً:أن للعقود الإدارية طبيعتها الخاصة التي تختلف عن العقود المدنية بهيمنة فكرة النظام العام عليها،ومن ثم فإنه لا يجوز اللجوء إلى التحكيم بشأنها إلا بنص صريح.
ثالثاً:أن القانون ينص على عدم جواز التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام.
سابعاً:تعارض التحكيم مع مبدأ الفصل بين السلطات
اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية يؤدي إلى الإخلال بمبدأ الفصل بين السلطات فيما يتعلق بالسلطتين القضائية والتنفيذية حيث أن لجوء الإدارة إلى التحكيم بالفصل في منازعات العقود الإدارية تحييد للسلطة القضائية المختصة أصلا بالفصل في المنازعات كافة،والتي منها العقود الإدارية وتدخل في وظيفة السلطة القضائية( ).





المبحث الثالث
جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية

بعد أن بينت في المبحث السابق الرأي القائل بحظر اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،سيكون الحديث،في هذا المبحث،إن شاء الله، عن الرأي الذي يرى أن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية أمر جائز لا محظور فيه.
وذلك من خلال معَرفَة موقف المقنن والقضاء والفقه ثم أبين الحجج والأسانيد التي استند إليها أصحاب هذا الرأي.

















المبحث الثالث
جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية
المطلب الأول:موقف المنظم من جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
المطلب الثاني: موقف القضاء من جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
المطلب الثالث:موقف الفقه من جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
المطلب الرابع:الحجج والأسانيد على جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية











المطلب الأول
موقف المنظم من جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية

الأصل في القانون الفرنسي-كما سبق-هو حظر اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
إلا أن هناك استثناءات على هذا الأصل وردت في القانون الفرنسي لبعض العقود الإدارية كعقود بعض المؤسسات الصناعية والتجارية كما جاء في قانون 9لعام 1975م،وكذلك العقود الإدارية المبرمة مع شركات أجنبية،فقد نصت المادة 19 لعام 1986م الذي نص على أنه:"يجوز للدولة والوحدات المحلية والمؤسسات العامة في العقود التي تبرمها مع شركات أجنبية لإنجاز عمليات تتصل بالمصلحة العامة أن تضمن عقودها شروط تحكيم لتسوية المنازعات المتصلة بتطبيق وتفسير هذه العقود".
وكذلك العقود المتعلقة بالنقل الداخلي من قبل الشركة الوطنية لسكك الحديد، والذي ينص في مادته الخامسة والعشرين على أن المؤسسة العامة:"تملك أهلية المصالحة وإبرام اتفاقيات تحكيم...".
وقد نص قانون إبريل 1990م،وهو القانون الخاص بهيئة البريد والاتصالات الفرنسية في المادة 28،أن للهيئة اللجوء إلى التحكيم التي قد تنشأ عن العقود التي
تبرمها مع الغير( ).

أما في القانون المصري فقبل صدور قانون رقم 9لسنة 1997م فإن مسألة اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية لم تكن محسومة جوازًا أو منعاً؛لذ اختلف فيه مابين مؤيد ومعارض.
إلا أنه عند صدور القانون رقم 27 لسنة 1994م،والذي ألغى المواد 501 إلى 513من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13لسنة1968م ذهب غالبية( ) فقهاء القانون في مصر إلى القول بجواز اللجوء إلى التحكيم تأسيسا على أن القانون رقم 27 لسنة 1994م في المادة الأولى التي نصت على :"مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية تسري
أحكام هذا القانون بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع إذا كان هذا التحكيم يجري
في مصر أو كان تحكيما تجاريا دوليا يجرى في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون".
فهذه المادة حددت نطاق سريان نطاق التحكيم على كل تحكيم في منازعة سواء كان طرفه من أشخاص القانون العام أو أشخاص القانون الخاص ومن المنازعات التي تدخل بمنازعات أشخاص القانون العام منازعات العقود الإدارية.




إلا إن هناك( )من يرى أن نص المادة السالفة لم تأت بجديد فيما يتعلق بمسالة التحكيم في العقود الإدارية لكونها لم تصرح بجواز التحكيم.
إزاء هذه الاجتهادات في تفسير المادة أصدر المقنن المصري القانون رقم 9لسنة 1997م،والذي حسم المسألة وفصل فيها.
وذلك بتعديل الفقرة الأولى من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994م بالنص التالي:"تضاف إلى المادة 1 من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994م فقرة ثانية نصها كالآتي:
"وبالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة ولا يجوز التفويض في ذلك".
مما يجعل القانون المصري بموجب هذه المادة يأخذ بالرأي الذي يقول بجواز لجوء التحكيم في العقود الإدارية.

فقبل صدور قانون رقم 9 لسنة 1997م الحاسم في اللجوء للتحكيم في العقود الإدارية،والذي حسم الخلاف الفقهي وعدم الاستقرار القضائي والإفتائي بشأن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،فإنه لا يوجد أي نص في القانون صريح يحظر اللجوء إلى التحكيم في منازعات القانون العام( ).
وفي الكويت نص القانون رقم 11/95،في المادة الثانية الفقرة الثالثة بما يأتي:"تختص هيئة التحكيم بالمسائل الآتية:.....
3-الفصل في طلبات التحكيم التي يقدمها الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة ضد الوزارات أو الجهات الحكومية أو الأشخاص العامة في المنازعات التي تقوم بينهم،وتلتزم هذه الجهات بالتحكيم مالم تكن المنازعة قد سبق رفعها أمام القضاء".
فهذه الفقرة تبين لنا أن هيئات التحكيم بموجب هذه الفقرة تختص بالمنازعات التي تنشأ بين الأشخاص الخاصة أو المعنوية ضد الجهات الإدارية(الوزارات والأشخاص العامة)،وهذه المنازعات تشمل كافة المنازعات الإدارية؛أي أن التحكيم في المنازعات الإدارية في القانون الكويتي أمر ليس محظورا ويدخل في هذه المنازعات الإدارية المنازعات في العقود الإدارية.
إذن القانون الكويتي يأخذ بهذا الرأي القائل بجواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
أما القانون السوري فإن المادة44من القانون الصادر بتاريخ 21 شباط 1959م الخاص بمجلس الدولة في الفقرة الثانية نصت على :"منع الوزارات أو مصالح الدولة إبرام أو قبول أو إجازة عقد أو مصالحة أو تحكيم أو تنفيذ قرار تحكيمـي

فيما تتجاوز قيمتها الخمسة والأربعين ألف ليرة سورية دون طلب رأي الإدارة المختصة".
فلجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم في العقود الإدارية في القانون السوري وَفْقًا لنص هذه المادة من الأمور الجائزة فيما تقل قيمته خمسة وأربعين ألف ليرة سورية،أما إذا زادت القيمة عن هذا المبلغ فيشترط موافقة الإدارة المختصة.
وهذا الشرط ليس معناه حظر اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية في القانون السوري،وإنما معناه أنه إجراء شكلي يجب على الجهات الإدارية أن تأخذ به.
ومن القوانين التي أجازت اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية القانون الأردني في المادة الثالثة من قانون التحكيم رقم 31لسنة 2001،التي نصت:"تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم اتفاقي يجري في المملكة ويتعلق بنزاع مدني أو تجاري بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيا كانت العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع عقدية كانت أو غير عقدية".




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:41 pm

المطلب الثاني
موقف القضاء من جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية

استقر القضاء الإداري الفرنسي على عدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
إلا أن محكمة النقض الفرنسية سمحت للأشخاص الاعتبارية العامة بالاتفاق على اللجوء إلى التحكيم لحل منازعاتها المتعلقة بالعقود الإدارية حتى مع غياب أي نص يرخص لها بذلك سواء كان في اتفاق دولي أو تشريع داخلي( ).
أما في القضاء المصري فقد صدر من القضاء المصري،سواء في القضاء العادي أو مجلس الدولة عدة أحكام تؤيد جواز الالتجاء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
ففي بعض الفتاوى الصادرة من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى بمجلس الدولة ما يؤيد هذا الرأي.
فقد صدرت فتوى( )جاء فيها "...إنه إزاء عدم وجود نص تشريعي خاص بتنظيم التحكيم في منازعات العقود الإدارية التي تكون الإدارة طرفاً فيها،سواء المدنية،أو الإدارية،فإنه يتعين الرجوع في ذلك إلى الشروط العامة للتحكيم وإجراءاته الواردة بقانون المرافعات التي لا تتعارض مع طبيعة الروابط الإدارية ولا وجه للقول بأن محاكم مجلس الدولة هي المختصة بالفصل طبقاً للمادة 10 من

قانون مجلس الدولة،وبالتالي فإن الاتفاق على حسم تلك المنازعات بطريق التحكيم مؤداه سلب الولاية المقصورة للقضاء الإداري في هذا الشأن؛ذلك أن المقصود من نص المادة 10 هو بيان الحد الفاصل بين الاختصاص المقرر لمحاكم مجلس الدولة ومحاكم القضاء العادي،ولا يجوز التجاوز في تفسير هذا النص قصد المشرع وتحميله أكثر مما يحتمل،والقول بحظر الالتجاء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية" .
فهذه الفتوى أجازت اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية إلا أن بعض الفقه عقب على ما انتهت إليه الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بأنه "يتضح أن هذه الفتوى أقرت جواز التحكيم في العقود الإدارية دون تحفظ،وسوت بين العقود المدنية،والعقود الإدارية،في خضوعها للتحكيم وَفْقًا للقواعد والإجراءات،الواردة في قانون المرافعات،وهو مذهب لاشك أنه يغفل خصوصية
العقود الإدارية،والتي تحكمها قواعد مختلفة عن تلك القواعد التي تحكم العقود المدنية حتى ولو كانت الإدارة طرفا فيها"( ).
وبناء على هذه الملاحظة فإن الجمعية راعت هذا الفرق بين العقود المدنية والعقود الإدارية فأجازت اللجوء إلى التحكيم بشرط عدم استبعاد القواعد الموضوعية التي تنطبق على العقود الإدارية( ).
أما المحكمة الإدارية العليا في مصر فقد ذهبت إلى جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية طبقا لنص المادة 501 من قانون المرافعات المدنية والتجارية

وذكرت:"...أن الاتفاق على التحكيم لا ينـزع الاختصاص من المحكمة وإنما يمنعها من سماع الدعوى طالما بقى شرط التحكيم قائما"( ).
وعندما عرض موضوع اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية على محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 486لسنة 38 ق،قررت في حكمها الصادر بتاريخ 18/5/1986م جواز لجوء الجهات الإدارية للتحكيم لفض منازعاتها المتعلقة في العقود الإدارية،وقد أقرت كذلك محكمة القضاء الإداري في حكم حديث لها،التحكيم في عقود الإشغال ضمناً عندما عرضت عليها منازعة تتعلق بطلب تنحية أحد المحكمين( ).
أما محكمة النقض المصرية فقد خلصت إلى أن نص المادة 501من قانون المرافعات التي تنص على أنه:" يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة
خاصة كما يجوز في جميع المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين" وردت بشكل عام ينطبق على كل العقود،وهو يخول المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلا( ).

وقد حكمت كذلك محكمة استئناف القاهرة بجواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية فجاء في أحد أحكامها:"... أن المادة الأولى من قانون التحكيم الجديد(قبل تعديلها) نصت على:"تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين
أطراف أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيا كانت طبيعة العلاقات القانونية التي يدور حولها النـزاع...وأن القاعدة العامة أن دلالة النص واضحة وقاطعة في إجازة المشرع الاتفاق على التحكيم حتى ولو كان أحد أطرافه من أشخاص القانون العام ....وأن العلة التشريعية لقانون التحكيم هي مواكبة الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة من أجل تهيئة مناخ صالح للاستثمار وجذب رؤوس الأموال المستثمرة وإعادة الثقة إلى رجال الأعمال والمستثمرين عرباً كانوا أو أجانب .." ( ).


المطلب الثالث
موقف الفقه من جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية

ذهب عدد من فقهاء القانون في فرنسا إلى القول بجواز الالتجاء إلى التحكيم في العقود الإدارية وانتقدوا الرأي القائل بعدم جواز الالتجاء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
من أولئك المؤيدين لجواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،الأستاذ شارل جاروسو( )الذي انتقد حجج منع التحكيم،وسبب ذلك لوجود تشوش وغموض وعدم وضوح يدعو إلى الأسى لتعارضها مع بعضها وضعفها وكونها ليست قانونية.
وذهب رأي آخر إلى إن مجلس الدولة الفرنسي يطبق الحظر دون نص( ).
وإزاء وجود انتقادات موجهه إلى ما هو مستقر في القضاء الفرنسي من منع اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية فإن عددا من فقهاء القانون الفرنسي يأملون تطور موقف مجلس الدولة الفرنسي في هذا الموضوع( ).
فالبروفسور رينشبس يبين أن هناك اتجاهين فقهيين وتشريعيين إلى زيـــادة


الاحتمالات بجواز لجوء أو اختيار أشخاص القانون العام إلى التحكيم( ).
أما في مصر فقد ذهب بعض فقهاء القانون قبل صدور قانون رقم9لسنة 1997م إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية،وأن الأصل في التحكيم في العقود الإدارية هو الجواز،وأن الاستثناء هو حظر التحكيم بنص خاص أو اتفاق الأطراف( )،بناء على أن المادة (58) من قانون مجلس الدولة التي تنص على أنه:" لا يجوز لأية وزارة أو هيئة عامة أو مصلحة من مصالح الدولة أن تبرم أو تقبل أو تجيز أي عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ قرار محكمين في مادة تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنية بغير استفتاء الإدارة المختصة...".
وجه الاستشهاد من هذه المادة أن القانون قيّد التحكيم في العقود الإدارية إذا كان يزيد عن خمسة آلاف جنيه بشرط استفتاء إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة قبل إبرام التحكيم ولو كان التحكيم في العقود الإدارية غير جائز لما وضع القانون هذا الشرط( )،وبهذا الرأي أخذ ثلة من فقهاء القانون( ).

المطلب الرابع
الحجج والأسانيد على جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية

في هذا المطلب سيكون الحديث،إن شاء الله،عن الأسباب والحجج التي استند عليها أصحاب هذا الاتجاه المؤيد لجواز الالتجاء للتحكيم في العقود الإدارية،فقد استند أصحاب هذا الرأي على الأسباب التالية:

أولاً:عدم وجود مانع يمنع من اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية
ليس هناك أي مانع يمنع من لجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم لفض منازعاتها المتعلقة في العقود الإدارية.
فلا يوجد هناك أي قاعدة أو نص قانوني صريح يمنع من اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية( ).
ثانياً:وجود مقتضيات ضرورية للجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية
إن الاعتراف بمشروعية اللجوء إلى التحكيم كوسيلة لفض منازعات العقود الإدارية يعتبر من مقتضيات الضرورة للأفراد والإدارة في آن وأحد.
فقصر مدة إنهاء النـزاع في العملية التحكيمية بالمقارنة بالمدد الطويلة التي يستغرقها القضاء بسبب تكدس القضايا،وطول مدة التقاضي لدى القضاء،ربما يؤثر بحسن سير المرافق العامة باطراد وانتظام مما يضر بمصلحة المتقاضين،فاللجوء

إلى التحكيم في العقود الإدارية يقضي على هذه السلبية( ).
ثالثاً:إن للجهات الإدارية إنهاء الخصومات بوسائل أخرى.
من الأسانيد التي تؤيد جواز لجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم في العقود الإدارية قياس التحكيم في العقود الإدارية بحق الجهات الإدارية بإنهاء المنازعات على الوسائل أخرى التي تتخذها الإدارة لإنهاء منازعاتها الإدارية.
فالإدارة لها الحق بترك الخصومة في الدعاوى المرفوعة منها بشرط توافر الشروط الأخرى.
فإذا تنازلت الجهة الإدارية عن الدعوى أمام القضاء الإداري فليس للقضاء الإداري أن يتدخل في الدعوى بقضاء حاسم لها.

فإذا جاز للجهات الإدارية التنازل عن الدعوى وتركها،فكذلك يجوز لها أن تلجأ إلى التحكيم في العقود الإدارية لإنهاء المنازعات المتعلقة بها.
كما أنه لما كان لها أن تنهي المنازعات،والتي منها منازعات العقود الإدارية صلحاً حتى ولو لم يوجد نص قانوني يحيز ذلك-بشرط ألا يمس مسائل تتعلق بالنظام العام-والقضاء في هذه الحالة يمتنع عن نظر الدعوى،وكون التحكيم صورة من صور الصلح،وبالتالي فإن اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية أمر لا
محظور فيه وجائز قانونا شأنه شأن الصلح( ).
رابعاً:دخول التحكيم في العقود الإدارية بعموم التحكيم
عند نص القانون على أن التحكيم جائز في جميع المنازعات،فإن هذا النص عام يشمل جميع أفراد المنازعات،والتي منها منازعات العقود الإدارية وهذا النص غير مخصص لنوع من أنواع العقود أو أن فيه تخصيصًا للعقود الإدارية فقط.
وبالتالي فإن النص العام يبقى على عمومه حتى يثبت ما يخصصه،وعموم النص
شمول التحكيم للمنازعات العقود الإدارية( ).

مع أن بعض الباحثين لا يرى صحة الاستشهاد بهذا الحجة تأسيسا على أنه لا يصح استعارة الأحكام الواردة في قانون المرافعات المدنية أو التجارية أو الإجراءات الجنائية ما لم يرد نص خاص في قانون القضاء الإداري وبالقدر الذي
لا يتعارض مع أوضاعه فلا مجال لاستعارة هذه الأحكام التي تعد عدوانا على اختصاص القضاء الإداري( ).
وأرى مع تقديري لوجهة هذه النظر إلا أنه مع غياب النص القانوني الخاص بالقضاء الإداري فإنه يجب على القضاء الإداري ألا يقف مكتوف الأيدي إزاء ما يواجهه من مسائل ومستجدات،وعليه البحث في القانون المدني باعتباره أصل القوانين أو البحث في القوانين الأخرى استئناسا بها ف"إنه إزاء عدم وجود تشريع خاص ينظم التحكيم في منازعات العقود الإدارية فإنه يتعين في ذلك الرجوع إلى الشروط العامة للتحكيم وإجراءاته الواردة بقانون المرافعات،والتي لا تتعارض مع الروابط الإدارية"( ).

المبحث الرابع
المقارنة بين الاتجاهات الفقهية المختلفة حول اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية

في هذا المبحث سوف أقوم،إن شاء الله،بتقدير الاتجاهين وتقويم الرأيين حول حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية وذلك بدارسة الحجج التي استند إليها كل فريق.

المبحث الرابع
المقارنة بين الاتجاهات الفقهية المختلفة حول اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية
المطلب الأول:تقدير الاتجاهين المانع والمجيز في اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
المطلب الثاني:تقويم الاتجاهين المانع والمجيز للجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.


المطلب الأول
تقدير الاتجاهين المانع والمجيز للجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية

في هذا المطلب سيكون البحث في تقدير الاتجاهين، الاتجاه المانع للتحكيم والاتجاه المجيز للتحكيم وذلك في النقاط الآتية:
أولاً:تحديد السبب الذي يرتكز عليه الاتجاهان
حتى يمكن لنا أن نفهم الاختلاف بين الفريقين يستحسن أن نقف على النقطة الأساسية التي ينطلق منها كل رأي على النحو الآتي:
أ:الرأي القائل بعدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية
بدراسة الرأي المانع من لجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية.
نجد أنه يبني سبب المنع حول أمر أساسي هو التمسك بالنصوص القانونية فجميع الأسانيد التي استند عليها هذا الرأي حقيقتها ترتكز على التمسك بالنص القانوني وبحرفيته.
فعند عدم وجود نص قانوني آذن بالتحكيم فلا يصح إجازة التحكيم في العقود الإدارية والأخذ به.
وأرى أن التمسك بحرفية النصوص على إطلاقه ليس أمرا مرغوبا فيه دائما بل يجب أن يكون هناك اجتهاد،ولا يقف القضاء أو الإدارة أمام حرفية النص مكتوف الأيدي حتى يصدر قانون يبين الحال بل عليهما أن يمارسا الاجتهاد المحمود المؤصل دون شطط ولا تجاوز خصوصا في نطاق المنازعات الإدارية التي يمارس فيها القضاء الإداري دورًا خلاقاً في تطور مبادئ القانون الإداري.


ب:الرأي القائل بجواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية
أما الرأي الثاني المجيز للجهات الإدارية أن تلجأ إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية.
فإنه يبني سبب الإجازة على ايجابيات التحكيم خاصة إيجابية سرعة إنهاء المنازعة والتي تحتاجه المقتضيات الاقتصادية،بالمقارنة بالقضاء،التي يأخذ في الفصل في المنازعة أمدا طويلا،فجميع الأسانيد التي استند عليها هذا القول إنما يبرهن جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية على هذه الإيجابية.
وأرى أنه يجب أن لا نجّوز أو نسمح بأمر ما بناء على أن الايجابيات الموجودة فيه فقط بل يجب أن يكون هناك توازن بين الإيجابيات والسلبيات وعند تغليب أحد الجانبين على الآخر يصدر الحكم أو الرأي.

ثانياً:عدم إعطاء الاتجاهين حلا وسطا في اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
الرأي الذي منع الجهات الإدارية من اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية قد تبنى المنع وأخذ به على إطلاقه،ولم يلتفت إلى الحجج التي استند عليها أصحاب الرأي الثاني مع ما فيها من وجاهة.
وكذلك حال الفريق الثاني فقد أجاز التحكيم على إطلاقه ولم يأخذ بالحجج التي قال بها أصحاب الرأي الأول مع ما فيها من وجاهة.
وأرى أنه يجب أن يستفيد كل اتجاه من المزايا التي لدى الاتجاه الآخر،مع مقارنة السلبيات والإيجابيات وصولاً إلى حل يحقق المصلحة العامة والعدالة المنشودة.



المطلب الثاني
تقويم الاتجاهين المانع والمجيز للجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية

في هذا المطلب سوف أقوم،إن شاء الله،بتقويم الرأي القائل بمنع اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،والرأي الذي يرى الجواز من خلال المحاور الأساسية والرئيسية التي يرتكز عليها الاتجاهين،كل في فرع مستقل،وذلك على التقسيم التالي:
الفرع الأول: تقويم الاتجاه المانع للجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
الفرع الثاني:تقويم الاتجاه المجيز للجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.

الفرع الأول

تقويم الاتجاه المانع للجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية

في هذا الفرع سوف أقوم،إن شاء الله،بتقويم الرأي المانع اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،وذلك في النقاط التي يرتكز إليها هذا الرأي،وذلك على النحو الآتي.
أولاً:معارضة التحكيم لسيادة الدولة
هذا الرأي يرى أن اللجوء إلى التحكيم يسلب ولاية قضاء الدولة، والذي هو مظهر من مظاهر سيادتها.
وإن في اللجوء إلى التحكيم،والذي قد يكون من جهات أجنبية خارج نطاق الدولة،وتصدر أحكاما ملزمة للدولة،وفي ذلك مساس بسيادة الدولة.
وأرى أن ذلك لا يتعارض مع سيادة الدولة لا من قريب ولا من بعيد،وبيان ذلك أن الجهات الإدارية عند لجوئها إلى التحكيم في العقود الإدارية وقبولها لنتائجه،إنما كان بمحض اختيار جهة الإدارة وبعلمها ولم يفرض عليها فرضا.
والحكم التحكيمي الصادر من هيئة التحكيم سواء كان التحكيم من داخل الدولة أو من خارجها ستنفذه بالطرق القانونية التي قننها المنظم،فكل ذلك ليس فيه إلزام عليها حتى يقال إن سيادة الدولة قد خرقت أو مسها أحد.
مما أرى معه أن هذه الحجة غير مقنعة لمنع اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.

ثانياً:اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية يتعارض مع الولاية القضائية للقضاء الإداري.
هذه الحجة تنطلق من أن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية تهميش للقضاء الإداري صاحب الاختصاص الأصلي بنظر منازعات العقود الإدارية.
وأرى أن ما ذكر لا يتعارض مع التحكيم باعتبار أن التحكيم قضاء ولا يختلف عنه إلا بأن الإطراف يلجأون إليه باختيارهم .
فالتحكيم في العقود الإدارية ليس منبت الصلة عن القضاء الإداري،لكون الأخير له سلطة الإشراف عليه وتنفيذ أحكامه.
فضلاً عن ذلك فإن هذه الحجة لازمها أن تمنع كافة أنواع التحكيم الأخرى كالتحكيم التجاري والتحكيم العمالي وغيرها؛لأن من مقتضى هذه الحجة إن اللجوء إلى التحكيم التجاري سلب لولاية القضاء التجاري والقضاء العمالي.
وبالتالي فإن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية ليس فيه تعارض مع الاختصاص الولائي للقضاء الإداري.
ثالثاً:اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات
هذه الحجة مبنية على أن في اللجوء إلى التحكيم من قبل الجهات الإدارية عزلاً للقضاء من ممارسة وظيفته المنوط به أصلا، وهذا فيه تدخل من السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية،وهذا يخالف مبدأ الفصل بين السلطات.
وأرى أنه ليس في اللجوء إلى التحكيم أي اعتداء على اختصاص السلطة القضائية، لأن التحكيم له نظامه الخاص القائم بذاته،قننه المنظم لحسم بعض المنازعات.


فاللجوء إلى التحكيم في الأصل لم تقرره السلطة التنفيذية من تلقاء نفسها حيث إنه من حيث المبدأ مقرر في القانون.
والتحكيم-وعلى فرضية أنه لم يقنن- فإنه أمر مشروع واللجوء إليه للفصل في المنازعات لا شيء فيه لعدم مخالفته للنظام العام.
وهو لا يمارس وظيفته باسم الدولة بل يمارس سلطته استنادا إلى إرادة الخصوم ضمن المجالات التي يحددها القانون( ).
رابعاً:تعارض التحكيم مع النظام العام
وهذه الحجة استند بها الرأي القائل بمنع اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية على أساس أن العقد الإداري لما فيه من تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة؛أي تحقيق مصلحة عليا على المصالح الفردية فهو متعلق بالنظام العام.
وأن في اللجوء إلى التحكيم عدم مراعاة للمصلحة العامة مما يكون في اللجوء إليه تعارض مع النظام العام.
وأرى أن اعتبار أن التحكيم في منازعات العقود الإدارية يمس النظام العام محل نظر لعدة اعتبارات منها :
الأول:النظام العام،يمثل بالمصالح الأساسية التي تتعلق بكيان المجتمع السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.
وأرى أن اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية عدم تعارض مع فكرة النظام العام؛حيث إن تحديد النظام العام أمر لا يحتاج إلى تعدد وجهات النظر فيه فهو أمر شبه محسوم باتفاق العموم عليه.


فتغليب الصالح العام على الصالح الخاص أمر ظاهر للعيان لا يحتاج إلى بحث وتنقيب وتعدد في وجهات النظر حوله.
بخلاف العقد الإداري الذي قد حصل فيه اختلافات عدة في تحديده وتحديد أركانه المميزة لها.
ثانياً:تعتبر قواعد النظام العام قواعد آمرة لا يجوز تعديلها أو الاتفاق على مخالفتها لكونها قواعد عليا.
إلا إن واقع الحال أن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية صار فيه خلاف كبير سواء على مستوى الفقهاء أو القضاء أو القوانين.
لذا أرى أن هذه الحجة غير مقنعة لعدم السماح للجهات الإدارية باللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
خامساً:التفرقة بين العقود الإدارية المحلية والعقود الإدارية الدولية
هذا الرأي يفرق بين اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية المحلية والعقود الإدارية والدولية.
فيمنع التحكيم في العقود الإدارية المحلية ويسمح باللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية،بناء على مقتضيات المصلحة العامة والتجارة الدولية،وقد تولى هذا الرأي القانون الفرنسي الذي هو رائد المنع.
وأرى أن في هذا الرأي شيئًا من التناقض حيث إن المنع بني على اعتبارات معينة منها انعدام وجود الأهلية للجهة الإدارية،ومنها اصطدام التحكيم بالنظام العام.
فالجهة الإدارية على حسب هذا الرأي ستكون لها أهليتان،أهلية كاملة في العقود الدولية تستطيع من خلالها أن تبرم عقد التحكيم،وأهلية وناقصة لا تستطيع إن تلجأ إلى التحكيم.


وفي هذا تناقض لأن الأهلية لا تتغير في اللجوء إلى التحكيم،فإذا قيل إنها ناقصة فإنها تكون ناقصة في العقود الإدارية المحلية والدولية،وإذا قيل أنها كاملة فإنها تكون في كاملة؛في العقود الإدارية الدولية والمحلية.
فالأهلية حالة تلازم صاحبها لا تنفك عنه،فالسفه مثلاً حالة ملازمة لصاحبها،فمن قال إن السفيه يستطيع إبرام تصرف ويمنع من آخر اتهم بالتناقض.
كما أن النظام العام سيكون النظر إليه بزاويتين؛ففي العقود الإدارية الدولية لن يصطدم التحكيم بالنظام العام،أما في العقود المحلية فيصطدم بالنظام العام.
فإذا قيل إن هذا التصرف يعارض النظام العام ولا يعارضه في حالة معينة قيل هذا تعارض.
أما حجة أن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية تفرضه مقتضيات الضرورة،فهذه الحجة هي ذات الحجة التي يرتكز عليها الرأي المجيز للتحكيم، ومع ذلك لم يقل الرأي المانع للتحكيم بالجواز.


الفرع الثاني
تقويم الاتجاه المجيز للجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية
في هذا الفرع سوف أقوم،إن شاء الله،بتقويم الرأي القائل بجواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،وذلك في النقاط التي يرتكز إليها هذا الرأي،وذلك على النحو الآتي:
أولاً:خصائص العقد الإداري:
أغفل الرأي القائل بجواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،خصائص العقد الإداري والذي يختلف عن بقية العقود الأخرى.

فأطلق التحكيم دون أن يكون مقيدا عند نظره بالقواعد المعروفة في القانون الإداري،مع أهمية خصائص العقد الإداري ولزوم أن تطبق على المنازعات الناشئة عنه قواعد القانون الإداري.
ثانياً:شرط الموافقة الأولية:
كما أغفل الرأي القائل بجواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،فأطلق اللجوء إلى التحكيم دون أن تكون هناك موافقة من أي جهة إدارية.
مع أن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية يختلف عن أنواع التحكيم الأخرى لارتباطه بالمصلحة العامة.

المبحث الخامس
الرأي في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية وتعريف التحكيم في العقود الإدارية في القانون

بعد أن قمت بتقويم الرأي المانع للجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية والرأي المجيز له،سوف أقوم في هذا المبحث،إن شاء الله،ببيان الرأي الذي توصلت إليه في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية في المطلب الأول،ومن خلال ما سبق ذكره بوضع تعريف للتحكيم في العقود الإدارية في المطلب الثاني.


المبحث الخامس
الرأي في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية وتعريف التحكيم في العقود الإدارية في القانون
المطلب الأول:الرأي في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
المطلب الثاني:تعريف التحكيم في العقود الإدارية في القانون

















المطلب الأول
الرأي في حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.

في هذا المطلب سوف اذكر الرأي الذي توصلت إليه ف يحكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،فالرأي الذي توصلت إليه في اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية هو:
أن اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية جائز بشرطين هما وجود موافقة أولية إلى اللجوء إلى التحكيم،وأن يكون القانون المطبق على المنازعة القانون الإداري.
أولا:أسباب اختيار هذا الرأي
هناك عدة أسباب تؤيد ما توصلت إليه في اختيار جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية هي:
السبب الأول:وجود مبررات تستلزم اللجوء إلى التحكيم
إن في اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية له من مبررات كثيرة،والتي تجعل الالتجاء إليه جائزاً وتتمثل فيما يلي:
أولاً:السرعة في فض المنازعة
تكمن هذه السرعة في أن هيئة التحكيم-سواء كانت فردا أو أكثر- تتفرغ لدراسة المنازعة وبحثها دون أن تكون هناك مزاحمة من قضايا أخرى،فليس لديهم
إلا منازعة واحدة بأطرافها بخلاف القضاء الذي يزدحم بكم كبير من القضايا وتزدحم قاعاته وصالاته بالخصوم،ولا يحكم في القضية إلا إذا جاء دورها وبعد



أن تنال من التأجيلات ما لا يتسع معه صدر الخصوم وما لا يتفق مع مصلحتهم في كثير من الأحوال( ).
ثانياً:السهولة في الإجراءات
يتميز التحكيم بالسهولة في الإجراءات،فجلسات التحكيم تعقد على حسب الأوقات المناسبة للأطراف خلافا لمواعيد المحاكم التي يتم تحديدها وَفْقًا لظروف العمل بالمحكمة( ).
ثالثاً:السرية
من إيجابيات التحكيم أنه يتسم بالسرية،فجلساته لا يشترط علانيتها وكذلك محدودية المطلعين على المنازعة من المحكمين ومساعديهم.
وهذا مطلب مهم،وخاصة في نطاق التجارة الدولية،لأن الأمر يتعلق بإسرار مهنية واقتصادية قد يترتب على علانيتها الإضرار بمراكز أطراف المنازعة،فكم من تاجر يفضل خسارة دعواه على كشف أسرار تجارته، فهي تمثل في نظره قيمة أعلى نتيجة الحق الذي يناضل من أجله في دعواه( )،ولذا نصت المادة الرابعة والأربعين من قانون التحكيم المصري بالقانون رقم 27 لسنة 1994م على أنه :"لا يجوز نشر أجزاء منه إلا بموافقة طرفي التحكيم".
رابعاً:قلة التكاليف
في الدول التي تقرر رسوما قضائية تعتبر قلة التكاليف في التحكيم إيجابية من إيجابياتة؛"لأن التحكيم لا يستدعي إلا نفقات زهيدة تكاد لا تذكر في جانب ما

تستدعيه حالة الدعوى أمام المحاكم من نحو أجر المحامي ومصروفات استحضار الشهود وغير ذلك" ( )،فقد تؤثر هذه التكاليف على أموال طرفي الخصومة.
خامساً:توفير الثقة والطمأنينة
من مبررات التحكيم أنه يوفر لدى أطراف المنازعة الثقة والطمأنينة حيث أنهم اختاروا المحكمين،والغالب أنهم يختارون من يثقون في حكمهم وفي علمهم وصلاحيتهم للنظر في المنازعة ( ).
فهذه الإيجابيات والمبررات هي ذات الإيجابيات والمبررات التي في عموم أنواع التحكيم الأخرى،والداعية إلى الأخذ به، واتساع دائرته،وتنظيمه،والاهتمام به،فلا فرق بين منازعات العقود الإدارية وغيرها من المنازعات من ناحية اللجوء إليه والفصل فيها ومن وجود الإيجابيات.

السبب الثاني:إعطاؤه حلاً وسطاً بين الرأي المانع والرأي المجيز في اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
من الأسباب المؤيدة للقول بهذا الرأي إنه يمثل حلاً وسطاً بين الاتجاهين،فلم يمنع هذا الرأي لجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية مطلقاً.
كما هو حال الرأي الذي منع الجهات الإدارية إلى اللجوء من التحكيم في منازعات العقود الإدارية،فإنه قد تبنى المنع وأخذ به على إطلاقه،ولم يلتفت إلى الحجج التي استند عليها أصحاب الرأي الثاني مع ما فيها من وجاهه.


ولم يجز هذا الرأي للجهات الإدارية اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية على أطلاقة،كما فعل الفريق الثاني،فقد أجاز التحكيم على أطلاقة ولم يأخذ بالحجج التي قال بها أصحاب الرأي الأول مع ما فيها من وجاهة.
وأرى أن كلا الاتجاهين بين إفراط وتفريط؛فالرأي الأول عند منعه الجهات الإدارية اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية لم يجعل حلاً للحالات التي يمكن أن يسمح لها بالتحكيم بل منعه على إطلاقه.
وكذلك الحال في الرأي المجيز للجهات الإدارية اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية،فقد أجاز التحكيم ولم يبين الحالات التي قد يمنع فيها التحكيم في منازعات العقود الإدارية .
فصار هذا الرأي وسطا بينهما؛فأجاز التحكيم بشروط إذا لم تتوافر فإن اللجوء إلى التحكيم يُمْنَعُ،فاستفاد من حجج الفريقين المؤيدة لرأيهما ووظفها لصالحه.

السبب الثالث:رعايته لمصلحة الجهة الإدارية
من الأسباب التي دعت إلى الأخذ بهذا القول أنه راعى هدف الإدارة في أعمالها خاصة عند لجوئها إلى التحكيم.
وذلك على اعتبار أن الجهات الإدارية تملك سلطة تهدف من خلال استعمالها إلى مصلحة عامة.
فهي تباشر كثيراً من التصرفات سواء كانت مقيدة أو تقديرية؛من ذلك إجراء التعاقدات المختلفة،والتي منها إجراء عقد التحكيم من أجل إنهاء النـزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية.



فهدف الجهة الإدارية هو المصلحة العامة من اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،ولو رأت في لجوئها إلى التحكيم في العقود الإدارية ما يخل بالمصلحة العامة فلن تأخذ به، وستلجأ إلى القضاء لفض منازعات العقود الإدارية.

ثانياً:شرطا اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية
أرى حتى يكون لجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم صحيحا توافر شرطين رئيسيين هما:
الشرط الأول:أن يكون القانون المطبق على المنازعة القانون الإداري
أولاً:أهمية هذا الشرط
أهمية هذا الشرط تكمن في أن العقد الإداري له طبيعة خاصة باعتباره يتصل دوما بمرفق عام،يقوم أساسا على أداء خدمة عامة،وهو أمر أدى إلى خضوع المرفق لقواعد القانون الإداري وما يقوم عليه من مراعاة الجهة الإدارية للمصلحة العامة وإعطائها بناء على ذلك الإباحة -في الحدود القانونية- في أن تمارس سلطتها.
فهذه الطبيعة التي يضطلع بها العقد الإداري لن تراعى عند اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية إلا إذا كان القانون المطبق على المنازعة هو القانون الإداري لأن لهيئة التحكيم-إذا لم ينص الأطراف على القانون الواجب التطبيق على المنازعة الحرية بتطبيق ما تراه مناسبا على المنازعة( )

وهو ما يتعارض مع طبيعة العقد الإداري.
وتبرز أهمية هذا الشرط كما يراه جانب من فقهاء القانون في أنه في حالة إخضاع التحكيم في المنازعة الناشئة عن العقد الإداري لقانون معين،فإنه يجعله غير خاضع لأي قيود تفرض من قبل هيئة التحكيم.
ويجد هذا الاتجاه صدى في العديد من القوانين وأحكام القضاء الوطني( ).
لذا كان لزاماً أن تؤخذ نظرية وقواعد العقد الإداري بعين الاعتبار عند اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
فيجب أن تكون القواعد المطبقة في التحكيم سواء كان شرطاً أو مشارطه قواعد القانون الإداري،"فاللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية مشروط بعدم استبعاد القواعد القانونية الموضوعية التي تطبق على العقود الإدارية" ( ).
وربما يرد استشكال وهو أنه عند تطبيق قواعد القانون الإداري،فإنه يصعب قبوله من الناحية العملية؛لأنه ربما ينفر المتعاقدان مع الجهات الإدارية من التعاقد للمزايا التي تتمتع بها الإدارة عن المتعاقد،كما أنه في التحكيم الدولي سوف تكون هذه القواعد تطبيقاً للقانون الوطني والذي يحرص الطرف الأجنبي على استبعادها لعدم معرفتها به( ).



إلا أنه يمكن الرد على هذا الاستشكال بما يلي:
أولاً:أن المتعاقد مع الإدارة يقبل التعاقد مع علمه بالمزايا التي تتمتع بها الجهة الإدارية،ولم تكن هذه المزايا سببا لنفور المتعاقد مع الإدارة.
ثانياً:إن المتعاقد الأجنبي عند تعاقده سيدرس موضوع التعاقد برمته،ولن يركز فقط على مسألة التحكيم،وما هو القانون المطبق على المنازعة في التحكيم بل سيهتم بالجدوى الاقتصادية وبعامل الوقت في الفصل في المنازعة في حال نشوئها وبكيفية الإجراءات التحكيمية ومدى تأثيرها في سرعة الفصل في المنازعة والوقت الذي يستغرقه التحكيم،فهذه الأمور تهم المستثمر في الدرجة الأولى،وهي أولى من القانون المطبق.
ثالثاً:إعمال قواعد القانون الإداري على العقود الإدارية قد يكون محققا لمصلحة الطرف المتعاقد مع الدولة أو الأجهزة العامة على نحو لا يحققه إعمال قواعد القانون الخاص.
ففي منازعة نشأت بين شركة يورثويننيل والسكك الحديدية الفرنسية والإنجليزية طالب الأشخاص العامة القائمة على شئون خطط السكك الحديدية في كل من إنجلترا وفرنسا إعمال قواعد القانون الخاص دون غيرها وأنكروا أن يكون عقد الاستغلال متعلقًا بمرفق عام وهو التمسك الذي يسمح لهم باستبعاد إعمال القانون الإداري الخاصة بنظرية تغير الظروف.
وعلى النقيض من ذلك فإن الشركة المتعاقدة، وهي الطرف الخاص في العقد وصاحبة حق الامتياز في بناء واستغلال النفق تحت المانش،تمسكت بإعمال قواعد




القانون الإداري الأكثر حماية لها،والتي تمكنها من إعادة التوازن المالي والاقتصادي للعقد( ).
وعليه فإني أرى أنه يجب أن تتمسك الجهات الإدارية عند اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية سواء كانت العقود داخلية أو دولية بشرط إعمال قواعد القانون الإداري واعتباره القانون المطبق على المنازعة العقدية وبما يتفق مع طبيعة العقد الإداري.
ثانياً:أسباب اشتراط هذا الشرط
هناك عدة أسباب للأخذ بشرط أن يكون القانون المطبق على منازعة العقد الإداري عند لجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم في العقود الإدارية هو القانون الإداري تتمثل بالاتي:
أ-ما استقر عليه في أن القانون المطبق في التحكيم هو ما اتفق عليه الأطراف
أن الغالب أن القانون الذي يحكم العملية التحكيمية هو ما اتفق عليه الأطراف، فالمستقر عليه أن على المحكم أو هيئة التحكيم أن تلتزم بتطبيق القانون المختار بشرط الاختيار الصريح.
يستوي ذلك أن يتم اختيار القانون المطبق في صلب العقد أم في وثيقة خاصة مستقلة،ويستوي كذلك أن يكون هذا الاختيار قد تم عند إبرام العقد أو في وقت لاحق على نشوب النزاع( ).

ويرجع السبب في وجوب أخذ هيئة التحكيم ما اختاره الأطراف من قانون على المنازعة التحكيمية على أصل احترام المبدأ التقليدي وهو سلطان الإرادة باعتبار أن الأطراف في العقد،هم الأقدر على اختيار القانون الملائم لطبيعة العلاقة القائمة
بينهم( ).
فالمحكم الذي لا يتصل بأي قانون لا يملك أن ينكر الاختيار الذي قامت به الأطراف صراحة( ).
وهذا المبدأ مبدأ درجت عليه في الواقع العملي أحكام المحكمين الدوليين والعديد من هيئات التحكيم بحيث صار اتجاها مستقرا تماما في صعيد التحكيم الدولي عملا بمبدأ سلطان الإدارة( ).
فالإدارة مع المتعاقد معها لهما الحرية في الاتفاق على القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع.
فاشتراط الجهة الإدارية أن يكون القانون المطبق قواعد العقد الإداري على المنازعة في حالة اللجوء إلى التحكيم سواء كان شرطا أو مشارطة أمر جائز قانونا ولا غبار عليه.
ويعتبر مبدأ وجوب الأخذ بما اختاره الأطراف من تطبيق قانون معين عند اللجوء إلى التحكيم،من المبادئ المستقر عليها والمسلم بها في القانون الداخلي والقانون الدولي الخاص( ).
وقد أخذت القوانين المعاصرة بمبدأ وجوب احترام ما اختاره الأطراف قانوناً على المنازعة عند اللجوء إلى التحكيم،منها القانون الفرنسي للتحكيم م1496والقانون
السويسري للتحكيم الدولي الخاص م187/1والقانون الأيرلندي للتحكيم م1054والمادة 358مكرر/14من قانون التحكيم الجزائري والمادة 39/1من قانون التحكيم المصري 1994م( ).
وقد جاء النص على تطبيق القانون الذي يختاره الأطراف على المنازعة عند اللجوء إلى التحكيم في الاتفاقيات الإقليمية والدولية للتحكيم وفي لوائح وقواعد التحكيم الدولية.
فقد نصت المادة الثانية عشرة من نظام مركز التحكيم التجاري الدولي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية،وكذلك نصت لائحة الإجراءات ذات المركز في المادة الثامنة والعشرين الفقرة الثالثة على أن القانون المطبق على المنازعة هو ما يختاره الأطراف.


وفي المادة الواحدة والعشرين الفقرة الأولى من اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري لعام 1987م نصت على أن:"تفصل الهيئة في النزاع وَفْقًا للعقد المُبْرَم بين الطرفين وأحكام القانون الذي اتفق الطرفان صراحة أو ضمنا إن وجد".
وفي المادة الثالثة والثلاثين الفقرة الأولى من نظام التوفيق والتحكيم لغرفة تجارة وصناعة دبي لعام 1974م.
أما في الاتفاقيات الدولية فقد أعطت الاتفاقيات حكماً دولياً في أن القانون الواجب التطبيق على المنازعة في العملية التحكيمية هو ما يختاره الأطراف.
من ذلك ما نصت عليه معاهدة نيويورك 1958م في المادة الخامسة الفقرة(أ):"إن العقد التحكيمي يجب إن يكون صحيحا وَفْقًا للقانون الذي اختاره الفرقاء...".
وفي المادة السابعة من الاتفاقية جنيف 1961م،والتي نصت على أن:"أطراف المنازعة لهم الحرية في تحديد القانون الذي على المحكمين تطبيقه بخصوص موضوع النـزاع ...".
وكذلك المادة الثانية والأربعين من اتفاقية واشنطن 1965م،والتي نصت على:"محكمة التحكيم عليها الفصل في النـزاع طبقاً للقواعد القانونية التي يقررها الأطراف ..." .
وفي المادة الثالثة والعشرين من لائحة محكمة التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس نصت على أن:"حرية الطرفين كاملة في تحديد القانون الواجب على المحكم تطبيقه على موضوع النزاع"،وفي المادة الثالثة عشرة الفقرة الثالثة نصت على أن:"للمحكم في حالة عدم وجود تعيين صريح من قبل الأطراف للقانون الواجب التطبيق أن يطبق القانون الذي تعينه قواعد الإسناد".



وفي المادة الثامنة والثلاثين من لائحة التحكيم الخاصة باللجنة الاقتصادية الأوروبية التابعة للأمم المتحدة،والتي نصت:"يجب على المحكمين أن يطبقوا القانون الذي يعينه الأطراف لينطبق على موضوع النـزاع".
وفي المادة الثالثة والثلاثين من قواعد التحكيم التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولي اليونسيترال التي نصت:"تطبق هيئة التحكيم القانون الذي من اختيار الطرفين على موضوع النـزاع".
ب- ما استقر عليه أنه إذا لم يحدد قانون للتطبيق فإن القانون المطبق في التحكيم هو قانون الدولة المتعاقدة
مما يعزز وجوب تطبيق قواعد القانون الإداري على المنازعة الناشئة من العقد الإداري التي ينظرها التحكيم.
أن المستقر عليه في القوانين والقضاء أنه إذا لم يحدد قانون للفصل في النـزاع فإن هيئة التحكيم تطبق قانون الدولة المتعاقدة.
فقانون الدولة المتعاقدة يسري على المنازعة في حالة إذا كانت الأطراف المتعاقدة قد اختارت صراحة هذا القانون ليحكم العقد.
أما في حالة تخلف الاختيار الصريح وانعدام الإدارة الصريحة أو الضمنية على تعيين القانون المطبق.
فإن المستقر عليه في قضاء التحكيم أن القانون الذي يطبقه التحكيم على المنازعة هو قانون الدولة المتعاقدة باعتباره القانون الذي يرتبط به عقد الدولة برباط وثيق،إذ يرتكز فيه مركز الثقل بالنسبة للعلاقة القائمة بين الدولة والطرف المتعاقد




معها،وعلى اعتبار أنه القانون الذي يتركز فيه الأداء المميز للمدين بالالتزام،وأن العقد سوف يتم تنفيذه في إقليم الدولة المتعاقدة( ).
ولأهمية القانون الوطني فقد ذهب البعض إلى أن إعمال قانون الإرادة يعني إن القانون الذي يحكم العقد هو القانون الداخلي التي يرتكز فيها العقد قانونا( ).
فقد نصت الاتفاقيات على هذا المبدأ بأن يكون القانون الواجب التطبيق في حالة عدم النص على القانون الذي يطبق على النزاع أولم يستطع المحكم استخلاص واستيضاح القانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة طرف النزاع.
فنصت اتفاقية واشنطن 1965م في المادة الثانية والأربعين على أن القانون المطبق هو القانون الذي يختاره المتعاقدان،وفي حالة تخلف هذا الاختيار يطبق قانون الدولة المضيفة للاستثمارات .
وقد أخذ التحكيم بهذا المبدأ في عدة قضايا( ) منها التحكيم في قضية المملكة العربية السعودية مع أرامكو فقد انتهى المحكم إلى أن القانون الوطني من حيث المبدأ هو القانون الواجب التطبيق على النزاع إلا أنه لم يجد فيه على حد زعمه القواعد التي تصلح للتطبيق على خصوصيات النزاع( ).
وكذلك في قضية تحكيم بين شيخ أبو ظبي وشركة التنمية البترولية المحدودة في 28 أغسطس 1951م فقد كان الاتفاق بين الطرفين يشير إلى أن القانون الوطني


واحتياطا المبادئ العامة للقانون،وقد استبعد المحكم الأنجليزي اللورد إسكويث أوف بيشويستون قانون أبو ظبي بحجة أنه لا يحتوى على قواعد مفصلة يمكن أن
تطبق على موضوع النزاع،وطبق بدلا من ذلك المبادئ العامة للدول المتحضرة والتي اسماها القانون الطبيعي الحديث معتبرا إن القانون الأنجليزي-من وجهة نظره والتي لا أوافقه عليها جملة وتفصيلاً،هو الترجمة العصرية للقانون الطبيعي،ويمثل المبادئ العامة للقانون في الدول المتحضرة.
وكذلك ذهب المحكم في القضية رقم 1526 التي تم الفصل فيها وَفْقًا لنظام غرفة التجارة الدولية بباريس عام 1968م إلى أن تحديد القانون الواجب التطبيق على عقد الامتياز بين الدولة وشركة بلجيكية في حالة عدم اختيار الأطراف صراحة لقانون يحكم العقد هو قانون الدولة المتعاقدة( ).
إذا كان ذلك من الأهمية فإنه يجب على الجهات المتعاقدة أن تنص عند لجوئها إلى التحكيم في العقود الإدارية إلى أن القانون المطبق على المنازعة هو قواعد العقد الإداري.
السبب الثالث:إن عدم تحديد القانون يجعل مهمة هيئة التحكيم صعبة
السبب الثالث في اشتراط أن يكون القانون المطبق على المنازعة عند اللجوء إلى التحكيم هو القانون الإداري.
لأن هيئة التحكيم في حالة عدم النص على القانون الواجب التطبيق على المنازعة تكون مهمتها"صعبة للغاية تتطلب منها قدرة فائقة على الموازنة بين مختلف الأدلة



التي يمكن استخلاصها من ظروف الحالة،ومن ثم ترجيح الأقوى منها في الدلالة على الإرادة المفترضة للأطراف"( ).
فهيئة التحكيم إن لم يتم تحديد القانون الواجب التطبيق فإنها ستجد صعوبة شديدة لاعتبارين( ):
الأول:مبدأ الحصانة القضائية للدولة،وهو المبدأ الذي يستبعد خضوع الدولة لأي قانون أجنبي؛إذ يعتبر مثل هذا الخضوع افتئاتا على السيادة التي تشكل حجر الزاوية في بناء القانون الدولي العام،ومن ثم في العلاقات الدولية.
والثاني:مبدأ سيادة الدولة على ثرواتها الطبيعية،وهو مبدأ اكتسب الطابع القانوني الدولي.
الشرط الثاني:شرط الموافقة الأولية
الشرط الثاني من الشرطين الواجب توافرهما للجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم في العقود الإدارية أن تكون هناك موافقة أولية قبل اللجوء إلى التحكيم.
وسبب ذلك أنه لما كان القصد من إبرام العقد الإداري متعلقًا بالمصلحة العامة،وكان في شرط أو مشارطة اللجوء إلى التحكيم في المنازعات التي تنشأ أو نشأت عنه قد يمثل خطورة على المصلحة العامة.



فلاعتبارات عملية وتجنبا لمخاطر ربما ترهق كاهل الدولة كان من الواجب ألا يتم اللجوء إلى التحكيم إلا بعد موافقة جهة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:49 pm

المبحث الثاني
اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في القانون

المطلب الأول: موقف القضاء من اللجوء التحكيم في العقود الإدارية الدولية
المطلب الثاني:موقف الفقه والقوانين من اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية


المطلب الأول
موقف القضاء من اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية

ذهب القضاء العادي في فرنسا،إلى جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية حتى مع انعدام النص القانوني الذي يسمح باللجوء إلى التحكيم.
فقد صدر حكم من محكمة النقض الفرنسية بجواز التحكيم في العقود الدولية وتتلخص وقائع الدعوى أنه سبق أن أُبْرِمَ عقد بين وزارة النقل البحري الفرنسية ومالك سفينة يونانية وقد نص العقد المبرم بينهما في المادة السابعة عشرة أن أي نزاع ينشأ عن هذا العقد يحال إلى محكمة التحكيم في لندن.
وعندما نشأ نزاع بين الطرفين لجأ صاحب السفينة اليوناني إلى محكمة التحكيم في لندن والتي حكمت لصالحه،إلا أنه عند طلبه تنفيذ الحكم رفضت وزارة النقل البحري الفرنسية تنفيذه،وتمسكت ببطلان شرط التحكيم لعدم أهليتها في الالتجاء إلى التحكيم وَفْقًا لنصوص القانون الفرنسي.
عرض النـزاع أمام محكمة النقض الفرنسية التي رفضت الاعتراض المرفوع أمامها على أساس أن محكمة الاستئناف(السين)إذا تبين لها أن القانون الواجب التطبيق يسمح بالتحكيم،كان عليها أن تقضي فيما إذا كانت القاعدة المنصوص عليها بالنسبة للعقود الداخلية من الواجب تطبيقها على عقد دولي أُبْرِمَ لحاجات التجارة الدولية،وفي ظروف تتوافق مع أعرافها أم لا.

وانتهت إلى أن هذا الحظر المنصوص عليه في القانون الداخلي لا يطبق على العقد ذي الطبيعة الدولية( ).
كما حكمت محكمة استئناف باريس حكمًا صادرًا في 24فبراير 1994م في القضية التي كانت بين وزارة المرافق التونسية وشركة إخوان بيك بجواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية فنصت المحكمة على:"أن الحظر بالنسبة لدولة ما بعدم جواز الاتفاق على التحكيم،مقصور على العقود المتعلقة بالنظام الداخلي أو المحلي،وهذا الحظر ليس له أي نتيجة أو أثر على النظام الدولي العام،ويكفى –لصحة شرط التحكيم- إثبات وجود عقد دولي مبرم للوفاء باحتياجات وبالشروط التي تتفق مع أطراف التجارة الدولية" ( ).
وما ذهب إليه القضاء العادي الفرنسي من تقرير مبدأ جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية لحاجات وضرورات التجارة الدولية وفي ظروف تتوافق مع أعرافها،فإنه جاء متوافقا مع أحكام محاكم التحكيم الدولية،كالحكم الصادر من غرفة التجارة الدولية،وغرفة التجارة الدولية بباريس التي قررت إن عدم تنفيذ الدول لشرط التحكيم في العقود الإدارية الدولية تهرب من التزاماتها الدولية ومخالفة للنظام العام الدولي ( ).

وأرى أن ما ذهب إليه القضاء العادي الفرنسي في تقريره لهذا المبدأ في ظل عدم وجود نص قانوني يسمح باللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية صحيح
حيث إن فيه مرونة ومعالجة لوضع قائم ربما يحرج الدولة،ودور القضاء يجب أن لا يقف مكتوفا أمام مستجدات العصر والحياة،فمن أهدافه الأساسية المصلحة العامة خاصة أنه ليس في تقرير هذا المبدأ ما يتنافى مع تحقيق العدالة المرجوة.
أما مجلس الدولة الفرنسي فقد أصدر بتاريخ 6مارس 1986م رأيه في اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية.
وذلك بخصوص تعاقد الحكومة الفرنسية مع شركة ديزني لأند العالمية بالولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء مدينة ديزني لاند بفرنسا على غرار المدينة الموجودة بالولايات المتحدة الأمريكية،ونص العقد على أن التحكيم هو وسيلة تسوية المنازعات بين أطرافه وعند حدوث النزاع يعرض على هيئة التحكيم.
طلب وزير التخطيط الفرنسي رأي مجلس الدولة في مدى جواز اللجوء إلى التحكيم فاصدر مجلس الدولة الفرنسي رأيه بخصوص التحكيم الدولي بأنه لا يجوز للأشخاص الاعتبارية الفرنسية العامة أن تلجأ إلى التحكيم الدولي وأن شرط التحكيم الوارد في العقد يعتبر باطلا وأنه لا يجوز اللجوء إلى التحكيم في التجارة الدولية إلا بشرط إن يرخص لها بذلك اتفاق دولي أو قانون تشريعي.
وأهم ما أسس عليه المجلس رأيه أنه ليس للجهات العامة التابعة للقانون العام أن
يفلتوا من القواعد التي تحدد صلاحية القضاء الوطني ما لم يوجد نص قانوني أو نص معاهدة مندمجة في النظام الداخلي يسمح بذلك اللجوء ( )


هذا الحكم يوضح وجهة نظر مجلس الدولة قبل صدور القانون رقم 86-972 الصادر في 19أغسطس 1989م الذي أجاز في مادته التاسعة للدولة والتجمعات الإقليمية أو المحلية والمؤسسات العامة في العقود التي يبرمونها مع شركات أجنبية
اللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات إذا كانت هذه المشروعات تهدف النفع العام( ).
ويعتبر القضاء العادي الفرنسي متحرراً بشأن إقرار التحكيم في العقود الإدارية الدولية مقابل قضاء مجلس الدولة الفرنسي الذي ظل رافضاً للتحكيم في العقود الإدارية( ).
أما القضاء المصري فقد ذهب إلى صحة شرط التحكيم في العقود التي طرفها أجنبي.
فقد أصدرت محكمة الاستئناف القاهرة-بعد صدور قانون التحكيم رقم 27لسنة 1994م- بتاريخ 19 مارس 1997م في القضية رقم 64لسنة 113قضائية،والتي تدور وقائعها حول عقد مبرم بين المجلس الأعلى للآثار مع أحدى شركات المقاولات شركة سيلجيستر نايت الإنجليزية للقيام ببعض الأعمال والإنشاءات واتفق الطرفان في حالة نشوء أي نزاع بينهما اللجوء إلى التحكيم.
صار نزاع بين الطرفين فلجأ إلى التحكيم الذي اصدر حكمه لصالح الشركة الإنجليزية بإلزام المجلس الأعلى للآثار بدفع مبالغ متنوعة للشركة الإنجليزية.

اعترض المجلس الأعلى للآثار على الحكم أمام محكمة الاستئناف القاهرة،وتمسك ببطلان شرط التحكيم،لأن العقد محل النزاع عقد إداري لا يجوز التحكيم فيه.
فأصدرت المحكمة حكمها الذي جاء فيه أن:"...عدم جواز شرط التحكيم في العقود الإدارية من شأنه أن يهز المتعاملين مع الأشخاص العامة في مصداقيتها ويرتب أبلغ الأضرار بفرص الاستثمارات الأجنبية ومشروعات التنمية" ( ).

المطلب الثاني
موقف الفقه والقوانين من اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية

في هذا المطلب سيكون البحث عن موقف الفقه والقوانين من اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية.
أولا:اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية لدى الفقهاء
ذهب الفقهاء في فرنسا إلى أن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية جائز،ولا يتعارض مع النظام العام الدولي،الذي يضع في الميزان مصالح التجارة الدولية،كما أن التحكيم يشكل الوسيلة الوحيدة المقبولة لفض المنازعات، والدول غالبا ما تكون مجبرة على قبوله( ).
إلا أن الاجتهاد في الحقل الإداري قد بقي على وضعه العدائي تجاه أهلية لجوء الدولة إلى التحكيم( ).
ثانيا:اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في القوانين
سبق أن الأصل في القانون الفرنسي أن اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية محظوراً.
فموقف القانون الفرنسي من إمكانية قبول التحكيم في العقود الإدارية يعتبر موقفاً عدائياً( ).


إلا أن المقنن الفرنسي أدخل استثناءً على هذا الأصل حيث أصدر القانون رقم 86-972 الصادر في 19أغسطس 1989م في المادة (9)،والتي نصت على:"أنه
بالمخالفة لأحكام المادة 2060 من التقنين المدني الفرنسي يرخص للدولة والجماعات الإقليمية والمؤسسات العامة بأن تدرج في عقودها التي أبْرِمَتها بالاشتراك مع شركات أجنبية لأجل القيام بعمليات اقتصادية وطنية شرط التحكيم لتسوية المنازعات التي تثار عند تفسير وتنفيذ مثل تلك العقود".
وبموجب هذه المادة أن التحكيم يعتبر جائزاً في منازعات العقود الدولية، والتي منها العقود الإدارية ذات الطابع الدولي.
وقد اشترط القانون لجواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية ما يلي:
1-أن يكون العقد مبرما مع شركة أجنبية فخرج عن حكم المادة العقود المبرمة مع الشركات الفرنسية،وهذا يعني أن الحظر في اللجوء إلى العقود الإدارية المحلية ما زال ساريا.
2-أن يكون المشروع محل العقد ذا نفع وطني عام.
3- أن يتضمن العقد نصًا يجيز التحكيم،وذلك عند إبرام العقد.
ويشترط لتطبيق هذا القانون أيضا أن صدور مرسوم من مجلس الوزراء للموافقة على تضمين العقد شرط التحكيم وان تؤخذ الموافقة على كل حالة على حده، ويرجع سبب هذا الاستثناء إلى سنة 1986م حيث تعاقدت الحكومة الفرنسية مع شركة والت ديزني الأمريكية لإقامة ملاه على نسق ملاهي والت ديزني في الولايات المتحدة الأمريكية،وقد أصرت الشركة الأمريكية على وجوب إدراج

شرط التحكيم في العقد إلا أن مجلس الدولة الفرنسي رفض ذلك فصدر هذا القانون المجيز للتحكيم( ).
أما في مصر فقد نصت المادة الأولى من الباب الأول من قانون رقم 27 لسنة 1994م الخاص بقانون التحكيم،على أنه:"مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية،تسري أحكام هذا القانون بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص، أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع،إذا كان هذا التحكيم يجري في مصر أو كان تحكيماً تجارياً دولياً يجرى في الخارج،واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون".
فهذه المادة نصت على جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الدولية ويدخل فيها منازعات العقود الإدارية الدولية.
لأن هذه المادة تدخل في عموم تعديل الفقرة الأولى من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994م بالقانون رقم 9 لسنة 1997م التي نصت على أنه:"وبالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة،ولا يجوز التفويض في ذلك".
فجاءت هذه المادة بجواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الدولية،وبالتالي لا يكون معها اجتهاد،فلا اجتهاد مع النص.


وقد حدد القانون المصري معيار التحكيم في المنازعة الدولية في المادة الثالثة من قانون التحكيم السالف ذكره،فنص على أن التحكيم الدولي:"...إذا كان موضوعه نزاع يتعلق بالتجارة،وذلك في الأحوال الآتية:
أولا:إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرف التحكيم يقع في دولتين مختلفين وقت إبرام اتفاق التحكيم،فإذا كان لأحد الطرفين عدة مراكز للأعمال فالعبرة بالمركز الأكثر ارتباطا بموضوع اتفاق التحكيم،وإذا لم يكن لطرفي التحكيم مركز أعمال فالعبرة بمحل إقامته المعتاد.
ثانيا:إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجد داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها.
ثالثا:إذا كان موضوع النـزاع الذي يشمله اتفاق التحكيم،يرتبط بأكثر من دولة واحدة.
رابعا:إذا كان المركز الرئيسي لإعمال كل من طرفي التحكيم،يقع في نفس الدولة وقت إبرام الاتفاق،وكان أحد الأماكن التالية واقعا خارج هذه الدولة:
(أ)مكان إجراء التحكيم كما عينه اتفاق التحكيم أو أشار إلى كيفية تعيينه.
(ب)مكان تنفيذ جانب جوهري من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية بين الطرفين.
(ج)المكان الأكثر ارتباطا بموضوع النزاع" .
ومن القوانين التي أجازات التحكيم في العقود الإدارية الدولية قانون المرافعات البلجيكي بمقتضى التعديل الذي ورد عليه في سنة 1972م المادة 2/1676واشترط لجواز التحكيم في العقود الإدارية الدولية شرطين( ) :

1-وجود معاهدة تقضي بشرط التحكيم.
2- وجود قانون خاص يجيز التحكيم.
ومن الدول التي أجازت التحكيم في العقود الإدارية الدولية لبنان، وليبا،وتونس،والجزائر( )وسوريا( ).
على أنه وإن كانت هناك دول قليلة أجازت التحكيم في العقود الإدارية المحلية والدولية،إلا أن غالبية الدول أجازت التحكيم في العقود الإدارية الدولية فقط على سبيل الاستثناء،ويرجع ذلك إلى اعتبارات عملية باعتبارها مطلباً حيوياً من متطلبات التنمية لما يوفره من مناخ ملائم لجذب الاستثمارات الأجنبية( ).

المبحث الثالث
اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في الاتفاقيات الدولية

نظرًا لارتباط التحكيم في العقود الإدارية الدولية بالجانب الدولي،فقد أولت الدول الاهتمام بهذه المسألة،فتم إبرام عدة اتفاقيات حول التحكيم في العقود الإدارية الدولية.
والحرص على التحكيم الدولي ليس أمراً مجرداً،وإنما له غايات،منها أنه يريد تحرير التجارة الدولية من سلطان القوانين الوطنية،وإخضاعها لقانون دولي يشتق من الأعراف التجارية الدولية،وما يجرى عليه العمل في المجتمع الدولي( ).
وهذه الغاية لا تتعلق بالتحكيم في العقود الإدارية فقط لما سبق بيانه من أن القانون الواجب التطبيق على المنازعة هو قواعد القانون الإداري لذا أرى أن هذه الغاية تكون مقصورة في الإجراءات فقط.
ولقد صدرت عدة اتفاقات متعلقة بالتحكيم عقدت سواء على المستوى الإقليمي أو المستوى العالمي فلأهمية هذا الأمر فقد رأيت إن يتم التعرض إليه في هذا البحث حتى يتكون لديّ ولدى القارئ الكريم تصور عن التحكيم في العقود الإدارية ذات الطابع الدولي،لذلك سوف أستعرض،إن شاء الله،أهم الاتفاقيات الدولية على المستوين الإقليمي والدولي،كل في مطلب مستقل.

المبحث الثالث
اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في الاتفاقيات الدولية

المطلب الأول:اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في الاتفاقيات الإقليمية.
المطلب الثاني: اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في الاتفاقيات الدولية.


المطلب الأول
اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في الاتفاقيات الإقليمية

هناك عدة اتفاقيات على المستوى الإقليمي العربي هذه بعضا منها:
أولا:اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول المضيفة للاستثمارات العربية ومواطني الدول العربية الأخرى الموقعة 10يونيو1974م
تعتبر هذه الاتفاقية اتفاقية ذات إطار إقليمي فهي اتفاقية خاصة بالدول العربية ونتيجة جهود مجلس الوحدة الاقتصادية التابع للجامعة العربية( ).
حيث إنها نصت المادة الثانية من الاتفاقية على:"حل أي نزاع قانوني ينشأ مباشرة عن أحد الاستثمارات بين الدولة العربية المضيفة وبين مواطني الدول العربية الأخرى سواء أكان شخصا طبيعيا أو معنويا..... ".
وتقضى الاتفاقية أن يكون التحكيم بين شخصية معنوية عامة وشخص خاص ومتعلقة بنزاع استثماري،كما أنها بتت في أهلية الدول إلى اللجوء إلى التحكيم( ).
فالاتفاقية أجازت اللجوء إلى التحكيم في العقود التي تعقد بين دولة عربية وشخص طبيعي أو شخص معنوي والتي منها العقود الإدارية،فهذه الاتفاقية أعطت حكما بجواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية ذات الطابع الدولي منذ القدم.


ثانيا:اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري
أُعدت هذه الاتفاقية من قبل مجلس وزراء العدل العرب بعد إقراره لها في دورته الخامسة بقرار رقم 80/د5-16/8/1407هـ-14/4/1987م.
وقد أنشأت الاتفاقية مؤسسة دائمة تسمى المركز العربي للتحكيم التجاري مقره الرباط،تمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة وتلحق إداريًّا وماليًّا بالأمانة العامة لمجلس وزراء العدل العرب.
وتهدف الاتفاقية إلى إيجاد نظام عربي موحد للتحكيم التجاري،فقد جاء في ديباجة الاتفاقية ما نصه:"الإيمان بأهمية إيجاد نظام عربي موحد للتحكيم التجاري يأخذ مكانه بين أنظمة التحكيم العالمية والإقليمية وحرصا على تحقيق التوازن العادل في ميدان حل النـزاعات التي يمكن أن تتولد عن عقود التجارة الدولية وإيجاد الحلول العادلة لها".
أما عن أطراف المنازعة الخاضعة للتحكيم على ضوء هذه الاتفاقية فإن المادة الثانية ذكرت ما نصه:"تطبق الاتفاقية على النـزاعات التجارية الناشئة بين أشخاص طبيعيين أو معنويين أيا كانت جنسياتهم يربطهم تعامل تجاري مع أحدى الدول المتعاقدة أو أحد أشخاصها أو تكون لهم مقار رئيسية فيها".
فالمادة ذكرت أن أحد أطراف النزاع دولة متعاقدة أو أحد أشخاصها المعنويين وفي تعامل تجاري،وبالتالي فإن الاتفاقية تجيز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
ثالثا:اتفاقية منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول
في الخامس من يونيو عام1967م تقدمت المملكة العربية السعودية بمشروع اتفاقية لإنشاء منظمة تضم الدول المصدرة للبترول في الوطن العربي،وفي الربـع


الأخير من ذلك العام وقعت على هذه الاتفاقية بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية الكويت وليبيا( ).
وقد نصت المادة الحادية والعشرين من الاتفاقية على أن يكون في المنظمة هيئة قضائية أحكامها نهائية وملزمة، وتكون لها بذاتها قوة تنفيذية في إقليم الدول الأعضاء.
ومن ضمن اختصاصاتها بناء على اتفاق الأطراف المتنازعة النظر في المنازعات التي تنشأ بين أي عضو وبين شركات البترول التي تعمل في إقليم ذلك العضو،والتي تتبع أي عضو آخر.
وهذه المنازعة بالطبع لن تكون إلا نتيجة عقد إداري بين أحد الدول الأعضاء وأحدى شركات البترول المنتمية إلى عضو آخر في الاتفاقية.
فالعقد يعتبر عقدًا إداريًّا دوليًّا،فالاتفاقية أجازات اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية.
وحقيقة نظر الهيئة في هذه المنازعة نظر تحكيمي حتى وإن لم يرد نص صريح في الاتفاقية على كونها هيئة تحكيمية إلا أن حقيقتها أنها تحكيم حيث إنها لا تخضع لقضاء دولة معينة،وتنظر في المنازعة بناء على اتفاق الأطراف.






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:53 pm



اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية في الاتفاقيات الدولية

المطلب الثاني


في هذا المطلب سوف أستعرض بعض الاتفاقيات التي عقدت على المستوى الدولي والتي منها:


أولا:اتفاقية نيويورك المبرمة في عام 1958م ( )


هذه الاتفاقية أعدت مشروعها اللجنة المختصة بشئون التحكيم التجاري الدولية
في 13 مارس 1953م،ثم قدم للأمم المتحدة -المجلس الاجتماعي والاقتصادي-


وفي المؤتمر الدولي الذي انعقد في نيويورك خلال الفترة 20 مايو إلى 10
يونيو 1958م تمت الموافقة من قبل 45دولة ومجموعة من المنظمات الدولية
والحكومية وغير الحكومية على اتفاقية الاعتراف بأحكام المحكمين الأجانب
وتنفيذها.


وقد نصت المادة الثانية من الاتفاقية:"فقرة1- تعترف كل الدول المتعاقدة
بالاتفاقية الخطية التي يكون الفرقاء التزموا بموجبها أن يخضعوا للتحكيم
جميع أو بعض النـزاعات التي نشأت أو قد تنشأ فيما بينهم بشأن علاقة قانونية
معينة تعاقدية أو غير تعاقدية متعلقة بموضوع يمكن تسويته عن طريق
التحكيم".


فموضوع الاتفاقية الاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها،والمتعلقة بالنـزاعات
الناشئة عن تجارة دولية سواء كانت العلاقة تعاقدية،والتي منها العقود
الإدارية الدولية،أو علاقة غير تعاقدية.




وحددت الاتفاقية في المادة الأولى المقصود بالتحكيم الدولي فنصت على
أنه:"يعتبر حكم التحكيم دوليا إذا صدر في إقليم دولة غير التي يطلب إليها
الاعتراف بالحكم وتنفيذه على إقليمها".




فالاتفاقية جعلت أساس التفرقة بين القرار الوطني والقرار الأجنبي في مكان
صدوره،فيكون القرار أجنبيا إذا صدر في دولة أجنبية سواء كانت منضمة إلى
الاتفاقية أم لا،وطلب تنفيذه في دولة منضمة للاتفاقية( ).


كما حددت الاتفاقية القانون الواجب التطبيق عند تنفيذ القرار التحكيمي،بأنه
قانون القاضي المطلوب إليه تنفيذه،وان على القاضي إحالة "أطراف النزاع إلى
التحكيم في حال تبين له أن النزاع يمكن حله بطريق التحكيم دون إن تحدد
القانون الواجب التطبيق على قابلية النزاع للتحكيم"( ).


ثانيا:اتفاقية جنيف الأوروبية المبرمة 1961م( )


أُبْرِمَت هذه الاتفاقية في 21ابريل 1961م في جنيف،وقد جرى التحضير لهذه
الاتفاقية تحت إشراف اللجنة الاقتصادية الأوروبية في جلسة خاصة لمندوبين
تابعين لعدد اثنتين وعشرين دولة أوروبية.


وقد توصل المجتمعون إلى ضرورة إيجاد وسيلة ملائمة لفض المنازعات التي تنشأ
عن العلاقات الاقتصادية والمعاملات التجارية التي تبرم بين الدول
الأوروبية،وقد كان التحكيم هو الوسيلة المختارة لفض المنازعات الناشئة
بينهم.




أما عن العضوية لهذه الاتفاقية فإنها ليست محصورة في الدول الأوروبية فقط
بل هي معاهدة مفتوحة بحيث إن أي دولة لها أن تنضم إلى الاتفاقية.




وقد حددت المادة الأولى من هذه الاتفاقية نطاق سريان الاتفاقية على
الاتفاقيات التحكيمية التي تتعلق بالمنازعات الناشئة،أو التي يمكن لها أن
تنشأ عن عقود التجارة الدولية،والتي تكون بين الأشخاص المعنويين أو الأشخاص
الطبيعيون إذا كان لهم مكان إقامة عادية أو كانت محل أقامتهم في دول
متعاقدة مختلفة.


فالاتفاقية على ضوء هذه المادة جعلت المعيار الاقتصادي والمعيار الجغرافي
المعيارين اللذين يسري بموجبهما ما يكون معه تضييق في نطاق إعمالها.


وقد قررت المادة الثانية جواز لجوء الأشخاص المعنوية العامة إلى التحكيم في
المنازعات الناشئة في علاقاتها ذات الطابع الدولي،والتي منها العقود
الإدارية الدولية،وأزالت حظر التحكيم في مجال العلاقات الدولية.


وقررت المادة الثانية أيضاً أن للدول المنظمة للاتفاقية أن تتحفظ على
المنازعات التي لا تسري عليها الاتفاقية لاحتمال أن يتعارض التحكيم مع
القوانين الوطنية للدول الموقعة على الاتفاقية،والغرض من هذا التقييد رغبة
في تلافي رفض الدول التصديق على هذه الاتفاقية. ( ).








ثالثا:اتفاقية واشنطن الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمارات بين الدول ورعايا دول أخرى المبرمة في عام 1965م( ).








أُبْرِمَت اتفاقية واشنطن في عام 1965م بين الدول الأعضاء في البنك الدولي
للإنشاء والتعمير لتسوية الخلافات بين الدول المتعاقدة ومواطني الدول
المتعاقدة الأخرى.


وقد وقع على هذه الاتفاقية ثماني عشرة دولة أوربية،وأربع وثلاثين دولة
أفريقية، وإحدى عشرة دولة آسيوية،وأربع دول أمريكية،بينها الولايات المتحدة
الأمريكية ولا تزال الدول تزداد عاما بعد عام.


وقد نصت المادة الأولى من الاتفاقية على إنشاء مركز لتسوية المنازعات
فذكرت أن:"يتم إنشاء المركز الدولي لفض المنازعات الناشئة عن الاستثمار
(يطلق عليه فيما بعد بالمركز".


فالاتفاقية لم تكتف ببيان للشروط والأطراف،بل نصت على أن يكون هناك مركز لتسوية المنازعات في الاستثمار لأطراف هذه الاتفاقية.


وقد حددت المادة الخامسة والعشرين من الاتفاقية اختصاص المركز فنصت على
أن:"1-يمتد الاختصاص القانوني للمركز إلى أية خلافات قانونية مباشرة تنشأ
مباشرة عن استثمار بين دولة متعاقدة (أو أي إقليم فرعي أو أي وكـالة تابعة



للعضو المتعاقد سبق أن عينته الدولة المتعاقدة إلى المركز) وبين مواطن من دولة أخرى متعاقدة..".



فهذه المادة حددت أطراف التحكيم وهما طرف حكومي ومستثمر من مواطني الدول المتعاقدة الأخرى.


فإذا أُبْرِمَت دولة ما مع مواطن من دولة أخرى متعاقدة عقدًا إداريًّا
وكانا موقعين على اتفاقية واشنطن،فإن لهما اللجوء إلى المركز الدولي لفض
المنازعات الناشئة عن الاستثمار.


مما يدل على أن هذه الاتفاقية جوزت اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الدولية.


وقد ذكرت الفقرة الثانية في(أ)و(ب) من الاتفاقية على المقصود بالمواطن
الوارد في الفقرة الأولى أنه الشخص الطبيعي أو الشخص الاعتباري.


وفي الفقرة الثالثة بينت الاتفاقية أنه يجب على الطرف الحكومي أن يعين
الجهة الإدارية التي يمكن لها اللجوء إلى مركز التسوية المنازعات الناشئة
عن العقد الإداري الدولي.


وبالتالي فليست لأي جهة حكومية أو مؤسسة عامة أو هيئة عامة في الدولة
المتعاقدة أن تلجأ إلى المركز لتسوية المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية
مالم تكن مسجلة مسبقاً لدى المركز.


وفي الفقرة الرابعة أعطت الاتفاقية الحق للدول المتعاقدة سواء عند التصديق
أو القبول أو اعتماد الاتفاقية أو في وقت لاحق بتحديد المنازعات التي يتم
عرضها على المركز أو المنازعات التي لا يتم عرضها على المركز.



والواقع أن هذه الاتفاقية لم تؤد الغرض المرجو منها،فهناك دول مُنضمة إلى
الاتفاقية،وصار بينها وبين أحد مواطني دولة متعاقدة نزاع،ومع ذلك لم تطبق
هذه الاتفاقية.



فإنه لما حصل النـزاع بين فرنسا وشركة ديزني لاند الأمريكية وتمسكت الأخيرة
باللجوء إلى التحكيم للفصل في النـزاع ذهب مجلس الدولة الفرنسي إلى أن هذه


الاتفاقية لا أثر لها على الحظر المفروض على الدولة وسائر أشخاص القانون العام في اللجوء إلى التحكيم( ).



الباب الثاني



التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظام السعودي


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:54 pm

الباب الثاني


التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظام السعودي




تمهيد وتقسيم:





لم يتحدث فقهاء الإسلام عن مصطلح (التحكيم في منازعات العقود
الإدارية)بصورة محدده حيث إن هذا الاصطلاح من الاصطلاحات المستحدثة
والجديدة،التي لم تظهر في عصر تدوين الفقه الإسلامي.



ففكرة التحكيم في العقود الإدارية فكرة حديثة في النظم المعاصرة لم
تُنْشَأْ إلا بعد تأسيس مجلس الدولة الفرنسي الذي أسس نظرية العقد
الراداري،ومن ثم فإن هذه الفكرة لم تُعرف بوضعها الراهن لدى علماء الفقه
الإسلامي.



ففقهاء الإسلام بحثوا ودرسوا التحكيم بصفة عامة،ولم يحظ التحكيم في العقود
الإدارية بدراسة متخصصة ومستقلة لديهم ،وإنما اندرج بحث ودراسة التحكيم في
العقود الإدارية تحت التحكيم بصفة عامة.



مما كان معه عدم وجود مفهوم أو تعريف للتحكيم في العقود الإدارية في كتب الفقه الإسلامي.



لذا سوف أقوم،إن شاء الله،بمحاولة لتأصيل التحكيم في العقود الإدارية على ضوء الفقه الإسلامي.



وسوف يكون البحث،إن شاء الله،في هذا الباب حول مشروعية وحول تأصيل التحكيم
في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي؛كل ذلك من لمصادرة المعتبرة شرعا،ثم
أعرف التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي.





وبعد ذلك أبين مفهوم التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي،حيث
إنه يقوم على أساس الشريعة الإسلامية الغراء وعلى المبادئ والقواعد
المستقرة فيها ولا يخرج عما تقرره.







فالباحث والدارس للتحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي لن يجد كبير
اختلاف بينها وبين دراسة وبحث التحكيم في العقود الإدارية في الفقه
الإسلامي.



لذا رأيت أن تكون دراسة مفهوم التحكيم في العقود الإدارية في النظام
السعودي تابعة وتالية لدراسة مفهوم التحكيم في العقود الإدارية في الفقه
الإسلامي وجزء منه.



والملاحظ أن الدارسات التي تناولت التحكيم في العقود الإدارية في النظام
السعودي ليست بتلك الغزارة والكثرة التي تناولتها مثيلاتها من الدراسات
والمؤلفات كما في القانون المصري مثلا وذلك عائد لحداثة نشأة هذا العلم في
المملكة العربية السعودية وأيضا لحداثة نشأة ديوان المظالم بالمملكة
العربية السعودية.




الباب الثاني





التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظام السعودي



الفصل الأول:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من الفقه الإسلامي.



الفصل الثاني:التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي.





الفصل الأول







تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من الفقه الإسلامي




سوف أقوم،إن شاء الله،في هذا الفصل بتأصيل العقود الإدارية من الفقه
الإسلامي،وذلك من كتاب الله عز وجل،ومن سنة نبيه e،ومن التطبيقات العملية
للخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم،ومن اجتهادات الفقهاء،ولكن قبل البدء
في هذا المبحث سوف أقدم بتمهيد عن مفهوم المنازعات الإدارية في الفقه
الإسلامي،وفي نهاية هذا الفصل سوف أقوم بتعريف التحكيم في العقود الإدارية
في الفقه الإسلامي.






الفصل الأول





تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من الفقه الإسلامي



مبحث تمهيدي:مفهوم المنازعات الإدارية في الفقه الإسلامي.



المبحث الأول:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من كتاب الله عز وجل ومن
سنة نبيه eومن التطبيقات العملية للخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم.



المبحث الثاني:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من اجتهادات الفقهاء.



المبحث الثالث:تعريف التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي.




مبحث تمهيدي





مفهوم المنازعات الإدارية في الفقه الإسلامي




كَوْنُ التحكيم في العقود الإدارية يتعلق بمنازعة العقد الإداري فسوف
أتحدث، إن شاء الله،قبل أن أقوم بتأصيل التحكيم في العقود الإدارية بتعريف
المنازعة الإدارية في الفقه الإسلامي،ثم أذكر الجهة المختصة بنظر المنازعات
الإدارية في الفقه الإسلامي.






مبحث تمهيدي





مفهوم المنازعات الإدارية في الفقه الإسلامي



المطلب الأول:تعريف المنازعات الإدارية في الفقه الإسلامي



المطلب الثاني:الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية في الفقه الإسلامي




المطلب الأول





تعريف المنازعات الإدارية في الفقه الإسلامي




لم يذكر اصطلاح (المنازعة الإدارية) أو(الدعوى الإدارية) لدى
الفقهاء،فالفقهاء عند حديثهم عن (الدعوى) وتعريفهم لها عَرَّفَوا
(الدعوى)بصفة عامة.





باعتبار أن مصطلح (الدعوى الإدارية)و(المنازعة الإدارية)مصطلح حديث لم
يُعرف في ذلك الوقت الذي دُوِّنَ فيه الفقه الإسلامي،وإن كانت واقعا قائما
عند كلامهم حول اختصاصات ديوان المظالم،كما سيأتي بيانه إن شاء الله.



ولعدم وجود تعريف محدد لدى الفقهاء (للمنازعة الإدارية) فسوف استعرض ما ذكروه في تعريف الدعوى بشكل عام.



فعَرَّفَ الحنفية الدعوى أنها:"مطالبة حق في مجلس من له الخلاص عند ثبوته"( ).



أما المالكية فقد عَرَّفَوها أنها:"طلب معين أو ما في ذمة معين أو ما يترتب عليه أحدهما معتبرة شرعا لا تكذبها العادة"( ).



وعَرَّفَ الشافعية الدعوى أنها:"إخبار عن وجوب حق للمخبر على غيره عند حاكم ليلزمه به" ( )




وعَرَّفَ الحنابلة الدعوى:"إضافة الإنسان إلى نفسه استحقاق شيء في يد غيره،أو في ذمته" ( ).





فهذه التعاريف التي ذكرها الفقهاء عامة تشمل (المنازعة الإدارية) وغيرها.



وبالنظر إلى من كتب من الفقهاء حول قضاء المظالم أو ولاية المظالم في الفقه
الإسلامي لكونه قضاءً مختصًّا بنظر الدعاوى المتعلقة بالسلطة في النظام
الإسلامي فنجد أنهم عند ذكرهم لاختصاصات قضاء المظالم لم يستخدموا اصطلاح
(المنازعة الإدارية) المستخدمة في القانون.



فقضاء المظالم عالج موضوعات تندرج في ولاية القضاء الإداري القائم في
الأنظمة المعاصرة،ولكن بألفاظ ومصطلحات كانت مستخدمة آنذاك،ولا مشاحة في
الاصطلاح،فالعبرة بالمضمون والمعاني لا بالألفاظ والمباني( ).



وفي هذا الشأن يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:"عموم الولايات وخصوصها وما
يستفيده المتولي بالولاية يتلقى مع الألفاظ والأحوال والعرف،وليس لذلك حد
في الشرع فقد يدخل في ولاية القضاء في بعض الأمكنة والأزمنة ما يدخل في
ولاية




الحرب في مكان وزمان آخر، وكذلك ولاية الحسبة وولاية المال"( ).





فعند حديث الفقهاء( ) عن اختصاصات ديوان المظالم، أو ولاية المظالم ذكروا



صورا من المنازعات التي يختص بها ديوان المظالم،والتي منهاSad )






فهذه الدعاوى يظهر من خلالها طبيعة (الدعوى الإدارية) في الفقه الإسلامي،
فهي عبارة عن تظلمات يكون المدعي فيها ضعيفا،والمدعى عليه عنده من القوة


1-النظر في الأملاك التي بيد الولاة،أو الدولة،إذا رفع أحد من الأفراد شكواه إلى الديوان بأنها له وردها إلى أصحابها إذا ثبت ذلك.

2- النظر في شكاوى العاملين في الدولة،من تأخر،أو نقص،أو إجحاف في أرزاقهم.

3-النظر في تظلمات أرباب الملاك إذا تغلب عليها أهل الأيادي والقوة.




والسلطة ما لا يستطيع معها-أي القوة- المدعي أخذ حقه بنفسه-مما يجعله حتى
يسترد حقه-يلجأ لديوان المظالم،وهذه السلطة لا تكون إلا إذا كانت دولة.



والمتمعن في هذه الاختصاصات يجد أنها صور من صور المنازعات الإدارية في القانون.



فنظر قاضي المظالم في دعوى (تعدي الولاة على الرعية) مثلا هو ما يعبر عنه
في القانون الإداري (عيب مخالفة القانون ) في حالة مخالفة أعضاء السلطة
الإدارية



لمبادئ المشروعية،وكذلك عند الانحراف بالسلطة في حق
الأفراد ،كما أن قاضي المظالم عند نظره في
شكاوى العاملين من تأخر،أو نقص، أرزاقهم أو الإجحاف فيها، فهذه الدعاوى ما
هي إلا منازعات التسوية المالية للموظفين،والتي يختص فيها القضاء الإداري
في النظم المعاصرة( ).



فـ(المنازعة الإدارية) في الفقه الإسلامي هي الدعوى التي تكون الدولة-أو
إحدى سلطاتها-طرفا فيها،والتي تشمل دعاوى الإلـغاء ودعـاوى التـعويض




ودعاوى التأديب،وهذه هي الدعاوى الإدارية يختص بها القضاء الإداري في النظم المعاصرة( ).





" فالمنازعات الإدارية التي ذكرها الفقه الإسلامي على سبيل الحصر ضمن
اختصاص قضاء المظالم تشمل غالبية المنازعات الإدارية التي يختص بها القضاء
الإداري الحديث" ( ).



فـ(المنازعة الإدارية) في الفقه الإسلامي تشمل أيضا منازعات العقود
الإدارية، وإنْ لم ينص الفقهاء على ذلك صراحة عند حديثهم عن اختصاصات ديوان
المظالم.



حيث إن العقود الإدارية تعتبر جزءًا من كل(المنازعات الإدارية) في الفقه
الإسلامي لكون طرفها الدولة والمتعاقد معها،وإذا كانت الدولة طرفًا في
منازعة



ما فإن الذي يختص بنظرها هو ديوان المظالم كما قرر سابقا باعتبارها جزءًا
من (المنازعات الإدارية) في الفقه الإسلامي،فإذا ثبت الحكم للكل ثبت للجزء.



فالمقرر في علم أصول الفقه أن اللفظ العام يفيد الاستغراق بحيث يستغرق
ويشمل جميع الأفراد التي يصدق عليها معناه من غير حصر في كمية معينة
منها،وأنه يجب اعتقاد عمومه( ).





فالمنازعات الإدارية في الفقه الإسلامي لفظ عام يدل على شمول كل ما يصدق
عليه أنه (منازعة إدارية) باعتبار أن الدولة طرف فيها من غير حصر في دعوى
إدارية معينة، والتي منها دعوى منازعات العقود الإدارية.







ويرى بعض الباحثين أن اختصاص قضاء المظالم بالنظر في جور العمال فيما
يجبونه من أموال يدخل من ضمنها منازعات العقود الإدارية،لأنها تنتج عن حقوق
مالية للإدارة( ).





المطلب الثاني







الجهة المختصة بنظر الدعاوى الإدارية في الفقه الإسلامي




يعتبر ديوان المظالم أو ولاية المظالم هي الجهة المختصة بنظر الدعاوى الإدارية في الفقه الإسلامي.





وإعطاء جهة معينة نظر دعاوى معينة يطلق عليه في الفقه الإسلامي اصطلاح تخصيص القضاء.



ولكن قبل الدخول في توضيح دور ديوان المظالم بنظر الدعاوى الإدارية باعتباره قضاًء مختصًا بنظر المنازعات الإدارية.



سوف أقوم بتوضيح مفهوم تخصيص القضاء في الفقه الإسلامي حتى يتضح لنا ما هو مقصود الفقه الإسلامي من تخصيص القضاء بنظر القضايا؟.



مفهوم تخصيص القضاء( ):



يقصد بتخصيص القضاء توزيع القضايا، والمنازعات في نطاق مكاني أو زماني، أو على نوعية،أو موضوع الحقوق المتنازع عليها.



فالاختصاص الزماني هو تخصيص نظر القاضي لقضايا ومنازعات في زمن معين كأيام محددة في الأسبوع.



أما الاختصاص المكاني فتقييد القضاء في بلد معين أو مكان معين كتقليد النبي e عليا، رضي الله عنه ،اليمن.





والاختصاص النوعي أو الموضوعي فهو تخصيص نظر القاضي بحسب نوعية معينة من
القضايا والمنازعات،فقد ورد عن عمر،رضي الله عنه،أنه قال ليزيد بن أخت
النمر:"اكفني بعض الأمور-يعني صغارها- ورد الناس عني في الدرهم والدرهمين"(
)،وهذا يدل على تخصيص القضاء بحسب نوعية ومقدار المنازعة.







وفكرة الاختصاص القضائي تقوم على تعدد الجهات القضائية في الدولة الواحدة والزمان الواحد.



وهذا التخصيص يجب أن يكون في الجهات القضائية الداخلة ضمن السلطة القضائية في الدولة الواحدة ضمانة لاستقلال القضاء وحيدته.



والفقه الإسلامي يعتبر أن تخصيص القضاء بزمان أو مكان أو نوع ملزم للقضاة
لا يجوز لهم أن يتعدوه،ومن أصدر حكمه خلاف ذلك فإن حكمه غير صحيح ولا ينفذ.



قال الماوردي:"فأما إن كانت ولايته خاصة فهي منعقدة على خصوصها ومقصورة
النظر على ما تضمنته فيصح التقليد ولا يصح للمولى أن يتعداه"( ).



فإذا خصص ولي الأمر ولاية القاضي بمكان معين وقضى خارج النطاق المكاني المخصص له فإن حكمه لا ينفذ.







قال في الروض المربع:"وإن ولاه بمحل معين لم ينفذ حكمه في غيره" ( ).











وقال الماوردي:"ولو قلد الحكم فيمن ورد إليه في داره أو في مسجده صح ولم يجز أن يحكم في غير داره ولا في غير مسجده" ( ).



وقال ابن قدامة في المقنع( ):"ويجوز أن يوليه-أي الإمام- عموم النظر في
عموم العمل،ويجوز أن يوليه خاصا في أحدهما أو فيهما،فيوليه عموم النظر في
بلد أو محلة خاصة فينفذ قضاؤه في أهله ومن طرأ إليه".



وجاء في مجلة الأحكام الشرعية الحنبلية:".. ولو ولاه قضاء بلدة أو محلة لم ينفذ حكمه إلا فيها،وليس له أن يسمع بينة إلا فيها"( ).



وكذلك الحال إذا قيد ولي الأمر النطاق الزماني للقاضي"فإذا ولاه القضاء سنة كذا لم يصح حكمه قبل حلولها ولا بعد مرورها"( ).



أما عن حكم تخصيص القاضي بنظر نوعية معينة من المنازعات، فقال في





المقنع( ):"ويجوز أن يوليه-أي الإمام- عموم النظر في عموم العمل....أو يجعل







الحكم في المداينات خاصة،أو في قدر من المال لا يتجاوزه،أو يفوض إليه عقود
الأنكحة دون غيرها،ويجوز أن يولي قاضيين أو أكثر في بلد وأحد،فيجعل إلى
أحدهما الحكم بين الناس،والى الآخر عقود الأنكحة دون غيرها".



قال الشيخ ابن قاسم( ):"قال الشيخ:ولاية الأحكام يجوز تبعيضها،ولا يجب أن
يكون عالما في غير ولايته،فإن منصب الاجتهاد ينقسم حتى ولو ولاه المواريث
لم يجب أن يعرف إلا الفرائض والوصايا،وأن ولاه عقود الأنكحة وفسخها لم يجب
أن يعرف إلا ذلك،وعلى هذا إذا قال:اقض فيما تعلم،ولو قال أفت فيما تعلم
جاز،ويسمى مالا يعلم خارجا عن ولايته".



فإذا تجاوز القاضي اختصاصه النوعي المحدد له فإن حكمه لا ينفذ.



جاء في مجلة الأحكام الشرعية الحنبلية:"لو ولاه الإمام الحكم في
المداينات،أو عقود الأنكحة،أو النفقات،أو الأوقاف،لم ينفذ حكمه في
غيرها،وإذا خصص له الحكم في قدر من المال لا يتجاوزه، فلا ينفذ حكمه في غير
ذلك" ( ).



وقال الماوردي:"وإن كانت ولايته –أي القاضي- خاصة فهي منعقدة على
خصوصها،ومقصورة النظر على ما تضمنته،كمن قلد القضاء في الديون دون
المناكح،أو في مقدر بنصاب،فيصح هذا التقليد ولا يصح للمولى أن يتعداه" (
).





وقد علل عبدالرحمن بن قدامة( )جواز تخصيص القضاء بزمان أو مكان أو نوع
المنازعة بقوله:"لأن ذلك جميعه إلى الإمام،وله الاستنابة في الكل وفي
البعض، فتكون له الاستنابة في البعض فإن من ملك في الكل ملك في البعض،وقد
صح أن النبي e كان يستنيب أصحابه كلا في شيء فولى عمر القضاء،وبعث عليا
قاضيا على اليمن،وكان يرسل أصحابه في جمع الزكاة وغيرها،وكذلك الخلفاء
بعده".







كما أن مصلحة الأمة تقتضي ذلك؛أي تخصيص القضاء،فالتخصص يجعل القاضي أقدر على معرفة حقائق المسائل ودقائقها.



فتخصيص نظر المنازعات الإدارية لجهة قضائية معينة دون غيرها،سواء أطلق على
هذه الجهة ديوان مظالم أو قضاء مظالم أو مجلس دولة أو غيرها من المسميات
أمر جائز في الفقه الإسلامي،ويشهد له ما سبق بيانه.



أما عن الجهة المختصة بالنظر في المنازعات الإدارية في الفقه الإسلامي فإنه
بالرجوع إلى ما ذكره الفقهاء حول تحديد الجهة المختصة في نظر الدعاوى
الإدارية في الفقه الإسلامي نجد أنهم تناولوا ذلك عند حديثهم لولاية
المظالم أو ديوان المظالم باعتباره جهة قضائية مختصة بالدعاوى المتعلقة
بالدولة سواء من حيث موظفيها أو أموالها وخلافه.



فما سبق ذكره حول طبيعة المنازعة الإدارية في الفقه الإسلامي،فإنا نجد أن
المنازعة الإدارية تقام ضد الدولة أمام ديوان المظالم بخصوص تظلمات موظفيها
فيما يتعلق بحقوقهم الوظيفية،وكذلك تقام ضد من يعتدي على حقوق الأفراد من
منسوبي الدولة،أو الدولة.




مما يعني أن الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية في الفقه الإسلامي هي ديوان المظالم.





وقضاء المظالم باعتباره مختصا بنظر المنازعات الإدارية بشكل خاص إنما
يقتصر على نوعية القضايا فقط دون تطبيق النصوص على الدعوى، باعتبار أن ذلك
من المسلمات لدى الفقهاء لكون ما يطبقه القاضي على الدعوى والمنازعة
المعروضة أيا كانت نوعية الدعوى هي أحكام الفقه الإسلامي في مجال القواعد
التي تحكم الإدارة وما يصدره ولي الأمر من قرارات تتعلق بتنظيم المرافق
العامة.



فناظر المظالم يطبق على المنازعات الإدارية ذات القواعد القانونية التي يطبقها القاضي العام والمتمثل في أحكام الفقه الإسلامي( ) .





المبحث الأول







تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من كتاب الله عز وجل،ومن سنة النبيe، ومن التطبيقات العملية للخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم




الأصل أن التحكيم في المنازعات الإدارية يندرج في الفقه الإسلامي تحت
التحكيم بصفة عامة،باعتبار أن التحكيم في الفقه الإسلامي من الأمور
المشروعة والجائزة في جميع الدعاوى،والتي منه منازعات العقود الإدارية،وليس
هناك ما يخرجها عن هذا الأصل.





وبعد أن بينت مفهوم المنازعة الإدارية في الفقه الإسلامي في المبحث
السابق،فسوف أقوم في هذا المبحث،إن شاء الله،بتأصيل التحكيم في العقود
الإدارية من كتاب الله عز وجل،ومن سنة نبيهe، في المطلب الأول،ومن
التطبيقات العملية للخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم،في المطلب الثاني.












المبحث الأول





















تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من كتاب الله عز وجل،ومن سنة النبيe، ومن التطبيقات العملية للخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم




المطلب الأول:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من كتاب الله عز وجل من سنة النبيe.





المطلب الثاني:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من التطبيقات العملية للخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم.





المطلب الأول( )





تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من كتاب الله عز وجل ومن سنة النبيe






يمكن الاستدلال –حسب ما ظهر لي -بجواز ومشروعية التحكيم في العقود الإدارية بما ورد في الآيتين الكريمتين التاليتين:




في هذا المطلب سأبين،إن شاء الله،تأصيل التحكيم في العقود الإدارية في كتاب الله عز وجل وفي سنة نبيه e.

أولا: تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من كتاب الله عز وجل


الآية الأولى:



ما جاء في قولة تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ }( )



وجه الاستدلال:



إن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بالوفاء بالعقود فعند اتفاق طرفين على
التحكيم سواء كان الأطراف أشخاص طبيعيين أو عامين،وسواء كانت المتعاقدة جهة
إدارية أو غيرها يعتبر داخلا في هذه الآية.



فاتفاق جهة الإدارة مع المتعاقد معها على التحكيم لحل المنازعات الناشئة عن العقد يدخل في عموم الآية.





الآية الثانية:







ما جاء في قولة تعالى: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا
وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ أنه هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }( )



وجه الاستدلال:



تبين الآية أنه إذا كان هناك أعداء للدولة الإسلامية وطلبوا الصلح والهدنة
مع المسلمين فإنه في حالة مصالحتهم ومسالمتهم فإن ذلك جائز ومشروع.



قال ابن كثير في تفسير هذه الآية:"يقول الله تعالى:إذا خفت من قوم خيانة
فانبذ إليهم عهدهم على سواء فإن استمروا على حربك ومنابذتك فقاتلهم(وإن
جنحوا)؛أي مالوا (للسلم)؛أي المسالمة،والمصالحة،والمهادنة،(فاجنح لها)؛ أي
فَملْ إليها،واقبل منهم ذلك"( ).



وقال ابن العربي:"السلم بفتح السين وكسرها وإسكان اللام، وبفتح السين
واللام وبزيادة الألف أيضا هو الصلح، وقد يكون السلام بالألف واللام من
التسليم"، وقال:"..إن دعوك إلى الصلح فأجبهم،قاله ابن زيد والسدي"( ).



فالآية شرعت لنا حكما يفيدنا بأنه في حالة نزول عدو الدولة الإسلامية إلى
الصلح مع الدولة الإسلامية دون القتال فإنه يجوز للدولة الإسلامية أن تعقد
هذه المسالمة أو الصلح.





وهذه الطرق لإنهاء الحرب سلما لا تقتصر فقط على الصلح فقط،فيجوز أن تلجأ الدولة الإسلامية إلى الطرق السلمية الأخرى لحل الحرب.







ومن هذه الطرق السلمية التحكيم،فيجوز للدولة الإسلامية اللجوء إلى التحكيم لإنهاء الحرب سلماً حتى لا تلجأ إلى الخيار العسكري.



فإذا كان لجوء الدولة الإسلامية إلى التحكيم،في حال الحرب أمراً جائزًا
ومشروعًا،فإن هذا يفيدنا أن لجوء الدولة في كافة المنازعات الناشئة التي
تكون طرفا فيها أيضا جائز ومشروع.



وهذه المنازعات تشمل كافة المنازعات غير الحربية مع الدول،أو كانت في
منازعات أخرى تكون الدولة طرفاً فيها بشكل عام،والتي منها منازعات العقود
الإدارية،فإن التحكيم في منازعاتها جائز ومشروع.



الآية الثالثة:



ما جاء في قولة تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فإن بَغَتْ أحداهُمَا عَلَى
الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ
اللَّهِ فإن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }( )



وجه الاستدلال:



تبين الآية أنه في حالة وقوع نزاع بين طائفتين وفريقين من المسلمين فإن على المسلمين أن يسعوا إلى الصلح بينهم.



قـال ابن كثير:"يقول تعالى آمراً بالإصـلاح بين الفئتين الباغيتين بعضهم على





بعض"( ).







وقال الشوكاني:"والمعنى إذا تقاتل فريقان من المسلمين فعلى المسلمين أن
يسعوا بالصلح بينهما،ويدعوهم إلى حكم الله،فإن حصل بعد ذلك التعدي من أحدى
الطائفتين على الأخرى،ولم تقبل الصلح ولا دخلت فيه،كان على المسلمين أن
يقاتلوا هذه الطائفة الباغية حتى ترجع إلى أمر الله وحكمه،فإن رجعت تلك
الطائفة الباغية عن بغيها وأجابت الدعوة إلى كتاب الله وحكمه،فعلى المسلمين
أن يعدلوا بين الطائفتين في الحكم ويتحروا الصواب المطابق لحكم الله و
يأخذوا على يد الطائفة الضالة حتى تخرج من الظلم وتؤدي ما يجب عليها
للأخرى"( ).



فالآية أعطتنا حكما شرعيا مفاده أنه يمكن أن يحل النزاع بين الطائفتين من
المسلمين بغير طريق القتال ويمكن حله بالطرق السليمة، كالصلح.



وأرى والله اعلم،أن إنهاء النزاع بين المسلمين لا يقتصر فقط على ما ورد في
الآية بحيث يفهم أنه لو كانت هناك طريقة أخرى فإن ذلك أمر غير جائز شرعا،بل
أن أي طريقة لإنهاء القتال بين الفئتين المسلمتين،قبل اللجوء إلى خيار
القتال،فإنه أمر جائز ومشروع،والتي منها التحكيم.



فإذا كان التحكيم أمرًا مشروعًا لإنهاء المنازعات الحربية فإنه جائز في كافة المنازعات،والتي منها منازعات العقود الإدارية.



كما أن الآية بينت لنا حكما آخر وهو أن الطرق السلمية،والتي منها التحكيم،
لا يقتصر فقط على الأفراد؛أي الأشخاص الطبيعيين،وإنما يمتد ليشمل الفئة أو
الطائفة؛أي الأشخاص المعنويين.




قال ابن العربي:"الطائفة كلمة تطلق في اللغة على الواحد من العدد وعلى ما لا يحصره عدد"( ).





وقال ابن عاشور:"..الطائفة ذات وجمع،والطائفة الجماعة"( )؛أي الشخصية المعنوية.



فهذه الآية يستدل بها على أن التحكيم إذا كان طرفه شخصية معنوية،فإنه يكون
جائزا ومشروعا فإن لجوء الدولة أو الجهة الإدارية إلى التحكيم في المنازعات
التي تكون طرفا فيها أمر جائز ومشروع،وهذه المنازعات تشمل كافة
المنازعات،والتي منها منازعات العقود الإدارية.




ثانيا: تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من السنة النبوية





ورد في السنة النبوية عدة وقائع يمكن الاستدلال بها على جواز ومشروعية التحكيم في العقود الإدارية وهي الآتية:



أولا:احتكام الدولة الإسلامية في عهد نبينا محمد e كطرف وبني قريظة كطرف آخر،وكان المحكم سعد بن معاذ رضي الله عنه ،سيد الأوس.



ثبت في روايات عدة أنه بعد معركة الخندق،وبعد ظهور خيانة ونكث يهود بني
قريظة لوعدهم مع رسول اللهe ،واتفاقهم سرا مع قريش على حرب المسلمين،توجه
رسول الله e إلى بني قريظة فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة،وقذف الله عز وجل في
قلوبهم الرعب،فطلبت اليهود من رسول الله e إنهاء





النـزاع،واقترحت أن يكون سعد بن معاذ، رضي الله عنه ،حكما بينها وبين رسول الله e.








وجه الاستدلال:



إن الدولة الإسلامية باعتبارها طرفا في نزاع -بغض النظر عن هذا النزاع هل هو إداري أو غيره -قبلت بالتحكيم.



ولو كان التحكيم في الدعاوى التي تكون الدولة طرفا فيها غير مشروع لما ارتضاه الرسول e.


فاستوثق رضي الله عنه من رضاء الطرفين بحكمه ومن قبولهم تنفيذه، فقد توجه،
رضي الله عنه ،إلى بني قريظة قائلا:"عليكم عهد الله وميثاقه إن الحكم فيكم
ما حكمت؟" فقالوا: نعم ، ثم قصد الناحية التي بها رسول الله e وهو معرض
بوجهه إجلالا لرسول اللهe وقال:"وعلى من هاهنا ؟"فقال: رسول الله e: ((نعم
)) ( ).




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:57 pm





على عليٍّ، رضي الله عنه،التحكيم،وأقام الحجة عليهم.




وفيه جواز مصالحة أهل قرية أو حصن،على حكم حاكم مسلم،عدل،صالح للحكم،أمين
على هذا الأمر،وعليه الحكم بما فيه مصلحة للمسلمين،وإذا حكم بشيء لزم
حكمه،ولا يجوز للإمام ولا لهم الرجوع عنه،ولهم الرجوع قبل الحكم والله
اعلم"( ).



قال النووي:"إن هذه الحادثة فيها دليل على جواز التحكيم في أمور المسلمين
وفي مهامهم العظام،وقد أجمع المسلمون عليه،ولم يخالف فيه إلا الخوارج،فإنهم
أنكروا






ثانيا:قبول الدولة الإسلامية في عهد نبينا محمد e التحكيم كطرف واليهود كطرف آخر .




أورد ابن هشام في السيرة النبوية،معاهدة للنبيe مع اليهود وفيهاSad( وأنه ما
كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده،فإن مرده إلى الله
وإلى محمد رسول الله e ،وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره))( ).




وجه الاستدلال:




هذه المعاهدة التي أبْرمَها رسول e مع اليهود تضمنت قبول الطرفين للتحكيم
فيما قد يحدث من مخاصمات ومنازعات بينهما،وأنه eحكما بين الطرفين فيما يحدث
من خصومات.





مما يدل على أن هذه المعاهدة بينت جواز مشروعية دخول الدولة الإسلامية في التحكيم التي يكون طرفه شخصًا دوليًّا.







فإذا جاز للدولة الإسلامية الدخول في التحكيم في المنازعات التي تكون مع
طرف أجنبي فيجوز لها كأصل عام الدخول في كافة الدعاوى والمنازعات
الأخرى،والتي منها منازعات العقود الإدارية بطبيعة الحال،وليس هناك ما
يخرجها عن هذا الأصل.





ثالثا:وصية الرسول e لأمرائه في حالة التحكيم بين المسلمين ومن حاصرهم أن ينزلهم على حكمه دون حكم الله عز وجل.







روى الإمام مسلم( )عن بريدة، رضي الله عنه،أن رسول الله e ،كان إذا أمر
أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين
خيرا،ثم قال لهSad(إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزل على حكم الله فلا تنزل
لهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله أو
لا))وفي رواية أخرى( )Sad(إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل ذمة الله وذمة
نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه،ولكن اجعل لهم ذمتك،وذمة أصحابك
فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة
رسوله)).






وجه الاستدلال:










في هذا الحديث يوصي الرسول e أصحابه رضوان الله عليهم،على قبول التحكيم في أمر مستقبلي بخصوص أي نزاع ،يدخل في نطاق القانون الدولي.




فإذا جاز للدولة الإسلامية الدخول في تحكيم يتعلق بالقانون الدولي فإنه
أيضاً يجوز لها الدخول في التحكيم في دعاوى ومنازعات أخرى،والتي منها
الدعاوى الإدارية،والتي منها منازعات العقود الإدارية، وليس هناك ما يدل
على إخراجها.




فوصيته e على قبول التحكيم تدل جوازه ومشروعيته في كافة الدعاوى والمنازعات
التي تكون الدولة طرفاً فيها،والتي منها منازعات العقود الإدارية.




رابعا:دخول الدولة الإسلامية في عهد النبي e في تحكيم بخصوص مال الزكاة.




روى ابن شاهين بإسناده عن ابن عباس،رضي الله عنهما،أن رسول الله e قال لبني
العنبر حين انتهبوا مال الزكاةSad(اجعلوا بيني وبينكم حكما))،فقالوا:يا
رسول الله e الأعور بن بشامة فقالSad(بل أسيدكم ابن عمرو)) فقالوا:يا رسول
الله e الأعور بن بشامة فحكمه رسول اللهe فحكم بأن يفدى شطر ويعتق شطر( ).















وجه الاستدلال:




أن رسول eعرض التحكيم في دعوى الدولة الإسلامية طرفٌ فيها وفي أمر يتعلق
بمصالح المسلمين،وهذه المخاصمة التي بين الدولة الإسلامية وبني العنبر
متعلقة بتحديد مقدار الزكاة؛أي أنها منازعة إدارية طرفاها الإدارة (الدولة
الإسلامية) وأحد المكلفين بدفع الزكاة (بني العنبر) فهي تدخل في المنازعات
الزكوية الضريبية.




فهذا الحديث يدل على مشروعية التحكيم في المنازعات الإدارية،ولو كان
التحكيم غير مشروع في المنازعات الإدارية في الفقه الإسلامي لما عرض النبي e
على بني العنبر التحكيم بخصوص الزكاة،فإذا جاز في هذه الصورة فيجوز أيضا
في منازعات العقود الإدارية باعتبارها داخلة في المنازعات الإدارية.





المطلب الثاني







تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من التطبيقات العملية للخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم





في هذا المطلب سأذكر،إن شاء الله،التأصيل للتحكيم في العقود الإدارية من التطبيقات العملية للخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم.







بعد البحث لم أجد إلا تطبيقين يمكن أن أستدل بهما كأصل للتحكيم في العقود
الإدارية،هما للخليفتين الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلي بن أبي
طالب رضي الله عنه.





أولاً: تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من التطبيق العملي لعمر بن الخطاب







دخول الدولة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تحكيم بخصوص نزع ملكية للمنفعة العامة.




اخرج ابن سعد( )عن سالم بن النضر رضي الله عنه قال:"لما كثر المسلمون في
عهد عمر،رضي الله عنه،ضاق بهم المسجد،فاشترى عمر ما حول المسجد من الدور
إلا دار العبـاس بن عبد المطلب وحجر أمهـات المؤمنين،فـقال عمر للعباس:يا
أبا






الفضل:إن مسجد رسول الله eقد ضاق بهم،وقد ابتعت ما حوله من المنازل نوسع
بها على المسلمين في مسجدهم إلا دارك وحجر أمهات المؤمنين،أما حجر










أمهات المؤمنين فلا سبيل إليها،وأما دارك فبعنيها بما شئت من بيت مال
المسلمين أوسع بها في مسجدهم"،فقال العباس رضي الله عنه:ما كنت لأفعل،فقال
عمر :"اختر مني أحدى ثلاث: أما أن تبيعينها بما شئت من بيت مال
المسلمين،وأما إن أحطك حيث شئت من المدينة وأبيتها من بيت مال
المسلمين،وأما تصدق بها على المسلمين فيوسع بها في مسجدهم،قال:لا ولا واحدة
منها"،فقال عمر رضي الله عنه:"اجعل بيني وبينك من شئت،فقال: أبيّ بن كعب
رضي الله عنه فانطلقا إلى أبيّ فقصا عليه القصة ...".




وجه الاستدلال:




قول عمر رضي الله عنه للعباس رضي الله عنه "اجعل بيني وبينك من شئت" فهذا
يعتبر تحكيم عرضه الفاروق رضي الله عنه،على العباس رضي الله عنه عم رسول
اللهe بخصوص نزع بيته للمصلحة العامة،وهي توسعة مسجد رسول الله e،وتعيين
الصحابي أبيّ بن كعب رضي الله عنه،محكم في هذه الدعوى.




هذه الواقعة كانت بمشهد من الصحابة رضوان الله عليهم،و بخصوص مصلحة عامة،
لا يتصور عدم علم الصحابة بهذا التحكيم، فكان إجماعا منهم رضوان الله عليهم
، وبالتالي فإن هذا التحكيم الذي كانت الدولة طرفا فيه مشروع وجائز.






فإذا كان هذا التحكيم طرفه الدولة الإسلامية (الإدارة)،وبخصوص منازعة
إدارية (نزع الملكية للمنفعة العامة) قد أخذ به عمر رضي الله عنه والصحابة
رضوان الله عليهم.










فبناء على ذلك يكون لجوء الإدارة في منازعات العقود الإدارية إلى التحكيم
أمراً مشروعاً وجائزاً باعتبار أن منازعة العقود الإدارية من المنازعات
الإدارية.





ثانيا:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من التطبيق العملي لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ( )







التحكيم بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أثر معركة صفين.




بعد أن احتدم القتال أياماً في معركة صفين التي جرت بين علي بن أبي طالب
ومعاوية رضي الله عنهما أمر معاوية رضي الله عنه، جنده أن يرفعوا المصاحف
على الرماح حتى يكفوا عن الحرب.




فقال علي رضي الله عنه:"ما هذه إلا خديعة ودهاء ومكيدة"، فطلب منه أصحابه أن يستجيب لهم.





فأرسل رضي الله عنه الأشعث بن قيس إلى معاوية رضي الله عنه يستطلع رأيه
فقال معاوية:"لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر الله عز وجل في كتابه تبعثون منكم
رجلا ترضون به ونبعث رجلاً،ثم نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله لا
يعدُوانه،ثم نتبع ما اتفقا عليه".







بعد ذلك تم اختيار أبا موسى الأشعري رضي الله عنه عن علي رضي الله عنه،وعمرو بن العاص رضي الله عنه عن معاوية رضي الله عنه.




وجه الاستدلال:




أن الصحابة رضوان الله عليهم،رأوا جواز أن تدخل الدولة الإسلامية طرفا في التحكيم،وأن التحكيم لا يقتصر فقط على منازعات الأفراد فقط.




وبالتالي فإذا كان الصحابة رضوان الله عليهم،رأوا جواز ذلك وأخذوا به في
أمر مهم وخطير يمس كيان الأمة ،فالتحكيم في منازعات العقود الإدارية،والتي
هي اقل أهمية مما قبل به الصحابة التحكيم فيه في هذه الواقعة يكون أمراً
جائزاً ومشروعاً.




قال الماوردي:"ولأنه لما حكم علي بن أبي طالب في الإمامة كان التحكيم فيما عداها أولى"( ).







المبحث الثاني










تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من لدى فقهاء المسلمين





سوف تكون الدراسة في هذا المبحث،إن شاء الله،عن تأصيل التحكيم في العقود
الإدارية في الفقه الإسلامي من خلال اجتهادات الفقهاء،ومن خلال ما قررته
المذاهب الأربعة المعتمدة في الفقه الإسلامي.




وتعتبر مسألة التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي من المسائل التي لم تذكر بصورة واضحة في كتب الفقه الإسلامي.




فالفقهاء في السابق لم يتناولوا حكم التحكيم في العقود الإدارية بصورتها الحالية؛




لذا سوف أقوم مستعينا بالله عز وجل ببحث تأصيل التحكيم في العقود الإدارية؛




وذلك من خلال ما ذكره الفقهاء فيما يجوز وما لا يجوز التحكيم فيه باعتبار
محله،وكذلك في كون طرف التحكيم جهة إدارية وما قرره الفقهاء في الحكم
الشرعي في العقود هل هي على الإباحة أم على الحظر،و ماذكروه أيضا في سلطة
ولي الأمر التقديرية تجاه الرعية.






المبحث الثاني







تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من لدى فقهاء المسلمين







المطلب الأول: تأصيل التحكيم في العقود الإدارية لدى الفقهاء من محل التحكيم.




المطلب الثاني: تأصيل التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي لدى الفقهاء من كون طرف التحكيم جهة إدارية.




المطلب الثالث:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية لدى الفقهاء من أن الأصل في المعاملات.




المطلب الرابع: تأصيل التحكيم في العقود الإدارية لدى الفقهاء في سلطة ولي الأمر التقديرية تجاه الرعية.





المطلب الأول




تأصيل التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي لدى الفقهاء




من محل التحكيم





باعتبار أن العقد الإداري هو محل التحكيم،فسوف أستعرض في هذا المطلب،إن شاء الله،ما ذكره الفقهاء حول محل التحكيم بصفة عامة.







وذلك من خلال ما ذكروه من المسائل التي يجوز فيها التحكيم، والمسائل التي
لا يجوز فيها التحكيم حتى أصل إلى حكم الفقه الإسلامي في التحكيم في
المنازعات الناشئة عن العقد الإداري باعتباره محلا للتحكيم.





أولا:آراء الفقهاء في محل التحكيم








أولا:مذهب الحنفية







يرى الإمام أبو حنيفة رحمه الله أنه لا يجوز التحكيم في القصاص ( )، وهذا هو المذهب( ).




ويرى المذهب أنه لا يجوز التحكيم في الحدود التي لله حقا فيها،كالسرقة والزنا






وشرب الخمر والردة ( ) ولا في القصاص فيما دون النفس كقطع اليد وفقء العين
ولا في القتل الخطأ،أو فيما يوجب الدية على العاقلة واللعان؛لأنه يقوم مقام










الحد ويجوز في غيرها،والسبب في ذلك لأن التحكيم في منزلة الصلح فيما يجوز فيه الصلح ( ) .




جاء في الهداية أنه لا يجوز التحكيم في الحدود والقصاص؛لأنه لا ولاية لهما
في دمهما وبهذا لا يملكان الإباحة،فلا يستباح برضاهما،وقالوا وتخصيص الحدود
والقصاص يدل على جواز التحكيم في سائر المجتهدات كالطلاق والنكاح وغيرها
وهو الصحيح إلا أنه لا يفتى به( ).




وجاء في رد المحتار:"التحكيم فيما لك لغيرك وتولية الخصمين حاكما يحكم بينهما"( ).




جاء في الفتاوى الهندية:"يجوز التحكيم في كل ما يملك المحكمان فعله في أنفسهما"( ).





ثانيا:مذهب المالكية







يرى المالكية أن التحكيم يجوز في الأموال من دين وبيع وشراء،كما يجوز
التحكيم في الجراحات،وفي كل ما يصح الإبراء والعفو،كما يرى المالكية أن
التحكيم لا يجوز في الحدود والقصاص والطلاق والنكاح والعتق واللعان
والنسب،وفي حد القذف والولاء والفسخ وفي مال اليتيم والرشد والسفه وأمر
الغائب والحبس وما يتعلق بصحة العقد وفساده"( )،فلا يجوز التحكيم فيها
لتعلق الحق بغير الخصمين"( ).




جاء في مواهب الجليل للحطاب أن التحكيم جائز في كل أمر، إلا في ثلاثة عشر
موضعا وهي الرشد والسفه والوصية والحبس وأمر الغائب والنسب والولاء والحد
والقصاص ومال اليتيم والطلاق والعتق واللعان وجعلوها من اختصاص القضاء( ).




قال في الشرح الصغير:"وجاز تحكيم ....في مال من دين وبيع وشراء"( ).





وقال الصاوي( ) في حاشيته على أقرب المسالك:"والحاصل أن يحكم في الأموال" قال ابن عرفة:"التحكيم هو ما يصح لأحدهما ترك حقه فيه"( ).








ثالثا:المذهب الشافعي







للمذهب الشافعي حول ما يجوز التحكيم فيه وما لا يجوز ثلاثة اتجاهات هي كالآتي:




الاتجاه الأول:أن التحكيم يجوز في كل أمر فما يجوز التحاكم فيه إلى القاضي؛




فإنه يجوز أن يكون محلا للتحكيم( ).




فيجوز التحكيم في المال والقصاص والنكاح واللعان وحد القذف"؛لأن ممن صح حكمه في مال صح في غيره،كالمولى من جهة الإمام"( ).




الاتجاه الثاني:التحكيم جائز في كل شيء،واستثنوا ما لا يجوز التحكيم فيه
إذا كان محل التحكيم حق الله المالي الذي لا طالب له معين،كالزكاة إذا كان
المستحقون غير محصورين،وكذلك الولايات على الأيتام،وإيقاع الحجز على
مستحقيه؛لأنها مما يختص بها القضاة بالإجبار عليه( ).





الاتجاه الثالث:التحكيم جائز في الأموال وعقود المعاوضات فقط،ولا يجوز
التحكيم في النكاح واللعان والقصاص والتعزير والحدود لأن حدود الله تعالى
ليس لها طالب معين،وسبب عدم جواز التحكيم في النكاح واللعان لأنها مبنية
على الاحتياط فلا يجوز جعلها محلا للتحكيم( ).







قال الشربيني:"وفي وجه من طريق يختص جواز التحكيم بمال،لأنه اخف دون قصاص
ونكاح ونحوهما،كلعان وحد قذف لخطر أمرها فتناط بنظر القاضي ومنصبه"( ).




وجاء في كتاب الحاوي"...والأحكام تنقسم فيه التحكيم ثلاثة أقسام:




قسم يجوز فيه التحكيم،وهو حقوق المال وعقود المعاوضات وما يصح فيه العفو
والإبراء وقسم لا يجوز فيه التحكيم،وهو ما اختص القضاة بالإجبار عليه من
حقوق الله تعالى،والولايات على الأيتام،وإيقاع الحجز على مستحقيه،وقسم
مختلف فيه،وهو أربعة أحكام؛النكاح،واللعان والقذف والقصاص .." ( ).





رابعا:المذهب الحنبلي







اختلف المذهب الحنبلي فيما يصلح أن يكون موضوعا للتحكيم وما لا يصح التحكيم فيه إلى أربعة اتجاهات هي الآتي:





الاتجاه الأول:التحكيم جائز في كل أمر يجوز فيه حكم من ولاه الإمام أو نائبه من الأموال والحدود واللعان وغيرها،وهذا هو المذهب( ).







جاء في غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى:"وإن حَكّمَ اثنان
فأكثر بينهما شخصا صالحا للقضاء نفذ حكمه في كل ما ينفذ فيه حكم من ولاه
إمام أو نائبه حتى في الدماء والحدود والنكاح واللعان"( )




وجاء في كشاف القناع عن حكم المحكم:"..نفذ حكمه في المال والقصاص والحد واللعان وغيرها حتى مع وجود قاض فهو كحاكم الإمام"( ).




الاتجاه الثاني:يجوز التحكيم في كل أمر إلا في النكاح واللعان،والقصاص وحد
القذف،ويرجع السبب في هذا الاستثناء،لأن هذه الأشياء مما يختص بها الإمام
أو







نائبه القاضي بما له من ولاية عامة في نظرها( ).













جاء في المغني:"قال القاضي:وينفذ حكم من حكماه في جميع الأحكام،إلا أربعة
أشياء النكاح واللعان والقذف والقصاص؛لأن لهذه الأحكام مزية على غيرها،
فاختص الأمام بالنظر فيها ونائبه يقوم مقامه"( ) .




الاتجاه الثالث:التحكيم جائز في كل شيء إلا في الفروج( ).




قال ابن مفلح"وظاهر كلامه( )ينفذ-أي التحكيم-في غير فرج"( ).




الاتجاه الرابع:التحكيم جائز في الأموال فقط.




جاء في المقنع"وقال القاضي لا ينفذ إلا في الأموال خاصة"( ).







ثانيا:دراسة تحليله لاجتهادات الفقهاء حول محل التحكيم:













بدراسة الآراء الفقهية حول محل التحكيم نجد أنها ما بين مجيز ومانع على حسب
كل مسألة،ومحل التحكيم الذي ناقشه العلماء لا يخرج عن الآتي:




أ-المسائل المالية.




ب-الحدود.




ج-القصاص.




د-المسائل المتعلقة بالأسرة من طلاق ونكاح ولعان.




فقد اختلف أصحاب المذهب الواحد فيما بينهم،كما مر بنا سابقا في محل التحكيم.




وقد وضع ابن العربي ضابطا فيما يجوز التحكيم فيه وما لا يجوز التحكيم فيه
وهو أن كل حق اختص به الخصمان جاز التحكيم فيه ونفذ حكم المحكم به( ).




وهناك من الفقهاء من وضع ضابطا آخر،وذلك بحسب تعلق محل التحكيم بحق الله
تعالى أو متعلقه بالغير، فالمسائل التي لا يجوز التحكيم هي المتعلقة بحق
الله تعالى كالحدود كالزنا والردة والقتل والطلاق،كما لا يجوز التحكيم في
الحقوق المتعلقة بالغير-للآدمي-وليس بالمحتكمين كاللعان والولاء لشخص على
آخر والنسب كإثباته أو نفيه( ).




فبناء على هذين الضابطين فإن محل التحكيم إذا كان متعلقًا بحق الله فإن
التحكيم لا يجوز،أما إذا كان متعلقا بحقوق الآدميين فإن اللجوء إلى التحكيم
أمر مشروع وجائز.





أما التفرقة بين حق الله تعالى وحق الآدمي فإن العلماء قد وضعوا ضابطا لما هو حق لله عز وجل وما هو للآدمي.







فضابط حق الله تعالى،هو ما لا يجوز الصلح فيه ولا يجوز إسقاطه ولا المعاوضة عنه كالحدود والكفارات والزكوات ونحوها.




أما ضابط حق الآدمي فهو ما يملكه الآدمي من حقوق وهي ما يجوز الصلح
فيه،والإسقاط والمعاوضة عنه،كالأموال والطلاق والعتاق والنكاح ( ).




وقد علل القرافي السبب في عدم جواز التحكيم في حقوق الله تعالى
بقوله:"لقصور ولايته-أي المحكم- وهذه-أي حقوق الله تعالى-أمور عظيمة،تحتاج
إلى أهلية عظيمة"( ).




فما يجوز التحكيم فيه وما لا يجوز التحكيم فيه مبني على قاعدةSadما بني على
الدرء والاحتياط لا يجوز فيه التحكيم)؛"أي أن ما بني على الدرء والاحتياط
كالحد، والقصاص لا يجوز فيه التحكيم؛لأن هذه من الأمور الخطيرة التي تحتاج
إلى الدقة في البحث والتحقيق وخبرة وطول مراس في القضاء"( ).




وقد نص مجمع الفقه الإسلامي في دورته المنعقدة بقرار رقم 95/8/9على أنه" لا
يجوز التحكيم في كل ما هو حق الله تعالى كالحدود ولا فيما استلزم الحكم
فيه إثبات حكم أو نفيه بالنسبة لغير المتحاكمين ممن له ولاية علية
كاللعان...". ( ).





إلا أنه من المسائل التي لم يحدث فيه خلاف بين الفقهاء حول محل التحكيم المنازعات المالية.







فهناك اتفاق بين العلماء على جواز أن تكون المنازعات المالية محلا للتحكيم، فالتحكيم في الأموال باتفاق الفقهاء جائز( ).




فالدعاوى المالية تعتبر قاعدة عامة تحدد الدائرة التي لا يجوز أن تخرج عنها
موضوعات منازعات التحكيم،فجميع الدعاوى المالية المتعلقة بحقوق الناس تخضع
للتحكيم( ).




ويعتبر المذهب الشافعي التحكيم في المنازعات المالية هو الأصل( )،وجاء في
تبصره الحكام:"أن الخصمين إذا حكَّمَا بينهما رجلاً وارتضياه لأَنَ يحكم
بينهما،فإن ذلك جائز في الأموال وما في معناها"( )،ويقول ابن
فرحون:"التحكيم جائز في الأموال وما في معناها،والمحكم لا يقيم حدا ولا
لعانا ولا يحكم في قصاص أو قذف أو طلاق أو نسب"( ).







وقد نصت المادة 1841 من مجلة الأحكام العدلية على أنه:"يجوز التحكيم في دعاوى المال المتعلقة بحقوق الناس"( ).













من خلال ما سبق من اجتهادات الفقهاء حول محل التحكيم،فإنه بالنظر إلى محل
التحكيم في منازعات العقود الإدارية،نجد أن طبيعة العقود الإدارية تندرج
تحت المسائل المالية.




فالجهة الإدارية عند إبرامها للعقد الإداري فإن هناك استفادة مادية تعود لها وللمتعاقد معها.




فعند النظر في بعض صور العقود الإدارية،نجد مثلا في عقد الامتياز هناك
فائدة مالية تعود للجهة الإدارية من خلال المقابل التي ستتقاضاه من
الملتزم،كما أن هناك فائدة تعود على المتعاقد معها تتمثل بالمقابل الذي
يتقاضاه من المستفيدين من المرفق العام،فمحل عقد الامتياز مالي.




وكذلك في عقود إنشاءات المرافق العامة فإن هناك أيضا فائدة للجهة الإدارية
بالاستفادة من خبرة المتعاقد معها،وبالمقابل هناك فائدة تعود على المتعاقد
معها،وذلك بالمقابل المالي الذي سيتقاضاه من قيامه بإنشاء المشروع،فمحل
عقد الإنشاءات أيضا مالي.




وكذلك يتضح من عقد المساهمة في مشروع عام أنه عقد إداري ذو طبيعة
مالية،فالمساهم بالمشروع يقدم للجهة الإدارية التبرع المالي فهناك فائدة
مالية تعود إلى الجهة الإدارية، فعقد المساهمة في مشروع عام محله أيضا
مالي.




وكذلك الحال في بقية صور العقود الإدارية فالغالب أن طبيعتها طبيعة مالية.





وبالتالي فإن محل التحكيم في العقود الإدارية من المسائل التي لم يدخل فيها
الخلاف بين الفقهاء، والتي هي محل اتفاق بينهم،فاللجوء إلى التحكيم في
المنازعات الناشئة بخصوصها يعتبر أمرًا جائزًا ومشروعًا في الفقه الإسلامي.








المطلب الثاني







تأصيل التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي لدى الفقهاء




في كون طرف التحكيم جهة إدارية





ذكر الفقهاء هذه المسالة تحت مسألة أطراف التحكيم،فقد ذكروا شروط المُحَكِّم( ) من عقل وحرية وإسلام وغيرها( ).







وقد انصب بحث الفقهاء على ما إذا كان طرف التحكيم شخصاً طبيعياً،إلا أنهم لم يذكروا حالة إذا كانت الدولة طرفاً في التحكيم.




ولعل ذلك راجع إلى أن الفقهاء بحثوا ما كان هو واقع الحال في زمانهم حيث إن
غالبية أو كل القضايا التحكيمية كانت منصبة على الأفراد،أما ما يتعلق
بالدولة أو الجهات الإدارية فإنه نادرة وربما تكون منعدمة.




إلا إن هناك عدة مسائل ذكرها الفقهاء حول كون الدولة طرفاً في التحكيم، فقد
نصوا على أن لولي الأمر إذا رأى أن يجري التحكيم في حرب،لمصلحة عامه،فإن




ذلك جائز، وهو قول الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة( ).





جاء في روضة الطالبين:"لو حاصرنا قلعة،فنزل أهلها على حكم الإمام أو حكم رجل عدل في الشهادة عارف بمصالح الحرب قد اختاروه،جاز" ( ).







فهذه الصورة تبين أن الفقهاء يرون مشروعية أن تكون الدولة طرفاً في التحكيم.




وهذا في نظري لا يقتصر على حالة الحرب فقط،وإنما على جميع المنازعات بضابط
وجود المصلحة العامة-كما سيأتي بيانه أن شاء الله-ويدخل في هذه المنازعات
التي طرفها الدولة منازعات العقود الإدارية.




وقد ذكر الفقهاء صورة أخرى في كون الدولة طرفًا في التحكيم،وهي أنه لا يجوز
للحاكم أن يصالح على اقل من الدية إذا لم يكن للمقتول ولي أو أولياء؛ لأن
الحق لكل المسلمين،والقاعدة الفقهية تقول تصرف الإمام منوط بمصلحة الرعية(
).




فيفهم من هذه المسالة أن الفقهاء لما منعوا ولي الأمر باعتباره ممثلا
للدولة من إبرام المصالحة،والتي منها التحكيم،على اقل من الدية،في حالة إذا
لم يكن للمقتول ولي أو أولياء مراعاة لمصلحة الجماعة وتغليبا لها،فإن
مفهوم المخالفة أنه يجوز للدولة دخولها طرفا في التحكيم في المسائل الأخرى
بشرط المصلحة العامة،فإذا تم التحكيم من قبل الجهات الإدارية بخصوص منازعة
عقد إداري؛فإن ذلك مشروع لأنه يتعلق بمصلحة عامة.







كما أن الماوردي عندما تحدث في الأحكام السلطانية( )عند دور ناظر المظالم
باعتباره المختص بنظر الدعاوى الإدارية والتي منها منازعات العقود
الإدارية،قال إن له:"رد الخصوم إذا أعضلوا إلى وساطة الأمناء ليفصلوا
التنازع بينهم صلحا عن تراض وليس للقاضي ذلك إلا عن رضا الخصمين بالرد".













فهذا النص يبين أن لقاضي المظالم إذا كانت لدية قضية منازعة عقد إداري،ولم
يستطع أنهاء النزاع بالتوفيق بين الجهة الإدارية والمتعاقد معها،فإن له أن
يعرض التحكيم على الطرفين المتنازعين بواسطة الأمناء الذين يمثلون هيئة
تحكيم( ).




ولو كان دخول الدولة طرفا في التحكيم في الدعاوى الإدارية والتي منها
منازعات العقود الإدارية غير مشروع،لما عرضه قاضي المظالم عليها وعلى الطرف
المتنازع معها في الدعاوى التي تقام أمامه.




وبالتالي فإن الفقه الإسلامي من خلال اجتهادات الفقهاء في طرف التحكيم لا
يرى أي محظور في دخول الجهة الإدارية طرفا في التحكيم،مما يجعل للجوء
الجهات الإدارية لفض المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية باعتبارها طرف
في التحكيم،أمرًا جائزًا ومشروعًا.





المطلب الثالث







تأصيل التحكيم في العقود الإدارية لدى الفقهاء




في الأصل في المعاملات





سأقوم إن شاء الله في هذا المطلب،بتأصيل التحكيم في العقود الإدارية من
خلال اجتهادات الفقهاء في الأصل في المعاملات،والتي سبق بحثها سابقا( ).







فلما كان التحكيم في العقود الإدارية يقوم على ثلاثة أركان:




الأول:الإيجاب والقبول




وهي الصيغة الصادرة من الجهة الإدارية والمتعاقد معها كطرف،ومن المحكم أو هيئة التحكيم كطرف آخر.




فهو إيجاب المحكِّمين،بلفظ دال على التحكيم كقولهما احكم بينا،أو جعلناك
حكما،أو حكمناك في كذا،وليس المراد خصوص لفظ التحكيم مع قبول الحكم ذلك( ).




الثاني:العاقدان وهما




أ-الممُحَكِّم:




ويراد به الاثنان اللذان يحتكمان إلى حكم ليفصل بينهم( )،وهما الجهة الإدارية والمتعاقد معها.






ب-المحَكَم:










ويراد به من يُحتكَمُ إليه،فقد يكون فرد أو أكثر أو هيئة تحكيم.




الثالث:محل التحكيم




وهو ما يجري فيه التحكيم،وقد سبق بيان أقوال الفقهاء فيما يجوز أن يكون محلا للتحكيم،وفيما لا يجوز.




فقيام التحكيم على هذه الأركان يجعله عقد كسائر العقود،فالتحكيم في العقود
الإدارية عبارة عن عقد بين الجهة الإدارية والمتعاقد معها كطرف،وبين المحكم
أو المحكمين طرف آخر.




وهذا العقد المبرم عند اللجوء إلى إبرامه بين الجهة الإدارية والمتعاقد
معها من جهة مع المحكمين أو المحكم من جهة أخرى،هل هو مباح مشروع لفض
المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية،أم أنه أمر محظور لا يشرع اللجوء
إليه؟.




هذه المسألة نجد لها أصلا فيما بحثه الفقهاء حول الأصل في العقود في الفقه الإسلامي هل هي على الحظر أم على الإباحة؟




وحتى أؤصل مشروعية التحكيم في العقود الإدارية بناء على اجتهادات الفقهاء في الأصل في المعاملات.




فإن التحكيم في العقود الإدارية لما كان عقدا من العقود،فإنه يدخل ضمن ما
يسميه الفقهاء بالمعاملات،أي غير العبادات،والفقهاء قرروا في الراجح من
أقوالهم




في الأصل في المعاملات،والتي منها العقود أنها على الإباحة.




كما أن في عقد التحكيم في منازعات العقود الإدارية،ليس هناك أي مانع شرعي يمنع إبرامه من نص شرعي أو اجتهاد معتبر.





وبالتالي فإن لجوء الجهة الإدارية والمتعاقد معها إلى التحكيم في المنازعات
الناشئة بينهما،يعتبر أمرًا جائزًا ومشروعًا وليس هناك ما يحظر اللجوء إلى
إبرام هذا العقد في الفقه الإسلامي.








المطلب الرابع







تأصيل التحكيم في العقود الإدارية لدى الفقهاء




في سلطة ولي الأمر تجاه الرعية





تكلم الفقهاء عن سلطة ولي الأمر في الأعمال الصادرة منه بخصوص إدارته
لأعمال الدولة الإسلامية بناء على القاعدة الفقهية التي صاغوها بأنSadتصرف
الإمام على الرعية منوط بالمصلحة)( ).







فالإمام في الفقه الإسلامي له صلاحية واسعة في القيام بالتصرفات التي تكفل من إدارة الحكم.




فلولي الأمر في الفقه الإسلامي سلطة تقديرية لإصدار الأوامر لجلب المنافع ودفع المضار لصالح الكافة.




والأصل أن ما يصدره ولي الأمر من تصرفات تكون لازمة للرعية سواء شاءوا ذلك
أم أبوه بشرط أن يعود فيما يصدره ولي الأمر من تصرفات على الرعية بمنفعة
دينية أو دنيوية؛أي مصلحة عامة.




وتعبير الفقه الإسلامي باصطلاح المصلحة العامة يجعل لولي الأمر أن يمارس
تصرفاته بحرية تامة دون أن يتطلب ذلك وجود نص شرعي لتصرفه؛لأن "المصلحة
يمكن أن تغطي الوقائع المتجددة،والمصالح غير المتناهية،وهو ما تقصر عنه
النصوص،لأنها متناهية،والمتناهي لا يفي بغير المتناهي والمصلحة ...يمكن أن
تواجه ما يستجد على الأمة من وقائع ونوازل"( ).





أما إذا لم يكن القصد من تصرف ولي الأمر، المصلحة العامة، فإن تصرفه يكون
تصرفا غير مشروع، فشرط وجود مصلحة عامة شرط لازم لنفاذ تصرفات الإمام.







والتحكيم لما كان جائز شرعا فإن ذلك لا يحول بين سلطة ولي الأمر وبين
إيجابه على الناس في بعض الحالات أو تحريمه عليهم في حالات أخرى، طالما بقي
أصل التحكيم سائغا، وذلك لان له أن يجعل المباح واجبًا أو محظورًا،ولولي
الأمر أن يحظر التحكيم في شأن من الشؤون لان الحظر داخل في سلطته،إذ هو نوع
من تنظيم التحكيم ،الذي يملكه مادام لم يحظر نظر المنازعة حظراً
مطلقًا،وإنما حظرها على التحكيم لينظرها القضاء بما يتمع به من ضمانات أوفى
( ).




فلولي الأمر بناءً على سلطته التقديرية التي منحها له الفقه الإسلامي قاصدا
من ذلك المصلحة العامة أن يقرر إذا كانت المصلحة العامة تقتضي أن يكون فض
المنازعات الناشئة عن العقد الإداري عن طريق التحكيم،وتقرير ولي الأمر لذلك
يدخل ضمن سلطته التقديرية التي أعطاها له الشرع،بالتالي فإن وضع قانون أو
إصدار قرار في اللجوء إلى التحكيم في المنازعات التي تثور عن العقود
الإدارية يكون أمرًا جائزًا ومشروعًا.





المبحث الثالث







تعريف التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي





بعد البحث لم أجد تعريفاً محدداً للتحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي،







لذا سأحاول،إن شاء الله،في هذا المطلب أن أضع تعريفاً للتحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي.




وسوف يكون تعريف التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي من خلال ما
سبق بيانه عن مفهوم للتحكيم –بصفة عامة-في الفقه الإسلامي، ومن تأصيل
العقود الإدارية والتحكيم في منازعاتها في الفقه الإسلامي.




فقد سبق أن ذكرت أن مفهوم التحكيم في الفقه الإسلامي، هو اتفاق بين
المتخاصمين،لفض النزاع باختيارهما من طرف أجنبي عنهما من غير طريق القضاء
،وأن حكم التحكيم له قوة حكم القضاء بما لا يخالف الشرع.




كما سبق أن بينت عند الحديث عن تأصيل العقود الإدارية في الفقه الإسلامي
أن إبرام الإدارة لعقد من العقود من الأمور الجائزة شرعا،وأن الفقه
الإسلامي قد عَرَّفَ العقد الإداري بناء على المصلحة العامة.




والفقه الإسلامي ينظر إلى العقد الإداري بنظرة مختلفة عن نظرته إلى العقود الخاصة بين الأفراد.




ووَفْقًا لهذه النظرية فإن نظرية العقد الإداري في القانون الإداري تقارب نظرية العقود الإدارية في الفقه الإسلامي.




كما أن من صلاحيات ولي الأمر في الفقه الإسلامي توزيع القضاء على جهتين جهة قضاء عام وجهة قضاء إداري بحسب نوعية القضايا.






كما ذكرت عند تأصيل التحكيم في العقود الإدارية،أن الفقه الإسلامي لا يرى أي محظور في اللجوء إليه.










وبناء على هذا العرض الموجز والسريع لموقف الفقه الإسلامي من العقود التي
تبرمها الإدارة وموقف الفقه الإسلامي من لجوء الجهة الإدارية للتحكيم لفض
المنازعات الناشئة عنها.




فإنه يمكن أن نعَرَّفَ التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي بأنه:




اتفاق بين الجهة الإدارية أو أحد الأشخاص المعنوية العامة مع المتعاقد
معهما لفض النزاع الناشئ بينهما بشأن العقد المبرم بينهما من غير طريق
القضاء ملزم لهما باختيارهما بما لا يخالف الشرع.




بدراسة هذا التعريف نلاحظ ما يأتي:




أولاً:أن التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي عبارة عن اتفاق بين
جهة الإدارة والمتعاقد معها لفض نزاع بشأن عقد مبرم بينهما.




ثانياً:يعتبر العقد المبرم بين الجهة الإدارية والمتعاقد معها هو محل التحكيم.




ثالثاً:أن من يتولى التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي طرف
أجنبي عن المتنازعين هو المحكَّم،وله ولاية خاصة على المتنازعين،وأن حكمه
له القوه التي لحكم القاضي.




رابعاً:يعتبر التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي حسم نزاع بين طرفين بغير طريق القضاء.




خامساً:أن النظر في منازعة العقد الإداري والفصل فيها وإجراءات التحكيم يجب ألا تخالف أحكام الشرع المطهر.






الفصل الثاني










التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي





الفصل الثاني







التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي





بعد أن ألقيت الضوء على التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي سوف
يكون الحديث في هذا الفصل،إن شاء الله،عن بيان موقف النظام السعودي من
التحكيم في العقود الإدارية.







وأود أن أذكر قبل الدخول في موضوع بحث التحكيم في العقود الإدارية في
النظام السعودي مفهوم المنازعات الإدارية في النظام السعودي والجهة المختصة
بنظرها.




وسوف يكون ذلك من خلال نظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/46وتاريخ
12/3/1403هـ،ومن أحكام ديوان المظالم والقرارات التحكيمية،وشرط الموافقة
الأولية في النظام السعودي.




وفي ختام هذا الفصل سوف أذكر تعريف التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي.





الفصل الثاني







التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي





مبحث تمهيدي:المنازعات الإدارية في النظام السعودي.







المبحث الأول:حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي.




المبحث الثاني:تعريف التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي.





مبحث تمهيدي







المنازعات الإدارية في النظام السعودي





سوف أبين في هذا المبحث،أن شاء الله،مفهوم المنازعات الإدارية في النظام
السعودي في المطلب الأول وفي المطلب الثاني الجهة المختصة بنظر المنازعات
الإدارية.








مبحث تمهيدي







المنازعات الإدارية في النظام السعودي





المطلب الأول:مفهوم المنازعة الإدارية في النظام السعودي.







المطلب الثاني:الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية في النظام السعودي.





المطلب الأول







مفهوم المنازعات الإدارية في النظام السعودي





سوف يكون الحديث،إن شاء الله،في هذا المطلب عن مفهوم المنازعة الإدارية في
النظام السعودي،وذلك من خلال معيار المنازعة الإدارية وأنواع المنازعات
الإدارية.








أولا:معيار المنازعة الإدارية







إن الهدف من تحديد معيار للمنازعة الإدارية-كما سبق ذكره- هو تحديد الجهة القضائية المختصة بنظرها.




وكما مر سابقاً فإن الفقه الإسلامي يحدد الجهة القضائية أخذا بالمعيار
الشكلي لطبيعة المنازعة، فإذا كانت الدولة طرفا في المنازعة كانت الدعوى من
اختصاص قضاء المظالم وصارت دعوى إدارية يختص بالفصل فيها.




بخلاف الدول الآخذة بنظام ازدواج القضاء في النظم المعاصرة فهي تهدف من
تحديد القضاء الإداري تحديد القانون الواجب التطبيق على المنازعة،فإذا كانت
المنازعة إدارية طبقت قواعد القانون الإداري على المنازعة،ويختص بنظرها
مجلس الدولة أما إذا كانت ماعدا ذلك كانت المنازعة غير إدارية خاضعة
لقضائها المختص.




أما عن معيار المنازعة الإدارية في النظام السعودي فإن المذكرة الإيضاحية
لنظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/15 وتاريخ 17/7/1402هـ






بينت المعيار بما نصت عليه من:"الاختصاصات التي نص عليها النظام-نظام ديوان
المظالم –جاءت من الشمول بحيث أصبح لديوان المظالم الاختصاص العام للفصل










في المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها سواء كان مثارها قرارا أم عقدا أم واقعة" ( ).




وقد أكد على هذا المعيار ديوان المظالم في عدة أحكام صادرة منه،فذكر
أن:"المنازعة الإدارية هي التي تكون أحدى جهات الإدارة طرفا فيها" ( )،وفي
حكم آخر يقول:"إن الديوان –ديوان المظالم- بهيئته قضاء إداري يختص بنظر
الدعاوى التي تكون الحكومة أو أحد الأشخاص ذوي الشخصية المعنوية العامة
طرفا فيها" ( ).




فمعيار المنازعة الإدارية الذي في النظام السعودي معيار وحيد هو أن تكون الجهة الإدارية طرفًا في المنازعة.




وبذلك يتفق النظام السعودي مع أحد المعايير التي وضعها القانون للتفرقة بين المنازعة الإدارية عن غيرها من المنازعات.





ثانيا:أنواع المنازعات الإدارية في النظام السعودي







عددت المادة الثالثة من نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم
78/م في 19/9/1428هـ المنازعات التي يختص بها ديوان المظالم( )،وهذه
المنازعات ترجع إلى ثلاث مجموعات هي كالآتي:




المجموعة الأولى:منازعات إلغاء القرارات الإدارية




هذه المجموعة تتعلق بالمنازعات التي يختصم فيها القرار الإداري من اجل
إلغائه بأن ترفع دعوى الإلغاء إمام ديوان المظالم من أحد الأفراد أو
الأشخاص المعنوية بطلب إلغاء القرار الإداري وإزالة آثاره.




وهذا النوع من المنازعات نص عليها ديوان المظالم في المادة الثالثة عشرة الفقرة (ب) حيث نصت على أنه:




"تختص المحاكم الإدارية بالفصل فيما يلي:أ-......................




ب-دعاوى إلغاء القرارات الإدارية النهائية التي يقدمها ذوو الشأن متى كان
مرجع الطعن عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشـكل أو عيب السبب أو مخـالفة
النظم واللوائح،أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها،أو إسـاءة استعمال السلطة
بما في ذلك القرارات الإدارية التأديبية والقرارات التي تصدرها اللجان شبه
القضائية والمجالس التأديبية والقرارات التي تصدرها جمعيات النفع العام
–وما في






حكمها- المتصلة بأنشطتها ويعد في حكم القرار الإداري رفض السلطة الإدارية
أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقاً للأنظمة
واللوائح".










المجموعة الثانية:منازعات القضاء الكامل




وهي المنازعات التي يرفعها أحد الأفراد أو أحد الأشخاص المعنوية إلى ديوان
المظالم لحماية حقوقهم من قبل من يعتدي أو يهدد بالاعتداء على تلك الحقوق(
).




وهذه المنازعات نجدها في الفقرات (أ) و(ج)و(د) من المادة الثالثة عشرة من
نظام ديوان المظالم،حيث نصت على:" تختص المحاكم الإدارية بالفصل فيما يلي:




أ- الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية والعسكرية
والتقاعد لموظفي ومستخدمي الحكومة والأجهزة ذوات الشخصية المعنوية العامة
المستقلة، أو ورثتهم والمستحقين عنهم.




.......................




ج-دعاوى التعويض التي يقدمها ذوو الشأن عن قرارات أو أعمال جهة الإدارة.




د- الدعاوى المتعلقة بالعقود التي تكون جهة الإدارة طرفاً فيها".




وتشمل هذه المجموعة المنازعات الآتية:







1- منازعات الحقوق الوظيفية والتقاعد.


2- منازعات التعويض.


3- منازعات العقود الإدارية وهذه المنازعات هي محل هذا البحث.






المجموعة الثالثة:قضاء التأديب




يقصد بقضاء التأديب،تلك الدعوى التي تقيمها الجهة المختصة ضد أحد موظفي
الإدارة بطلب إيقاع أحد الجزاءات المنظمة في النظام بسبب مخالفته لمقتضيات
وظيفته.




وهذه الدعوى نص عليها نظام الديوان نظام الديوان في المادة الثالثة عشرة حيث ذكرت أنه:" تختص المحاكم الإدارية بالفصل فيما يلي:




هـ الدعاوى التأديبية التي ترفعها الجهة المختصة".





المطلب الثاني







الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية في النظام السعودي





بعد أن ذكرت مفهوم المنازعات الإدارية في النظام السعودي سوف أذكر في هذا المطلب الجهة القضائية المختصة بنظرها.







أن النظام السعودي يأخذ بذات الفكرة التي أخذ بها الفقه الإسلامي في تخصيص القضاء.




ولا غرو في ذلك فالنظام السعودي يأخذ بإحكام الشريعة الإسلامية ويطبق ذات القواعد.




فقد نص النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 وتاريخ
27/8/1412هـ في المادة الأولى أن:"المملكة العربية السعودية دولة عربية
إسلامية ذات سيادة تامة،دينها الإسلام ودستورها كتاب الله وسنة رسوله e




........"،كما نص في المادة السابعة على:"يستمد الحكم في المملكة العربية
السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله e ،وهما الحاكمان على هذا النظام




وجميع أنظمة الدولة"،وكما نص على مبدأ استقلالية القضاء وأنه لا سلطان عليه
إلا سلطان الشريعة الإسلامية فنص في المادة السادسة والأربعين على
أن:"القضاء سلطة مستقلة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان
الشريعة الإسلامية" ونص في المادة الثامنة والأربعين على أن:"تطبق المحاكم
على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وَفْقًا لما دل عليه
الكتاب والسنة وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة".





فالقضاء في النظام السعودي يستمد جميع أنظمته وأحكامه من الشريعة الإسلامية
ومن التنظيمات التي ينظمها ولي الأمر بما لا يتعارض مع كتاب الله وسنة
رسوله e.








فقد جاء في المادة التاسعة والأربعين من النظام الأساسي للحكم:"مع مراعاة
ما ورد في المادة الثالثة والخمسين من هذا النظام تختص المحاكم في الفصل في
جميع المنازعات والجرائم "ونصت المادة الثالثة والخمسين على:"يبين النظام
ترتيب ديوان المظالم اختصاصاته"،وقد بين نظام ديوان المظالم الصادر
بالمرسوم الملكي رقم م/87 وتاريخ 19/9/1428هـ في المادة الأولى أن:"ديوان
المظالم هيئة قضاء إداري مستقلة يرتبط مباشرة بالملك .....".




وعلى هذا الأساس فإن النظام السعودي يأخذ بمبدأ تعدد جهات التقاضي الذي عَرَّفَته القوانين المعاصرة.




فهو يقسم نظر الدعاوى إلى جهتين الأولى؛القضاء العام باعتباره (الجهة صاحبة
الولاية العامة بنظر جميع المنازعات التي تنشأ داخل المجتمع أيا كانت
طبيعتها وأيا كان أطرافها) ( )،أما الجهة الثانية فهي ديوان المظالم.



وعلى هذا فإنه لما كان الفقه الإسلامي يخصص القضاء باعتبار نوع المنازعة
بالإضافة إلى الزمان والمكان،وكان النظام السعودي يسير وَفْقَ أحكام الفقه
الإسلامي فإنه كذلك يخصص القضاء.







وتقسيم النظام ا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 1:59 pm

المطلب الأول




حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية على ضوء نظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/46 وتاريخ 12/3/1403هـ






في هذا المطلب سوف أبين،إن شاء الله،حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود
الإدارية على ضوء نظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/46 وتاريخ
12/3/1403هـ.









وأود قبل أن أدخل في دراسة نظام التحكيم أن أذكر التطور التاريخي للتحكيم في العقود الإدارية في المملكة العربية السعودية، لأمرين:





الأول:لم أجد أحداً تطرق لذكر النشأة التاريخية للتحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي.





الثاني:أهمية معرفة التطور التاريخي الذي حصل للجوء إلى التحكيم في العقود
الإدارية في المملكة العربية السعودية لمعرفة موقف النظام السعودي من
التحكيم في العقود الإدارية.





قبل صدور قرار مجلس الوزراء رقم 58 في تاريخ 17/1/1383هـ لم يكن هناك أي
تنظيم للتحكيم في الدعاوى الإدارية بشكل عام في النظام السعودي وإنما كان
تنظيم التحكيم يتعلق بالمنازعات التجارية َوفْقَ ما نُظم في (النظام
التجاري) ( ) الصادر بالأمر السامي رقم 32 وتاريخ
15/1/1350هـ.





وبناء على ما لاحظه ديوان المظالم من قبول بعض الوزارات أن يكون القانون
السويسري أو بعض المراجع القضائية الأجنبية مرجعا لحل الخلافات الناشئة
بينها






وبين الشركات الأجنبية المتعاقدة معها،اقترح بأن يكون ديوان المظالم هو
المراجع القضائي لحل كل خلاف ينشأ بين الجهات الإدارية والشركات ( ).









على ضوء ذلك صدر قرار مجلس الوزراء رقم 58 في تاريخ 17/1/1383هـ الذي نص
على أنه :"لا يجوز لأي جهة حكومية أن تقبل التحكيم كوسيلة لفض المنازعات
التي تنشب بينها وبين أي فرد أو شركة أو هيئة خاصة ويستثنى من ذلك الحالات
الاستثنائية التي تمنح فيها الدولة امتيازا هاما وتظهر لها مصلحة قصوى في
منح الامتياز متضمنا شرط التحكيم".





ترتب على صدور القرار ما يأتي:





أولاً:يعتبر هذا القرار أول تنظيم للتحكيم فيما يتعلق بالمنازعات الإدارية،والتي منها منازعات العقود الإدارية في النظام السعودي.





ثانياً:بين هذا القرار أن الأصل في التحكيم في المنازعات الإدارية في
النظام السعودي الحظر،ولذا فإن الجهات الإدارية ممنوع عليها فض خلافاتها مع
الأشخاص الطبيعيين والمعنويين عن طريق التحكيم.





ثالثاً:القرار حظر على الجهات الإدارية التحكيم سواء كان تحكيما داخلـيًّا
أو خارجـيًّا دولـيًّا فالقرار جاء مجملا حيث لم يفرق بين التحكيم الداخلي
والدولي.





رابعاً:استثنى القرار التحكيم في منازعات العقود الإدارية دون بقية
المنازعات الإدارية الأخرى،وبصفة خاصة عقود الامتياز التي تتضمن مصالح
حيوية للدولة،وهذا يظهر اهتمام النظام السعودي بالتحكيم في المنازعات
الإدارية.






خامساً:بيّن القرار أنه يجب على الجهات الإدارية قبل طلب أو قبول التحكيم أخذ موافقة الدولة.









وذهب البعض( )إلى أن القرار المشار إليه قد ذكر استثناء آخر للجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم وهو الخلافات الفنية.





إلا أن المتأمل لقرار مجلس الوزراء رقم 58 يلاحظ عدم وجود أي استثناء لهذه
الخلافات الفنية مع أن الاستثناء يجب أن يكون واضحا وصريحا،فالقرار صريح
وواضح بقصر التحكيم على عقود الامتياز.





وتطبيقاً لهذا القرار أصدر مجلس الوزراء قراره رقم 1007 وتاريخ7/7/1388هـ
بقبول التحكيم في العقد المبرم بين أمانة مدينة الرياض وأحدى الشركات
لمشروع تطوير مدينة الرياض على أن يعود الأمر إلى ديوان المظالم للبت في
النزاع عند اختلاف المندوبين في الوصول إلى تسوية .





كما أن هناك حالات أخرى تضمنت اللجوء إلى التحكيم من ذلك عقود مشاريع إنشاء
الصرف الصحي في كل من مدينة الرياض وجدة بين وكالة البلديات بوزارة
الداخلية وبعض المقاولين الأجانب( ).





ظل العمل في هذا القرار المنظم للتحكيم لمنازعات العقود الإدارية خلال تلك
الفترة الزمنية حتى صدور نظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/46







وتاريخ12/7/1403هـ فبصدوره انتهى العمل بهذا القرار،وبدأت مرحلة جديدة لتنظيم التحكيم في منازعات العقود الإدارية في النظام السعودي.













فقد نصت المادة الثالثة منه على أنه:"لا يجوز للجهات الحكومية اللجوء
للتحكيم لفض منازعاتها مع الآخرين إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، ويجوز
بقرار من مجلس الوزراء تعديل هذا الحكم".





يستدل من هذا النص ما يلي:





أولاً:أن النظام السعودي يجيز التحكيم في المنازعات الإدارية،والتي منها منازعات العقود الإدارية.





ثانياً:يجب على الجهات الإدارية إذا رغبت في اللجوء إلى التحكيم في منازعات
العقود الإدارية طلب موافقة رئيس مجلس الوزراء( )؛ أي أن الموافقة فقط
لرئيس المجلس الوزراء دون بقية أعضاء المجلس.





ثالثاً:لجوء الجهات الإدارية للتحكيم شامل لجميع المنازعات مهما كان نوع
الدعوى الإدارية بخلاف المرحلة الأولى التي كانت لا تشمل إلا منازعات عقود
الامتياز.





والمنازعات الإدارية التي يشملها التحكيم تدخل في المنازعات الإدارية التي
من اختصاص ديوان المظالم بموجب النص النظامي، أو بما له من ولاية عامة بنظر
المنازعات الإدارية،أو كانت متعلقة بمنازعة حول ملكية عقار يختص بها
القضاء العام،أو كانت منازعة تختص بها اللجان الإدارية ذات الاختصاص
القضائي،مثل المنازعات العمالية التي تختص بها اللجان العمالية بوزارة
العمل،والتي نص نظام





العمل الصادر بالمرسوم الملكي رقـم م / 51 التاريخ:23/8/1426هـ على






جواز اللجوء إلى التحكيم في المنازعات العمالية التي تنشأ بين الجهات الإدارية وعمالها( ).









رابعاً:انتهاء العمل بقرار مجلس الوزراء رقم 58 في تاريخ 17/1/1383هـ( ).







المطلب الثاني













حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي





على ضوء أحكام ديوان المظالم والقرارات التحكيمية






في هذا المطلب سوف أبين،إن شاء الله،موقف ديوان المظالم من اللجوء إلى
التحكيم في العقود الإدارية علما أن ديوان المظالم بعد استقراء وسؤال لم
يتصد إلا لقضية واحدة صدر فيها عدة أحكام،وهي التي ستكون موضوع الدراسة
لمعَرفَة موقف ديوان المظالم من اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.









وستكون دراسة الأحكام الصادرة بالتركيز على معَرَّفَة موقف ديوان المظالم
من مسألة اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية فقط دون الدخول في الأحكام
الإجرائية التي وردت فيها.





كما سأقوم إن شاء الله،في هذا المطلب ببيان موقف النظام السعودي من اللجوء
إلى التحكيم في العقود الإدارية على ضوء القرارات التحكيمية،وسوف أتعرض





للقرار الصادر بخصوص المنازعة بين حكومة المملكة العربية السعودية وشركة
أرامكو،وسوف تكون الدراسة لمعَرَّفَة موقف النظام السعودي من اللجوء إلى
التحكيم في العقود الإدارية باعتباره طرفا في هذه المنازعة دون الخوض فيما
قرره المحكم في تلك المنازعة.





وذلك على حسب التقسيم الآتي:





الفرع الأول:حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية على ضوء أحكام ديوان المظالم.





الفرع الثاني:حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية على ضوء القرارات التحكيمية.






الفرع الأول









حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية على ضوء أحكام ديوان المظالم






كما سبق بيانه فإن ديوان المظالم لم ينظر بخصوص التحكيم في العقود الإدارية
إلا قضية واحدة هي القضية رقم 235/ق/2/1416هـ المقامة من شركة أوجيم بي في
الهولندية ضد جامعة الملك عبد العزيز.









وتتلخص وقائعها في أن شركة أوجيم بي في الهولندية تعاقدت مع جامعة الملك
عبد العزيز على تصميم وتنفيذ المرافق المؤقتة جاهزة التركيب بمبلغ
112،652،077ريالاً.





وقد نص العقد المبرم بينهما في المادة التاسعة عشرة:"على أن .... تحال كل
أنواع النزاع أو الخلافات إن وجدت،والتي لم يصبح قرار المهندس فيها نهائيا
وملزما.... إلى التحكيم الذي يتكون من ثلاثة أعضاء".





في أثناء تنفيذ العقد حدثت منازعة بين جامعة الملك عبد العزيز وشركة أوجيم
بي في الهولندية فاتفق الطرفان على حلها بصورة نهائية عن طريق التحكيم.





تم اختيار هيئة تحكيم من قبل الطرفين وأكدا على نهائية قرارها والإلزام به، وأصدرت هيئة التحكيم قرارها المتضمن الآتي:





أولاً:أن تدفع جامعة الملك عبدالعزيز لشركة أوجيم مبلغاً هو 7،779،566،77ريالاً.





ثانياً:إلزام الجامعة بالإفراج عن الضمانات البنكية المقدمة من شركة أوجيم وقيمتها 22،031،553ريالاً.





ثالثاً:أن تقدم الجامعة إلى وزارة المالية طلبا لإعفاء المدعية من غرامات التأخير.







قامت الجامعة بالإفراج عن الضمانات البنكية ودفعت للشركة الهولندية مبلغا
وقدره 6،499،377،26ريالا وامتنعت عن دفع بقية المبالغ الملزمة من قبل هيئة
التحكيم الوارد في البند أولا من قرارها.













تقدمت شركة أوجيم بي في الهولندية إلى ديوان المظالم بدعوى طلبت فيها إصدار
حكمه بإلزام جامعة الملك عبدالعزيز بتنفيذ قرار هيئة التحكيم، وإلزامها
بدفع مبلغ 1،280،189،50ريالاً الفرق بين المبالغ المستحقة لها حسب قرارا





هيئة التحكيم والمبالغ التي دفعتها الجامعة لها استنادا إلى أن قرارات لجنة التحكيم قضائية واجبة التنفيذ.





قيدت اللائحة التي تقدمت بها الشركة الهولندية قضية بالرقم المشار إليه وتم
إحالتها إلى الدائرة الإدارية التاسعة التي قامت باستدعاء جامعة الملك
عبدالعزيز للجواب على دعوى شركة أوجيم بي في الهولندية.





حضرت جامعة الملك عبدالعزيز أمام الدائرة وردت على دعوى الشركة الهولندية
وعلى ماطلبته بعدة دفوع ما يعنينا منها ما دفعت به بما قررته:"أنه على
التسليم بما قررته لجنة التحكيم فإن اللجوء إلى التحكيم في منازعة هذا
العقد أمر غير نظامي؛لأن المختص في نظر هذه المنازعة هو ديوان المظالم
بمقتضى قرار مجلس الوزراء رقم (58) وتاريخ 17/1/1383هـ الذي نص على أنه:"لا
يجوز لأي جهة حكومية أن تقبل التحكيم كوسيلة لفض المنازعات التي تنشب
بينها وبين أي فرد أو شركة أو هيئة خاصة"،وكذلك الفقرة (ب) من ذات القرار
التي نصت على أنه:"في الحالات التي تتضمن العقود التي تبرمها أي وزارة
نصوصا تخالف نظام مشتريات الحكومة وتنفيذ مشروعاتها وأعمالها،أن يحال العقد
إلى ديوان المظالم للبت فيه بما يحقق العدالة".







بعد دراسة الدعوى من قبل الدائرة رأت( ) أن لجوء الجامعة إلى التحكيم
واشتراطه والموافقة عليه في هذا العقد أمر غير نظامي لمخالفته قرار مجلس
الوزراء













رقم 58 وتاريخ 17/1/1383هـ بمنع الجهات الحكومية من اللجوء إلى التحكيم لفض
المنازعات التي قد تنشب بينها وبين أي فرد أو شركة أو هيئة خاصة حيث إن
الأصل أن نظار المال العام وكلاء عن ولي الأمر يتصرفون في تلك الأموال فيما
يحقق المصلحة العامة وفي حدود ما نظمه ولي الأمر.





وانتهت( )إلى أنه إعمالا لقرار مجلس الوزراء رقم 487 وتاريخ 5/8/1398هـ
الذي عهد لديوان المظالم النظر في العقود التي تتضمن نصوصا تخالف النظام.





وأنه تحقيقا للعدالة فإنه يستلزم الأخذ بقرار هيئة التحكيم؛لأن الأصل
الشرعي هو الوفاء بالعقود لقولة تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ } ( )ولقول رسول e:(المسلمون على شروطهم ) ( ).





لأن اشترط التحكيم في العقد المبرم بين الشركة والجامعة وموافقة الطرفين
على إحالة النزاع الناشئ بينهما إلى التحكيم،وهو أمر جائز شرعاً،وبالتالي
يكون الإلزام به متوافقًا مع مقتضى العدالة،وللجهة الإدارية الرجوع إلى
المتسبب في مخالفة النظام من منسوبيها( ).







وأضافت الدائرة أن الأصل الذي عليه جماهير أهل العلم هو الإلزام بحكم
المحكمين في الأموال ديانة وقضاء،وأنه لا يمكن نقض حكم المحكمين إلا بما
ينقض به حكم القاضي( )( ).













بناء على ذلك أصدرت الدائرة حكمها بإلزام جامعة الملك عبدالعزيز بأن تدفع
مبلغ 1،280،189،50ريالا لشركة أوجيم أي بي في الهولندية،وهو يمثل الفرق بين
المبالغ التي قررتها هيئة التحكيم للشركة،والمبالغ التي دفعتها الجامعة
لها.





تم الاعتراض على حكم الدائرة فرفعت أوراق القضية إلى هيئة تدقيق
القضايا(الدائرة الأولى) ( ) التي لم توافق الدائرة فيما انتهت إليه من
جواز اللجوء إلى التحكيم في العقد الإداري.





تأسيساً على أن التحكيم ممنوع في فض المنازعات التي تنشب بين الجهات
الحكومية وبين أي فرد أو شركة أو هيئة،وذلك إعمالا لقرار مجلس الوزراء رقم
58 وتاريخ 17/1/1383هـ والمتضمن أنه:"لا يجوز لأي جهة حكومية أن تقبل
التحكيم كوسيلة لفض المنازعات التي قد تنشب بينهما وبين أي فرد أو شركة أو
هيئة خاصة" وليس هنا ما يقيد هذا القرار أو يخصصه( ).






دراسة تحليله:









بدراسة قرار مجلس الوزراء رقم 58 وتاريخ 17/1/1383هـ المتضمن أنه:"لا يجوز
لأي جهة حكومية أن تقبل التحكيم كوسيلة لفض المنازعات التي قد تنشب بينهما
وبين أي فرد أو شركة أو هيئة خاصة".





وهو القرار الذي دفعت به الجهة الإدارية بعدم صحة قرار التحكيم في النزاع الناشئ بينها وبين الشركة.





وهو القرار الذي رأت الدائرة أنه يجعل اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية أمراً غير نظامي.





وهو القرار الذي استندت عليه هيئة التدقيق من ضمن أسبابها في نقض حكم
الدائرة باعتباره لا يجيز للجهات الإدارية اللجوء إلى التحكيم لفض
منازعاتها مع الغير حيث لا يوجد ما يقيده أو يخصصه.





أرى أن الاستناد إلى هذا القرار للحكم بعدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية أمر محل نظر لأمرين:





الأول:لأن العمل بالقرار رقم 58 وتاريخ 17/1/1383هـ انتهى بصدور المادة
الثالثة من نظام التحكيم،والتي لها دور هام في بيان وجهة نظر النظام
السعودي في حكم لجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم في منازعاتها بشكل عام
وبشكل خاص في منازعات العقود الإدارية،والتي يجب عدم إغفالها.





وذلك باعتبار أن حكم قرار مجلس الوزراء ملغي أو مقيد بنص المادة الثالثة من نظام التحكيم.





لأن القرار بين حكما مفاده منع الجهات الإدارية من اللجوء إلى
التحكيم،والمادة الثالثة من نظام التحكيم بينت حكـما مفاده جواز لجـوء
الجهات الإدارية إلى






التحكيم بشرط موافقة رئيس مجلس الوزراء،أو منع الجهات الإدارية من اللجوء إلى التحكيم إلا إذا كانت موافقة من رئيس مجلس الوزراء.









وبناء على ذلك فالمادة الثالثة من نظام التحكيم لا تعدو إما أن تكون ناسخة للقرار وإما مقيدة له.





فإذا اعتبرنا أن المادة الثالثة ناسخة للقرار لتأخر تاريخ النظام على تاريخ
القرار كان حكم القرار ملغي بنسخة،لأن النسخ إبطال للحكم؛لأنه رفع له( ).





وإذا اعتبرنا أن المادة الثالثة مقيدة لمطلق القرار لاتحاد حكمهما وهو
المنع؛لأن التقييد اشتراط والمطلق محمول على المقيد( )،وذلك باشتراط موافقة
رئيس مجلس الوزراء على التحكيم،فإنها تكون قيداً لإطلاق منع الجهات
الإدارية للجوء إلى التحكيم،هذا عند إعمالنا لقواعد علم أصول الفقه.





كما يمكن الاستناد على أن حكم قرار مجلس الوزراء ملغي من القواعد
القانونية، وذلك أن نظام التحكيم صدر بموجب مرسوم ملكي،أما قرار مجلس
الوزراء فإنه صدر بموجب قرار من مجلس الوزراء،وعلى القول أن حكمهما مختلف
أو غير مختلف فإن الأداة النظامية التي صدرت بها المادة الثالثة أقوى من
الأداة التي صدر بها القرار،وبالتالي يُعمل حكم المادة التي صدرت بأداة
أقوى.





وبيان ذلك أن المرسوم الملكي باعتباره قرارًا مكتوبًا صادرًا من الملك
باعتباره رئيسا للسلطة التنظيمية في المملكة العربية السعودية فإنه يعـطي
النظام قوة في






التنفيذ،كما أن هذا النظام تم عرضه على مجلس الوزراء ونظر فيه باعتباره
أيضاً سلطة تنظيمية،وبالتالي فإن نظام التحكيم يعبر عن إرادة الملك ومجلس
الوزراء معا،فالأداة التي صدر بها تكون أقوى من أداة قرار مجلس الوزراء
الذي عبر فقط عن إرادة المجلس ويصدر منه فقط وينسب إليه وليس إلى رئيسه(
).









وبالتالي فإن الاستشهاد بالقرار على عدم نظامية اللجوء إلى التحكيم في
منازعات العقود الإدارية غير صحيح لمعارضته لنص المادة الثالثة من نظام
التحكيم.





الثاني:إن الدائرة رأت صحة التحكيم في هذه القضية بناء على مقتضيات
العدالة،ولأنه عقد يجب الوفاء به،وأن عقد التحكيم عقد صحيح وملزم وأن خالف
نص القرار،وأن"للجهة الإدارية الرجوع إلى المتسبب في مخالفة النظام من
منسوبيها"( ).





ومع موافقتي للنتيجة التي انتهت إليها الدائرة بخصوص صحة التحكيم، إلا أني أرى أن هذه النتيجة لم تبن على سبب صحيح.





حيث إن السبب الذي يتم الاستناد إليه على صحة هذا التحكيم يبنى على المادة الثالثة من نظام التحكيم.





أما فيما يتعلق بموافقة رئيس مجلس الوزراء على هذا التحكيم فإن عدم
الموافقة لا تؤثر على صحة التحكيم حيث إن هذه الموافقة المخاطب بها الجهة
الإدارية دون المتعاقد معـها،فإذا أُبْرِمَ عقد تحكيم دون أخذ الموافقة فإن
ذلك لا يرتب بطلان






عقد التحكيم،فخطأ جهة الإدارة لا يرقى إلى إبطال عقد التحكيم، وإنما يمثل خطأ بحقها( ).










الفرع الثاني









حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية على ضوء القرارات التحكيمية






يعتبر النـزاع الحاصل بين المملكة العربية السعودية وشركة أرامكو من أوائل القرارات التحكيمية الصادرة في منازعة عقد إداري.









وتتلخص وقائع هذا النزاع أنه في 25/مايو/1933م أبرمت حكومة المملكة العربية
السعودية مع شركة استندراد اتفاقا باستغلال البترول يخول هذه الأخيرة
امتيازا مدته ستون عاما في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.





وإعمالا لنص المادة 32 من عقد الامتياز المبرم بين الطرفين تم إنشاء شركة
كاسكو التي تنازلت لها الشركة الموقعة عن كافة الحقوق والامتيازات الناجمة
عن عقد الامتياز ووافقت الحكومة السعودية على هذا التنازل.





وفي 31 يناير 1944م غيرت الشركة اسمها من كاسكو إلى شركة أرامكو.





في 20 يناير 1954م أبرمت حكومة المملكة العربية السعودية اتفاقاً مع مجموعة
شركات أوناسيس على أن يؤسس شركة خاصة تحمل اسم شركة ناقلات البـحرية
السعـودية ويطلق عليهـا شركة (ساتكو) ويتم رفع العلم السعودي







عليها،وتقوم هذه الشركة بنقل البترول السعودي من موانئ السعودية في الخليج العربي لأي من موانيها على البحر الأحمر.













تضمن العقد المبرم بينهما أن لشركة (ساتكو) حق الأفضلية في شحن البترول
ومنتجاته المصدرة عن طريق البحر من السعودية إلى الدول الأجنبية.





اعترضت شركة أرامكو على الاتفاق المبرم بين الحكومة السعودية وشركة ساتكو؛لأنه يتعارض مع اتفاق الامتياز الممنوح لها 1933م.





لحل هذا النزاع الناشئ بينهما اقترحت حكومة المملكة العربية السعودية عرض هذا النزاع على التحكيم.





أُبْرِمَ اتفاق التحكيم بين الحكومة السعودية وشركة أرامكو في
23/فبراير/1955م،والذي نص في المادة الرابعة منه على أن تتولى هيئة التحكيم
الفصل في النزاع طبقا للقانون السعودي.





والمقصود بالقانون السعودي هو القانون الإسلامي تبعا للمذهب المطبق في
المملكة العربية السعودية،وهو مذهب الأمام أحمد بن حنبل،وذلك إذا كان يتعلق
بالمسائل الداخلة في اختصاص المملكة العربية السعودية،أما إذا كان يتعلق
في المسائل التي لا تقع داخل إطار اختصاص المملكة العربية السعودية فيتم
الفصل في النزاع طبقا للقانون الذي ترى محكمة التحكيم تطبيقه.





تم عرض موضوع النزاع على هيئة التحكيم التي رأت أنه من الواجب عليها حتى
يتم تحديد القانون الواجب التطبيق على المنازعة أن تقوم بتكييف العلاقة
القانونية في العقد المبرم بين الطرفين(محل المنازعة) من أجل معرفة ما إذا
كان عقد الامتياز المبرم بين الحكومة السعودية وشركة أرامكو يعد تصرفا
صادراً بالإرادة المنفردة أو عقدًا عامًا أو عقدًا إداريًّا أو عقدًا من
عقود القانون الخاص.







بعد استماع هيئة التحكيم لطرفي الدعوى والحجج المقدمة من كليهما انتهت إلى
أن القانون السعودي لا يعرف القانون العام أو فكرة القانون الإداري
المعروف













في القانون الفرنسي،وأن فقه الأمام أحمد بن حنبل لا يتضمن آية قاعد تتعلق
بالامتيازات المتعلقة بالمعادن،ومن باب أولى المتعلقة بالبترول.





وبناء عليه رفضت هيئة التحكيم الأخذ بوجهة النظر التي أبدتها الحكومة
السعودية،وهي أن الفقه الإسلامي بناء على ما ذكره ابن تيمية لا يفرق بين
المعاهدات المبرمة بين الدول وعقود القانون العام أو العقود الإدارية
والعقود المدنية أو التجارية فكل هذه الاتفاقيات تحكمها قاعدة ثابتة واحدة
هي قاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين( ).





انتهت هيئة التحكيم في تكييف عقد الامتياز المبرم بين الحكومة السعودية
وشركة أرامكو من المذكرات المقدمة من الحكومة السعودية ومن المناقشات
الشفوية التي تمت أن العقد المبرم بين الطرفين يعتبر عقدا غير مسمى لا يمكن
إدراجه في الطوائف القانونية المعتادة ورفضت اعتباره عقدا إداريًّا؛لأن
القانون السعودي لا يعرف هذه الطائفة من العقود( ).





وبعد أن نظرت هيئة التحكيم في موضوع المنازعة أصدرت قرارها في
23/أغسطس/1958م بأن اتفاق الحكومة السعودية مع شركة أوناسيس لا يخل بأي حق
مكتسب لشركة أرامكو؛لأن عقد الامتياز بين المملكة العربية السعودية







وشركة أرامكو ليس فيه تقييد لحرية السعودية في اختيار كيفية نقل صادرات النفط ( ).














دراسة تحليله:









أولاً:إن ما توصلت إليه هيئة التحكيم في تكييفها للعقد بأنه ليس عقدًا إداريًّا غير سليم.





حيث إنها بدأت بدارسة القانون الواجب التطبيق،ثم إنزال العقد عليه فرأت أنه
لما كان القانون السعودي لا يعرف القانون الإداري فإن العقد لا يعتبر
إداريًّا.





فهي لم تقم بدارسة العقد لمعرفة هل هو عقد إداري،وبالتالي تطبق عليه قواعد
القانون الإداري أم أنه عقد خاص مع أن العقد إذا كان إداريًّا فإنه بعد
إبرامه يكون إداريًّا و لا تتغير حاله باعتبار كون القانون الواجب التطبيق
يعرفه أم لا.





وكان على هيئة التحكيم أن تطبق القانون الذي تراه محققا للعدالة المطلوبة؛لأنها هي غاية لدى العقلاء والمحكمين والقضاة.





مع أني أرى أن التكييف الصحيح للعقد المبرم بين المملكة العربية السعودية
وشركة أرامكو يعتبر عقدا من العقود الإدارية لكونه عقد امتياز وهو من
العقود المعروفة في القانون الإداري.








ثانياً:أرى أن ما ذكره المحكم من عدم معرفة القانون السعودي للقانون
الإداري لا يسلم له،وإنما ينم عن جهل من هيئة التحكيم بحقيقة القانون
السعودي الذي مصدرة الشريعة الإسلامية وما يصدر من أنظمة متطابقة مع
الشريعة الإسلامية.

















ومن المعلوم أن أحكام الفقه الإسلامي زاخرة بالحلول الناجعة للفصل في أي
نزاع،سواء كان مثارة عقدًا إداريًّا أو خاصاً،ولقد بينت الحكومة السعودية
لهيئة التحكيم ذلك،ولكن لم تأخذ بوجهة النظر السعودية.





ثالثاً:إن النظام السعودي يرى جواز اللجوء إلى التحكيم لفض منازعات العقود
الإدارية منذ وقت بعيد،وقبل أن تعرفه النظم المعاصرة،وقبل أن يعرف وينتشر
حيث إنه هو الذي عرض التحكيم لحل النزاع الذي بينه وبين شركة أرامكو.
ومما يؤكد على ذلك أن عقود البترول التي كانت تبرمها المملكة العربية
السعودية مع شركات البترول كانت تنص على اللجوء إلى التحكيم في حال نشوب
نزاع بين الطرفين.





فمنها العقد المبرم بين المملكة العربية السعودية والشركة اليابانية
للبترول في10 ديسمبر 1955م،والذي ورد فيه"أنه في حالة عجز الطرفين عن
الوصول إلى تسوية ودية فيما يختلف عليه أو في حالة عجزهما عن الاتفاق على
إحالة النزاع إلى محكمة ما فإن الخلاف يحال إلى مجلس تحكيم مكون من خمسة
أعضاء ويصدر حكم الهيئة بأغلبية الآراء"( ).






المطلب الثالث





شرط الموافقة الأولية على التحكيم في منازعات العقود الإدارية في النظام السعودي






يشترط النظام السعودي عند لجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم في منازعات
العقود الإدارية أن تكون هناك موافقة أولية من رئيس مجلس الوزراء.





وهذا الشرط جاء النص عليه في نظام التحكيم في المادة الثالثة التي نصت على
أنه:"لا يجوز للجهات الحكومية اللجوء للتحكيم لفض منازعاتها مع الآخرين إلا





بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، ويجوز بقرار من مجلس الوزراء تعديل هذا الحكم".





كما جاء في اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم الصادرة بقرار مجلس الوزراء
رقم 7/2021/م في 8/9/1405هـ في المادة الثامنة ما نصه:"في المنازعات التي
تكون جهة حكومية طـرفا فيها مع آخرين ورأت اللجوء إلى التحكيم، يجب على هذه
الجهة إعداد مذكرة بشأن التحكيم في هذا النزاع مبينًا فيها موضوعه ومبررات
التحكيم وأسماء الخصوم، لرفعها لرئيس مجلس الوزراء للنظر في الموافقة على
التحكيم،ويجوز بقرار مسبق من رئيس مجلس الوزراء أن يرخص لهيئة حكومية في
عقد معين بإنهاء المنازعات الناشئة عنه عن طريق التحكيم، وفي جميع الحالات
يتم إخطار مجلس الوزراء بالأحكام التي تصدر فيها".





فالمادة الثالثة من نظام التحكيم دلت على وجوب أخذ الموافقة الأولية من
رئيس مجلس الوزراء عند للجوء إلى التحكيم في المنازعات الإدارية،والتي منها
منازعات العقود الإدارية.







فالنظام السعودي جعل موافقة رئيس مجلس الوزراء على التحكيم شرطا لازمًا سواء كان شرطا أم مشارطة.













ولعل الحكمة من اشتراط الموافقة حتى تكون وسيلة لعدم الإسراف في اللجوء
للتحكيم في المنازعات الإدارية كما أن هذه الموافقة تعتبر صمام أمان
بالنسبة للعقود الإدارية ذات الطابع الدولي لارتباطها الوثيق بأمور التنمية
كما تعد أحد





العوامل التي تؤدي إلى تقوية القدرة التنافسية للشركات الوطنية في مواجهة الشركات الأجنبية( ).





والحصول على الإذن بالتحكيم يشمل جميع الأجهزة الحكومية بما في ذلك المؤسسات والهيئات العامة الإدارية والاقتصادية ( ).





وقد قصر النظام موافقة اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية على
رئيس مجلس الوزراء فقط دون بقية أعضاء المجلس،وبالتالي فإن له السلطة
التقديرية في الموافقة من عدمها.





إلا أن المادة أعطت لمجلس الوزراء الحق في تعديل حكم المادة حول هذه
الموافقة،فلمجلس الوزراء أن يعطي جهة أو بعض الجهات الإدارية أن تلجأ إلى
التحكيم في منازعات العقود الإدارية مباشرة دون الموافقة الأولية من رئيس
الوزراء،وهذا يتم بالتصويت وَفْقًا لنظام مجلس الوزراء.





وصلاحية مجلس الوزراء بتعديل حكم المادة يعتبر أمر نظاميًا لكونه مفوض بهذا
التعديل،وليس اعتداء منه باعتباره سلطة تنفيذية على صلاحيات السلطة
التنظيمية.






ويتبين من خلال نص المادة الثالثة من النظام ونص المادة الثامنة من اللائحة
التنفيذية أن موافقة رئيس مجلس الوزراء تختلف بحسب وقت نشوء المنازعة.









فإذا لم تكن هناك منازعة فإنه من الجائز لرئيس مجلس الوزراء أن يوافق للجهة
الإدارية أن تفض نزاعاتها بشرط أن يكون ذلك في العقد الإداري فقط أما
المنازعات الإدارية الأخرى فإن الموافقة لا تكون إلا بعد نشوء النزاع بحيث
يكون لمنازعات العقود الإدارية خاصية مميزة عن بقية المنازعات الإدارية
الأخرى.





وأرى أن نص المادة الثامنة من اللائحة نص على عبارة (الناشئة ) ولو كانت
بدلا عنها عبارة( التي تنشأ) لكان أولى حيث إن (الناشئة) المقصود بها التي
حدثت فتكون الموافقة بعد حصول النزاع وهو ما يعارض نص المادة،أما عبارة
(التي تنشأ)فتكون الموافقة بعد حصول النزاع وهو الذي يوافق نص المادة.





ولقد استثنى النظام السعودي في أنظمة صدرت حديثا شرط الموافقة الأولية على
التحكيم، فأعطى للجهة الإدارية الحق باللجوء إلى التحكيم في منازعات العقد
الإداري مباشرة دون أخذها الموافقة من رئيس مجلس الوزراء.





فنظام الاستثمار التعديني الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/47وتاريخ
20/8/1425هـ نص في المادة الثامنة والخمسين:"يجوز الاتفاق على تسوية أي





نزاع أو خلاف ينشأ بين مرخص له والوزارة عن طريق عن طريق التحكيم وَفْقًا لأحكام نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية...".





والمقصود بالمرخص له كما جاء في المادة الأولى من النظام أنه:"الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يمنح حقوقا معينة بموجب هذا النظام".









وهذه الحقوق هي التي يمنح من خلالها المرخص له رخصة لاستطلاع أو كشف أو جمع
مواد أو استغلال مواد معدنية( )،وبالتالي تكون العلاقة بين المرخص له
والدولة علاقة عقدية لدخول هذه الرخصة بعقد الامتياز.





















كذلك جاء الاستثناء من شرط الموافقة الأولية للتحكيم في نظام الكهرباء
الصادر بالمرسوم م/56 وتاريخ 20/10/1426هـ الذي نص في المادة الثالثة عشرة
الفقرة الثامنة على أنه:"يجوز الاتفاق على تسوية أي نزاع أو خلاف ينشأ بين
أي





مرخص له والهيئة عن طريق التحكيم وَفْقًا لأحكام نظام التحكيم"،وجاء في
المادة الأولى تعريف المرخص له أنه:"كل شخص يحمل رخصة سارية المفعول صادرة
من الهيئة تصرح له القيام بأي نشاط كهربائي" وعَرَّفَت الهيئة أنها:"هيئة
تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج" وعَرَّفَت الرخصة أنها:"إذن تمنحه الهيئة
للقيام بنشاط كهربائي بموجب هذا النظام ولوائحه التنفيذية وتنظيم الهيئة".





فالعلاقة التي بين المرخص له وهيئة تنظيم الكهرباء علاقة عقدية و تدخل هذه الرخصة ضمن عقود الامتياز.





فالنظام السعودي في هذين النظامين أعطى الجهة الإدارية أن تلجأ إلى التحكيم
لفض المنازعات الناشئة عن العقود التي تبرمها مع المرخصين معهم،وبذلك يكون





ذلك استثناء من شرط الموافقة الأولية على اللجوء إلى التحكيم الوارد في نظام التحكيم.





وتثور هنا مسألة، وهي أن النظامين ذكرا عبارة "وَفْقًا لأحكام نظام
التحكيم" فالنظاميين لما ذكرا أن يكون اللجوء إلى التحكيم وَفْقًا لنظام
التحكيم فإنه يجب أخذ الموافقة الأولية من رئيس مجلس الوزراء،لأن نظام
التحكيم اشترط ذلك.






وأرى أن وجهة النظر هذه قوية يمكن الجواب عليها بأمرين:









الأول:أن النظامين لما ذكرا جواز لجوء الجهة الإدارية مع المتعاقد معها إلى
التحكيم لفض المنازعات الناشئة عن العقد لم يكن ذلك لغوا أو عبثا،وإنما
لغاية وهي استثناء العقدين المبرمين نتيجة لهذين النظامين من نظام
التحكيم؛لأنه لو لم يرد الجواز لما تغير شيء؛لأن الأصل بقاء ما كان على ما
كان وهو وجوب أخذ





الموافقة الأولية على التحكيم،ولولم يكن ذلك لكان ذكر التحكيم في النظامين لا فائدة له.





الثاني:أن المقصود بعبارة"أن يكون التحكيم وَفْقًا لنظام التحكيم"أي أن
تكون إجراءاته من أول إجراء،وهو اعتماد وثيقة التحكيم وحتى صدور الحكم
التحكيمي وَفْقًا لنظام التحكيم،وتحت إشراف ديوان المظالم باعتباره الجهة
التي تنظر النزاع أصلا.





وأرى من المناسب أن يضاف في أول المادتين اللتين في النظامين :"استثناء من
نص المادة الثالثة من نظام التحكيم يجوز الاتفاق على تسوية أي نزاع أو خلاف
ينشأ بين مرخص له ...."،خروجا من أي خلاف يحصل في تفسير المادة.







المبحث الثاني













تعريف التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي






في هذا المبحث سوف أذكر تعريف التحكيم في منازعات العقود الإدارية في النظام السعودي.









ولندرة الكتابات عن التحكيم في المنازعات الإدارية في النظام السعودي فإني
لم أجد تعريفا فيمن كتب في التحكيم في النظام السعودي بوجه عام.





لذا سأجتهد مستعيناً بالله عز وجل بوضع تعريف للتحكيم في العقود الإدارية
في النظام السعودي على ضوء أحكام الفقه الإسلامي ونظام التحكيم ولائحته
التنفيذية،وعلى ضوء تعريف التحكيم في العقود الإدارية في القانون على نحو
ما سبق الحديث عنه.





فيمكن أن أعَرَّفَ التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي هو:





الفصل في أي نزاع عقدي يحصل أو حصل بين أحدى الجهات الإدارية أو أحد
الأشخاص المعنوية العامة مع غيرهم عن طريق من يرتضيانه ليحكم بينهما
وَفْقًا للشرع والنظام تحت إشراف ديوان المظالم ولا ينفذ إلا بعد مصادقة
ديوان المظالم عليه.






بدراسة هذا التعريف نلاحظ ما يأتي:









أولاً:طبيعة التحكيم في العقود الإدارية الفصل في المنازعة الناشئة عنه من
طريق من تختاره الجهة الإدارية مع الطرف الآخر سواء كان ذلك فردا أو هيئة
أو غرفة تحكيمية.







ثانياً:يجري التحكيم تحت إشراف ديوان المظالم المختص أصلا بنظر منازعات
العقود الإدارية وهذا الإشراف يكون من قبل أن تبدأ هيئة التحكيم بعملها
بنظر النزاع وأثناءه وبعد إصدار قرارها التحكيمي.













ثالثاً:يعتبر القرار الصادر من هيئة التحكيم مُلزم لطرفية وليس عرض رأي.





رابعاً:يشترط أن لا يخالف قرار التحكيم نصا شرعيا أو نظاميا وأن يكون
متوافقا مع أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة ونظام التحكيم ولائحته.





خامساً:لا يعتبر قرار التحكيم نافذا إلا بعد إن تتم المصادقة عليها ديوان المظالم عليه.






الخاتمة









وبعد أن انتهت بفضل الله وتوفيقه،من استعراض البحث والدراسة حول التحكيم
في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي،والنظم المعاصرة،مع دراسة تطبيقية
للنظام السعودي،أود في نهاية البحث إن اجعل خاتمة له.





إلا أني لن استعرض جميع ما ذكر في البحث،حتى لا تكون هذه الخاتمة ترديدا لما سبق بحثه في ثنايا البحث.





أولاً:أن الفقه الإسلامي أعطى تعريفا للعقد بشكل خاص وعام،وما يرتبط بموضوع
العقد الإداري هو المعنى الخاص،من وجود طرفين للعقد،وإيجاب وقبول بينهما
على محل العقد،وما يدل على التعاقد بينهما سواء كان بلفظ أو كتابة وغيرهما.





ثانياً:أن العقد الإداري في القانون عُرَّفَ بأنه العقد الذي يبرمه شخص
معنوي عام، ويكون متعلق بمرفق عام،وبوسائل القانون العام،وأن تعاريف
الفقهاء والقضاء وضعت للعقد الإداري لتمييزه عن العقد المدني.





وأوصي أن يتم تعريف العقد الإداري باستقلالية تامة عن العقد المدني ،لان
العقد الإداري قد تطور مع مرور الزمان تطور يجعل منه نظرية خاصة ومستقلة عن
العقد المدني.





ثالثاً:أن العقد الإداري يقوم على ثلاثة عناصر عند غالبية الفقه وهي أن
يبرمه شخص معنوي عام، ويكون متعلق بمرفق عام،وبوسائل القانون العام،وان
الاصطلاح الذي سار عليه الباحثين في تسمية هذه العناصر وهو اصطلاح (معيار)
انتهيت إلى إن الأفضل تسميته باصطلاح (ركن) لان العقد الإداري لا يقوم إلا
بها وهي داخلة فيه.








رابعاً:إن العقد الإداري مشروع في الفقه الإسلامي،وان كتاب الله، وسنة
نبيهe،والعقل،تدل جميعها على ذلك لان الأصل في التعاقد هو الإباحة وليس
الحظر.









خامساً:عَرَّفَت العقد الإداري في النظام السعودي،وان جهة الاختصاص بنظر
المنازعات الناشئة عنه جهة أخرى منفصلة عن القضاء العام وانه يختص بالعقود
الإدارية وعقود الإدارة الخاصة وليس كما هو الشأن في الدول الأخرى الآخذة
بالنظام القضائي المزدوج كمجلس الدولة الفرنسي أو مجلس الدولة المصري،وبينت
أن هناك طائفتين من العقود لا يختص ديوان المظالم بها،هي عقود العمال
وعقود الشركات التي تملكها الدولة،وان ديوان المظالم يطبق على المنازعات
العقدية أحكام الفقه الإسلامي،والأنظمة التي يصدرها الملك،وانه يأخذ
بالمبادئ المقررة بالقانون والقضاء الإداري وانه يسترشد بالاقضية الإدارية
في الدول الأخرى.





سادساً:أن تعريف التحكيم في القانون لا يختلف عن تعريفه في الفقه
الإسلامي،من حيث إنه اتفاق بين متنازعين على فض نزاع بينهما من غير طريق
القضاء من قبل محكم يختارنه لذلك.





سابعاً:أن التحكيم من الأمور الجائزة والمشروعة في الفقه الإسلامي،وان
الراجح من أقوال علماء الفقه الإسلامي،انه جائز و مشروع بالجملة سواء وجد
قاضي في البلد أم لم يوجد.





ثامناً:أن التحكيم يتشابه مع وسائل التسوية المنازعات الأخرى،كالقضاء
والصلح والتوفيق، في أنها تهدف إلى هدف وأحد وهو فض المنازعة بين
المتخاصمين،وتحقيق العدالة،وان الاختلافات التي بينها وبين التحكيم خلافات
لا تؤثر في إنهاء المنازعات.






تاسعاً:أن أنواع التحكيم في العقود الإدارية ثلاثة،النوع الأول تحكيم
اختياري وإجباري وهذا النوع يتعلق بمدى إرادة الجهة الإدارية والمتعاقد
معها للجوء إلى التحكيم،النوع الثاني تحكيم خاص آو حر وتحكيم مؤسسي،وهذا
بحسب نوعية المحكمين،والنوع الثالث تحكيم مقيد وبالصلح وهذا متعلق بالقانون
والإجراءات المطبقة على المنازعة.









عشراً:بينت تعريف المنازعة الإدارية في القانون وأنها وسيلة قانونية كفلها
القانون للأشخاص لحماية حقوقهم من مواجهة الإدارة عن طريق القضاء
الإداري،وان هناك معايير اختلف الفقهاء في تحديد المنازعة الإدارية،وان
الراجح من بينها المعيار المختلط الذي يجمع بين معيار السلطة العامة ومعيار
المرفق العام.





حادي عشر:أن المنازعة الإدارية تنقسم إلى ثلاث مجموعات قضاء إلغاء والمقصود
به إلغاء القرار الإداري والمجموعة الثانية قضاء كامل ويشمل منازعات
العقود الإدارية والتعويض عن أعمال الإدارة المادية والقانونية المجموعة
الثالثة فهي قضاء التأديب وهي متعلقة بالدعاوى التي تقام ضد موظفي الإدارة
عند ارتكابه مخالفة تأديبية،وان دور الإدارة في قضاء الإلغاء والكامل في
الغالب أنها تكون مدعي عليها أما في قضاء التأديب فإنها دائما مدعية.





ثاني عشر:بينت إن الأسباب الداعية إلى الخلاف في اللجوء إلى التحكيم في
العقود الإدارية والتي تعود إلى طبيعة العقود الإدارية والى أن العقود
الإدارية مرتبطة بسيادة الدولة والى مدى تقييد حرية الإرادة في إبرام
العقود الإدارية والى إن التحكيم قد يكون من هيئة أجنبية تطبق على
المنازعة قانون أجنبي والى مدى إطلاق وتقييد حرية الجهة الإدارية في اللجوء
إلى التحكيم.





ثالث عشر:حصرت المسائل التي تخرج عن الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم في
العقود الإدارية،وهي الوسائل الأخرى لفض منازعات العقود الإدارية،مثل






التسوية والصلح والوساطة والتفاوض،والتحكيم في عقود الإدارة الخاصة،سواء
كانت ذات طبيعة مدنية أو تجارية،وفي حالة اللجوء إلى التحكيم في العقود
الإدارية التحكيم الإجباري،وفي حالة وجود نص قانوني يبين حكم اللجوء إلى
التحكيم في العقود الإدارية،سواء كان بالجواز أو المنع.









وانتهيت إلى إن الخلاف يكون في حالة التحكيم الاختيار وأن مجال بحث هذه
مسألة اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية يكون أمام فروض ثلاثة:





الأول:في حالة عدم وجود نص قانوني يبين حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.





الثاني:في حالة إعداد مشاريع التحكيم المرتبطة بالتحكيم في العقود الإدارية.





الثالث:عند إعداد الدراسات والبحوث حول قوانين التحكيم المتعلقة بالتحكيم في العقود الإدارية.





رابع عشر:بينت الرأي القائل من الفقه والقضاء والقوانين، بعدم جواز اللجوء
إلى التحكيم في العقود الإدارية وذكرت الأسباب التي يستند وهي أن اللجوء
إلى التحكيم معارضة لسيادة الدولة بسلب ولاية قضاء الدولة،والذي هو مظهر من
مظاهر السيادة فيها،كما إن فيه اعتداء على الاختصاص الولائي للقضاء
الإداري،وفيه إهمال في الدفاع عن مصالح الدولة ولعدم وجود الأهلية المعتبرة
لإبرام التحكيم للجهات الإدارية كما أن التحكيم لا يوجد فيه الضمانات
الضرورية،وان التحكيم يتعارض مع النظام العام الإداري ،وفي اللجوء إلى
التحكيم في العقود الإدارية تعارض مع فكرة النظام العام الإداري والذي هو
تغليب المصلحة عليا على المصالح الفردية،والتحكيم يتعارض مع مبدأ الفصل بين
السلطات.







خامس عشر: ذكرت الاتجاه المؤيد لجواز الالتجاء للتحكيم في العقود الإدارية
من الفقه والقضاء والقوانين،وبينت الأسانيد التي يستند عليها،وهي عدم وجود
مانع يمنع من اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية سواء كانت قاعدة أو نص
قانوني صريح يمنع من اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية،كما أن هناك
مقتضيات ضرورية للجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية من إنهاء النزاع في
العملية التحكيمية بمدة قصيرة بالمقارنة بالمدد الطويلة التي يستغرقها
القضاء،كما أنه يجوز للجهات الإدارية إنهاء الخصومات بوسائل أخرى وان من
الأسانيد التي تؤيد جواز لجوء الجهات الإدارية إلى التحكيم في العقود
الإدارية،قياس التحكيم في العقود الإدارية بحق الجهات الإدارية بإنهاء
المنازعات على الوسائل أخرى التي تتخذها الإدارة لإنهاء منازعاتها
الإدارية،فكذلك يجوز لها أن تلجأ إلى التحكيم في العقود الإدارية لإنهاء
المنازعات المتعلقة بها وان التحكيم في العقود الإدارية يدخل في عموم
التحكيم من حيث الجواز وانه لا يوجد ما يخرج التحكيم في العقود الإدارية عن
هذا العموم لان النص العام يبقى على عمومه حتى يثبت ما يخصصه،وعموم النص
شمول التحكيم للمنازعات العقود الإدارية،وانتهيت إلى انه عن غياب النص
القانوني الخاص بالقضاء الإداري،فإنه يجب على القضاء الإداري أن لا يقف
مكتوف الأيدي إزاء ما يواجهه من مسائل ومستجدات،وعليه البحث في القانون
المدني باعتباره أصل القوانين أو البحث في القوانين الأخرى استئناسا بها
وانه إذا لم يوجد تشريع خاص ينظم التحكيم في منازعات العقود الإدارية فإنه
يتعين في ذلك الرجوع إلى الشروط العامة للتحكيم وإجراءاته الواردة بقانون
المرافعات والتي لا تتعارض مع الروابط الإدارية.













سادس عشر:قدرت الاتجاهين المانع والمجيز للجوء إلى التحكيم في العقود
الإدارية،فحددت السبب الذي يرتكز عليه الاتجاهين،فالرأي القائل بعدم جواز






اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الداخلية ووجدت انه يبني سبب المنع
على التمسك بالنصوص القانونية،ورأيت أن التمسك بحرفية النصوص،ليس أمرا
مرغوبا فيه دائما،بل يجب أن يكون هناك اجتهاد،ولا يقف القضاء أو الإدارة
أمام حرفية النص، مكتوفا الأيدي حتى يصدر قانون يبين الحال،بل عليهما أن
يمارسا الاجتهاد المحمود المؤصل،خصوصا في نطاق المنازعات الإدارية التي
يمارس فيها القضاء الإداري دورا خلاقا في تطور مبادئ القانون الإداري،أما
الرأي القائل بجواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية الداخلية،فرأيت
انه يبني سبب الإجازة على ايجابيات التحكي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 2:00 pm

المراجع










القران الكريم










أولا:كتب التفاسير وتفاسير آيات الأحكام ( )




أحكام القران




لأبي عبدالله محمد بن إدريس الشافعي،مكتبة الخانجي-القاهرة-الطبعة الثانية1414هـ.




أحكام القران




لمحمد بن عبدالله المعروف بابن العربي- دار الكتب العلمية-1408هـ.




أحكام القران




لأحمد بن علي الرازي الجصاص- دار إحياء التراث العربي.




تفسير التحرير والتنوير




لمحمد بن طاهر بن عاشور- - الدار التونسية للنشر-1984م




تفسير القران العظيم




لإسماعيل بن كثير-دار الأندلس-الطبعة الأولى-1385هـ.




تفسير المنار




لمحمد رشيد رضا- -الهيئة العامة للكتاب-1973م.





الجامع لإحكام القران










لمحمد بن احمد الأنصاري القرطبي-دار الكتب المصرية-الطبعة الثالثة-1357هـ.




مختصرتفسير البغوي




اختصار عبدالله الزيد




فتح القدير




لمحمد بن علي الشوكاني-دار الفكر العربي-1403هـ.




مفاتيح الغيب




لمحمد بن عمر البكري الطبرستاني الملقب بفخر الدين-تحقيق دار احياء التراث العربي-الطبعة الثانية-1417هـ.




مفردات ألفاظ القران الكريم




للراغب الأصفهاني –تحقيق صفوت عدنان داوودي –دار القلم والدار الشامية-دمشق-الطبعة الثانية-1418هـ.




ثانيا:الحديث النبوي الشريف( )




الجامع الصحيح




لمسلم أبو الحسين بن الحجاج ـ تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي-دار إحياء التراث العربي –بيروت-بدون رقم وسنة الطبع.





صحيح البخاري










لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري – مطبعة دار إحياء التراث العربي بدون سنة الطبع.




سنن النسائي




لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي -دار الكتاب العربي-بيروت-بدون رقم وسنة الطبع.




سنن أبي داود




لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني –، ضبطه محمد محيي الدين عبد الحميد-دار الفكر- بيروت- بدون سنة طبع .




سنن الترمذي الجامع الصحيح




لأبي عيسى بن عيسى بن سورة الترمذي –تحقيق أحمد محمد شاكر-دار الكتب
العلمية-بيروت-بدون سنة الطبع وصحيح سنن الترمذي -طبعة المكتب الإسلامي
الطبعة الأولى-1408هـ.




سنن ابن ماجه




لأبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني ـ حققه محمد الأعظمي-شركة الطباعة
العربية السعودية- الطبعة الثانية-1404هـ وصحيح سنن ابن ماجة مطبعة المكتب
الإسلامي بيروت ط(3) سنة 1408هـوضعيف ابن ماجة طبعة المكتب الإسلامي بيروت ط
(2) سنة 1408هـ.




السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي




لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي -دار الفكر-بدون سنة الطبع.




سنن الدارمي




لأبي محمد عبدالله بن عبدالرحمن بن الفضل بن بهزام –دار احياء السنة النبوية.




شرح النووي على مسلم




لأبي زكريا محي الدين بن شرف النووي - دار الفكر- بدون رقم وسنة الطبع.




المستدرك على الصحيح




للحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري-وبذيله التلخيص للذهبي- طبعة دار الكتاب العربي- بيروت-بدون سنة الطبع.






المنتقى شرح الموطأ















لأبي وليد الباجي-مطبعة السعادة-مصر-الطبعة الأولى-1332هـ.




المسند




للإمام احمد بن حنبل الشيباني-المكتب الإسلامي-بيروت-1969م.




الموطأ




للإمام مالك بن انس الأصبحي –المكتبة التجارية-القاهرة.




نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار




لمحمد بن علي الشوكاني –دار إحياء التراث العربي-بيروت-1419هـ.




وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفىe






لأبي الحسن نور الدين علي بن عبدالله السمهودي-تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد –الطبعة الأولى-دار الكتب العلمية.









ثالثا:الفقه( )





الأشباه والنظائر




إبراهيم بن محمد بن نجيم ـدار مكتبة الهلال-بيروت-1400هـ.





1-الفقه الحنفي










أدب القاضي










لأبي بكر عمرو العروف بالخصاف وشرحه لأبي بكر احمد بن علي الرازي المعروف
بالجصاص–قسم النشر بالجامعة الأمريكية-القاهرة،و شرح برهان حسام الدين عمر
بن عبدالعزيز ابن مازة البخاري المعروف بصدر الشهيد على أدب القاضي للخصاف
مطبوعات إحياء التراث الإسلامي بوزارة الأوقاف العراقية –مطبعة الإرشاد
–بغداد-الطبعة الأولى-1397هـ.




بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع




علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني أو الكاشاني –دار الكتاب العربي-بيروت-الطبعة الأولى-1402هـ.




البحر الرائق شرح كنز الدقائق




زين الدين بن إبراهيم الشهير بابن نجيم -دار المعرفة –بيروت-الطبعة الثانية-1413هـ.




تبصره الحكام في أصول الاقضية ومناهج الأحكام




برهان الدين بن علي بن أي قاسم بن محمد بن فرحون المالكي المدني –مكتبة الكليات الأزهرية-القاهرة –الطبعة الأولى-1406هـ.




تبيين الحقائق




لأبي عمر فخر الدين عثمان بن علي بن محجن الزيلعي الحنفي شرح كنز الحقائق
لأبي البركات عبدالله بن احمد بن محمود المعروف بحافظ الدين النسفي وبهامشه
حاشية أبي العباس شهاب الدين





احمد بن محمد بن يونس السعودي المصري المعروف بابن الشلبي المسماة تجريد
الفوائد الرقائق في كنز الدقائق-دار المعرفة للطباعة والنشر-بيروت-مصوره عن
طبعة بولاق –مصر-1315هـ.










حاشية ابن عابدين




المسماة رد المحتار على الدر المختار لمحمد أمين الشهير بابن عابدين على
الدر المختار شرح تنوير الإبصار لمحمد بن علي بن محمد الملقب علاء الدين
الحصكفي الدمشقي مطبوع مع حاشية ابن عابدين شرح تنوير الأبصار لمحمد بن
احمد الخطيب الًّتمُْرتَاشي مطبوع مع حاشية ابن عابدين-مطبعة مصطفى البابي
الحلبي –القاهرة-الطبعة الثانية-1386هـ.




فتح القدير للعاجز الفقير لكمال الدين محمد عبدالواحد السيواسي السكندري
المعروف بابن الهمام وهو شرح الهداية شرح بداية المبتدي لبرهان الدين علي
بن ابي بكر بن عبدالجليل المرغيناني الفرعاني وبهامشه شرح العناية على
الهداية لمحمد بن محمود البابري- وحاشية شرح العناية وعلى الهداية لسعد
الله بن عيسى المفتي الشهير بسعدي جلبي-المكتبة التجارية
الكبرى-القاهرة-1356هـ.




المبسوط




لأبي بكر بن محمد السرخسي دار المعرفة –بيروت- الطبعة الثالثة-1398.




مجلة الأحكام مع شرحها درر الحكام




لعلي حيدر –دار عالم الكتب –الرياض-1423هـ.





الفتاوى الهندية الحنفية (العالمكيرية)










جمعت من لجنة من علماء الحنفية بالهند يرأسها الشيخ نظام الدين البلخي-دار إحياء التراث العربي- الطبعة الرابعة-1406هـ..





أرشاد السالك إلى اشرف المسالك




لعبدالرحمن بن محمد بن عسكر البغدادي المالكي -المكتبة التجارية الكبرى-القاهرة-1936م.




بداية المجتهد ونهاية المقتصد




أبو الوليد محمد بن احمد بن أبو الوليد بن رشد القرطبي الملقب ابن رشد الحفيد-مطبعة




المعاهد-القاهرة-1935م.




التاج والإكليل لمختصر خليل




لأبي عبدالله محمد بن يوسف العبدلي الشهير بالمواق-مكتبة النجاح-ليبيا-مصورة عن طبعة




السعادة-القاهرة-1329هـ.




تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام




لبرهان الدين إبراهيم بن علي بن أبي القاسم محمد بن فرحون المالكي- مكتبة الكليات الأزهرية –القاهرة –




الطبعة الأولى-1406هـ.





2-الفقه المالكي










جواهر الإكليل شرح مختصر خليل










الشيخ صالح عبدالسميع الأزهري -دار إحياء الكتب العربية-عيسى البابي الحلبي وشركاه-القاهرة.




روضة القضاة




لأبي القاسم علي بن محمد بن احمد الرحبي السمناني _دار الفرقان–عمان-الطبعة الثانية-





الشرح الصغير على اقرب المسالك




لأبي البركات احمد بن محمد بن محمد الدردير ومعه بلغة السالك حاشية على
الشرح الصغير-لأحمد بن محمد الصاوي المالكي الخلوتي-دار
المعارف-القاهرة-1972م.




الشرح الكبير على مختصر خليل




لأبي البركات احمد بن محمد بن احمد الدردير العدوي المالكي شرح مختصر سيدي خليل




لخليل بن إسحاق الجندي المالكي مع حاشية بن عرفة لأحمد بن عرفة الدسوقي المالكي




-دار إحياء الكتب العربية –بيروت-1392هـ.




مواهب الجليل لشرح مختصر خليل




لأبي عبدالله محمد بن عبدالرحمن المغربي المعروف بالحطاب-دار الفكر-الطبعة الثالثة-1412هـ.





1404هـ.














3-الفقه الشافعي




الأحكام السلطانية




لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي-دار الكتب العلمية- بيروت- 1398هـ.




الأشباه والنظائر في الفروع




لجلال الدين السيوطي- -دار الفكر العربي-بيروت.




أدب القاضي




لأبي الحسن محمد بن حبيب الماوردي البصري الشافعي-إحياء التراث الإسلامي –وزارة الأوقاف-العراق-مطبعة الإرشاد-بغداد-1391هـ.




إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين




لأبي بكر بن محمد شطا الدمياطي المكي المشهور بالسيد البكري-دار الكتب العربية-عيسى البابي الحلبي-القاهرة.




تحفة المحتاج بشرح المنهاج




لأبي العباس شهاب الدين احمد بن محمد بن علي المالكي السعدي الشافعي
المشهور بابن حجر الهيتمي-دار صادر–بيروت مصورة عن مطبوعة الميمنية
–القاهرة-1315هـ.




حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء




سيف الدين أبو بكر محمد بن احمد الشاشي القفال -مكتبة الرسالة الحديثة.





الحاوي الكبير في فقه الشافعي










لأبي الحسن الماردوي-تحقيق علي معوض وعادل احمد عبدالجواد -الناشر دار الكتب العلمية.




الذخيرة




لشهاب الدين احمد بن إدريس الصنهاجي المشهوربالقرافي-دار الغرب الإسلامي –بيروت-الطبعة الأولى-1994م.




الفتاوى الكبرى الفقهية




لأبي العباس شهاب الدين احمد بن محمد بن علي المالكي السعدي الشافعي
المشهور بابن حجر الهيتمي-المكتبة الإسلامية-طبعة مصورة عن مطبعة عبد
الحميد احمد حنفي –القاهرة-1357هـ.




الفروق




لشهاب الدين احمد بن إدريس الصنهاجي المشهور بالقرافي-عالم الكتب –بيروت-





المجموع شرح المهذب





1414هـ.









معين الحكام




لعلاء الدين أبي الحسن علي بن خليل الطرابلسي –مطبعة مصطفي البابي الحلبي-القاهرة-الطبعة الثانية-1973م.




مغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج




لشمس الدين محمد بن احمد الشربيني الخطيب،مكتبة مصطفى البابي الحلبي –القاهرة-





المنثور في القواعد




لبدر الدين بن محمد بن بهادر الزركشي-تحقيق تيسير فائق احمد –وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية-الكويت-الطبعة الثانية-1405هـ.




منهاج الطالبين وعمدة المفتين




محي الدين أبو زكريا يحي بن شرف بن مري النووي،دار المعرفة –بيروت.




نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج




لشمس الدين محمد بن أبي العباس شهاب الدين احمد بن حمزة الرملي المنوفي المصري -دار إحياء التراث العربي –الطبعة الثانية -1413هـ.










1958م.











الأحكام السلطانية










4-الفقه الحنبلي




للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء -عناية محمد الفقي-شركة مكتبة أحمد بن سعيد سروبايا- إندونيسيا، الطبعة الثالثة- سنة 1394 هـ.




أعلام الموقعين عن رب العالمين




لمحمد بن أبي بكر المعروف بابن القيم- -دار الكتب العلمية-الطبعةالاولى1411هـ.




التنقيح المشبع لتحرير أحكام المقنع




لعلاء الدين أبو الحسين علي بن سليمان بن احمد المرداوي-دار العروبة-القاهرة-1381هـ.




حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع




عبد الرحمن محمد بن قاسم العاصمي النجدي على مطبعة الأوفست-الرياض -1398هـ.




الروض المربع شرح زاد المستقنع




لمنصور بن يونس بن إدريس البهوتي-عالم الكتب-بيروت-1405هـ.




شرح منتهى الإرادات




منصور بن يونس البهوتي- دار الفكر- بدون رقم وسنة الطبع.







غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى




















لمرعي بن يوسف بن أبي بكر المقدسي الكرمي-منشورات المؤسسة السعيدية –الرياض-الطبعة الثانية.




فتاوى شيخ الإسلام احمد بن تيمية-فتاوى شيخ الإسلام احمد بن تيمية




جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم-طبع بأمر الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود-مطبعة الحكومة-الطبعة الأولى-1383هـ.




الفتاوى الكبرى




لابن تيمية




الفروع




لأبي عبدالله محمد بن مفلح–عالم الكتب-بيروت-الطبعة الرابعة-1405هـ،




القواعد النورانية




لشيخ الإسلام احمد بن تيمية-دار المعرفة للطباعة والنشر-بيروت-1399هـ.




الكافي




للموفق الدين أبي محمد عبدالله بن احمد بن محمد بن قدامة المقدسي-المكتب الإسلامي-بيروت-الطبعة الثانية-1399هـ.




كشاف القناع عن متن الإقناع




لمنصور بن يونس بن إدريس البهوتي-مكتبة النصر-الرياض.





المبدع شرح المقنع










لإبراهيم بن محمد الأكحل بن عبدالله بن محمد بن مفلح-المكتب الإسلامي-بيروت-1980م.




مجلة الأحكام الشرعية الحنبلية




لأحمد بن عبدالله القاري-دراسة وتحقيق د عبدالوهاب أبو سليمان ودمحمد إبراهيم احمد-دار تهامة-الطبعة الأولى-1401هـ.




مطالب أولى النهى في شرح غاية المنتهى




لمصطفى بن سعد بن عبده السيوطي الرحيباني الدمشقي-المكتب الإسلامي—دمشق-الطبعة الأولى-1381هـ.




المغني




للموفق الدين أبي محمد عبدالله بن احمد بن محمد بن قدامة المقدسي -تحقيق د
عبدالله التركي ود عبدالفتاح الحلو- دار هجر-القاهرة-الطبعة
الثانية-1412هـ.




المقنع للموفق الدين ابي محمد عبدالله بن احمد بن محمد بن قدامة المقدسي مع
شرحه الشرح الكبير لشمس الدين بن قدامة المقدسي ووشرحه الإنصاف في معرفة
الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل احمد بن حنبل لعلاء الدين أبو
الحسين علي بن سليمان بن احمد المرداوي -تحقيق دعبدالله التركي ود
عبدالفتاح الحلو- دار هجر-القاهرة.






منار السبيل في شرح الدليل على مذهب الإمام احمد بن حنبل















لإبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان-المكتب الإسلامي-بيروت-لبنان-1405هـ.




منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح والزيادات




لابن النجار تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي ـ تحقيق عبد الغني عبد الخالق-دار العربية-القاهرة- بدون رقم وسنة الطبع.




الهداية




لأبي الخطاب بن احمد الكلوادني تحقيق إسماعيل الأنصاري وصالح سليمان العمري-مطابع القصيم -الرياض–الطبعة الاولى13391هـ.





المحلى




لأبي محمد علي بن احمد بن سعيد بن حزم الظاهري-الكتب التجاري-بيروت.





أرشاد الفحول الى تحقيق الحق من علم الأصول




لمحمد بن علي الشوكاني –مطبعة مصطفى البابي الحلبي-القاهرة-1937م.




المستصفى من علم الأصول




للإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي –دار العلوم الحديثة-بيروت.




الموافقات




لأبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي -مطبعة دار الكتب العلمية-بيروت الطبعة الأولى-1989م.





5-الفقه الظاهري




6-أصول الفقه









نهاية السول في شرح منهاج الوصول إلى علم الوصول




للقاضي ناصر الدين البيضاوي-لجمال الدين عبدالرحيم بن الحسن الاسنوي-تحقيق




د/شعبان محمد إسماعيل-دار ابن حزم-بيروت-1420هـ.





رابعا:كتب السيرة والنبوية والتراجم والتاريخ( )










الإصابة في تمييز الصحابة




لأحمد بن علي بن محمد الكناني المعروف بالحافظ ابن حجر العسقلاني-مطبعة السعادة-




القاهرة-1328هـ.




البداية والنهاية




لأبي الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير-مكتبة المعارف- الطبعة الرابعة.




تاريخ الأمم والملوك




لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري-دار المعارف-1962م.




السيرة النبوية




لأبي محمد بن عبدالملك بن هشام -دار الفكر العربي-القاهرة.






الطبقات الكبرى















لأبي عبدالله محمد بن سعد بن منيع الزهري-دار صادر-بيروت-1377هـ.




مروج الذهب ومعادن الجوهر




لأبي الحسن بن علي بن الحسين بن علي المسعودي-دار الأندلس-بيروت-1981م.




المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام




جواد علي -دار العلم للملايين –بيروت-1980م.




خامسا:مراجع فقهية معاصرة وقانونية( )




د/إبراهيم احمد إبراهيم




القانون الدولي الخاص مركز الأجانب وتنازع القوانين- دار النهضة العربية –القاهرة




-1992م




د/ إبراهيم طه الفياض




العقود الإدارية-مكتبة الفلاح –الكويت 1401هـ1981م.




د/إبراهيم العناني




المنظمات الدولية والاقليمية والمتخصصة–المطبعة التجارية الحديثة-القاهرة-2001م.




د/إبراهيم محمد الحريري




القواعد والضوابط الفقهية لنظام القضاء في الإسلام-دار عمار للنشر-الطبعة الأولى-





د/أبو زيد رضوان




الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي-دار الفكر العربي-القاهرة-1981م




د/احمد أبو الوفا




عقد التحكيم وإجراءاته- الطبعة الثانية –منشأة المعارف-الإسكندرية 1974م.




التحكيم الاختياري والإجباري-منشأة المعارف –الإسكندرية-1988م.




د/احمد حافظ نجم




القانون الإداري دراسة قانونية لتنظيم ونشاط الإدارة العامة-دار الفكر العربي-القاهرة-1981م.




احمد الزرقاء




شرح القواعد الفقهية-دار الغرب الإسلامي-بيروت-1983م.




د/احمد سلامة بدر




العقود الإدارية وعقد البوت-دار النهضة العربية-القاهرة-2003م.




د/احمد عثمان عياد




مظاهر السلطة العامة في العقود الإدارية –دار النهضة العربية-القاهرة-1973م.




د/احمد عبد الملك بن احمد قاسم




قضاء المظالم في النظام الإسلامي-1990م-بدون ناشر.





1420هـ.









د/احمد فراج حسين




الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية-دار المطبوعات الجامعية-الإسكندرية.




د/احمد محمد حشيش




طبيعة المهمة التحكيمية-دار الفكر الجامعي-2000م




د/احمد المؤمني




التحكيم في التشريع الأردني والمقارن-عمان-1983م.




د/ادوارد عيد




موسوعة أصول المحاكمات والإثبات والتنفيذ-1988م




رقابة القضاء العدلي على أعمال الإدارة.




د/ أنور احمد رسلان




القانون الإداري السعودي-معهد الإدارة العامة –الرياض1408هـ.




د/أياد محمود بردان




التحكيم والنظام العام دراسة مقارنة-منشورات الحلبي-بيروت- الطبعة الأولى-2004م.




د/بشار جميل عبدالهادي




التحكيم في منازعات العقود الإدارية دراسة تحليلية مقارنة –دار وائل للنشر-عمان –الطبعة الأولى-2005م.





د/بكر بن عبدالله ابو زيد










معجم المناهي اللفظية –دار العاصمة-الرياض-الطبعة الثالثة -1417هـ.




د/توفيق شحاته




مبادئ القانون الإداري-دار النشر للجامعات المصرية-القاهرة- الطبعة الأولى- 1954م.




د/ ثروت بدوي




النظرية العامة للعقود الإدارية-دار النهضة العربية-القاهرة-1995م.




د/ جابر جاد نصار




الوجيز في العقود الإدارية-دار النهضة العربية-القاهرة -2001م.




التحكيم في العقود الإدارية دراسة مقارنة-دار النهضة العربية –القاهرة-1997م.




د/جلال وفاء محمدين




التحكيم بين المستثمر الأجنبي والدولة المضيفة للاستثمار أمام المركز
الدولي لتسوية منازعات الاستثمار-دار الجامعة الجديدة
للنشر-الإسكندرية-2001م.




د/ جمال محمود كردي




القانون الواجب التطبيق في دعوى التحكيم-دار النهضة العربية-القاهرة- الطبعة الأولى-





د/جورجي شفيق ساري




التحكيم ومدى جواز اللجوء إليه لفض المنازعات في مجال العقود الإدارية-دار النهضة





2000م.









العربية–القاهرة-1999م.




تطور طريقة ومعيار تمييز وتحديد العقد الإداري-1996.




د/حسن السيد بسيوني




دور القضاء في المنازعة الإدارية-عالم الكتب –القاهرة-1988م




د/ حسن محمد هند




التحكيم في المنازعات الإدارية دراسة مقارنة_ دار الكتب القانونية-2004م.




د/حسين احمد الجندي




النظام القانوني لتسوية منازعات الاستثمار الأجنبية على ضوء اتفاقية واشنطن
الموقعة في 1965م-دار النهضة العربية-القاهرة-بدون سنة طبع.




د/ حفيظة السيد الحداد




العقود المبرمة بين الدول والأشخاص الأجنبية –منشورات الحلبي الحقوقية-بيروت-2003م.




الاتفاق على التحكيم في عقود الدولة ذات الطبيعة الإدارية وأثرها على
القانون الواجب التطبيق-دار المطبوعات الجامعية –الإسكندرية-2001 .




د/ حمدي ياسين عكاشة




موسوعة العقود الإدارية والدولية –منشأة المعارف-الإسكندرية-1998م.





د/ حمدي علي عمر










التحكيم في عقود الإدارة دراسة مقارنة-دار النهضة العربية-1997م.




د/خالد خليل الظاهر




القضاء الإداري—بدون ناشر-عمان -1999م.




د/داود عبدالرزاق الباز




أصول القضاء الإداري في النظام الإسلامي–دار الفكر الجامعي-الإسكندرية -2004م.




د/ سليمان محمد الطماوي




الأسس العامة للعقود الإدارية- دراسة مقارنة-مطبعة عين شمس-القاهرة-1991م.




القضاء الإداري قضاء الإلغاء-دار الفكر العربي-القاهرة-1986م.




القضاء الإداري قضاء التعويض-دار الفكر العربي-القاهرة-1986م.




القضاء الإداري قضاء التأديب-دار الفكر العربي-القاهرة-1971م.




د/سيد احمد محمود




التحكيم في الشريعة الإسلامية والقانون الكويتي-الطبعة الأولى–دار النهضة العربية – القاهرة -1998م.




د/ السيد خليل هيكل




القانون الإداري السعودي-جامعة الملك سعود-الرياض-1415هـ-1994م.





د/السيد نشأت الدريني










التراضي في عقود المبادلات المالية--دار الشروق –الطبعة الأولى-1403هـ.




د/ صوفي أبو طالب




مبادئ تاريخ القانون-مكتبة النهضة العربية-1957م.




د/طعيمة الجرف




القانون الإداري دراسة مقارنة في تنظيم ونشاط الإدارة العامة-مكتبة القاهرة الحديثة-القاهرة-1972م.




د/ظافر القاسمي




نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي(الكتاب الثاني) -دار النفائس –الطبعة الرابعة-





د/عبد الرحمن عياد




أصول علم القضاء في التنظيم القضائي والدعوى والاختصاص دراسة مقارنة بالفقه
الإسلامي وبأنظمة المملكة العربية السعودية- معهد الإدارة
العامة-الرياض-1401هـ.




د/عبد المنعم الشرقاوي




شرح المرافعات المدنية والتجارية-دار النشر للجامعات المصرية –القاهرة-1950م.





1992م.










د/عبد الهادي العطافي










نظرية العقد-بدون ناشر-1984م.




د/عبد الحميد عثمان




المفيد في شرح القانون المدني-دار النهضة العربية-القاهرة-1998م.




د/عبد الحميد الشواربي




التحكيم والتصالح في التشريعات المختلفة-منشأة المعارف-الإسكندرية-1996م.




التحكيم والتصالح في ضوء الفقه والقضاء والتشريع-دار النهضة العربية-القاهرة-1997.




د/ عبد الرزاق بن احمد السنهوري




الوسيط في شرح القانون المدني-دار النهضة العربية-1962م.




د/عبد الحميد الأحدب




موسوعة التحكيم في البلاد العربية –الإسكندرية-دار المعارف-1998.




التحكيم أحكامه ومصادره-مؤسسة نوفل-بيروت.




د/ عبد المنعم عبد العظيم جيرة




مبادئ المرافعات التنظيم القضائي والاختصاص– مذكرات ألقيت على طلاب برنامج دراسات الأنظمة في معهد الإدارة العامة.




نظام القضاء في المملكة العربية السعودية-معهد الإدارة العامة-الرياض-1409هـ











د/عبد الفتاح حسن




دروس في القانون الإداري -معهد الإدارة العامة-الرياض-1394هـ.




قضاء الإلغاء-مكتبة الجلاء الجديدة-1982.




د/عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة




دار الكتب القانونية-المحلة الكبرى-2006م.




د/عبد الفتاح صبري أبو الليل




أساليب التعاقد الإداري بين النظرية والتطبيق-بدون ذكر للناشر -1994




عبدالله بن حمد الوهيبي




القواعد المنظمة للعقود الإدارية في المملكة العربية السعودية -مكتبه العبيكان-الرياض- الطبعة الأولى-1423هـ.




د/ عبد الحميد البعلي




ضوابط العقود-مكتبة وهبة-القاهرة-الطبعة الأولى.




د/عبدالمعنم الشرقاوي




شرح المرافعات المدنية والتجارية- المطبعة العالمية- الطبعة الثانية-1956م.




د/عزيزة الشريف




التحكيم الإداري في القانون المصري-دار النهضة العربية-القاهرة-1993م.




دراسات في نظرية العقد الإداري-دار النهضة العربية-القاهرة-1990م.





د/ عصمت عبدالله الشيخ










التحكيم في العقود الإدارية ذات الطابع الدولي-دار النهضة العربية-القاهرة-2000.




الشيخ علي الخفيف




أحكام المعاملات الشرعية - دار الفكر العربي-الطبعة الأولى-1417هـ.




د/علي الندوي




جمهرة القواعد الفقهية -شركة الراجحي المصرفية-الرياض-الطبعة الأولى-1421هـ.




د/علي بن محي الدين القره داغي




مبدأ الرضا في العقود-دار البشائر الإسلامية-بيروت-الطبعة الثانية-1423هـ.




د/ علي علي سليمان




النظرية العامة للالتزام في القانون المدني الجزائري-ديوان المطبوعات الجامعية-1998م.




د/علي علي منصور




نظم الحكم والإدارة في الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية-دار الفتح للطباعة والنشر




–بيروت-1391هـ.




د/ عمر حلمي




معيار تمييز العقد الإداري-دار النهضة العربية-1993.






د/فاطمة محمد العوا















عقد التحكيم في الشريعة والقانون-المكتب الإسلامي-بيروت-الطبعة الأولى-1423هـ.




د/ فتحي الدريني




الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده.




د/ فتحي والي




الوسيط في قانون القضاء المدني-مكتبة الكتاب الجامعي –القاهرة-1993




د/ فؤاد بن محمد النادي




القضاء الإداري-بدون ناشر.




مبادئ نظام الحكم في الإسلام- دار البيان-دبي-199م.




الوجيز في مبادئ القانون الإداري-بدون ناشر.




د/فؤاد محمد موسى عبدالكريم




القرارات الإدارية وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية دراسة مقارنة –معهد الإدارة العامة-الرياض-1423هـ.




د/قحطان الدوري




عقد التحكيم في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي-دار الفرقان للنشر والتوزيع-الأردن




عمان -1422هـ.





د/كمال ابراهيم










التحكيم التجاري لدولي،حتمية التحكيم وحتمية قانون التجارة الدولي-دار النهضة العربية طبعة 1997م.




د/ ماجد راغب الحلو




العقود الإدارية والتحكيم-دار الجامعة الجديدة للنشر-الإسكندرية-2004م.




القانون الإداري-دار المطبوعات الجامعية –الإسكندرية-1987م.




القضاء الإداري-منشأة المعارف –الإسكندرية-2000م.




د/ محسن شفيق




التحكيم التجاري والدولي-دار النهضة العربية-القاهرة-1993.




د/محمد سلام مدكور




نظرية الإباحة عند الأصوليين والفقهاء-دار النهضة العربية-1984م.




مناهج الاجتهاد في الإسلام.




د/محمد رفعت عبدالوهاب وعاصم احمد عجيلة




أصول القانون الإداري-جامعة صنعاء.




د/ محمود مختار بريري




التحكيم التجاري الدولي-دار النهضة العربية-1995م.






د/ محمد بكر حسن















العقد الإداري والتحكيم-مكتبة السعادة- طنطا-1993م.




د/محمد الشافعي أبو رأس




القضاء الإداري-مكتبة النصر-الزقازيق-1987م.




د/ محمد عبدالمجيد إسماعيل




عقود الأشغال الدولية والتحكيم فيها-منشورات الحلبي الحقوقية-بيروت-2003م .




د/محمد رأفت عثمان




النظام القضائي في الفقه الإسلامي-الطبعة الأولى-1410هـ-مكتبة الفلاح-الكويت.




الشيخ/ محمد أبو زهرة




الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية–دار الفكر العربي.




د/محمد رفعت عبد الوهاب




قضاء المظالم في الفقه الإسلامي (القضاء الإداري في الإسلام)-1989.




د/محمدي فتح الله حسين




شرح قانون التحكيم والتحكيم الإداري-دار الكتب القانونية-المحلة الكبرى-2005م.




د/محمد عبدالعال السناري




القرارات الإدارية في المملكة العربية السعودية-معهد الإدارة العامة-الرياض-1414هـ.











مبادئ وأحكام العقود الإدارية-دار النهضة العربية.




د/محمود مغربي




أحكام العقد في الشريعة الإسلامية -المكتبة الحديثة-1988م.




د/ محمد فؤاد مهنا




القانون الإداري العربي في ظل النظام الاشتراكي الديمقراطي التعاوني-دار المعارف -1967م.




د/ محمد عبدالواحد الجميلي




ماهية العقد الإداري في ضوء أحكام القضاء الفرنسي والمصري-دار النهضة العربية-1995م.




د/محمد عبدالعزيز بكر




أثر شرط التحكيم على المفهوم المتفرد للعقد الإداري-الطبعة الأولى-دار النهضة العربية-القاهرة-2001م.




د/ محسن شفيق




التحكيم التجاري الدولي-دار النهضة العربية-القاهرة1997م.




د/مجدي عبد الحميد شعيب




التحكيم في العقود الإدارية دراسة مقارنة-بدون ناشر-1998.





د/منير عبد المجيد










التنظيم القانوني للتحكيم الدولي والداخلي-منشأة المعارف-الإسكندرية-1997.




د/ محمود حلمي




العقد الإداري-دار الفكر العربي-القاهرة-الطبعة الثانية-1977م.




د/محمود عاطف البنا




العقود الإدارية –دار العلوم للطباعة والنشر-القاهرة-1984م.




د/ مصطفى عبد المقصود سليم




معيار العقد الإداري وأثره على اختصاص مجلس الدولة-دار النهضة العربية-1995م.




د/مصطفى احمد الزرقاء




المدخل الفقهي العام- دار القلم-الطبعة الأولى-1418هـ.




د/مصطفى وصفي




مصنفة النظم الإسلامية-مكتبة وهبه-الطبعة الأولى-1397هـ.




د/مصطفى الجمال ود عكاشة عبدالعال




التحكيم في العلاقات الخاصة والدولية والداخلية -الفتح للطباعة والنشر –الإسكندرية-1998م.






د/منير عبد الحميد















التنظيم القانوني للتحكيم الدولي والداخلي –منشأة المعارف –الإسكندرية- 1997م.




الموسوعة الفقهية الكويتية




وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية-الكويت –الطبعة الأولى-1414هـ.




د/ناريمان عبدالقادر




اتفاق التحكيم –دار النهضة العربية-1991م.




د/ نجلاء جسن سيد احمد خليل




التحكيم في المنازعات الإدارية-الطبعة الثانية-دار النهضة العربية –القاهرة-2003.




د/نواف كنعان




القانون الإداري الأردني-دار الثقافة للنشر والتوزيع-عمان2003م.




د/وهبه الزحيلي




الفقه الإسلامي وأدلته- دار الفكر دمشق-الطبعة الثانية-1405هـ.




د/ولاء رفعت




التحكيم التجاري الوطني والدولي في المملكة العربية السعودية-من إصدارات الغرفة




التجارية والصناعية بمحافظة جدة-1419هـ.






د/هشام علي صادق















القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية-منشأة المعارف-1995م.











سادسا:الرسائل العلمية




د/احمد حسان مطاوع




التحكيم في عقود الإنشاءات –رسالة دكتوراه- كلية الحقوق جامعة القاهرة-1998م




د/احمد مليجي




تحديد نطاق الولاية القضائية والاختصاص القضائي- رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية




الحقوق جامعة عين شمس-1979م-القاهرة




د/ أسامة الشناوي




المحاكم الخاصة في مصر دراسة عملية ونظرية-رسالة دكتوراه –كلية الحقوق جامعة




القاهرة-1995م




د/ثورية لعيوني




معيار العقد الإداري دراسة مقارنة- جامعة عين شمس-1987م.







د/رقية رياض إسماعيل




















خضوع الدولة ونظرية السيادة التقليدية-رسالة دكتوراه –كلية الحقوق –جامعة القاهرة-2001م.




د/ زكي محمد محمد النجار




نظرية البطلان في العقود الإدارية دراسة مقارنة –جامعة عين شمس-1981م.




د/سراج حسين ابر زيد




التحكيم في عقود البترول-رسالة دكتوراه-جامعة القاهرة-1998م.




د/سلامة فارس عرب




وسائل معالجة اختلال توازن العلاقات التعاقدية في قانون التجارة الدولية-رسالة دكتوراه




–جامعة القاهرة 1998م.




د/شمس مرغني علي




التحكيم في منازعات المشروع العام –رسالة دكتوراه –كلية الحقوق جامعة عين شمس-





د/علي سالم إبراهيم




ولاية القضاء والتحكيم- رسالة دكتوراه مقدمة إلى جامعة شمس-1997م.





1973م.










د/علي رمضان بركات










خصومة التحكيم في القانون المصري والمقارن- رسالة دكتوراه –كلية الحقوق –جامعة القاهرة 1996م.




د/ علي محمد عبد المولى




الظروف التي تطرأ أثناء تنفيذ العقد الإداري دراسة مقارنة-رسالة دكتوراة-جامعة عين شمس-1991م.









سابعا:البحوث والمقالات




د/إبرا هيم احمد إبراهيم




اختيار طريق التحكيم-بحث منشور في مجلة التحكيم العربي-العدد الثالث-أكتوبر 2000م




د/إبراهيم علي حسن




تأملات في اختصاص التحكيم بمنازعات عقود الدولة-بحث مقدم للدورة التدريبية التي




تنظمها هيئة قضايا الدولة المنعقدة حلال المدة من 14-19 سيبتمر1996م







إبراهيم فاضل الدبو




















حكم إجراء العقود بوسائل الاتصال الحديثة-بحث منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي-العد السادس-1410هـ.




د/احمد الشلقاني




التحكيم في عقود التجارة الدولية-مجلة إدارة قضايا الدولة-السنة العاشرة-العدد الرابع.




د أنور محمد رسلان




التحكيم في منازعات العقود الإدارية دراسة مقارنة-مقال منشور بمجلة الأمن والقانون




السنة 6-العدد 1-يناير1998م.




السيد الحبيب ملوش




آخر التطورات في حقل التحكيم الدولي بتونس-ورقة عمل مقدمة إلى مؤتمر القاهرة




والإسكندرية عن التحكيم الدولي المنعقد في القاهرة من 11الى 15- 1992م.




د/اكثم الخولي




الاتجاهات العامة في قانون التحكيم الجديد –بحث مقدم إلى مؤتمر القانون المصري الجديد




للتحكيم التجاري الدولي وتجارب الدول المختلفة التي اعتمدت القانون النموذجي مركز




القاهرة الإقليمي للتحكيم الدولي بالاشتراك مع لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولي




خلال المدة من12-13سيبتمر 1994م.





د/ حسني عبدالواحد










مشروع قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية-محاضرة ألقيت في ندوة عقد المقاولة




الدولي-مركز البحوث والدراسات بكلية الحقوق جامعة القاهرة-1992م.




د/حمزة احمد حداد




التحكيم في القانون وبالصلح في قوانين الدول العربية- ورقة مقدمة لملتقى التحكيم




السعودي من منظور إسلامي ودولي -جدة-29/11-1/12/2005م .




د/ سليمان الطماوي




قواعد الاختصاص في مجال المنازعات لمتعلقة بالعقود الإدارية-مجلة مجلس الدولة-السنة 7-





د/غالب صبحي المحمصاني




ميزات التحكيم المطلق-ورقة عمل مقدمة للمؤتمر الإسلامي الثاني للشريعة والقانون-بيروت -1421هـ




د/ عبد الستار الخويلدي




العلاقة بين التحكيم وقضاء الدولة بحث منشور ضمن بحوث الاتحاد الدولي
للمحامين عن التحكيم من منظور إسلامي ودولي في جدة ربيع الأول 1424هـ.





1975م.










د/ محمد ماجد محمود










العقد الإداري وشرط التحكيم الدولي-مجلة العلوم الإدارية-سنة35-العدد 1




يونيو1993م.




د/محمد كمال منير




مدى جواز الاتفاق على الالتجاء إلى التحكيم الاختياري في العقود الإدارية
–مجلة العلوم الإدارية-1991-العدد33-السنة33العدد الأول –يونيو1991م.




د/مصطفى البغا




ندوة التحكيم المطلق في الشريعة الإسلامية-لبنان-بيروت-1421هـ.




د/مطلب عبد الله النفيسة




مقدمة في العقود الإدارية-مقال في مجلة الإدارة العامة-الرياض-1386هـ.




د/وجدي راغب فهمي




مفهوم التحكيم وطبيعته- مقالة منشورة في الدورة التدريبية للتحكيم في كلية الحقوق




جامعة الكويت في 1992/1993م.




د/هشام خالد




مفهوم العمل القضائي –مجلة المحاماة ع 21 يناير وفبراير 1987م.






ثامنا:كتب القواميس والتعريفات( )















ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البلاغة




طاهر احمد الزاوي-عيسى البابي الحلبي وشركاه-الطبعة الثانية.




التعريفات




لعلي بن محمد الجرجاني-دار الكتاب العربي-الطبعة الثانية-1413هـ.




تاج العروس من جواهر القاموس




لمحب الدين أبي الفيض السيد محمد مرتضى الزبيدي- -دراسة وتحقيق علي شيرى دار الفكر للطباعة والنشر-بيروت-1414هـ.




لسان العرب




لأبي الفضل جمال الدين بن منظور-دار صادر-بيروت-الطبعة الثالثة-1414هـ.




معجم مقاييس اللغة




لأبي الحسين احمد بن فارس بن زكريا- -تحقيق عبدالسلام هارون-مكتبة الخانجي-القاهرة-الطبعة الثالثة-1402هـ.







القاموس المحيط




















لمجد الدين الفيروز ابادي ابو الطاهر محمد بن يعقوب الصديقي الشيرازي –المكتبة التجارية –القاهرة.




مختار الصحاح




لمحمد بن ابي بكر بن عبدالقادر الرازي-دار الجيل-بيروت-1407هـ.




معجم المصطلحات الفقهية و القانونية




د/جرجس جرجس-الشركة العلمية للكتاب-بيروت-الطبعة الأولى-1996م.




تاسعا:الأحكام والقرارات القضائية والدوريات




التطبيقات العملية للعقد الإداري في ضوء أحكام المحكمة الإدارية العليا-مذكرة- محمد رشاد عمران 2003م.




المجموعة المبادئ الشرعية والنظامية التي قررتها لجنة تدقيق القضايا وهيئات
ولجان ودوائر ديوان المظالم الصادرة عن ديوان المظالم- الرياض-عام1400 هـ
و1401هـ.




مجموعة من الأحكام الصادرة من دوائر وهيئات التدقيق في ديوان المظالم لم تنشر.




مجموعة المبادئ التي أعدها المكتب الفني في مجلس الدولة المصري في العقود الإدارية-




1997م- الفتوى الصادرة بجلسة 7/2/1993م ملف رقم 54/1/307 .




مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا- السنة 30 .





مبادئ المحكمة الإدارية منذ عام 1946وحتى 9ام 1985م إشراف د نعيم عطية










وحسن الفكهاني-الطبعة الأولى-الدار العربية للموسوعات-القاهرة-1986.




مجلة مجمع الفقه الإسلامي-الصادرة عن منظمة المؤتمر الإسلامي-العدد التاسع-1417هـ.




مجلة هيئة قضاء الدولة السنة 41 العدد الثاني ابريل –يونيو 1997م.





عاشرا:الأنظمة والقوانين والاتفاقيات والقواعد










الأنظمة والقوانين




-النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90والتاريخ 27/8/1412هـ.




-ديوان المظالم ولائحة الإيضاحية الصادر بالمرسوم الملكي رقم 51وتاريخ 1/7/1402هـ والمنشور بالعدد 2919وتاريخ 5/8/1402هـ(السابق).




- نظام القضاء ونظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/78وتاريخ 20/9/1428هـ.




-نظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/46وتاريخ 12/7/1403هـ ولائحته
التنفيذية الموافق عليها بخطاب رئيس مجلس الوزراء رقم 7/2021/م وتاريخ
8/9/1405هـ.




-نظام الكهرباء الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/56وتاريخ 20/10/1426هـ.




-نظام الاستثمار التعديني الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/47وتاريخ 20/9/1425هـ.




-المرسوم الملكي رقم م/8في 4/4/1409هـ بالموافقة على نظام شركة الزيت العربية السعودي و أرامكو السعودية.




-قانون رقم 47لسنة 1972م بشأن مجلس الدولة المصري.




-القانون المصري القانون رقم 27لسنة 1994م بإصدار قانون بشان التحكيم في المواد المدنية والتجارية والقانون رقم 9لسنة 1997م .




-القانون الكويتي رقم 11 لسنة 1995م بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية.




-قانون التحكيم الأردني رقم 31لسنة 2001م.




-القانون المغربي قانون المسطرة المدنية الصادرة بتاريخ 18/9/1974م.




-قانون مجلس الدولة السوري الصادر بتاريخ 21 شباط 1959م.




-قانون المرافعات المدنية الفرنسي الصادر بالمرسوم رقم 81-500 في 1981م.




-القانون القضائي البلجيكي الصادر 1972م.




الاتفاقيات والقواعد




-اتفاقية منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول الموقعة في9/يناير 1967م.




-تسوية الاستثمار بين الدول المضيفة للاستثمارات العربية ومواطني الدول العربية الأخرى الموقعة في 1974م.




-اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري لعام 1987م.




-اتفاقية نيويورك المتعلقة بالاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية و تنفيذها
لعام 1958م. والتي اقرها مؤتمر نيويورك في الفترة من 20 مايو إلى 10 يونيو
عام 1958م.




-اتفاقية جنيف لفض المنازعات التي تنشا عن العلاقات الاقتصادية والمعاملات التجارية بين الدول المبرمة في 21ابريل 1961م.




-اتفاقية واشنطن الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمارات بين الدول ورعايا دول أخرى الموقعة عام 1965م.




-نظام مركز التحكيم التجاري الدولي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية،ولائحة الإجراءات لديه.




-نظام التوفيق والتحكيم لغرفة تجارة وصناعة دبي لعام 1974م.




-قواعد التحكيم التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولي اليونسيترال الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري.




-لائحة محكمة التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس.






فهرس الموضوعات















الموضوع رقم الصفحة




الإهداء..................................................... 3




شكر وثناء وتقدير........................................... 4




المقدمة..................................................... 6




تمهيد...................................................... 22




الفصل الأول:مفهوم العقد الإداري في القانون مشروعيته في الفقه




الإسلامي ومفهومه في النظام السعودي....................... 24




تمهيد:في تعريف العقد في اللغة،وبيان مفهومه في الفقه الإسلامي... 26




المبحث الأول:مفهوم العقد الإداري في القانون................. 31




المطلب الأول:تعريف العقد الإداري في القانون................. 33




الفرع الأول:تعريف العقد الإداري في القانون والقضاء........... 34




الفرع الثاني:دراسة تحليلية لتعاريف العقد الإداري................. 37




المطلب الثاني:أركان العقد الإداري............................ 39




الفرع الأول:أن يكون أحد أطراف العقد شخصًّا معنويّــــاً




عاماً...................................................... 42




الفرع الثاني:أن يكون محل العقد مرفق عام.................... 44




الفرع الثالث:إن يتضمن العقد شروطا استثنائية وغير مألوفة..... 48




المبحث الثاني:مشروعية العقد الإداري في الفقه الإسلامي...... 53




المطلب الأول:مشروعية العقد الإداري من القرآن الكريم...... 57




المطلب الثاني:مشروعية العقد الإداري من السنة............. 62




المطلب الثالث:مشروعية العقد الإداري من العقل........... 64




المطلب الرابع:الرأي في التفرقة بين العقد الإداري وعقد




الإدارة الخاصة في الفقه الإسلامي......................... 66
















الموضوع رقم الصفحة




المبحث الثالث:مفهوم العقد الإداري في النظام السعودي.... 72




المطلب الأول:تعريف العقد الإداري في النظام السعودي.... 74




المطلب الثاني:دعاوى المنازعات العقدية التي يختص بنظرها




ديوان المظالم.......................................... 76




المطلب الثالث:طبيعة نظر ديوان المظالم في دعاوى العقود التي




طرفها الإدارة......................................... 83




الفصل الثاني:تعريف التحكيم ومشروعيته والنظم التي تشابهه




في الفقه الإسلامي والقانون والنظام السعودي........... 89




المبحث الأول: تعريف التحكيم في اللغة والاصطلاح..... 92




المطلب الأول: تعريف التحكيم في اللغة................. 94




المطلب الثاني: تعريف التحكيم في الاصطلاح............. 95




الفرع الأول: تعريف التحكيم في الفقه الإسلامي......... 96




الفرع الثاني: تعريف التحكيم في القانون................. 98




الفرع الثالث:تعريف التحكيم في النظام السعودي......... 101




المبحث الثاني:مشروعية التحكيم في الفقه الإسلامي.......... 103




المبحث الثالث:أوجه التشابه والاختلاف بين التحكيم




والنظم المشابهة له........................................ 111




المطلب الأول:أوجه التشابه والاختلاف




بين التحكيم في العقود الإدارية والقضاء الإداري............ 113




المطلب الثاني:أوجه التشابه والاختلاف




بين التحكيم في العقود الإدارية والصلح في العقود الإدارية..... 117




المطلب الثالث:أوجه التشابه والاختلاف بين التحكيم في العقود




الإدارية والتوفيق في العقود الإدارية........................ 123





الموضوع رقم الصفحة










المبحث الرابع:أنواع التحكيم في العقود الإدارية............ 128




المطلب الأول:التحكيم الاختياري في العقود الإدارية




والتحكيم الإجباري في العقود الإدارية..................... 130




المطلب الثاني:التحكيم الخاص أو الحر في العقود الإدارية




والتحكيم المؤسسي في العقود الإدارية..................... 134




المطلب الثالث:التحكيم المقيد في العقود الإدارية




والتحكيم بالصلح في العقود الإدارية...................... 138




الباب الأول:التحكيم في العقود الإدارية في القانون....... 142




فصل تمهيدي:مفهوم المنازعات الإدارية في القانون....... 145




المبحث الأول:تعريف المنازعة الإدارية ومعايرها.......... 147




المبحث الثاني:صور المنازعات الإدارية.................... 151




المبحث الثالث:الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية...... 156




المبحث الرابع:تعريف التحكيم في المنازعات الإدارية...... 158




الفصل الأول: التحكيم في العقود الإدارية في القانون..... 161




المبحث الأول:أسباب الخلاف في حكم اللجوء




إلى التحكيم في العقود الإدارية والمسائل التي تخرج عنه...... 163




المطلب الأول:أسباب الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم




في العقود الإدارية..................................... 165




المطلب الثاني:المسائل التي تخرج عن الخلاف في حكم اللجوء




إلى التحكيم في العقود الإدارية......................... 168




المبحث الثاني:عدم جواز اللجوء إلى التحكيم




في العقود الإدارية.................................... 170






الموضوع رقم الصفحة















المطلب الأول: موقف المنظم من عدم جواز اللجوء




إلى التحكيم في العقود الإدارية........................... 172




المطلب الثاني:موقف القضاء من عدم جواز اللجوء إلى




التحكيم في العقود الإدارية............................. 176




المطلب الثالث:موقف الفقه م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
مصطفي كامل

مصطفي كامل


عدد المساهمات : 5015
نقــاط المشاركة : 8721
تاريخ التسجيل : 17/08/2010

التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي   التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 05, 2010 2:05 pm

فهرس الموضوعات




الموضوع رقم الصفحة




الإهداء..................................................... 3




شكر وثناء وتقدير........................................... 4




المقدمة..................................................... 6




تمهيد...................................................... 22




الفصل الأول:مفهوم العقد الإداري في القانون مشروعيته في الفقه




الإسلامي ومفهومه في النظام السعودي....................... 24




تمهيد:في تعريف العقد في اللغة،وبيان مفهومه في الفقه الإسلامي... 26




المبحث الأول:مفهوم العقد الإداري في القانون................. 31




المطلب الأول:تعريف العقد الإداري في القانون................. 33




الفرع الأول:تعريف العقد الإداري في القانون والقضاء........... 34




الفرع الثاني:دراسة تحليلية لتعاريف العقد الإداري................. 37




المطلب الثاني:أركان العقد الإداري............................ 39




الفرع الأول:أن يكون أحد أطراف العقد شخصًّا معنويّــــاً




عاماً...................................................... 42




الفرع الثاني:أن يكون محل العقد مرفق عام.................... 44




الفرع الثالث:إن يتضمن العقد شروطا استثنائية وغير مألوفة..... 48




المبحث الثاني:مشروعية العقد الإداري في الفقه الإسلامي...... 53




المطلب الأول:مشروعية العقد الإداري من القرآن الكريم...... 57




المطلب الثاني:مشروعية العقد الإداري من السنة............. 62




المطلب الثالث:مشروعية العقد الإداري من العقل........... 64




المطلب الرابع:الرأي في التفرقة بين العقد الإداري وعقد




الإدارة الخاصة في الفقه الإسلامي......................... 66
















الموضوع رقم الصفحة




المبحث الثالث:مفهوم العقد الإداري في النظام السعودي.... 72




المطلب الأول:تعريف العقد الإداري في النظام السعودي.... 74




المطلب الثاني:دعاوى المنازعات العقدية التي يختص بنظرها




ديوان المظالم.......................................... 76




المطلب الثالث:طبيعة نظر ديوان المظالم في دعاوى العقود التي




طرفها الإدارة......................................... 83




الفصل الثاني:تعريف التحكيم ومشروعيته والنظم التي تشابهه




في الفقه الإسلامي والقانون والنظام السعودي........... 89




المبحث الأول: تعريف التحكيم في اللغة والاصطلاح..... 92




المطلب الأول: تعريف التحكيم في اللغة................. 94




المطلب الثاني: تعريف التحكيم في الاصطلاح............. 95




الفرع الأول: تعريف التحكيم في الفقه الإسلامي......... 96




الفرع الثاني: تعريف التحكيم في القانون................. 98




الفرع الثالث:تعريف التحكيم في النظام السعودي......... 101




المبحث الثاني:مشروعية التحكيم في الفقه الإسلامي.......... 103




المبحث الثالث:أوجه التشابه والاختلاف بين التحكيم




والنظم المشابهة له........................................ 111




المطلب الأول:أوجه التشابه والاختلاف




بين التحكيم في العقود الإدارية والقضاء الإداري............ 113




المطلب الثاني:أوجه التشابه والاختلاف




بين التحكيم في العقود الإدارية والصلح في العقود الإدارية..... 117




المطلب الثالث:أوجه التشابه والاختلاف بين التحكيم في العقود




الإدارية والتوفيق في العقود الإدارية........................ 123





الموضوع رقم الصفحة










المبحث الرابع:أنواع التحكيم في العقود الإدارية............ 128




المطلب الأول:التحكيم الاختياري في العقود الإدارية




والتحكيم الإجباري في العقود الإدارية..................... 130




المطلب الثاني:التحكيم الخاص أو الحر في العقود الإدارية




والتحكيم المؤسسي في العقود الإدارية..................... 134




المطلب الثالث:التحكيم المقيد في العقود الإدارية




والتحكيم بالصلح في العقود الإدارية...................... 138




الباب الأول:التحكيم في العقود الإدارية في القانون....... 142




فصل تمهيدي:مفهوم المنازعات الإدارية في القانون....... 145




المبحث الأول:تعريف المنازعة الإدارية ومعايرها.......... 147




المبحث الثاني:صور المنازعات الإدارية.................... 151




المبحث الثالث:الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية...... 156




المبحث الرابع:تعريف التحكيم في المنازعات الإدارية...... 158




الفصل الأول: التحكيم في العقود الإدارية في القانون..... 161




المبحث الأول:أسباب الخلاف في حكم اللجوء




إلى التحكيم في العقود الإدارية والمسائل التي تخرج عنه...... 163




المطلب الأول:أسباب الخلاف في حكم اللجوء إلى التحكيم




في العقود الإدارية..................................... 165




المطلب الثاني:المسائل التي تخرج عن الخلاف في حكم اللجوء




إلى التحكيم في العقود الإدارية......................... 168




المبحث الثاني:عدم جواز اللجوء إلى التحكيم




في العقود الإدارية.................................... 170






الموضوع رقم الصفحة















المطلب الأول: موقف المنظم من عدم جواز اللجوء




إلى التحكيم في العقود الإدارية........................... 172




المطلب الثاني:موقف القضاء من عدم جواز اللجوء إلى




التحكيم في العقود الإدارية............................. 176




المطلب الثالث:موقف الفقه من عدم جواز اللجوء إلى




التحكيم في العقود الإدارية............................. 181




المطلب الرابع:الحجج والأسانيد على عدم جواز اللجوء إلى




التحكيم في العقود الإدارية............................. 184




المبحث الثالث:جواز اللجوء إلى التحكيم في




العقود الإدارية....................................... 187




المطلب الأول:موقف المنظم من جواز اللجوء إلى




التحكيم في العقود الإدارية............................. 189




المطلب الثاني: موقف القضاء من جواز اللجوء إلى




التحكيم في العقود الإدارية............................. 194




المطلب الثالث: موقف الفقه من جواز اللجوء إلى




التحكيم في العقود الإدارية............................. 198




المطلب الرابع:الحجج والأسانيد على جواز اللجوء إلى التحكيم




في العقود الإدارية......................................... 200




المبحث الرابع:مقارنة بين الرأي المانع والرأي المجيز في اللجوء




إلى التحكيم في العقود الإدارية والترجيح بينهما.............. 204




المطلب الأول:تقدير الاتجاهين المانع والمجيز في اللجوء




إلى التحكيم في العقود الإدارية.......................... 206






الموضوع رقم الصفحة















المطلب الثاني:تقويم الاتجاهين المانع والمجيز للجوء إلى التحكيم




في العقود الإدارية.................................... 208




الفرع الأول:تقويم الاتجاه المانع في اللجوء إلى




التحكيم في العقود الإدارية.............................. 209




الفرع الثاني:تقويم الاتجاه المجيز في اللجوء




إلى التحكيم في العقود الإدارية........................... 213




المبحث الخامس: الرأي في حكم اللجوء إلى التحكيم




في العقود الإدارية وتعريف التحكيم في العقود




الإدارية في القانون..................................... 215




المطلب الأول:الرأي في حكم اللجوء إلى التحكيم




في العقود الإدارية...................................... 217




المطلب الثاني:تعريف التحكيم في العقود الإدارية




في القانون............................................. 235




الفصل الثاني: التحكيم في العقود الإدارية الدولية




في القانون.......................................... 237




المبحث الأول:مفهوم التحكيم في العقود




الإدارية الدولية...................................... 239




المطلب الأول:تعريف العقد الإداري الدولي............. 241




المطلب الثاني:تعريف التحكيم في العقود




الإدارية الدولية.................................... 244




المبحث الثاني:اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية




الدولية في القانون.................................. 247






الموضوع رقم الصفحة















المطلب الأول:موقف القضاء من اللجوء التحكيم




في العقود الإدارية الدولية.......................... 249




المطلب الثاني:موقف الفقه والقوانين من اللجوء إلى التحكيم




في العقود الإدارية الدولية.............................. 254




المبحث الثالث:اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية




الدولية في الاتفاقيات الدولية.......................... 259




المطلب الأول:اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية




الدولية في الاتفاقيات الإقليمية........................ 261




المطلب الثاني: اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية




الدولية في الاتفاقيات الدولية......................... 264




الباب الثاني:التحكيم في العقود الإدارية في الفقه




الإسلامي وفي النظام السعودي...................... 270




الفصل الأول:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من




الفقه الإسلامي.................................... 274




مبحث تمهيدي:مفهوم المنازعات الإدارية في




الفقه الإسلامي.................................... 276




المطلب الأول:تعريف المنازعات الإدارية في




الفقه الإسلامي.................................. 278




المطلب الثاني:الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية في




الفقه الإسلامي................................ 284




المبحث الأول:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من كتاب




الله عز وجل ومن سنة نبيه eومن التطبيقات العملية




للخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم....................... 290





الموضوع رقم الصفحة










المطلب الأول:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من كتاب




الله عز وجل من سنة النبيe............................ 292





العملية للخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم.................. 202




المبحث الثاني:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من




اجتهادات الفقهاء....................................... 306




المطلب الأول: تأصيل التحكيم في العقود الإدارية لدى الفقهاء




في محل التحكيم......................................... 308




المطلب الثاني: تأصيل التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي




لدى الفقهاء في كون طرف التحكيم جهة إدارية............... 320




المطلب الثالث:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية لدى الفقهاء في




الأصل في المعاملات........................................ 323




المطلب الرابع: تأصيل التحكيم في العقود الإدارية لدى الفقهاء في




سلطة ولي الأمر التقديرية تجاه الرعية......................... 326




المبحث الثالث:تعريف التحكيم في العقود الإدارية في




الفقه الإسلامي............................................ 328




الفصل الثاني:التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي... 330




مبحث تمهيدي:المنازعات الإدارية في النظام السعودي.......... 333




المطلب الأول:مفهوم المنازعة الإدارية في النظام السعودي....... 335




المطلب الثاني:الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية في




النظام السعودي.......................................... 340




المبحث الأول:حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود




الإدارية في النظام السعودي............................. 348





المطلب الثاني:تأصيل التحكيم في العقود الإدارية من التطبيقات









الموضوع رقم الصفحة




المطلب الأول:حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية




على ضوء نظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/46




وتاريخ 12/3/1403هـ.............................. 350




المطلب الثاني:حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية




على ضوء أحكام ديوان المظالم والقرارات التحكيمية...... 355




الفرع الأول:حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية




على ضوء أحكام ديوان المظالم......................... 356




الفرع الثاني:حكم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية




على ضوء القرارات التحكيمية........................ 363




المطلب الثالث:شرط الموافقة الأولية على التحكيم في العقود




الإدارية في النظام السعودي........................... 368




المبحث الثاني:تعريف التحكيم في العقود الإدارية




في النظام السعودي.................................. 373




الخاتمة.............................................. 375




المراجع................................................. 392




فهرس الموضوعات..................................... 435
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://e-law.yoo7.com
 
التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مشروعية التحكيم في الفقه الإسلامي
»  قصة التحكيم بين على ومعاوية رضى الله عنهما .... وإعادة قراءة التاريخ (37 هـ) قصة التحكيم
» تنظيم النسل في الفقه الإسلامي
» العقود الإلكترونية .. دراسة فقهية مقارنة
» الفتوى في التحكيم الإسلامي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
دائرة المعارف القانونية | Encyclopedia Of Law :: المنتديات القانونية :: منتدي التحكيم التجاري الدولي-
انتقل الى: